( إلى الرئيس بوش )
إلى الرئيس الذي ناداه الرب أن يأمر جحافله لتقطع ألاف الأميال إلى حيث بلدٍ اسمه العراق .
مختبرات ومصانع للانثراكس ، مصانع لقنابل الانشطار والاندماج النووي ، ممتدة كامتداد النخيل ، صحاري مخبأ تحت رمالها صواريخ تهدد امن العالم شرقه وغربه !! .
مسكين أنت أيها الرئيس ، حيث أبكتك اسماك وطيور وقصب الاهوار التي جففها حكم العراق ، مسكين حيث أقلقك وأبكاك أطفال العراق المرضى الذين يموتون في أحضان الأمهات على مدى ثلاثة عشر عام من اجل انبولة دواء بدولار !! . وماذا فعلت فيك الأصوات المكبوتة في الحناجر وخلف قضبان السجون التي غيبت ألاف الشباب ، وكيف كان قلبك يقطر دماً وتعصف بك الأحزان وأنت تسمع أخبار قتل علماء العراق ، وتداس أجساد الثائرين في البصرة والعمارة والناصرية وكربلاء والنجف بدبابات الطاغية المقبور ، وكيف كان حالك عندما تحول الوسط والجنوب إلى حمامات دم ومقابر جماعية ، وقبلها غازات الخردل التي ترش على الأبرياء في حلبچة وقرى الشمال !! .
ولكونك إنسان ونحن نظرائك في الخلق تحركت لديك مرؤة أل (caw boy) وكنت تنتظر النداء ( نداء الرب ) كي تأمر جحافل الحق المحررة ، فكنت وفيا مجيبا للنداء فتحررنا ، تحررنا أولا من كابوس اسمه الأمن إذ لم نعد بحاجة إليه !! يكفينا أن نرى الهمرات فتهدأ نفوسنا ! .
تحررنا من وحدتنا ، التي أضرتنا كثيرا فكنا نجهل إننا سنة وشيعة وأكراد وتركمان و ....... بل وصل بنا الجهل إننا لم نعرف كيف نقاتل بعضنا وبفضلكم أصبحنا خبراء بل أساطين ! تحررنا من أطبائنا وعلمائنا فأبعدناهم إلى غير رجعة فهم كانوا يستغلوننا !! وبدل أن نرى العبوات الناسفة وعمليات القتل الجماعي في الأفلام بدئنا نراها على الطبيعة وبدل أن نسمع باللصوص وقطاع الطرق ومصاصي الدماء وتجار المخدرات ومافيات غسيل الموال بتنا نتعامل معهم وأدركنا بفضلكم انه بدونهم لايمكن أن نبني دولة ديمقراطية ! وقائمة التحرير تطول ، ولا تنتهي ، تحررنا من غاز الطبخ ( الذي ثبت انه يضر بطبقة الأوزون ) والنفط الأبيض والبنزين والكهرباء التي يؤدي استعمالها إلى استفحال ظاهرة الاحتباس الحراري للأرض ، وتحررنا من مصانعنا التي كانت تلوث بيئتنا بالضجيج وخوفا من أن ننافس الصين ( عددا) تخلصنا من الكثير من أبنائنا فلم تعد أسواقنا وشوارعنا ومدارسنا مزدحمة !! .
وحرصا منك أيها الرئيس على مستقبلنا حيث قد لايجد طلاب مدارسنا وظائف لهم في المستقبل ، فقد قام جنودك (البررة) ! يغطيهم طيران كثيف بصولة على إحدى مدن الجنوب ( مدينة الحي – محافظة واسط ) عصر يوم 17/ 8/ 2004 ، صولة صاعقة مباغتة على تلك المدينة الآمنة المسالمة وبأعداد واليات كأنها معدة لمواجهة إحدى فرق الجيش الأحمر الروسي الضاربة ، وحال دخولها ، صادف أن خرجت مجموعة من الطالبات من ذوات السبعة عشر ربيعا اللاتي يتلقين دروس تقوية في مادة الرياضيات . فقام جنودك البررة ! بأمطارهن بوابل من رصاص الرشاشات الثقيلة ( رشاشات المدرعات ) ومن مسافة ياردات قليلة ، فأردوا خمسً منهن قتيلات على الفور ، امتزجت دمائهن مع إسفلت الشارع وجرحوا الخمس الأخريات بجروحٍ سببت لهن عاهات مستديمة ولم يعرف أحدا السبب والكيفية إلى بعد أن كشف على الجثث المتناثرة ، فتبين إنهن كن يحملن أسلحة دمار شامل ( أقلام جاف ، مساطر ، كتب رياضيات ، حاسبات جيب صغيرة ) وسيادتكم يعلم أن هذه الأدوات محرم استخدامها دوليا !!!
ومضت الأيام والشهور والسنين ولم يحاول أحدا من جنودك أن يسأل أو يعتذر فأي ربٍ هذا الذي أمرك أن تصادر حيات خمسة شابات دونما سبب ودون أن يفكر أحدا بالاعتذار أو حتى التعويض ؟؟ !!

نبيل البزاز
والد إحدى القتيلات
31/1/ 2007