زواج المتعة والسياسيون العراقيون؟!

رياض الحسيني
محلل سياسي وناشط عراقي مستقل
www.alhusaini.bravehost.com

ليس خفيا ولا مستترا على العراقيين تحديدا الادعاءات التي يطلقها اغلب السياسيين العراقيين كل يوم من جانب الحرص على وحدة وتماسك العراق كدولة موحّدة، والتفاني في خدمة العراقيين كشعب منكوب متعب مهمّش. هذه التصريحات التي يتقاطع معها مايدور خلف الكواليس السياسية والقاعات المغلقة والتي يترجم فيها كل ماينافي هذه التصريحات او الادعاءات! ولم نجد بطبيعة الحال مصطلح خير من "زواج المتعة" لوصف التحالفات التي تدور في حلقة "المصالح الحزبية" وليس للوطن او المواطن اي كسب او يد فيها.
"حزب الفضيلة" بقيادة اية الله العظمى محمد اليعقوبي ربما يكون خير مثال وليس وحيدا طبعا. دخل هذا الحزب قائمة الائتلاف العراقي الموحّد في الانتخابات الاخيرة ضمن "صفقة" دارت بين الاسلاميين الشيعة من كلا الطرفين رغم علمهما بان "زواج المتعة" هذا سينتهي بمجرد وصول هذا الحزب الى البرلمان! عضو في الائتلاف العراقي الموحد ذكر لي شخصيا في وقت مضى قائلا "ان اغلب قادة الائتلاف السياسيين كانوا على يقين بان حزب الفضيلة لم يكن ليدخل الائتلاف لولا علمه الاكيد بانه لن يحصل على خمس المقاعد التي حصل عليها فيما لو طرح نفسه خارج قائمة الائتلاف! من جانب اخر كان الائتلاف قد تلقّى شرطا اساسيا من طرف اية الله العظمى السيد علي السيستاني مفاده احتواء كل الاسلاميين ضمن قائمة الائتلاف والا فان السيد لن يبارك لهذه القائمة ولن يدعمها".
المثال الاخر "حركة مرام" التي روّج لها وتصدرها رئيس حركة الوفاق العراقي الدكتور اياد علاوي بالتنسيق مع قائمة التوافق "اسلاميين سنة" وجبهة الحوار "علمانيون سنة" وبالتنسيق مع بعض الوجوه الشيعية. هذه الحركة هي الاخرى ولدت على تناقضات كبيرة لايربط بين تشكيلاتها الا محاولة مستميتة لخلخلة العرى التي تربط التشكيلات الستة التي تؤلف الائتلاف العراقي الموحّد! ودليلنا على ذلك هو فك كل الروابط بين تشكيلات مرام عند اول اختبار ميداني وذلك حينما وافق الائتلاف العراقي الموحّد على تقلّد الدكتور اياد علاوي منصب نائب رئيس الجمهورية الامر الذي اخرج قائمة التوافق السنية عن كل تحفظاتها معارضة هذا الترشيح ومكتفية بالقول "هذا المنصب للسنة العرب والدكتور اياد علاوي شيعي"؟! فوأدت مرام في المهد. يبدو ان الدكتور اياد علاوي لم يعي الدرس السابق وذلك لانه في حراك واتصال دؤوب هذه الايام لاعادة الروح الى حركة مرام التي لن تولد من جديد وان وٌلدت فهي مولود مشوّه يٌتعب الجميع واول ما يٌتعب فانه سيٌتعب "العلمانية" في العراق التي تصدرها الدكتور اياد علاوي واخذ على عاتقه تسويقها الى الشارع العراقي تحت لافتة "قيادة قوية ورجل المستقبل".
المؤتمر الوطني العراقي بقيادة الدكتور احمد الجلبي كان الشريك العلماني الاول لقادة الائتلاف العراقي الموحّد سواء ايام المعارضة والمنفى او حتى بعد تشكيله "البيت الشيعي" الذي لم يكتب له النجاح لظروف خارجة عن ارادة الرجل طبعا، عاد ليتحالف مع الائتلاف العراقي الموحّد في الانتخابات الاخيرة الا انه خرج من هذا التحالف مجبرا حينما عرض عليه الائتلاف ثلاثة مقاعد فقط، الامر الذي استاء له الجلبي ففضل الخروج مبكرا من الائتلاف. المصدر السابق نفسه ذكر لي ان سبب خروج الدكتور احمد الجلبي من الائتلاف هو "اشتراط التيار الصدري خلو قائمة الائتلاف من العلمانيين كشرط اساسي لانظمام التيار الى قائمة الائتلاف"؟! الجدير بالذكر ان التيار الصدري كان الشريك الاقوى للجلبي في تشكيلة "البيت الشيعي"! شخصيا لم اتحقق من صحة هذا الخبر الى الان.
ببساطة شديدة لزواج المتعة شروط واولها الوقت، وللاسف الشديد فغياب الستراتيجية الوطنية وتغليب لغة المصالح الفئوية والتكالب على الوزارات والمواقع الهامة في الدولة هي المحرك والهاجس الاول لاغلب التكتلات السياسية على الساحة العراقية اليوم ان لم يكن كلها. اما الشارع العراقي ومن شدة انشغاله بهمومه اليومية ودماء ابناءه التي تراق على الطرقات واشلاؤه الممزقة في المزابل فليس لديه الوقت الكافي ليقول كلمته في كل مايدور ومايحصل بين السياسيين العراقيين، لكن هل سيستمر هذا الوضع الى مالا نهاية؟ اشك في ذلك فتأريخ العراق يؤكد انه بلد الثورات التصحيحية.