المصالحة الوطنية والخطة الامنية ومقومات النجاح
بالرغم من تعارض الخطة الامنية والمصالحة الوطنية بمضمونيهما إلا إن إحداهما تتوقف على الاخرى
وقد تعثرت خطوات المصالحة الوطنية كما تتعثر الخطة الامنية فالاولى تعثرت لاسباب سنتعرض لها
كما إن الخطة الامنية التي طال إنتظار العراقيين لها تتعثر لاسباب سنجمل بعضها وهي تعود الى الطرفين العراقي والامريكي كليهما.
وهناك خيط رفيع لابد من بقائه عالقا حتى لحظة الشروع الحقيقي بالخطة الامنية ومن ثم نجاحها .
لقد بدأ رئيس الوزراء السيد نوري المالكي مسيرته الحكومية باطلاق مشروع المصالحة الوطنية نزولا عند رغبات الاطراف الاخرى المشاركة في الحكومة التي تضع قدما فيها والقدم الاخر مع الاعمال المعرقلة للعملية السياسية في إزدواجية غريبة لم تواجه بحزم حتى هذه اللحظة!! ورغبة الطرف الامريكي نتيجة تقارير السفارة الامريكية
وبالرغم من مشروع المصالحة الوطنية قد أقلق الجماهير العراقية من عودة رجال النظام السابق عن طريق هذه الخطوة إلا أن الحكومة المنتخبة مضت في مشروعها الوطني لتجنب العراقيين مزيدا من التقتيل والتشريد وسارعت الى إرسال أكثر من رسالة تطمينية من خلال تعديل القوانين المتعلقة
باجتثاث البعث وإجراءات أمنية وقبول إقتراحات أو نتائج محادثات السفير الامريكي مع الفصائل (المسلحة ) وغيرها .
ولكن يد الابوة التي مدها رئيس الوزراء لم تجد من يصافحها من الطرف أو الاطراف الاخرى وذلك للخلفية التاريخية التي يعانون منها بسبب انغماسهم في عالم المؤامرات ونكث العهود ،وكذلك إلاشارات التي توحي بالاستمرار في هذا النهج لعرقلة العملية السياسية ومضاعفة العمليات الارهابية لتبدو الحكومة أكثر ضعفا من أن تفاوض أو إسقاطها
ومازالت عملية المصالحة تتراوح مكانها نتيجة لذلك ويبدو أن الفرصة الاخيرة ستنتهي مع بدء الخطة الامنية بقيادة عراقية لا أمريكية.
ومن الممكن للحكومة قبول معارضة سلمية لا إرهابية تكون رافدا للعملية السياسية وهو ما يرحب به أي نظام تعددي .
ومع بدء الخطة الامنية التي طال إنتظارها بعد أن وضعت لها عدة مسارات غير المسار العسكري وهي ما تختلف عن
الخطط السابقة سيكون هناك تحد حقيقي لسلطة الحكومة وبسط نفوذ رأيسها كطرف تنفيذي قادر على حماية الشعب فهي
بحاجة الى طرف آخر غير ذلك المُعلن عنه وهو الدعم الخارجي وبمعنى أدق تضييق الخناق على مصادر تمويل
الارهاب وتسويقه إعلاميا ومطالبة دول الجوار بتسليم المطلوبين للعدالة العراقية وبعضها ملتزم باتفاقات مع الولايات
المتحدة بالحرب على الارهاب (الاردن ومصر ودول الخليج ) وكذلك التزمت سوريا بالمحادثات الاخيرة مع وفد
الرئيس الطلباني ،وكذلك ايران وتركيا اللتان تؤكدان على وحدة العراق .
ولابد من تذكير هذه الدول بأن انتصار الارهاب في العراق سينقله اليها كمرحلة لاحقة تعم فيه الفوضى كل دول المنطقة
إننا نرى اشراك وزارة الخارجية في هذه الخطة الامنية عاملا مهما للتحرك الدبلوماسي مع دول الجوار ومطالبة الدول
بوقف الحملات الاعلامية المثيرة للفتنة في العراق .
ويبقى الائتلاف العراقي صاحب التحدي الحقيقي في نجاح الخطة الامنية الجديدة لآن أي فشل لها سيعني فشل الحكومة
التي تمثل الائتلاف العراقي الموحد وهنا بحاجة الى دقة في ضبط الخطة وسد الثغرات القانونية والعسكرية قبل الشروع
فيها وتبقى مسألة الصلاحيات الممنوحة للحكومة العراقية في تنفيذ الخطة الامنية إحدى مقومات نجاحها.
وسيميز وينجح هذه الخطة هو توازي كل الجوانب الخدمية والتعبئة الجماهيرية وإشاعة روح الوحدة من الشارع الى البرلمان ،فلايمكن الحديث عن وحدة وطنية بين الجماهير ونرى أعضاء البرلمان يتحدثون بلهجة مغايرة.
وعلى الرئاسات الثلاث توحيد الخطاب كحكومة واحدة فلايمكن فإن اي تباين في الخطاب سيزعزع ثقة المواطن .
تضييق الخناق على الوسائل الاعلامية التي ستغطي الاحداث بما يمنع من تأجيج حالة الغليان بين الجماهير وإبلاغ
وسائل الاعلام العربية والاجنبية والعراقية بأن أي تقرير يثير نوعا من الفتنة أو يسير خلافا للخطة الامنية
يعرضها للمساءلة القانونية .
وحصر التصريحات الصحفية حول الخطة الامنية بالقائد العام أو من ينوب عنه .
كما إن نجاح الخطة الجديدة سيكشف مدى جدية الولايات المتحدة في العمل على استقرار الوضع في العراق ودعمها
للحكومة المنتخبة .
وسيمنح الادارة الامريكية متنفسا بعد الضغوط الهائلة التي تعرضت لها من قبل الديمقراطيين في الفترة الماضية
فالطرفان الامريكي والعراقي بحاجة الى النصر في هذه المرة ،ولن ينفع الادارة الامريكية تحميل تبعات أي تلكؤ
على الطرف العراقي فإن عنق الزجاجة قد ينكسر ولات حين مناص .
وإن نجاح الخطة الامنية سيجعل المترددين من الذين لم تتلوث أيديهم بدماء العراقيين من العودة الى الصف الوطني
والدخول في المصالحة الوطنية.


عبدالامير علي الهماشي
alhamashi@hotmail.com