 |
-
من هو المسؤول
من هو المسؤول عن التاريخ ؟
عندما يتوقف الانسان عن العطاء يتوقف كل شيئ الى الحياة ، وهذه الحقيقة تقسر كل منعطفات التاريخ الكبيرة ، فلماذا خارت او انحرفت الرسالات العظيمة التي اعادت بناء حياة الانسان على اسس جديدة من الخير والاصلاح كرسالة نوح وابراهيم وعيسى ومحمد صل الله عليهم اجمعين...فاذا بالجاهلية تعود الى الانسان واذا بالطغاة من نمرود وشداد وفرعون واصحاب الاخدود وبني امية الى صدام المخلوع وطغات عصرنا ينزون على منابر الرسالات و يتبوأون مقاعد الحكم ويكررون مأسي الانسان .
ولكن : لماذا لم تعد تلك الرسالات تبني الحضارة وتصنع الحرية للانسان ،ولماذا جمدت او فسدت الثورات الجبارة التي سنحت بها نفوس الملايين من البشر كثورة ، كنقوشيون ، وبوذا وماني وسقراط ، فاذا بها بعد التوهج والانطلاق فاذا بها بعدئذ صارت أحاديث ترويها كتب التاريخ ولم يبق منها سوى روافد صغيرة من بعد سير عارم .
ثم لماذا ركدت او انطوت الحركات العلمية الضخمة التي شهدتها حياة البشر منذ الا ف السنين ، من حركة المصريين الذي ولعوا بدراسة النجوم وزراعة الارض ، وخلقوا الاهرامات ، الى حركة اليونان الذين خلقوا جمهورية افلاطون ومنطق ارشطوا والى الحركة المسلمين العلمية التي دخلت معظم المجالات العلمية فطوروا البارود وخلقوا على الجبر والمقابلة ، فاذا بها كالبحر بعد العاصفة ركود وانطواء قاس .
لماذا ؟
أقدار ؟
ام حتميات ؟
ام سنن لا تجد لها تحويلا ؟
ام ماذا ؟
لا ريب ان هناك اقدار ومقتضيات وسننا مماذكرها علماء التاريخ ولاكن لاريب كذلك ان اهم حقيقة تقسر هذه الظواهر التاريخية هي الحقيقة المتقدمة ( عندما يتوقف الانسان عن العطاء يتوقف كل شيئ في الحياة )فالذين حملوا الرسالات والذين فجروا الثورات والذين قاموا الحركات العلمية انما هم بشر امثال كل البشر ، فحتى الانبياء قالوا واعترفوا ( قالت لهم رسائلهم أن نحن الا بشر مثلكم ) ولكنهم بشر اعطوا من انفسهم العطاء المتناسب مع انجازاتهم بشر عملوا الصالحات ، صبروا على الصعاب والذين جاءوامن بعدهم كانوا ايضا بشرا ، ولكنهم بشر لم يفعلوا شيئا عظيما لانهم بشر توقفوا عن العطاء الحقيقي .
ان كل عظيم خلق شيئا عظيما حقق هذه المعادلة : بشر +عطاء +عظمة ، وقد يكون جهود واحد من الناس فقط هي التي فجرت طاقات مجتمع ولكن هذا الواحد كان هو الأخر بشرا ... أراد فاعطى ،فحرك المجتمع والمجتمع بدوره افراد استجابوا لهذا العطاء .
أن أرادة الانسان والتي تتحول الى عطاء، فعظمته ، فحضارة ، فحركة تاريخية خالدة هذه الارادة لا يمكن تعليلها وتفسيرها ووضع قواعد لها بحيث نعرف متى منحت له الاستطاعة يريد او لا يريد ، فكيف ومتى شاء ؟ وهذه الحرية تعني القدرة على التحدي كل الطروف وكل المقتضيات .
ولأن الانسان حر، فهو مسؤول ، ولئن الحرية تتبع المسؤولية وتحمل المسؤوليات ليس سهلا ، ان البشر يجنح الى حذف الحرية الانسانية ودورها في تفسير الحياة بطريقة تجعلها خاضعة لحتمايات معينة ، وكذلك تفسير التاريخ ، فمن الصعب علينا ان نقول ان ارادة الانبياء ومحض اختيارهم غير مشروط كانت الارض الطبيعية التي هبطت عليها رسلات السماء ، وان ارادة المصلحين ، والمفكرين هي التي صنعت الحضارات الكبرى ولكن ذلك هو الرأي الصحيح في تفسير التاريخ كله .... والتاريخ الرسالي الاسلامي برجة خاص ، أن تلاميذ مدرسة الرسول واهل بيته هم الذين حملوا مسؤولية الرسالة الاسلامية وهم جعلوها حركة ثورية رسالية عارمة ... وعندما ذهبت هذه الاجيال الثائرة خلف من بعدهم خلق اضاعوا رسالة الثورة ... لماذا . لانهم ارادوا ذلك كما ارءاد أباءهم خلاف ذلك.
أن تخلف الامة الاسلامية هذا اليوم ، انما هو تخلف مركز افرازاته أجيال واجيال ... فكلما جاء جيل أضاف على بدع الماضين أوزاراً جديدة فاذا بها أجتمعت عندنا كما تجمعت رواسب رأفد
مرعلى الاوساخ فطهرها وحملها معه في حفرة ، ونحن في تلك الحفراة اجتمعت عندنا رواسب تخلف عديدة .
ولذلك فان عملية التحويل في الرسالة لم تجرمرة واحدة وانما بالتدريج فحين توقف كل جيل بل وحينما توقف كل فرد من أبناء الجيل الواحد عن اداة رسالته وبدل جانبا من المفهوم الثوري عنده وسكت الاخرون وتراضوا به ، حينئذ نشاء التخلف الاجتماعي في جيل ، ثم في اجيال .
من هنا تحمل كل فرد من أبناء الاجيال في التخلف الحضاري للامة ، ولكن لا يعني هذا ان الذين ورثوا رسالة السماء من الرسول الاعظم صلوات الله عليه وعلى اله الاطهار ،
ورسالة الدم من الامام الحسين عليه السلام ، لا يعني انهم لا يملكون عناصر حية .. أن نهر التاريخ لم يحمل الينا رواسب التخلف فقط بل حمل الينا ماءاً يصلح لدى تصفيته أن يكون سائغا وطهورا .. وذلك هو ماء معين . الرسالة العذب، فهناك الثقافة الرسالية الغنية التي عن طريق اعادة تفسيرها وبلورتها تصلح أن تكون أفضل اداة للتفجير الرسالي ، وهناكالتاريخ النضالي العظيم الذي عن طريقه اعادة تقييمه وصياغته نحصل على كنز من الذخيرة الرسالية .
ومن هنا نعرف أن التاريخ كله الرسالي بوجه خاص صنعته ارادة الرجال وعزائمهم وبمدى وجود هذه الارادة يرجد تاريخ عظيم ... وبقدر فقدها تقل عظمة التاريخ ومجد الانسان .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد ابو جهاد الحسني
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |