حقائق مغيبه!!!
اضع بين ايدكم هذا البحث الذي يكشف لنا حقائق عن العراق والكوفه ارادت بعض الايدي تغيبها عن الواقع؟
* صبيح إلياس (العراق)
الكوفة في عهد الإمام علي(عليه السلام)
قال الإمام علي(عليه السلام):
«لا تسبّوا أهل الكوفة، فوالله إنّ فيها لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر ومتاعاً الى حين، والله ليدقّق الله بهم جناح الكفر».
بقيت العلاقة بين الإمام علي(عليه السلام) وأهل العراق عرضة لتحليلات واتهامات غير منصفة، بل ومتحيّزة في أكثر الأحيان وفيما يلي بعض الملاحظات في هذا الخصوص:
1 ـ لقد كانت مراكز القرار في الوطن الإسلامي في فترة خلافته(عليه السلام)هي:
(الكوفة والبصرة والشام والحجاز)، والسبب في ذلك هو وجود الصحابة وقادة الفتح والجيوش العربية الفاتحة في هذه الأقاليم الأربعة وبكثرة، وقلتهم فيما عداها من الأقاليم. (فالنّاس كما وصفهم أحد الصحابة آنذاك أربع فرق: علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة،
ومعاوية في الشام، وفرقة الحجاز لاغناء بها ولا يقاتل بها عدو)(1)، وبملاحظة ذلك تكون الكوفة هي الاقليم الوحيد الذي وضع نفسه تحت تصرّف الإمام، وقاتل معه بصدق وبشجاعة وبلا ملل أو كلل حتّى كانت الفتنة التي فرّقت النّاس.
2 ـ إنّ الإمام علياً(عليه السلام) الذي اختار الكوفة دون غيرها من الأمصار مستقراً له وعاصمة لحكمه، واختار أهلها من دون الناس جنداً له، هو أعرف من غيره بمواطن النصرة ومرابظ الولاء، ولو كان في العالم الإسلامي آنذاك مصر آخر يعيش فيه الولاء لخط الإمامة أكثر من الكوفة لذهب إليه.
إنّ من ينظر الى واقع العالم الإسلامي آنذاك سيجد أنّ الكوفة ورغم كلّ ما فيها فإنّها كانت الخيار الأوّل والأخير والوحيد للإمام(عليه السلام)، ونتساءل عمّن كان مؤهّلاً غيرها لتحمّل تبعات وقفة الحق تلك، ثم من يملك الدليل الذي يثبت أن ذهابه(عليه السلام) الى غير الكوفة كان سيحقّق النتائج المطلوبة؟
3 ـ إن كان أهل العراق قد قصّروا في وقفتهم مع الإمام(عليه السلام); فإن غيرهم قد وقف ضدّه، وآخرين كانوا يقفون على التلّ، فأيّهم الأرجح في الميزان، ولماذا يخصّ أهل العراق بالشتيمة؟
ثمّ إن كل ما قد أثير حول أهل العراق لم يكن إلاّ بعد خديعة رفع المصاحف ومأساة التحكيم، وما تبعها من تداعيات أدّت في النهاية الى تصدع الجبهة العراقية وانشقاق الخوارج، وقد اتسع الخرق خاصّة بعد أن قضى الإمام(عليه السلام) على الجزء الأكبر منهم في معركة النهروان; فامتلأت النفوس بالأحقاد والإحن.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) عبد الخير الخيواني، من أنصار أميرالمؤمنين(عليه السلام)، أعيان الشيعة ج3 ص34 ح2 دار التعارف.
وفي ذلك كتب أحد رجال معاوية المتخفين في الكوفة الى سيّده يخبره بما وصلت إليه الحال في جبهة الإمام، وهو عمارة بن عقبة بن أبي معيطـ كتب يقول: «أمّا بعد فإنّ علياً خرج عليه قرّاء أصحابه ونسّاكهم، فخرج إليهم فقتلهم، وقد فسد عليه جنده وأهل مصره، ووقعت بينهم العداوة، وتفرقوا أشدّ الفرقة، وأحببت إعلامك والسلام)(1) .
4 ـ إنّ أهل العراق لم يعيشوا مع الإمام علي(عليه السلام) فترة حضانة وتوجيه كافية لكي يطلب منهم أن يكونوا كأهل الشام مثلاً، الذين تولّى معاوية لعشرين عاماً تعبئتهم وإعدادهم، وغسل أدمغتهم ومن دون منافس يعكر عليه الأجواء; حتى أن أبواب الشام قد اُغلقت بوجه الصحابة ومنعوا من دخولها مخافة أن تتغيّر آراء أهل الشام واهواؤهم إذا ما اختلطوا بهم وعرفوا الحقائق المستورة; وبذلك أصبح أهل الشام لا يعرفون غير معاوية ولا يفهمون من الإسلام إلاّ ما يقوله معاوية، وقد استمرت سياسة عزل أهل الشّام عن محيطهم الإسلامي حتى أواخر حياة معاوية; حيث أوصى قبيل وفاته بضرورة منع اختلاط أهل الشام بغيرهم: (وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك فإن رابك من عدوّك شيء فانتصر بهم، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام الى بلادهم فإنّهم إن أقاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم)(2) .
ويحدّثنا التاريخ أن معاوية بدأ منذ أيّام الخليفة الثاني عمر يثبت الأمر لنفسه في الشام، ويسير في ذلك سيرة من يريد أن يجعل الشام عاصمة ملكه القادم، وقد نجح في ذلك حتى أصبحت طاعة أهل الشام مضرب
--------------------------------------------------------------------------------
(1) مصادر نهج البلاغة، عبدالزهراء الخطيب ص 425.
(2) الكامل لابن الأثير: ص368 ح3.
المثل في ذلك العصر، ولعلّنا لا نغالي إذا قلنا بأنّ الشام أصبحت في عهد عثمان هي العاصمة الحقيقية لدولة الإسلام الناشئة، ويصحّ أن نقول: بأن معاوية صار آنذاك الخليفة الفعلي; بدليل أن جميع من كان ينفيهم عثمان أو ينفهيم ولاته في الأمصار المختلفة يساقون الى معاوية، فأبوذر وثوار البصرة والكوفة سيقوا الى معاوية ليرى رأيه فيهم(1)، لقد كان هناك شبه اتّفاق بين القوم على تثبيت الأمر لبني أمية في الشام، وجعلها قاعدة أمنية لقريش وعزلها عن باقي أقاليم العالم الإسلامي، وهاهو الإمام يخاطب عثمان أثناء الفتنة قائلاً: «إنّ معاوية يقتطع الأمور دونك وأنت تعلمها فيقول للناس هذا أمر عثمان فيبلغك ولا تغيّر على معاوية»(2) .
وهكذا أصبح معاوية هو المدبّر الفعلي لشؤون السياسة الإسلامية في عهد عثمان، فكلّ من يدعو الى رأي جديد خطراً كان أم غير خطر يساق الى معاوية ليرى رأيه فيه(3) .
وبعبارة واضحة: (إنّ الإمام علي(عليه السلام) قد استلم الحكم، وهناك حكومة خفيّة تدير الأمور من خلف الستار، وتمسك بكلّ خيوط المسرح السياسي في تلك الحقبة، ولها قاعدتها الأمينة وجيشها المخلص الكثيف العدّة والعدد)، ويبدو أن ما حصل في السقيفة قد أسّس لإبعاد العلويين عن الحكم والى الأبد، ولم يكن التمكين لمعاوية في الشام إلاّ خطوة في هذا الاتجاه بل الخطوة الأهم والأخطر وهو ما يذكرنا ويعيدنا قسراً الى نظرية (المؤامرة) في التاريخ.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وعّاظ السلاطين، على الوردي: ص 138.
(2) سيرة الأئمة، عادل الأديب ص60.
(3) وعّاظ السلاطين، علي الوردي: ص 138.
ليكن الدليل بالدليل والحجه بالحجه