النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: حقائق مغيبه!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    34

    افتراضي حقائق مغيبه!!!

    اضع بين ايدكم هذا البحث الذي يكشف لنا حقائق عن العراق والكوفه ارادت بعض الايدي تغيبها عن الواقع؟


    * صبيح إلياس (العراق)







    الكوفة في عهد الإمام علي(عليه السلام)


    قال الإمام علي(عليه السلام):


    «لا تسبّوا أهل الكوفة، فوالله إنّ فيها لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر ومتاعاً الى حين، والله ليدقّق الله بهم جناح الكفر».
    بقيت العلاقة بين الإمام علي(عليه السلام) وأهل العراق عرضة لتحليلات واتهامات غير منصفة، بل ومتحيّزة في أكثر الأحيان وفيما يلي بعض الملاحظات في هذا الخصوص:
    1 ـ لقد كانت مراكز القرار في الوطن الإسلامي في فترة خلافته(عليه السلام)هي:
    (الكوفة والبصرة والشام والحجاز)، والسبب في ذلك هو وجود الصحابة وقادة الفتح والجيوش العربية الفاتحة في هذه الأقاليم الأربعة وبكثرة، وقلتهم فيما عداها من الأقاليم. (فالنّاس كما وصفهم أحد الصحابة آنذاك أربع فرق: علي بظهر الكوفة، وطلحة والزبير بالبصرة،
    ومعاوية في الشام، وفرقة الحجاز لاغناء بها ولا يقاتل بها عدو)(1)، وبملاحظة ذلك تكون الكوفة هي الاقليم الوحيد الذي وضع نفسه تحت تصرّف الإمام، وقاتل معه بصدق وبشجاعة وبلا ملل أو كلل حتّى كانت الفتنة التي فرّقت النّاس.
    2 ـ إنّ الإمام علياً(عليه السلام) الذي اختار الكوفة دون غيرها من الأمصار مستقراً له وعاصمة لحكمه، واختار أهلها من دون الناس جنداً له، هو أعرف من غيره بمواطن النصرة ومرابظ الولاء، ولو كان في العالم الإسلامي آنذاك مصر آخر يعيش فيه الولاء لخط الإمامة أكثر من الكوفة لذهب إليه.
    إنّ من ينظر الى واقع العالم الإسلامي آنذاك سيجد أنّ الكوفة ورغم كلّ ما فيها فإنّها كانت الخيار الأوّل والأخير والوحيد للإمام(عليه السلام)، ونتساءل عمّن كان مؤهّلاً غيرها لتحمّل تبعات وقفة الحق تلك، ثم من يملك الدليل الذي يثبت أن ذهابه(عليه السلام) الى غير الكوفة كان سيحقّق النتائج المطلوبة؟
    3 ـ إن كان أهل العراق قد قصّروا في وقفتهم مع الإمام(عليه السلام); فإن غيرهم قد وقف ضدّه، وآخرين كانوا يقفون على التلّ، فأيّهم الأرجح في الميزان، ولماذا يخصّ أهل العراق بالشتيمة؟
    ثمّ إن كل ما قد أثير حول أهل العراق لم يكن إلاّ بعد خديعة رفع المصاحف ومأساة التحكيم، وما تبعها من تداعيات أدّت في النهاية الى تصدع الجبهة العراقية وانشقاق الخوارج، وقد اتسع الخرق خاصّة بعد أن قضى الإمام(عليه السلام) على الجزء الأكبر منهم في معركة النهروان; فامتلأت النفوس بالأحقاد والإحن.



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) عبد الخير الخيواني، من أنصار أميرالمؤمنين(عليه السلام)، أعيان الشيعة ج3 ص34 ح2 دار التعارف.

    وفي ذلك كتب أحد رجال معاوية المتخفين في الكوفة الى سيّده يخبره بما وصلت إليه الحال في جبهة الإمام، وهو عمارة بن عقبة بن أبي معيطـ كتب يقول: «أمّا بعد فإنّ علياً خرج عليه قرّاء أصحابه ونسّاكهم، فخرج إليهم فقتلهم، وقد فسد عليه جنده وأهل مصره، ووقعت بينهم العداوة، وتفرقوا أشدّ الفرقة، وأحببت إعلامك والسلام)(1) .
    4 ـ إنّ أهل العراق لم يعيشوا مع الإمام علي(عليه السلام) فترة حضانة وتوجيه كافية لكي يطلب منهم أن يكونوا كأهل الشام مثلاً، الذين تولّى معاوية لعشرين عاماً تعبئتهم وإعدادهم، وغسل أدمغتهم ومن دون منافس يعكر عليه الأجواء; حتى أن أبواب الشام قد اُغلقت بوجه الصحابة ومنعوا من دخولها مخافة أن تتغيّر آراء أهل الشام واهواؤهم إذا ما اختلطوا بهم وعرفوا الحقائق المستورة; وبذلك أصبح أهل الشام لا يعرفون غير معاوية ولا يفهمون من الإسلام إلاّ ما يقوله معاوية، وقد استمرت سياسة عزل أهل الشّام عن محيطهم الإسلامي حتى أواخر حياة معاوية; حيث أوصى قبيل وفاته بضرورة منع اختلاط أهل الشام بغيرهم: (وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك فإن رابك من عدوّك شيء فانتصر بهم، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام الى بلادهم فإنّهم إن أقاموا بغير بلادهم تغيّرت أخلاقهم)(2) .
    ويحدّثنا التاريخ أن معاوية بدأ منذ أيّام الخليفة الثاني عمر يثبت الأمر لنفسه في الشام، ويسير في ذلك سيرة من يريد أن يجعل الشام عاصمة ملكه القادم، وقد نجح في ذلك حتى أصبحت طاعة أهل الشام مضرب



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) مصادر نهج البلاغة، عبدالزهراء الخطيب ص 425.
    (2) الكامل لابن الأثير: ص368 ح3.


    المثل في ذلك العصر، ولعلّنا لا نغالي إذا قلنا بأنّ الشام أصبحت في عهد عثمان هي العاصمة الحقيقية لدولة الإسلام الناشئة، ويصحّ أن نقول: بأن معاوية صار آنذاك الخليفة الفعلي; بدليل أن جميع من كان ينفيهم عثمان أو ينفهيم ولاته في الأمصار المختلفة يساقون الى معاوية، فأبوذر وثوار البصرة والكوفة سيقوا الى معاوية ليرى رأيه فيهم(1)، لقد كان هناك شبه اتّفاق بين القوم على تثبيت الأمر لبني أمية في الشام، وجعلها قاعدة أمنية لقريش وعزلها عن باقي أقاليم العالم الإسلامي، وهاهو الإمام يخاطب عثمان أثناء الفتنة قائلاً: «إنّ معاوية يقتطع الأمور دونك وأنت تعلمها فيقول للناس هذا أمر عثمان فيبلغك ولا تغيّر على معاوية»(2) .
    وهكذا أصبح معاوية هو المدبّر الفعلي لشؤون السياسة الإسلامية في عهد عثمان، فكلّ من يدعو الى رأي جديد خطراً كان أم غير خطر يساق الى معاوية ليرى رأيه فيه(3) .
    وبعبارة واضحة: (إنّ الإمام علي(عليه السلام) قد استلم الحكم، وهناك حكومة خفيّة تدير الأمور من خلف الستار، وتمسك بكلّ خيوط المسرح السياسي في تلك الحقبة، ولها قاعدتها الأمينة وجيشها المخلص الكثيف العدّة والعدد)، ويبدو أن ما حصل في السقيفة قد أسّس لإبعاد العلويين عن الحكم والى الأبد، ولم يكن التمكين لمعاوية في الشام إلاّ خطوة في هذا الاتجاه بل الخطوة الأهم والأخطر وهو ما يذكرنا ويعيدنا قسراً الى نظرية (المؤامرة) في التاريخ.



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) وعّاظ السلاطين، على الوردي: ص 138.
    (2) سيرة الأئمة، عادل الأديب ص60.
    (3) وعّاظ السلاطين، علي الوردي: ص 138.

    ليكن الدليل بالدليل والحجه بالحجه

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    34

    افتراضي

    أمّا أهل العراق فقد تولّى الإمام(عليه السلام) ولايتهم وهم فرق وتيارات وفئات سياسية مختلفة وقد عادت من جديد قيم الجاهلية من العصبيّات القبليّة والإقبال على لذائذ الدنيا والتهالك على جمع الأموال واستطاب الناس حياة الترف والدعة.
    فكان على الإمام(عليه السلام) أن يخوض حربين في وقت واحد: حرباً داخلية لتقويم الانحراف وتوحيد الصفوف، وحرباً خارجية لوأد الفتنة ـ ولم تكن الأعوام الأربعة التي قضاها(عليه السلام) بينهم وكلّها حروب وفتن لم تكن تسمح لهم بأن يأخذوا حقّهم من التربية العلوية والتعبئة السياسية، ومن الإعداد وإصلاح النفوس وتوحيد الصفوف.
    أمّا أهم محاور الحرب الداخلية التي كان يخوضها الإمام وأهمّ المعوقات التي أفسدت عليه النصر الذي كان قاب قوسين أو أدنى فنستطيع أن نوجزها بما يلي:
    أ ـ ضمور حالة الوعي الرسالي عند الناس الى الدرجة التي جعلتهم يفقدون القدرة على التفاعل مع خطاب الإمام السياسي الذي كان يطالبهم بخوض الحرب الهجومية دفاعاً عن الإسلام وإحياءاً للرسالة الإسلامية.
    وهو ما يتطلّب وعياً عالياً واستعداداً للتضحية من أجل المثل العليا والمبادئ الحقّة، بينما كان أهل الشام يخوضون حرباً دفاعية، وهو أمر حسّي يمكن التفاعل معه بسهولة ويسر.. وهكذا لم تكن الاُطروحتان متكافئتين من حيث درجة الجهد المطلوب، ومن حيث درجة الدفع والتحريك، فالأطروحة الأولى تريد من الجيش أن يخرج من بيته مهاجراً يغزو في سبيل الله، والأخرى تريد من الجيش أن يبقى في بيته وأن يحافظ

    على استقلال بلده في أرضه(1) .


    ب ـ كان لمعاوية المستقر في الشام أذرع كثيرة داخل العراق، وقد استفاد منها بصورة متقنة في حربه مع الإمام، كما أنّه قد استعمل اسلوب الرشوة وشراء الرجال للتأثير على جبهة الإمام، أي أنّ جبهة الإمام كانت مخترقة، بينما كانت جبهة معاوية مركز جذب لمرضى النفوس وضعيفي الإيمان وطلاّب الدنيا الذين نفّرهم من الإمام كلمة الحق (التي لم تبق له خلاًّ) كما صرّح بذلك(عليه السلام) وقرّبهم الى معاوية المال الحرام الذي كان يغدقه عليهم والوعود المغرية بالإمرة والولاية والأراضي، وقيم الجاهلية التي أحياها في نفوسهم ـ هذا فضلاً عن استعماله لأساليب الغدر والمكر مما كان بعيداً جداً عن سلوك أميرالمؤمنين وهو القائل: «والله ما معاوية بأدهى منّي ولكنّه يغدر ويفجر». لقد كان الإمام(عليه السلام) يترفّع عن استخدام الكثير من أساليب الغدر والمكر المتعارفة في الحرب، فكان كمن يقاتل بيد واحدة.
    ج ـ الإصلاحات الإدارية، إذ قام الإمام(عليه السلام) بجملة من الإصلاحات كان أهمّها عزل الولاة والأمراء المنصّبين من قبل الخليفة الثالث عثمان; فانتقلوا الى جبهة معاوية بكلّ ما يملكونه من مال ونفوذ وتأثير وإمكانات حصلوا عليها بحكم توليهم لأمور الناس فترات طويلة.
    د ـ الإصلاحات المالية: حيث أمر الإمام(عليه السلام) بمصادرة جميع الإقطاعيّات والأموال التي أعطاها عثمان بغير وجه حق، إضافة الى قيامه(عليه السلام) بتقسيم العطاءات بصورة متساوية على الناس من غير مراعاة للاعتبارات التي كان معمولاً بها قبله، ولقد تسبّبت هذه الإصلاحات في



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) الأئمة الاثنى عشر، دراسة تحليلة، عادل الأديب ص74 ـ 75 بتصرّف.

    إعراض الكثير من وجهاء القوم وزعماء القبائل عن نصرة الإمام; حتى تحوّلوا الى طابور خامس كان يمعن تمزيقاً في جبهة الإمام الداخلية.
    بينما كان الأمر على العكس في جبهة معاوية، حيث كان تصبّ في خزائن بني أمية وعلى مدى سنين طويلة، أموال وغنائم الفتوحات الإسلامية، التي كانت فوق حدود الخيال، وكلّ هذا قد وظّف في الحرب ضدّ الشرعية، فصرفت الأموال لشراء الضمائر والذمم وبناء الجيوش وتحصين الجبهة الشامية واختراق الجبهة العراقية.
    ولا يخفى أن التشكيلات العسكرية في ذلك الزمان كانت متكوّنة من القبائل، وكان لزعماء تلك القبائل تأثير كبير في توجيه قبائلهم بالاتجاه الذي يرونه، وكان كثيراً من زعماء هذه القبائل وأشراف الناس قد تأثروا سلباً بسياسة الإمام(عليه السلام) العادلة في توزيع الأموال وفي سحبه لامتيازاتهم الكبيرة التي كانت في زمن عثمان، وقد حاول بعضهم مساومة الإمام(عليه السلام) فأرسلوا إليه الوليد بن أبي معيط الذي قال له:
    (يا أباالحسن، إنّك قد وترتنا جميعاً ونحن اخوتك ونظراؤك من بني عبدمناف، ونحن نبايعك اليوم على أن تضع عنّا ما أصبناه من المال أيّام عثمان، وإن خفناك تركناك فالتحقنا بالشام...»(1) .
    هـ ـ لقد كانت الكوفة مقرّاً للكثير من الصحابة، حيث سكن فيها بعد تمصيرها (148) صحابياً(2) وقد وقف عدد مهم من هؤلاء على الحياد كسعد بن أبيوقّاص وغيره، بل إن بعضهم كان يثبّط الناس عن المشاركة في الحرب، وكانوا يشيعون روح الاعتزال والجلوس على التل



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) نهج البلاغة ج1 ص 140.
    (2) تاريخ الكوفة، حسين البراقي ص 382.

    ـ من أمثال «أبي موسى الأشعري»; ممّا أثار البلبلة وأوجد حالة من الشك شوّشت الرؤية على بعض الناس وخلطت عليهم الأمور.
    إنّ المسلمين وبالتدريج وخضوعاً للأمر الواقع، وبحكم السياسة الحاكمة على يد الخلفاء الثلاثة، بدأوا يعاملون عليّاً على أساس أنّه (صحابي جليل لا أكثر) وبحكم هذا التقييم كان يوجد كثير من الصحابة ممّن كانوا يرون أنهم لا يقلّون عن الإمام(عليه السلام)، أو على أحسن تقدير أنّ الفارق بينه وبينهم فارق تافه.. وهذا الوضع لم يكن موجوداً في المجتمع الشامي الذي لم يكن يعرف غير معاوية بن أبي سفيان، فنظرة أهل الشام ورجالاتهم الى معاوية تختلف عن نظرة أهل المدينة والعراق الى الإمام(عليه السلام)، وهذه النظرة المختلفة هي التي أوجدت باستمرار في حياة الإمام(عليه السلام) تناقضاً وكثيراً من الآراء والاجتهادات المتضاربة وامتناعاً في كثير من الأحيان عن قبول رأي الإمام(عليه السلام)، بينما كان أهل الشام يتلقون أوامر معاوية بالتسليم والطاعة التامّة(1) .
    لقد بذر هؤلاء الصحابة بذرة الشك في جبهة الإمام(عليه السلام)، فهم كانوا على قدر كبير من الورع والتقوى في نظر الناس والمتلبسين بلباس الأتقياء العقائديين المثاليين، كانوا يوحون الى الجماهير بأنّ المعركة ليست صحيحة وأنها فتنة، (القاعد فيها خير من القائم والنائم فيها خير من القاعد، والماشي فيها خير من الساعي)(2) .
    وهكذا نمت وترعرت بذرة الشك تلك; لتثمر فيما بعد (الخوارج) الذين



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (2) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.

    ليكن الدليل بالدليل والحجه بالحجه

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    34

    افتراضي

    أفشلوا خطط الإمام علي(1)، ثم قتلوه وكادوا أن يفتكوا بالإمام الحسن(2)بعد أن أحدثوا البلبلة في معسكره(3)، ثمّ اشتركوا في دعوة الحسين(4) الى الكوفة ليساهموا في قتله وسبي عياله.
    5 ـ وإن كان الإمام(5) قد قسى على بعض أهل العراق في بعض خطبه، فإنّما كان يستثير حميتهم ويستنهض هممهم، وإن كان قد عانى حقّاً ن عدم اطاعتهم له; فإنّها معاناة وآلام وصرخات كلّ الأنبياء والمصلحين عبر التاريخ، وليس الأمر خاصاً بأهل العراق فأنصار الحقّ دائماً قليلون; لأنّ نصرته مكلّفة ومن يتولى الحقّ فعليه أن يستعد للبلاء، وقد قالها سلام الله عليه في احدى خطبه:


    «أيّها النّاس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله»(6) .


    6 ـ تؤكد المصادر التاريخية أن أكثر أهل الكوفة كانوا على مذهب جمهور المسلمين في ولائهم السياسي بما في ذلك الموالي الذين كانوا يشكّلون نسبة عالية من سكّان الكوفة، ولم يكن شيعة علي آنذاك يمثّلون أكثر من السبع أو الثمن من مجموع أهل الكوفة، وكانوا بالخصوص قبائل همدان وكندة ومذحج وكلّها من قبائل اليمن(7) .
    7 ـ إنّ مكانة الإمام(8) في نفوس الناس آنذاك لم تكن بالقدسية التي



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (2) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (3) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (4) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (5) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (6) نهج البلاغة، الخطبة 199 .
    (7) لاحظ ماسينيون خطط الكوفة ص 62 بتصرّف.
    (8) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.

    نعرفها نحن اليوم، لقد كان الإمام في نظر الناس ـ هو الصحابي الجليل والخليفة الشرعي المنتخب ولذلك فإنّهم ما كانوا يجدون كبير إثم في مخالفته والاعتراض عليه، وكان(1) يسمح لهم بهذه المعارضة والمخالفة ويقول:
    «فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل الباردة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حقّ قيل لي ولا التمسا إعظام لنفسي، ولا تكفوا عن مقالة بحقّ أو مشورة بعدل; فإني لست بنفسي بفوق أن اخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي إلاّ أن يكفي الله من نفسي ماهو أملك به منّي ـ فإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا»(2) .
    وكان بذلك يعلّم الناس أن لا يشعروا بالانسحاق أمام الحاكم، ويمارسوا دورهم في مراقبته ومحاسبته والاعتراض عليه، ومن دون خوف. ولطالما عانى معاوية ومن تبعه من الخلفاء من آثار هذه التربية العلوية حتى قالها معاوية يوماً:
    يا أهل العراق، لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان وبطيء ما تفطمون.
    إنّ الشيعة في ذلك الزمان لم يكونوا شيعة بالمعنى الخاص الذي نعرفه اليوم، بل كانوا شيعة بالمعنى العام، فهم أنصار الإمام علي(عليه السلام)وحزبه السياسي وتياره الجماهيري المستضعف(3) .



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) الأئمة اثنى عشر، عادل الأديب، ص 78 ـ 79.
    (2) نهج البلاغة، الخطبة 214.
    (3) تعدد أدوار ووحدة هدف، الشهيد محمد باقر الصدر، ص 77 بتصرف.

    وفي الواقع فإنّ الأمويين قد استطاعوا من خلال جمهرة من الفقهاء إعطاء (المشروعيّة الفقهية) لسلطة القوّة فأصبح (فقه الطاعة) لسلطة الظلم هو البديل عن (فقه الثورة) بادعاء خوف الوقوع في الفتنة الداخلية، وهكذا استطاعوا تخدير معظم انحاء العالم الإسلامي وقتل روح الثورة في أبنائه لفترات زمنية متمادية، ولم يشذّ عن ذلك سوى العراق الذي فشلت كل الأساليب الارهابية والتضليلية في ترويضه وخداعه وتخديره، وبقي صداعاً دائماً يؤرق الطغاة ويقضّ مضاجعهم.
    إنّ روح الثورة ومفاهيم العدالة الاجتماعية ومسائلة الحكّام التي زرع بذورها الإمام علي(عليه السلام) في أرض العراق هي التي حصّنت هذه الأمة، وجعلتها عصية على التطويع والخداع بعد أن وضعت لها النموذج الأمثل والمثل الأعلى، فأصبحت القلوب خالية إلاّ من حب علي وعدل عليّ وروح عليّ ومن سار على درب علي الى يوم الناس هذا.
    وعلى كلّ حال ومع كلّ هذه الظروف والمؤثرات فقد كان أهل العراق رجاله الأشدّاء في الجمل وصفين والنهروان، بل إنّهم قد نفروا إليه ليجاهدوا تحت رايته حتى قبل أن يحطّ رحاله بين ظهرانيهم عندما كان في الطريق من الحجاز الى البصرة متوجهاً لحرب أصحاب الجمل.
    8 ـ ثمّ ألم تكن معاناته(عليه السلام) في العراق أهون بكثير من معاناته في الحجاز; حيث لم يبق من عشرات الآلاف التي بايعته إلاّ رجال بعدد أصابع اليد، ولم يكن قد مضى على البيعة ووفاة النبي إلاّ أشهر معدودات؟ بينما وجد(عليه السلام) في العراق وبعد عشرين عاماً من الدعاية المضادّة لخط أهل البيت(عليهم السلام) وجد عشرات الآلاف من الرجال والأنصار الذين خاض بهم حروبه القاسية مع الناكثين والقاسطين والمارقين،


    ورفع بهم راية للحق ما كانت لترتفع بغيرهم في ذلك الزمان.


    9 ـ إنّ ما نسب الى الإمام(عليه السلام) في ذمّ أهل العراق بحاجة الى التثبت والتدقيق لأنه من المعروف أن بعض ما نسب إليه هو من المراسيل، ثم أنه يعارض بكلمات له(عليه السلام) تصف أهل الكوفة وقبائل العراق التي قاتلت معه بأروع الصفات، وتضعهم في مكانة يحسدهم عليها الآخرون، وكمثال على ذلك ما ورد بحقّهم في بعض الخطب والرسائل والكلمات ومنها:
    «يا أهل الكوفة، إنّكم من أكرم المسلمين وأقصدهم تقويماً، واعدلهم سنّة وأفضلهم سهماً في الإسلام وأجودهم في العرب منكباً ونصاباً، وأنتم أشدّ العرب وداً للنبي(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وإنّما جئتكم ثقة بعد الله بكم للذي بذلتم من أنفسكم»(1)«الى أهل الكوفة جبهة الأنصار وسنام العرب»(2) «يا اهل الكوفة، جزاكم الله من أهل مصر عن أهل بيت نبيّكم أحسن ما يجزي العاملين بطاعته والشاكرين لنعمته فقد سمعتم وأطعتم ودعيتم فأجبتم»(3) «ما أشدّ بلايا الكوفة! لا تسبّوا أهل الكوفة. فوالله إنّ فيها لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر ومتاعاً الى حين، والله ليدقق الله بهم جناح الكفر، لا تنتخبوا أبداً غير مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله، والكوفة حرمي وما من مؤمن إلاّ وهو من أهل الكوفة أو هواه لينزع إليها»(4).
    «الكوفة جمجمة الإسلام وكنز الإيمان وسيف الله ورمحه، يضعه حيث أحبّ، والذي نفس على بيده لينتصرن الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتظر بالحجاز»(5).



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) أعيان الشيعة، العاملي ج3 ص35 عن الإرشاد للمفيد.
    (2) نهج البلاغة، الخطبة 239.
    (3) نهج البلاغة، الخطبة 240.
    (4) فضل الكوفة وأهلها، محمد بن علي العلوي الحسني الكوفي ص 70.
    (5) فضل الكوفة وأهلها، محمد بن علي العلوي الحسني الكوفي ص 72.

    «الكوفة قبّة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث يشاء»(1).


    «كأني بك يا كوفان تُمدين مدّ الأديم العكاظي; تعركين بالنوازل وتركبين بالزلازل، وإني لأعلم أنّه ما أراد بك جبار سوءاً إلاّ ابتلاه بشاغل ورماه بقاتل»(2)
    «وليس أهل الشام بأحرص على الدّنيا من أهل العراق على الآخرة»(3)
    «وانتم (لهاميم العرب) و (يآفيخ الشرف) و (الأنف المقدم) و(السنام الأعظم)»(4).
    «أنتم الأنصار على الحقّ والإخوان في الدين والجنن يوم البأس والبطانة دون الناس، بكم أضرب المدبر وأرجو طاعة المقبل»(5).
    أمّا رأيه(عليه السلام) في قبائل العراق التي قاتلت تحت رايته وهي ربيعة وهمدان ومضر ومذحج وطي والأزد وغيرها.. فكان يردّد دائماً:


    «(فخر طويل لك يا ربيعة) (يا ربيعة أنتم درعي ورمحي)».


    «يا معشر همدان، أنتم درعي ورمحي، ياهمدان، ما نصرتم إلاّ الله ولا أجبتم غيره».
    وقد أثر عنه قوله: «ولو كنت بواباً على باب جنّة لقلت لهمدان: ادخلي بسلام»(6) .
    10 ـ إنّ من يطالع وقائع حرب صفين وأهوالها وطول مدّتها; ليأخذه العجب من بطولات وتضحيات أهل العراق، وهم يدافعون عن الإسلام الأصيل وخطّ الإمامة ويفدونه بالغالي والنفيس; حتى قال قائل القوم: الله



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) المصدر السابق، ص 73.
    (2) نهج البلاغة، الخطبة 47.
    (3) نهج البلاغة، الرسالة 255.
    (4) نهج البلاغة، الخطبة 106.
    (5) نهج البلاغة، الخطبة 117.
    (6) نهج البلاغة ج3 ص 144 ـ 165.

    الله في النساء والأطفال، من لبني الأصفر بعدكم أيها الناس، بعد أن أشرف الجيشان على الفناء، وكانت طلائعهم بقيادة مالك الأشتر قاب قوسين أو أدنى من النصر لولا الفتنة وخيانة بعض الزعماء من طلاب الدنيا الذين سبّبوا بخيانتهم وتقاعسهم حالة من البلبلة والفرقة، أثّرت على جبهة الإمام وأدّت الى النتائج التي سجّلها التاريخ.. نعم إنّ ملحمة صفين هي سفر للمجد والخلود، وتاج مفاخر أهل العراق، ولولا الفتنة لغيّر العراقيون وجه التاريخ في صفين.
    11 ـ وأخيراً ولنفترض أنّنا سلّمنا بكلّ ما يقوله الرواة ومؤرّخوا السلاطين ـ نقول: وهل كان أكثر أهل العراق آنذاك إلاّ جنود الفتح الإسلامي الذين استوطنوه بعد الفتح، وهم من عرب الحجاز واليمن فإن كان هناك من سبّة فهي لكلّ العرب، وليست خاصة بأهل العراق إذ لم يكن قد تبلور في ذلك الزمان كيان خاص بهم، ولم تحدّد لهم معالم وسمات واضحة ومميّزة كما هو اليوم.
    12 ـ إنّ من ينظر الى الطريقة التي تعامل بها الإمام (عليه السلام) في موضوع الحكم والسياسة والحرب ليجزم بأنّه(عليه السلام) كان يريد أن يثبّت قيماً ومباديا تبقى من بعده نماذج تقتدي بها الأجيال.. لقد كان(عليه السلام) يؤسس لأشياء أكبر من حجم الزمان والمكان في تلك الحقبة التاريخية، ولم يكن منهجه(عليه السلام)أبداً منهج من يعتبر أن الحكم هو الهدف النهائي.. ولقد دفع أهل العراق ثمن هذه السياسة، وتحمّلوا كلّ المسؤولية عن ذلك في نظر المؤرخين، في حين إنّهم كانوا أتباع رجل إلهي ما كان همّه الانتصار وحيازةوسائله بقدر ما كان همّه تثبيت المبادئ والقيم ووضع المقاساةالمثلى للحاكم الإسلامي وللحكم الإسلامي، وهو العارف بموعد


    قيام دولة الحقّ في آخر الزمان والمنتظر لسيف المرادي الذييخضّب هذه من تلك.
    لقد مضى عثمان وخلّف الدولة الأموية قائمة بالفعل بفضل ما مكّن لها في الأرض وبخاصة في الشام، وبفضل ما مكّن للمبادئ الأموية المجافية لروح الإسلام من إقامة الملك الوراثي والاستئثار بالمغانم والأموال والمنافع، ممّا أحدث خلخلة في الروح الإسلامي العام. وجاء عليّ ليرد التصوّر الإسلامي للحكم الى نفوس الناس، وسار في طريقه يرد صورته كما صاغها النبي(صلى الله عليه وآله) .
    إنّ الذين يرون في معاوية دهاءاً وبراعة لا يرونها في عليّ، ويعزون إليهما غلبة معاوية في النهاية إنّما يخطئون تقدير الظروف، كما يخطئون فهم علي وواجبه، لقد كان واجب علي الأوّل والأخير أن يرد للتقاليد الإسلامية قوتها وأن يرد الى الدين روحه، وأن يجلوا الغاشية التي غشت هذا الروح على أيدي بني أمية، ولو جارى وسائل بني أمية في المعركة لبطلت مهمته الحقيقية، ولما كان لظفره بالخلافة خالصة من قيمة في حياة هذا الدين، إنّ عليّاً إمّا أن يكون عليّاً أو فلتذهب الخلافة عنه بل فلتذهب حياته معها(1) .
    لقد عجز الإمام(عليه السلام) عن تحقيق أهدافه الآنية، وبهذا فهو خاسر في نظر أولئك الذين يحترفون السياسة ولا يفهمون غيرها. أمّا في نظر الذين يعتبرون التاريخ معركة مبادئ فـ (عليّ) هو لامنتصر الأكبر، لقد كان باستطاعته (عليه السلام) أن يستعمل الكثير من الأساليب المتعارفة عند أهل السياسة كاستعمال منهج التغيير التدريجي للولاة وللقوانين، وإقرار



    --------------------------------------------------------------------------------

    (1) العدالة الاجتماعية، سيد قطب ص 217.

    ليكن الدليل بالدليل والحجه بالحجه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2003
    المشاركات
    34

    افتراضي

    الناس على ما تحت أيديهم من أملاك وعقارات وأموال حتى تستقر الأمور وتسلس له قيادها.
    ولكنّه(عليه السلام) كان يرى رأياً آخر، وكان يقول: «ما ظفر من ظفر الإثمبه، والغالب بالشر مغلوب»(1) ويقول: «اتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟»(2) .
    والخلاصة أن الإمام(عليه السلام) قد استلم مجتمعاً منحرفاً وغير متجانس، وكان عليه أن يقوم بإصلاح هذا المجتمع وتوحيد فئاته وتيّاراته، وأن يخوض به الحرب ومن غير فاصلة أو استراحة.. وقد واجه(عليه السلام) عدواً خبيثاً ماكراً مستقراً وموحّداً استغلّ نقاط الضعف في جبهة الإمام ووظّفها لصالحه.
    أمّا أهل العراق فقد تسلّطت الأضواء عليهم باعتبارهم السبب الرئيسي والوحيد لكلّ ما حدث، والمنصف يعلم أن مسلسل الأسباب قد ابتدأ بالسقيفة، ولم يكن ما حدث بعدها إلاّ تحصيلاً للحاصل، ونتيجة طبيعيّة لعوامل الانحراف التي نخرت المجتع المسلم واعادته الى أحضان الجاهلية من جديد.
    وصدق من قال: (النصر كلّنا آباؤه، أما الهزيمة فلا أباً لها»(3) .


    (1) نهج البلاغة ج3 ص 231.
    (2) نهج البلاغة ج1 ص 182.
    (3) نابليون بونابرت، امبراطور فرنسا.


    ليكن الدليل بالدليل والحجه بالحجه

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني