موقع الملف... بين ملف حزب الدعوة وملف الناقدين له والناقمين عليه
زهير الزبيدي
Saturday, 17 March 2007


افتتح موقع الملف بباكورة اعمال ساخنة جدا ، قد ترتفع درجة سخونتها حدا تحرق فيه سمعة من خاض غمار " ملف حزب الدعوة " أكثر من أن يصحح مساره.

فالمتتبع لهذا الملف يرى وكأن موقع الملف أسس لهذا الغرض، فمنذ انطلاقته بهذا "الملف"، لا تزال المقالات تترى في حزب الدعوة، فمنها ما جاء تعليقا وتوضيحا واستعراضا للمسيرة، ثم وضعا للحلول على المزاج الشخصي لا الجمعي وهنا تكمن المفارقة .. ومنها تشويها وتمزيقا وانتقاما لهذا الحزب، الذي ومنذ انطلاقته الأولى، وهو يتلقى الطعنات من الأخوة قبل الأعداء، حتى تمرس على كيفية تلقي الضربات دون أن توقف زحفه الحضاري،وامتصاصها دون أن تترك أثرا عليه، انما مجرد عرقلة وقتية وتزول بزوال مقدرة الآخرين على الإستمرار في الكتابة، بعد نفاد جعبتهم من فبركة الاحداث وتوظيفها باتجاه التسقيط وليس التصحيح ــ وأصر على الهدف هو التسقيطـ اذا قرأنا الوقت جيدا لا كما قرأه الحاج الشابندر عندما قال (في الازمات تحل الكثير من المشاكل) ــ صحيح قول الشابندر، لكن الأزمات الخاصة، وليس العامة للوطن، حيث انهيار تام للدولة، وانفتاح مفرط للحرية، وديمقراطية تتغير وفق أجندة المحتل، عندها يتحول حل الأزمة الشخصية، الى صيد في المياه العكرة، وقد تعكرت مياه العراق دون صفاء قبل فوات العشر سنوات القادمة.


والغريب، أن الكثير من هؤلاء الأخوة، لم يأخذ العبرة في مواجهة هذا الحزب" المسكين " ـ حسب تعبير الحاج الشابندر في احدى مقالاته ـ ولم يقتنع بأن هذا الحزب، رغم الهجمات الشرسة التي وجهت اليه من النظام المقبور، وقبلها من الحوزة النجفية ثم القمّية، زادته قوة ومتانة، لم يهتز، ولم يغير نهجا خُط بدم الشهيد المؤسس، الحاني عليه حتى استشهاده. وان هو تعثر في مفصل زمني من مسيرته التأريخية، فهي لنفس الاسباب التي يثيرها الأخوة الأعداء هذه الايام من على الملف، لكن على الطريقة الفضائحية للأسف وليس التصحيحية كما يدعون، وسنرى من سيفضح من؟.


والسبب واضح جدا، فقد ذكرنا أن لدى الجميع أخطاء، إلا أن الفارق هو أن هناك أخطاءً لدى بعض البشر، من أفراد وجماعات، تُرتكب مع سبق الاصرار والترصد والعناد، ثم يصار الى التلاعب بألفاظها ومفرداتها، لتوظيفها في تحقيق هدف باطل ما، وهناك الكثير من الأمثال عليها في صفوف الاسلاميين، بل المنتقدين الحاليين أنفسهم. وهناك أخطاء ترتكب بسبب الضغوط الكثيرة على المخطئ، تضعه أمام أمور أحلاها مر، فيتخذ القرار بعد جهد من التحليل والتريث، وهو يتخذ من الحكمة والحلم آلية لحلها، تحاشيا لوقوع الخطأ، لكن قد يوقعه في الخطأ من أراد محاصرته لزرع طريقه بالألغام، أو قد يخطأ هو بالتقدير، فيأتي الخطأ نتيجة حتمية على مستوى العراقيل التي وضعت له لاثارته واستدراجه للخطأ، وبالتالي يأتي الخطأ طرديا مع قدرة الجهة التي وضعت تلك العراقيل.


وببساطة جدا أقول، اذا كان حزب الدعوة قد أخطأ، فالخطأ لم يأت مقصودا أو مخططا له، انما لتراكم الضغوط عليه حسب الظرف الذي يعيشه، ومستوى الهجمة التي يتلقاها، وهذا لايدخل في دائرة الخطأ بقدر ما هو في دائرة المشاكل التي توضع في طريق الحزب سواءا أكان من الأعضاء المنتمين له، أو الأعضاء الخارجين منه، أو الخارجين عليه، فتحولوا الى أعداء، باعوا الأخوة أمام مصالحهم الشخصية التي يثقف عليها الحزب، والعقيدة التي يدعُ اليها، ومخطأ من يقول عكس ذلك. أو من القوى الخارجية المنافسة له في الساحة الاسلامية، والحاقدة عليه وما أكثرها.


وفق هذه السياقات التي وضعناها، يتأكد لنا أن من ينتقد حزب الدعوة اليوم وقد كان أحد أعضاءه المدللين بالأمس، هو لنفس السبب الذي دفع هؤلاء للخروج على حزبهم عندما وضعتهم الظروف بعيدا عن الأضواء، التي أحبها أكثر من عمله لرضا الله تعالى ونحن نتكلم كإسلاميين، وقد حذر السيد الشهيد من هذه الحالة أكثر من مرة. بل أن الكثير من الأعضاء الذين ينتقدون اليوم، كان بعضهم بالأمس، يبحث عن مركز يدفعه الى دائرة الضوء، أو حصوله على بعض الإمتيازات للعضو القيادي بسبب الظروف التي تكتنف العمل المعارض، فآثر أن يترك الحزب حاملا أوراقه المحترقة أصلا، لفضاء أوسع عندما يتعامل مع أعداء الدعوة أو منافسيها التقليديين، والبعض راهن على أطراف عربية قومية التوجه وطائفية السمة، لصناعة مجد شخصي. واليوم حركت نفس الغريزة أؤلائك اللاهثين خلف المركز، لاسيما والمركز اليوم في ظل حكم وليس معارضة، وامتيازاته أكبر، وتطلعات المستقبل لبناء مجد كبير أوسع، فيما اذا حصل على ما كان يحلم به بالأمس .


أنا لاأريد أن أصنف الأفراد والأشخاص الذين يلهثون وراء المركز والمنصب فهم يعرفون أنفسهم، ويعرفون المواقف التي اتخذوها عبر تجربتهم مع الدعوة، لكن هل يمتلكون شجاعة الحاج الشابندر باعترافه بقوله: (كنت مشاكسا منذ أن دخلت حزب الدعوة الإسلامية) وهذه فضيلة يمتاز بها الحاج رغم أنه بررها وأعرض عن مضمونها حيث لايعلم ما في الأنفس الا الله، فهل يستطيع الآخرون عرض أخطائهم وهم أفرادا، مثلما يتعرضون لحزب قوامه قوافل من المثقفين، يتباينون بكل شئ الا بإيمانهم؟. وقد لايحتسب خطأ الشخص المنتمي للدعوة خطأ لها بالضرورة، انما خطأ الشخص محسوب عليه، والا كثير من الصحابة كانوا معرقلين لمسيرة الرسول ومشوهين لفكر الرسالة.


أغلب من التحق بركب المنتقدين للدعوة، هم ناقمين عليها لاسباب هم يعرفوها، بل ترى الحقد ما بين السطور ــ وأستثني الحاج الشابندر فله حساب آخرــ فكانوا بالأمس يلهثون خلف المركز لاسباب ذكرناها، واليوم سال لعاب الوزارة ... والادارة العامة ... والوكالة ... والا اذا كان الجميع وطنيون، اذن لماذا هذا الانشغال بالأفراد وترك الوطن بحترق بمقالات تنضح مصالح شخصية، وحكايات نبش بماض مؤلم، لما يخلف بقعة سوداء في هذا القلب الذي ينبغي أن يكون وردة بيضاء ؟.


أما الدكتور السيد سليم الحسني لم أجده بين الناقدين ولا بين الناقمين، لهذا أقول له : كان عليك أن تتخذ سبيلي التي سلكتها عندما عينت لاول مرة في احدى ثانويات الفرات الأوسط، فتعرضت لتجربة مرة مع مدير كان يتصور نفسه (هبل) عندما اصطدمتُ معه وهو يتلاعب بسجل الدرجات وسرقة مال المدرسة ويصرعلى اجباري التوقيع على سرقاته، عندها قررت تقديم تقريري الى الجهات المختصة العليا، فحاول رهط من المدرسين تقديم شكاواهم معي، فقلت لهم:لا يا إخوتي، صاحب الشئ أحق بحمله. فتراجعوا واستمريت بشكواي حتى لقنت المدير درسا لن ينساه في حياته، وأنا المدرس الجديد تحت التجربة. هكذا كان عليك سيدي أن تتقدم بشكواك لحزبك لوحدك، وأنت العضو الوحيد الذي لايزال مرتبطا بحزبه، فما الذي دفعك للانخراط في جوقة المشاكسين، الذين تركوا الوطن يتلاعب به المخطؤون الحقيقيون واستلموا حزبك الذي ما انفكت قوى الجهل والايثار للمصالح الضيقة تنهش بلحمه.


وأسأل كل الأخوة الناقدين والناقمين، أن يتلوا دعاء كميل كل ليلة جمعة ويتأملوا بهذا المقطع {ربّ قوّ على خدمتك جوارحي واشدد على العزيمة جوانحي وهب لي الجد في خشيتك} وتقبل الله عمل الجميع مادام في رضاه.


زهير الزبيدي