كنت بصدد الحديث عن زيارة السيد مسعود البرزاني للمملكة السعودية قبل هذا الوقت ولكن وجود الدكتور أياد علاوي
في المملكة بنفس الوقت جعلني أتوقف الى حين بيان النتائج الاولية من خلال مؤتمر صحفي مشترك بينه وبين المسؤول
السعودي ،ويبدو أن هذا المؤتمر المشترك لم ينعقد لاسباب لانعرفها ولكنها توحي بأن الزيارة لم تحقق ذلك النجاح المطلوب
أو أن الدولة المضيفة لم تتعامل مع الضيف بما يُليق والاعراف الدبلوماسية .
ومن الاعراف المتخذة في المملكة أنها تقوم بتهيئة برنامج خاص لزيارة مكة والمدينة للضيوف المسلمين وهذا مالم نُلاحظه
أيضا في هذه الزيارة.
وبدلا من المؤتمر المشترك عقد السيد مسعود البرزاني مؤتمر صحفيا بعد عودته من المملكة السعودية بناءا على دعوة
وجهت له من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز كما أشارت المصادر الكردية الى ذلك ،عقد رئيس اقليم كردستان مؤتمرا
صحفيا بعد عودته في مطار أربيل.
وقبل التطرق الى المؤتمر الصحفي الذي عقد السيد البرزاني نُلاحظ على هذه الزيارة أنها لم تحض بالاهتمام الاعلامي
المطلوب من قبل الجانب السعودي ،واكتفت وسائل الاعلام بتصوير لقائه مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز بحضور رئيس
الاستخبارات السعودية لتوحي بطبيعة اللقاء وهدفه!!
ويبدو أن الاهتمام بقى على المستوى العراقي المترقب لتحركات السياسين العراقيين بعد أن التحق الدكتور أياد علاوي
بالسيد مسعود البرزاني ،وبدأت التأويلات تأخذ يمينا وشمالا،وهذا ماجعلني أترقب نهاية الزيارة والمؤتمر المشترك بين
الجانبين السعودي والعراقي (الكردي) إلا أن ذلك لم يتحقق كما أشرت في مقدمة حديثي عن هذه الزيارة ،التي تعتبر
تاريخية بالنسبة للسيد مسعود البرزاني لو كانت بالمستوى الدبلوماسي الذي أراده وهو الحريص على مثل هذه الامور
وقد ألغى فيما مضى زيارة الى جمهورية الصين بسبب برنامج الزيارة والمستقبلين له في الجانب الصيني.
والغريب في السيد مسعود أنه الحريص على بيان كرديته في كل تصريح ولكننا وجدناه ببدلة (أنيقة)غير زيه الكردي
الذي يستقبل به زائريه في كردستان العراق.
وفي قراءة سريعة لنتائج الزيارة من الجانب السعودي ان المملكة تبحث عن مواطئ قدم لها بعيدا عن الائتلاف العراقي
الموحد وفي اتجاهات مختلفة ،وقد حاولت السعودية لعب دور الراعي للطائفة السنية في العراق من خلال مافهمناه من
حديث البرزاني بعد عودته وقلق السعودية وطمأنة البرزاني بأنه جزء من الحل وليس من المشكلة.
ويبدو أن كل الاتفاقات بقيت على شكل وعود ولم توقع بيانا مشتركا أو يخرج لنا بيان من وزارة الخارجية السعودية لنتائج
هذه الزيارة مما توحي بطبيعة الزيارة والهدف السعودي منها!!
أما فيما يتعلق بالجانب الكردي فإن السيد مسعود البرزاني أراد لهذه الزيارة أن تكون تاريخية من خلال اعتراف
المملكة السعودية بالدور الكردي الجديد في العراق وهو ما أشار إليه في فقرتين من مؤتمره الصحفي الذي عبر عنه بشكر
المملكة للاكراد لما قاموا به تجاه العراقيين!!!! وإن الاكراد جزء من الحل وليس طرفا في المشكلة.
وربما تفتح هذه الزيارة بابا لزيارات اُخرى للدول العربية وهو ما دفع السيد مسعود الى تلبية الدعوة سريعا لزيارة
المملكة السعودية،لتكون اعترافا رسميا من الجانب العربي بالواقع السياسي الجديد للاكراد.
أما فيما يتعلق بالجبهة الجديدة بقيادة أياد علاوي فيبدو أن السيد مسعود البرزاني مصر على رأيه الذي صرح به للسفير
الامريكي وللدكتور علاوي خلال زيارتهما له في الفترة الماضية.
وهو ما دعى عددا من النواب الى التأكيد على تحالف الجبهة الكردية مع الائتلاف وتغيير موقف محمود عثمان النائب
الكردي صاحب أكبر عدد من التصريحات الصحفية قياسا لبقية النواب الاكراد.
ومن خلال القراءة السياسية لموقف الاكراد والسيد مسعود هو عدم المجازفة على مشروع مستقبلي غامض يعيد بالعملية السياسية الى نقطة الصفر. ويلغي كل الماكسب الكردية المتحققة حتى هذه اللحظة لاجل استلام أياد علاوي رئاسة الحكومة وهو ما عبر عنه بقوله: لايمكن العمل على تبديل هذا بهذا والعمل على إزاحة هذا ونأتي بآخر الى مكانه
مع عدم وجود تصريح أمريكي صريح بهذا الخصوص ،سوى الضغط السياسي على حكومة المالكي لاشعارها بالقلق
ضمن الاستراتيجية الامريكية في التعامل مع الوضع العراقي.
وستبقى مسألة الاستثمارات السعودية في شمال العراق قيد المباحثات وتطور العلاقة بين الجانبين ،والايفاء بالوعود من
الجانبين .
عبدالامير علي الهماشي
alhamashi@hotmail.com