إعادة الاموال خطوة في الاتجاه الصحيح ولكن
أشرت بعد انتقال الحكم الى العراق عبر سلطة انتقالية الى مسألة الاموال العراقية المنهوبة والمجمدة بمطالبة السلطة الانتقالية في اعادة هذه الاموال عن طريق مقالات كتبتها في جريدة (البيان ) العراقية بعنوان (أحلام مابعد السيادة) حيث خصصت احدى هذه الحلقات لذلك .
واستبشرت خيرا باعلان وزير المالية العراقي (بيان جبر صولاغ) بأن وزارته ماضية في إسترداد الاموال العراقية
سواءا تلك التي هُربت من قبل أزلام النظام البائد أو الاموال المجمدة ولكن الوزير لم يفصح عن الاجراءات القانونية
والادارية المتخذة لاستعادة هذه الاموال بالرغم من تأكيده بأنه يتابع الملف شخصيا
والاموال العراقية المسجلة باسم الحكومة العراقية عبارة عن أرصدة مجمدة أو عقارات مسجلة باسمها في الدول العربية
والاجنبية ،كما أن هناك أموالا وعقارات سُجلت باسماء المسؤولين وأقارب الرئيس المقبور اضافة الى الاسماء الوهمية
التي استخدمها النظام السابق وكذلك الاسهم في شركات متعددة باسماء مستعارة وبعضها حقيقي .
ولاسترداد هذه الاموال العراقية فنحن بحاجة الى لجنة عمل دؤوبة متعددة الجوانب تشمل القانونيين في المجال الدولي
والمالي إضافة الى الجهد الاستخباري العالي الكفاءة والتعاون مع المؤسسات الدولية النزيهة في هذا المجال لتتبع
الاخطبوط المالي للنظام الذي حاول من خلاله الاستمرار في الحكم.
ولابد من دراسة تجارب الشعوب السابقة التي استعادت ثرواتها المنهوبة من قبل حكامها ضمن القانون الدولي ماليا
وقضائيا.
ولكن الملاحظة التي أثارتني في تصريح السيد الوزير أن الحكومة الفرنسية حولت أموالا مجمدة عائدة للحكومة
للحكومة العراقية الى صندوق تنمية العراق ،ولم أستطع تفسير هذا الاجراء الفرنسي إلا بأمرين وهما:
اولا :أن الحكومة الفرنسية لم تتعامل مع الجهات الرسمية العراقية في مجال نقل الاموال العراقية الى الشعب العراقي
وتحاول أن توثق هذه المعاملة
ثانيا: ربما ترى الحكومة الفرنسية بالجانب العراقي عدم أهليته في التصرف بهذه الاموال فتم ايداعها في صندوق تنمية
العراق (هذا الصندوق مازالت علاقته بالحكومة العراقية غامضة) مع ان القرار الدولي نقل الى مسؤولية الصندوق
الى الجكومة الانتقالية إلا أن الولايات المتحدة مازالت تتعامل مع هذه القضية كما هو تعاملها مع الملف الامني مع
الجانب العراقي.
وصندوق تنمية العراق تأسس بموجب قرار مجلس الامن المرقم 1483 عام 2003 وهو يحتوي على إيرادات النفط العراقي إضافة الى الاصول المصادرة من حقبة النظام السابق وماتبقى من أموال برنامج النفط مقابل الغذاء
المنتهي بموجب قرارات الامم المتحدة أيضا.
ولهذا الصندوق سيرة سيئة في إهدار الاموال العراقية من قبل ادراة المحتل في الفترة من 2003 -2004 ومازالت
القضايا عالقة في الجانب الامريكي ويتعرض السفير الامريكي الى مساءلات من قبل الكونغرس والجهات الامريكية الاخرى ولم تحل الكثير من هذه القضايا حتى هذه اللحظة.
ربما تغيرت بعض هذه الامور ولكن تبقى القضايا مبهمة وبحاجة الى مزيد من التوضيح وهل سيكون الجانب الامريكي
شفافا في تعامله مع الجانب العراقي في هذا الملف ،ام إن مباحثات السيد الوزير مع السفير الامريكي المؤقت لم تأخذ
المدى المطلوب في هذه القضية.
وإذا كانت الحكومة العراقية تسعى لاتفاقية أمنية واضحة المعالم مع الجانب الامريكي فلابد من شفعها باتفاقيات واضحة
المعالم في الجوانب الاقتصادية وبالاخص الجانب المالي لتستطيع الحكومة المضي في مشروعها الخدمي والامني معا
فلايمكن مطالبة الحكومة العراقية بخطوات اقتصادية دون ان يكون لها اليد الطولى على الاموال العراقية والتحكم
بمصادر تمويلها وإلا تبقى هذه القضية تراوح مكانها كما هي القضية مع الجانب الامني
عبدالامير علي الهماشي