 |
-
تعالوا ننفخ في جربة مقطوعة!
تعالوا ننفخ في جربة مقطوعة!
رياض الحسيني
محلل سياسي وناشط عراقي مستقل
www.alhusaini.bravehost.com
العرب كأمة لم تكن باستثناء عما جرى خلال القرن المنصرم وخصوصا بعد حربين عالميتين غيرتا الخارطة العالمية الامر الذي ادى الى تقاسم الرابحين تركة الخاسرين فكانت البلدان العربية جزء من مقتنيات القوى العظمى. وطبيعيا ان يحاول الشعب العربي التخلص من الاحتلال بشتى الوسائل الممكنة فخرجت الى النور ايديولوجيا "القومية العربية" التي تزعمها وقتها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. التأريخ يؤكد انه لم يعتمد جمال عبد الناصر على الشعارات وحدها كما لم يعتمد على المخابرات المصرية بشكل كامل لحل ازماته مع القادة العرب الاخرون الذين بدوا في الصف الاخر حسب تصنيفات الحرس القومي والمخابرات واجهزة الدولة القومية الفتية انذاك. نعم حدثت بعض الاخطاء في تلك الفترة وهذا امر طبيعي في بداية كل عمل سياسي وهيكلة نظام جديد لكن هل استمر جمال عبد الناصر في تصوير هزائمه على انها انتصارات رغم الذي قامت به اذاعة صوت العرب وغيرها من القنوات الاعلامية المصرية الاخرى؟! كان الرجل واضحا لدرجة لامه من لامه من داخل المؤسسة القومية وخارجها فليس خسارة الحرب وحدها بل وفشل المشروع الوحدوي الذي تمثّل بدولة الوحدة العربية كلها فرضت على عبد الناصر ان يقدّم استقالته علنا الى الشعب المصري! في ذلك الوقت وصل الرئيس المصري الى قناعة انه ينفخ في جربة مقطوعة فليس كل مايتمنى المرء يدركه!
بالامكان تفهم انه وبعد مرور اكثر من خمسين عاما على موت الوحدة العربية وتشييع جثمان القومية يتحفنا البعض بترقيعات يظن انه يمكن من خلالها ان يعيد لعجوز قد تجاوزت الستين من عمرها بعض البهاء والنظارة، ترى هل يصلح العطّار ما افسد الدهر؟! فالامل يحدو هؤلاء وان كان ليس بالامل وحده يعيش الانسان! لكن كيف بالامكان ان نفهم ان يستعين العربي على اخيه العربي بالاخر الغير العربي وغالبا باعداء العرب لارساء دعائم المشروع العروبي وبعث الروح من جديد في ميت، وهل في ميت ايلام؟! دعوة النائب اللبناني وليد جنبلاط مثلا للاطاحة بالنظام السوري وهجومه المستمر عليه هل يمكن وضعه في خانة "المشروع العربي"؟! تصريح النائب عن جبهة التوافق العراقية النائب محمد الدايني الذي يقول "ان حركة مجاهدين خلق تساهم في استقرار الأمن الإقليمي"؟! هل يمكن قراءته على انه يصب في خانة الخوف على عاصمة الرشيد من الهجوم الصفوي على حد تعبير بعض حملة شعار العروبة؟!
الاصلاح العربي اول مقدمات نجاح المشروع الوحدوي ولن يكون الا من خلال التصالح مع الذات والعمل على اشراك العربي الاخر في قضايا الوطن واقتسام الوطن مع الجميع اما اختزال الوطن ببطانة الحكام او حاشيتة او عائلة واحدة او حتى قبيلة فذلك يعني الشطب بالقلم العريض على الاخر الامر الذي يؤدي في النهاية الى ان يلتجأ الاخر الى غير العرب فصاحب الحاجة اعمى كما يقولون! واولى مقدمات الاصلاح هو نقل مقر الجامعة العربية خارج مصر واستبدال الامين العام من غير مصر مع اجراءات مشددة على ضرورة ارساء دعائم الحرص والامانة ونبذ العصبيات واتفاقات خلف الكواليس! من يريد اصلاح الوضع العربي حقا عليه اولا ان ينفض يديه من اي التزام مع الاعداء يخل بامانة المصلح. فمن اين نرفع العلم الاسرائيلي ومن اين ننادي بضرورة الوقوف صفا واحدا ضد العدو الصهيوني؟! من اين ننادي بالحفاظ على عاصمة الرشيد وقلعة الزمن التليد ومن اين نذبح بالمفخخات والاحزمة الناسفة شعبها من الوريد الى الوريد؟! من اين علينا مقاطعة البضائع القادمة من الاعداء واقتصادنا يقوم على الشركات التي يديرها مصنّعوا هذه البضائع؟! من اين المناداة بالاكتفاء ونحن الذين استبدلنا المعول بالموبايل؟ ومن اين المناداة بجلب الاستثمارات الاجنبية ورفض استقبال العرب بل وحشرهم طوابير على الحدود الفاصلة بين الاخ واخيه، وهذه قضية اخرى ولا كل القضايا. وحتى استقالة رئيس عربي في زماننا هذا من منصبه واعلانه تحمل المسؤولية كاملة عن اخطاءه تعالوا ننفخ في جربة مقطوعة علنا نصلح ما تفسده القمم العربية؟!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |