الوطن - عمان

هل تخطط الولايات المتحدة لمهاجمة ايران في الاجل القريب؟ لا سمح الله.لان مثل هذا القرار يمكن ان يتجاوز الخطأ الفاضح الكبير للتدخل في العراق.
الآن - بقدر ما أعارض ذلك - فإنني استطيع ان اتفهم لماذا قد يكون بعض المحللين قد بحثوا بشكل جدي فكرة حملة على ايران قبل اربع سنوات.فلو ان طور المعركة في العراق قد قضى على المقاومة ولو ان صنع القرار الصحيح ساد ولو ان العراقيين رحبوا بالحرية والتعاون والديمقراطية والاسواق الحرة ولو تم ابقاء الارهابيين بعيدين ولو ان جيران بغداد قد قاوموا اغراء التدخل لكانت الولايات المتحدة قد تم تركها بقوة ضخمة غير عاملة بشكل اساسي داخل وحول العراق.
بالنسبة للأعين غير المتبصرة فان طهران كان يمكن ان تهتز بذلك ويسقط.
غير ان ذلك لم يحدث.بل في الواقع فان التدخل الاميركي في العراق قد تحول الى ما توقعته تماما قبل الحرب وهو قضية طويلة مهلكة ومكلفة تعبر بشكل عملي عن الدروس التي يجب تعلمها بشان الحاجة الى وضع استراتيجية عسكرية واقتصادية وسياسية شاملة قبل وبعد دخول القوات الاميركية.فهل يسمع احد؟
بصراحة اني اشك في ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التكهنات بشان احتمالية هجوم اميركي على ايران. فكثير جدا من الرسائل التي تصلني عبر البريد الالكتروني تدعي ان قصفا صاروخيا اميركيا يقتل ۱۰ الاف ايراني وان هجوما وشيكا على ايران وغير ذلك من الافكار المشابهة.وعندما اقرأ المختصرات الاستخباراتية المتداولة على نطاق واسع والتي يذكر انها روسية الاصل والتي تدعي ان الولايات المتحدة تستعد للتحرك عسكريا ضد ايران ينتابني القلق.
لقد فشل الاميركيون فان يكون لديهم نقاش كاف بما اذا كان التدخل في العراق مضمونا ام لا.وقد تجاهلنا بشكل مماثل ان يكون لدينا حوار وطني مناسب بشان ما يمكن عمله الان في الوقت الذي نتورط فيه في العراق.ونحن لا نستطيع تحمل تكرار هذه الانواع من الاخطاء في التعاطي مع ايران.
في ۲۰۰۳ كنت اتوقع عدة مشاهد محتملة يمكن ان تنتج عن عمل عسكري في العراق تتراوح من الايجابي الى السلبي.اما في ايران فانني اتوقع مشهد محتمل واحد فقط وهو اسوأ مشهد.
بشكل فعلي فانني اتساءل جديا كيف يمكن ان يحدث ذلك حتى لو كانت الولايات المتحدة يمكن ان تكسب تاييد بريطانيا او غيرها.لقد مددت واشنطن مؤخرا مناوبات الجنود الاميركيين في العراق ويتم نشر قواتها بالفعل باقصى ما يمكن الى حد نقطة الانكشاف على المستوى العالمي.
فهل يمكن للولايات المتحدة ان تسعى الى ما هو اكثر من حرب جوية؟اذا كان الامر كذلك فيكون السؤال كيف؟وهل نحن مستعدون للنظر في اعادة فرض هذا المخطط؟
ايضا لا يوجد ضمانة بان القصف بالصواريخ او غيرها يمكن ان يقوض البرنامج النووي المقلق لايران لاسيما مع التأكيد الاخير من قبل رئيس الدولة بان طهران لديها عمليات نووية اكثر بكثير مما كان معروف مسبقا.
وخلال ذلك فان الايرانيين لايمكن ان يقعدوا مكتوفي الايدي في الوقت الذي يتوقعون فيه غزو بلدهم.بل انه حتى في مواجهة هجوم مدمر فانهم يمكن ان ينتقمون بقوة جديرة بالاعتبار ليس فقط ضد اهداف ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وتحديدا في العراق واسرائيل بل على المستوى العالمي ايضا.
بل انه حتى الايرانيين العاديين الذين غالبا ما يؤيدون علاقات افضل مع الولايات المتحدة والغرب فانه من المتوقع لهم ان يعيدوا التفكير في موقفهم وينحازوا الى حكومة طهران في حال القيام بعمل عسكري ضدها.
دعونا لا نغفل كيف يمكن ان يلعب التدخل في ايران في بقية الشرق الاوسط. حيث ان التاييد لاميركا في اغلب المنطقة يمكن ان ينهار.ويمكن ان يتزايد التهديد الارهابي بشكل لا حد له.
بشكل مشابه فان الزعماء الايرانيين يمكن ان يشعروا انهم مستلهمون للقيام باشياء مبالغ فيه.وعلينا ان نتذكر انهم لا ينظرون الى الموت بنفس نظرتنا نحن له.فبالنسبة لنا فانه مسألة تضحية اما بالنسبة لهم فانه يرتقي الى انجاز الوعد بالشهادة. فاذا هاجمنا ايران فاننا يمكن ان نصل قادتها واتباعهم الى الوعد النهائي بالشهادة.
يجب على الاميركيين ان يحيلوا اي حديث عن مهاجمة ايران قريبا الى عالم الخيال والابقاء على الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على طهران وأن يظلوا مركزين على الازمات الحالية في افغانستان والعراق.
جون بيرشيا / مساعد رئيس مركز التوقعات الستراتيجية في اميركا