النفط تحت الاحتلال :
الاحتلال لم يتعامل باحترام مع شيء ما في العراق بمثل تعامل مع النفط ، فقد حظيت حقوله ومؤسساته ووزارته بالحماية والرعاية والوصاية المطبقة !
لقد رفعت العدادات من على اجهزة التعبئة والتصدير وصارت الشركات الامريكية هي وحدها من يعرف مديات التصدير وكميات الضخ وبالتالي هي من يحاسب وهي من يحول لحساب العراق ما تريد تحويله !
لما كان الاحتلال لا يريد تمويل كل مكونات الفوضى الخلاقة فانه تساهل مع ميليشيات النفط وقطاع طرقه حتى يتمكنوا من تمويل انفسهم من نفط العراق ليواصلوا مسيرة ما يريده هو من تقاتل وتشاغل وفوضى تبعد عنه سهام المقاومين !
منذ ما قبل الاحتلال كان الجلبي وهوشيار زيباري اكثر المتحمسين لخصخصة النفط العراقي وجعل العراق سوق حرة للاستثمار غير المقيد ، كما و كيفا ، وهذا من خلال تعهداتهم لرجال الاعمال والمؤسسات المالية وشركات النفط الامريكية والبريطانية والاسرائيلية ، وذلك في حالة قيادتهم للبلاد بعد احتلالها ، كما راحوا ابعد من ذلك في اعلانهم انهم مستعدون لرهن النفط العراقي لامريكا والحلفاء وشركاتهم ، اذا ما حققت هدفهم باسقاط نظام صدام واستخدمتهم لممارسة السلطة بعده !
ناهيك عن تفاصيل الوعود التي تريد السمسرة للمحتلين قبل احتلالهم ، بجعل نظام الافضلية لحقوق الاستثمار النفطي وغير النفطي حكرا للمؤسسات التابعة للدول التي ستشارك بالاحتلال !!
بعد ان تولى ابراهيم بحر العلوم وزارة النفط ازدادت اسعار مشتقاته طرديا مع تزايد ثروته الشخصية المهربة للخارج عبر جبة والده محمد بحر العلوم والذي كان قد ضرب رقما قياسيا في عدد القبلات التي يبتذلها على خدود بريمر وكانها رشوى لعبور جديد للاموال المهربة اثناء فترة مجلس الحكم البغيض !
اما حين تولى حسين الشهرستاني الوزارة فيقال ان ديون العراق للدول المجاورة وشركاتها تضاعف بسبب الشراء المستدام للمشتقات النفطية منها وان التساهل مع التسعيرة الايرانية هي الميزة الفاضحة وانه قد اثبت استقلاليته الحزبية عندما جعل الجميع يملك حق نصب حواجز نفطية لامتصاص ما هو مستطاع من الانبوب الشرعي !
يتردد ان عمار الحكيم هو ملك غير متوج لنفط الجنوب وسوقه السوداء التي ازدهرت بفضل الرعاية الفائقة للوزير المستقل !
واخيرا جاءت موافقة الحكومة "المريضة" على مشروع قانون النفط والغاز الجديد قبل تمريره على البرلمان للتصديق عليه كي يكون الخاتمة التي تحتوي في طياتها على جزء كبيرمن الهدف الاصلي لكل الذي جرى ويجري !
نفوط طائفية :
يقول القانون الجديد من حق حكومات الاقاليم عقد اتفاقات نفطية مع الشركات النفطية الدولية ، وهي ملزمة بعرض العقد على اللجنة الفدرالية العليا للنفط والغاز للتصديق عليه ، وهذه اللجنة تتكون من ممثلي المحاصصات الاقطاعية طائفية كانت ام عرقية ، وهي يجب ان تصدر قراراتها بالاجماع وعندما تفشل اللجنة في اتخاذ قرار ما بشأن العقد المعروض لمدة زمنية محددة لاتتجاوز 60 يوما يكون العقد نافذ التصديق !
معنى هذا ان القانون الجديد قد شرعن لكل الاتفاقات والعقود غير الشرعية التي تعمل بموجبها حاليا وبشكل كامل الانفصال عن المركز كلا من اقطاعيات الطالباني والبارزاني في حقول طقطق وزاخو مع عدد من الشركات النفطية عابرة الحدود !
ومعنى هذا ايضا ان اقاليم او حكومات محافظات الجنوب التي يسيطر عليها اقطاعيو الآيات سائرة بالاتجاه نفسه !
وتفاصيل القانون الذي اشرف على اعداده خبراء الشركات النفطية الكبرى وصندوق النقد الدولي اضافة الى سلطة الاحتلال المباشرة ، تسطر قوالب جاهزة لعقود توزيع الانتاج ونظام استقطاع الكلفة والمحاصصة ومنها ان تكون حصص الشركات 75 % من الانتاج لمدد تتراوح بين 15 الى 35 سنة حسب الطاقة الانتاجية للحقل الجديد الاستثمار ، وحدد عدد الحقول المعروفة وغير المستثمرة ب80 حقل ستكون 65 حقل منها بعقود تعطي 75 % من حصة الانتاج للشركات المنتجة ، اما الحقول المتبقية وعددها 15 فستكون تحت اشراف شركة النفط العراقية التي بدورها تبرم عقود بالباطن مع فروع الشركات النفطية الكبرى !
ستتحول الميليشيات الاقطاعية/الدينية الحالية الى جيوش محلية لحماية الشركات النفطية العاملة في مناطقها مقابل حصصها التي ستدفع بالدولار كرشاوى جديدة تقبر التاميم الذي انتزع هذا المورد وريعه من الشركات الاحتكارية ليكون ذخرا للتنمية الشاملة ، خفافيش النفط والدماء سيتحولون الى سماسرة نفط وبائعي نفوط بالتجزئة. وستسيل المزيد من الدماء للدفاع عن هذه البنية المفيدة لنخبة
وستكون الحكومة في بغداد عبارة عن شكل اداري رمزي هو تحصيل حاصل لما تنتجه المحاصصات الاقطاعية نفطيا وسياسيا !
بهذا ستكون حالة النفط العراقي قد تراجعت الى حالة نهب امبريالي نفطي مبرمج هي اكثر سوءا من حالة ماقبل قانون رقم 80 ،
من مقال لجمال محمد تقي