الصدر يعاود الظهور في الكوفة بعد غياب 5 أشهر.. وتساؤلات حول التوقيت

البيت الأبيض يدعوه لأداء دور «إيجابي» بعد «عودته من إيران»
لندن: «الشرق الأوسط»
بعد غياب دام نحو خمسة أشهر عاد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الى الظهور مجددا في معقله بمدينة الكوفة (150 كلم جنوب بغداد). وأم الصدر المئات من أنصاره في صلاة الجمعة بمسجد الكوفة. وظهر الصدر في المسجد محاطا بالعشرات من عناصر ميليشيا جيش المهدي التي يتزعمها.ودعا البيت الابيض أمس الصدر الى اداء دور «ايجابي» بعد عودته الى الساحة السياسية. وقال المتحدث باسم البيت الابيض غوردن جوندرو «الان وقد عاد بعد اربعة اشهر امضاها في ايران، نأمل ان يؤدي دورا مفيدا وايجابيا في العراق».

وكان مسؤولون عسكريون اميركيون قد أعلنوا في يناير (كانون الثاني) الماضي أن الصدر قد غادر الى ايران. وتوارى الصدر عن الانظار قبيل اسابيع قلائل من بدء تطبيق الخطة الامنية في بغداد التي تنفذها قوات اميركية وعراقية مشتركة، الأمر الذي فسره مراقبون بأن اختفاءه قد يأتي خشية من ان تطوله الخطة الأمنية. وجدد الصدر في الخطبة التي ألقاها في مسجد الكوفة، أمس، مطالبته بـ«خروج قوات الاحتلال» او «جدولته»، مؤكدا أن الحكومة «غير مخولة بتمديده»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقال الصدر الذي ارتدى كفنه أمام أنصاره «أجدد مطالبتي بخروج المحتل او جدولة انسحابه». وأضاف «أطالب الحكومة بعدم تمديد الاحتلال ولو ليوم واحد، لأنها غير مخولة بذلك، خصوصا بعد التوقيعات التي جمعت من النواب والتظاهرات المليونية التي خرجت تطالب بذلك».

واستهل الصدر خطبته مرددا «كلا كلا للباطل، كلا كلا أميركا، كلا كلا اسرائيل كلا كلا للشيطان، كلا كلا استعمار»، وردد المصلون وراءه ذلك. وأضاف «اسمع بين الحين والآخر تصادما بين جيش المهدي وقوات الجيش والشرطة العراقية (....) وحسب علمي من يقف وراء هذا التصادم هو المحتل، ليخلق بذلك ذريعة لبقائه». وتابع «لا تكونوا مقدمة لذلك (القتال) وأقول يمنع ويحرم أي اقتتال بين الاخوة في جيش المهدي مع الشرطة والجيش العراقي (....) وأنصح الاخوة الاعزاء في جيش المهدي اللجوء الى الطرق السلمية في حال الاعتداء عليهم من قبل ضعاف النفوس كالاعتصامات والتظاهرات».

من جانب آخر، قال الصدر «وصلتني عدة شكاوى من الاخوة السنة وبعض المسيحيين بما يقوم به النواصب (المتطرفون السنة) من اعتداءات عليهم، لذا اقول إنا على اتم الاستعداد للدفاع عنهم وسأكون درعا لهم على الرغم من ان المحتل لن يقبل بذلك». وأضاف «بيوتنا ومدننا مفتوحة لهم؛ فدم السني والمسيحي العراقي محرم على العراقي ونعلن استعدادنا للدفاع عنهم، وما يفعله النواصب لإجبار المسيحيين على الدخول في الاسلام هو أمر مستنكر». الى ذلك، جدد الصدر معارضته عودة البعثيين، قائلا «تسعى الحكومة العراقية وبعض القوى لإرجاع البعثيين (...) سوف لن نسمح لعودة البعثيين العفالقة (نسبة الى مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق) وسأسعى لعدم صيرورة ذلك».

وتتهم القوات الاميركية ميليشيا جيش المهدي التابعة للصدر، بالمشاركة في عمليات عنف طائفية في البلاد. وشهدت المحافظات الجنوبية مؤخرا سلسلة من المواجهات بين عناصر جيش المهدي من جهة وقوات الجيش والشرطة من جهة اخرى كان آخرها منتصف الشهر الحالي في الناصرية (380 كلم جنوب بغداد) أسفرت عن مقتل 12 شخصا على الأقل بينهم ضابط شرطة. واللافت ان عودة الصدر الى الظهور تأتي بعد أيام من نقل «منافسه» عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الى اميركا وثم الى ايران لإجراء فحوصات طبية إثر إصابته بسرطان الرئة. وكان الحكيم قد أعلن قبيل أسابيع عن إجراء تعديلات داخل حزبه ترمي الى اضفاء صبغة عراقية على المجلس الأعلى الذي يعرف بموالاته الى ايران. وكان أحد أبرز تلك التغييرات هو اتخاذ المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني مرجعا للمجلس بدلا عن المرشد الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي. ويقول مراقبون ان هذه التغييرات قد تأتي منافسة للتيار الصدري الذي يدعي انصاره تعرضهم الى «الاضطهاد» من قبل النظام العراقي السابق بخلاف انصار المجلس الأعلى الذين فروا الى ايران ودول أخرى.

وكانت مصادر عسكرية أميركية قد أكدت عودة الصدر من ايران الى العراق خلال الاسبوع الماضي. وقال الجنرال جوزيف فل جي ار، قائد القوات الاميركية التي تنفذ مهامها في العاصمة العراقية لصحيفة «واشنطن بوست» إن الصدر «بقي محتفظا بالهدوء منذ عودته (من ايران)». الى ذلك، قال الجنرال رايموند اوديرنو، ثاني اعلى مسؤول عسكري اميركي في العراق، انه «ليس من الواضح ماذا يخطط الصدر» بيد انه رجح نقلا عن مراقبين بان الصدر «مستعد لإجراء مفاوضات خلف الستار» مع الولايات المتحدة وحلفائها من العراقيين. الى ذلك، نفى صالح العكيلي القيادي في التيار الصدري مغادرة الصدر الى ايران ومن ثم عودته منها. وقال لـ«الشرق الاوسط» في حوار عبر الهاتف من بغداد، ان وسائل الاعلام الاميركية شيعت أنباء مغادرته بيد انها «لا أساس لها من الصحة». وعن توقيت ظهوره أمس في مدينة الكوفة قال العكيلي «قلنا مرارا وتكرارا ان السيد مقتدى الصدر هو الذي يحدد متى يعتلي منبر الجمعة»