د الجلبي وراء اثارة المخاوف من اعادة البعثيين
14-06-2007
النيويورك تايمز: بدون دعم آية الله السيستاني لن يتم انجاز أهم علامات التقدم
يستنتج المحللون السياسيون في صحيفة النيويورك تايمز من جملة قراءاتهم للنزاعات الحالية بشأن اهم القوانين التي يرى الأميركان ضرورة الانتهاء منها في أيلول أو نهاية السنة الحالية (كاحتمال أبعد)، بأنه مستحيل ما لم يقترن بدعم مرجعية رجل الدين الأكثر احتراماً في العراق آية الله علي السيستاني.
وخلصت الى أن الحكومة المركزية في بغداد ضعيفة وأن النزاعات بين اطراف السنة والشيعة والأكراد تتوزع في كل القضايا بضمنها هوية العراق والنفط وكركوك واعادة البعثيين وسلطات الرئاستين (الجمهورية والوزارة) والانتخابات الإقليمية. واتهمت الصحيفة الجلبي باستغلال المرجعية في عرقلة المشروعين الأميركي والعراقي لحسم موضوع البعثيين وقالت انه يثير المسؤولين في الجنوب ضد اي تقدم، متسائلة عمن يقف وراءه بعد ان فقد دعم وزارة الدفاع الأميركية في السابق.
فقد أعطى نوري المالكي رئيس الوزراء في لقائه مع قائد القوات المركزية في الشرق الأوسط الإثنين تعهداً بإنجاز مشروع قانون النفط هذا الشهر، لكنَّ النيويورك تايمز ترى في تقرير لها من مراسلها في بغداد أن هناك القليل من الاتفاق على الكيفية التي ستوزع فيها عائدات النفط. فالأقلية السنية تتخوّف من إهمال حقها، فيما فشل الدستور في إعطاء الحكومة حق جمع الضرائب. وكانت حكومة العراق قد شكلت لجنة مراجعة الدستور في اكتوبر-تشرين أول لمعالجة التعديلات المحتملة. وأعطيت اللجنة مدة أربعة أشهر لتأخذ بتوصيات التغييرات في الدستور.
ويقول نيكولاس هايسوم الخبير الدستوري في الأمم المتحدة (يعمل مباشرة مع اللجنة): إن مجموعة الـ 31 من الاعضاء المشاركين في لجنة تعديلات الدستور كانت تجتمع بشكل منتظم. وأكد الشيخ همام حمودي أحد رؤساء اللجنة الثلاثة، وعضو المجلس الاسلامي العراقي الاعلى (المجموعة الشيعية المتنفذة) قوله: "شعرنا أنّ هناك التزاماً اخلاقياً، وأنّ عندنا مهمة للإنجاز".
لكن المناقشات –كما تقول النيويورك تايمز- تعثرت بسبب تراكم عدد من القضايا، بضمنها مشاكل مشابهة أثيرت خلال الحوارات الدستورية الأخيرة. فالشيعة والسنة والاكراد على سبيل المثال لا يعرفون كيف توزع الواردات النفطية وكيف ستحدد –على سبيل المثال-المسؤوليات بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم. كما ترك مستقبل كركوك المدينة المختلف عليها والغنية بالنفط الى حالة عدم اليقين، فالكرد متمسكون بالاستفتاء حسب الموعد المحدد في نهاية هذه السنة، الذي يأملون منه كسب سيطرتهم على المدينة.
وهناك ايضا نزاعات مرة حول ضرورة تعريف ان العراق بلد عربي، وما اذا يجب زيادة سلطة رئاسة الجمهورية. وثمة حالات جوهرية في الدستور لم يتفق بشأنها، تتعلق بهوية العراق وبسلطات الحكومة وكيفيات ادارتها. فالسنة –كما تقول الصحيفة- يطالبون بقوة أكبر للرئاسة التي كانت على مدى زمن طويل قوية. ويقول بعض المشرعين: لإن جلال الطالباني الكردي رئيساً الان فإن البعض يقبلون بذلك، لكنّ السنة يتوقعون ان الرئيس المقبل سيكون من بينهم. كما يرى السنة ان توسيع صلاحيات السلطة التنفيذية (الرئاسية) يساعد العراق عندما يخفق رئيس الوزراء في ممارسة مهامه.
ويقول (حسين الفلوجي) وهو محام عضو في البرلمان ممثلا للكتلة السنية الرئيسة، جبهة التوافق العراقية: "ان وضع السلطات بيد واحدة، لرجل واحد، سيكون امراً خطراً بدلاً من توزيعها"، فيما نقلت النيويورك تايمز عن مساعد لرئيس الوزراء (بشرط ضمان عدم ذكر اسمه لإنه غير مخول بالكلام مع المراسلين الصحفيين) ، قوله ان نوري المالكي استاء من الطريقة التي يحاول بها طارق الهاشمي نائب الرئيس السني تقويض نظام البلد بمحاولة ضمان المزيد من السلطات القوية لصالح منصب الرئاسة. ووصف رفض رئيس الوزراء بأنه عملي ودستوري.
ولم يتحقق شيء بصدد الرئاسة كما لم تناقش قضية كركوك وموعدها النهائي بعد أربعة شهور. وعندما سلمت مسودة التعديلات على الدستور في مايس الماضي، ذكر بأن البنود المتنازع عليها يجب أن تعالج من قبل القيادة السياسية في البلاد لحلها نظراً لأهميتها وتأكيدها على ضمان حقوق جميع الأطراف.
وبعد شهرين تقريبا مازالت رؤوس الاحزاب السياسية في العراق لم تجتمع لمناقشة الدستور. ويعلق (الفلوجي) على ذلك قائلاً: "ربما إنهم لا يهتمون بمسؤولياتهم".
وأكد (أشرف قاضي) ممثل الأمم المتحدة أن اللجنة حققت بعض التقدم وان هناك دعما واسعا للبنود التي تؤسس أسبقية للسلطة القضائية الاتحادية وحقوق جمع الضرائب وادارة الموانئ، والنقل، والمصادر الأخرى. لكنّ قضيتين رئيستين تبرزان الان، فالقوانين الأخرى تعتمد في توزيع الواردات النفطية طبقاً لعدد السكان في إقليم وليس هناك احصاء سكاني معتمد أو سيتم اجراؤه ضمن فترة منظورة. وقال الشيخ (همام حمودي): "اننا لم نتعهد بانجاز كل هذا في أيلول. ربما الكونغرس الأميركي هو الذي حدد ذلك. اما نحن فلم نعط موعداً".
وترى النيويورك تايمز ان المشكلة الأخرى هي التغييرات في قانون اجثتاث البعث الذي أجريت عليه بعض التغييرات سنة 2004، لكنّ هناك خطة أوسع لإعادة دمج البعثيين السابقين في السلطة وهذا الأمر كما تقول الصحيفة يشجع السنة الساخطين على تجفيف مستنقعات التمرّد إذا ما جرى.
وتضيف: إن آخر الجهود بهذا الاتجاه بدأت في الربيع للنظر في مقترحات وضعت تحت عنوان (المصالحة والمسائلة ) وتم ذلك بدعم من السفير خليل زاد المبعوث الأميركي في العراق. وتدعو المسودة الخاصة بهذا القانون الى اعادة جميع البعثيين السابقين الى وظائفهم في الحكومة أو يختارون الاحالة الى التقاعد، وتوفير فرص لألوف جديدة من العراقيين واعطاء مهلة ثلاثة أشهر للمواطنين العراقيين كي يرفعوا الدعاوى ضد الأعضاء السابقين في حزب البعث.
وقالت الصحيفة ان السنة دعموا هذه الإصلاحات فيما توقع الشيعة والأكراد أن يتم ذلك قريبا، وكان الرئيس الكردي ورئيس الوزراء العراقي قد اعلنا الخطة في السادس والعشرين من آذار. لكن القانون اعيق من قبل أحمد الجلبي الذي يترأس لجنة اجتثاث البعث في العراق. والجلبي محميّ من قبل وزراة الدفاع الأميركية السابقة. وقالت الصحيفة إنه يعارض بقوة عودة البعثيين السابقين.
وطبقاً لمسؤول كبير في لجنة اجتثاث البعث التي تحتل مكتباً واسعاً في المنطقة الخضراء، فإن الجلبي وبعض أعضاء لجنته أجهزوا على الخطة الأميركية بتحشيد المعارضة لها بين المسؤولين الحكوميين في المناطق الجنوبية، ثم انهم يرفعون شكاواهم الى آية الله العظمى السيد السيستاني رجل الدين الأقوى في العراق. وفي نيسان اجتمع الجلبي به واعلن في مؤتمر صحفي أن السيستاني أخبره ان القانون ناقص وهناك مسودات اخرى. وبعد يوم واحد من هذا التصريح عم شعور عام في البلد برفض المقترحات او التعديلات. ومنذ ذلك الحين لا يعرف مصير المسودة الأصلية. واجتمع الأميركان بعدة مسؤولين عن المسودات الأخرى التي تتعلق باجتثاث البعث لكنهم قالوا بأنهم يعملون على مسودة قانون جديد يأخذ بالمقترحات الأميركية وبمقترحات المسودات الأخرى، يكون افضل من الذي يعمل به الجلبي حالياً. لكن الواضح أن مسودة قانون نهائية لا يمكن ان تعد بدون دعم حقيقي من السيد السيستاني.
ومن جانب اخر يقول (الفلوجي) ان رئيس الوزراء العراقي لم يدعم المصالحة بشكل كامل لاعادة البعثيين السابقين. تقول الصحيفة ان بعض السنة قد لا يكونون متلهفين لإعادة اعضاء الحكومة السابقين.
وحتى اذا صدرت هذه القوانين –حسب النيويورك تايمز- فإن الاحتمال يبقى بأن لا تحظى هذه القوانين باحترام العديد من المحافظات فالمسؤولون فيها يتمتعون بسلوك عام في خرق القوانين التي تصدر في العاصمة. فعلى سبيل المثال فإن الأطراف الشيعية تتنازع في المدينة الجنوبية البصرة لتقاسم (غنائم الحكومة). ويسيطر حزب الفضيلة على معظم صناعة النفط، بينما ترتبط شرطة الحدود بالمجلس الاسلامي الاعلى، حزب عبد العزيز الحكيم.
وأكدت النيويورك تايمز ان الأميركان يريدون اجراء الانتخابات البلدية الخاصة بالمحافظات في نهاية السنة الحالية، غير ان هذا الاقتراح يتعرض للتأجيل ايضاً. ويتخوف البعض من أن يؤدي الى عنف اكبر. وهناك مخاوف من ان ضعف الحكومة المركزية يعيق تحقيق تقدم في القوانين الاخرى خصوصاً تلك التي تتعلق بعائداتها المالية. وكان الأميركان قد قدموا مقترحاً بأنّ أية إصلاحات تتم يوقع عليها من قبل السنة والشيعة والأكراد للتثبت منها لكن هذا الرأي رفض رفضا قاطعاً، حسب جابر حبيب العضو الشيعي في لجنة المراجعة الدستورية.