بين الجواهري وجبهة التوافق

http://www.shabab4u.com/Articles.aspx?id_Article=3329
د. عبد الله مجاهد
تساءلت وأنا استمع لبيان جبهة التوافق وهي تعلق عضويتها التي كانت دوماً معلقة أو بالأصح معرقلة عن ردة فعل رئيس الوزراء وقلت لنفسي لعله يتمثل الآن بأبيات للشاعر العراقي الكبير الجواهري: صمت وفي الصدر تغلي مراجـل وبعض سكوت المرء للمرء قاتـل وبعض سكوت المرء عار وذلــة يحـاسب من جراءهـا ويجـادل فما عجب أن يخرس الوضع ناطقا بلى عجب أن يلهـم القـول قائـل صدق الجواهري، فعجيب أن تلهم الحكومة القول في ظل هذا لوضع فترد بهذا الرد الواضح المدوي والفاضح لجبهة التوافق ومن لف لفها من المعطلين للعملية السياسية. لقد كان رئيس الوزراء في رده على التوافق مصداقاً لبيت آخر للجواهري: أنا حتفهم ألج البيوت عليهم أغري الوليد بشتمهم والحاجبا كان توقيت الجبهة غريباً بل مريباً إذ جاء في وقت تتراجع فيه قوى الإرهاب في ديالى كما تراجعت في الأنبار، وفي وقت يحتاج العراق فيه إلى مجلس نواب فاعل يساعد الحكومة في خدمة الناس، وبعد أن تراجع الإئتلاف مؤقتاً عن مطلب تنحية المشهداني حفاظاً على العملية السياسية. ولكن تأبى الجبهة إلا أن تعرقل الأمور مرة أخرى. وتأبى إلا أن تتجاوز الدستور والقانون لتطلب ما تطلب من أمور تعجيزية مخالفة لرغبات الغالبية العظمى من الشعب العراقي، من منا يريد أن يطلق سراح المتهمين بالإرهاب، ومن منا يريد عودة البعث المجرم. لقد راوغت الجبهة كثيراً وتلاعبت بالمسميات والألفاظ لتمرر مطالبها غير المشروعة وناقضت نفسها مرات ومرات فهي تطالب باستقلال القضاء وبالعفو العام وتطالب بمنع المليشيات وبدمجها وبرفض المحاصصة وبما تسميه التوازن في مؤسسات الدولة وبتشريع القوانين وهي تعطل مجلس النواب ومحاربة الفساد وهي حاضنته. ولو كان الجواهري حياً لما وسعه إلا أن يردد: يا أم عوف عجيبـات ليالينـا يدنين أهواءنا القصوى ويقصينا في كل يوم بلا وعي ولا سبب ينزلن ناساً على حكم ويعلينــا يدفن شهد ابتسام في مراشفنـا عذبـاً بعلقـم دمع في مآقينــا وضع البيان كثيراً من النقاط على الحروف فيما صرح به من أمور، بل كان تلميحه أقوى. وكشف بيان الحكومة أن الجبهة أكثر من يصدق عليه قول القائل (رمتني بداءها وانسلت) وصدق رسول الله (ص) إذ قال : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ألقى رئيس الوزراء الكرة في ملعب الجماهير بعد أن كشف المستور بشكل رسمي، وحان الوقت للجماهير أن تقول كلمتها واضحة وتقف بوجه جبهة التوافق وأمثالها ممن لا هم لهم إلا العودة بالعراق إلى عهود الظلم والقهر، وممن ساءهم أن يمن الله على المستضعفين فيجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين. إذا كان من غير الممكن في ظل الدستور أن ينحى نواب الجبهة فإنه من اللازم أن لا يعود وزراؤها للحكومة، ومن اللازم أن ينحى الهاشمي من منصبه وقد أكد البيان أنه كان يتستر على مجرم هارب من العدالة. إنها فرصة الحكومة وكل القوى الخيرة في مجلس النواب لتعديل مسار العملية السياسية. ليفعلها رئيس الوزراء ويقيل هؤلاء من الحكومة فهذا حقه الدستوري بنص المادة 78 من الدستور. وليقم السادة النواب بواجبهم في مواجهة نظرائهم من نواب الجبهة. لنقلها جميعاً صريحة مدوية لا لعودة الأمور إلى سابق عهدها، لقد صبرنا كثيراً على تجاوزات التوافق وافتراءاتهم واستهزاءهم بمشاعر الملايين من ضحايا صدام والإرهاب وحان الوقت أن يقفوا عند حدهم. يقولون من هم أولاء الرعاع فأفهمهم بدم من هـــم وأفـهمهـم بـدم أنهـــم عبيدك إن تدعهم يخدموا وأنك أشرف من خيرهــم وكعبك من خده أكــرم