أزمة في الأزهر والسفير الاميركي التقى طنطاوي بعد فتوى تحرّم الاعتراف بمجلس الحكم في العراق
Aug 28, 2003
بقلم: القاهرة - محمد صلاح الحياة
تفجرت خلافات داخل الأزهر بسبب فتوى أصدرتها لجنة الفتوى التابعة للازهر ووقع عليها عضو اللجنة الشيخ نبوي محمد العش، وحرم فيها الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي في العراق، معتبراً أنه "فاقد للشرعية". واصدر شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي قراراً بايقاف العش والتحقيق معه بعدما اعتبر أنه "تصرف من تلقاء نفسه وعمم رأياً يخصه".
وكان لافتاً ذلك اللقاء الذي عقد صباح امس داخل مشيخة الازهر بين طنطاوي والسفير الاميركي في القاهرة ديفيد ولش، وعلى رغم ان مصادر السفارة أكدت أن موعد اللقاء كان محدداً سلفاً إلا أن مصادر مطلعة اكدت أن ولش عبر في اللقاء عن استغرابه صدور الفتوى في هذا التوقيت، واعتبر أنها "تضر بمصلحة العراقيين الذين يحتاجون الى الدعم من الجميع" وشدد على ان واشنطن تعتبر مجلس الحكم "جهة شرعية وعلى الجميع ان يدعموه".
وبعد اللقاء خرج طنطاوي وولش على الصحافيين بتصريحات لم يتناولا فيها موضوع الفتوى "المشكلة" واكتفى طنطاوي بأن دعا علناً الادارة الاميركية الى العمل لنقل السلطة الى العراقيين في اسرع وقت "حتى يتسنى للشعب العراقي ادارة شؤونه بنفسه وان يتم هذا الامر بطريقة متوازية بين العراقيين السُنة والشيعة والاكراد والتركمان. ووصف طنطاوي العلاقة بين كل هذه الطوائف بأنها "بالغة الحساسية أكثر مما يتخيله الاميركيون"، مؤكداً ضرورة "ان تعمل الادارة الاميركية على افهام العراقيين بأنها غير طامعة في نفط العراق ولا في أمواله وانها لم تأتِ لاحتلال العراق وانما لتخليصه من الظلم وإعادة الأمور الى نصابها".
من جانبه أكد وولش العزم على تشكيل حكومة عراقية من جميع ابناء شعب العراق وذلك من خلال المجلس الانتقالي العراقي "بهدف عودة الاستقرار الى البلاد"، معتبراً ان القوات الاميركية والبريطانية "تبذل قصارى جهدها في حماية المقدسات الاسلامية" مشيراً الى أنها "لم تدخل أي مسجد على الاطلاق". كما أكد ولش ان الادارة الاميركية نصحت الحكومة الاسرائيلية بعدم المساس بقدسية المسجد الاقصى وتجنب أي مضايقات للمسلمين الفلسطينيين. ونفى أن تكون الحكومة الاميركية طلبت أي تعديل في المناهج الدراسية في الدول العربية أو المناهج في الازهر الشريف في مصر، متمنياً "ألا تنشر الصحف عكس هذا الكلام وان تقدم البراهين والدلائل على ذلك". وابدى السفير رغبة بلاده في سفر علماء الازهر خلال شهر رمضان للتوعية الدينية لمسلمي اميركا.
وعلمت "الحياة" أن النية تتجه الى إحالة الشيخ نبوي العش الى لجنة تحقيق للاستماع الى دوافعه في اصدار هذه الفتوى من دون الرجوع الى رؤسائه في العمل خصوصاً أنه لا يزال بدرجة مفتش أول وليس ضليعاً في الفتوى. وأوضح الشيخ سيد وفا ابو عجور الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية والمشرف العام على لجنة الفتوى بالازهر أنه ليس من حق الشيخ نبوي الافتاء في الأمور السياسية، وأن وظيفته الافتاء بالحلال والحرام في الأمور التي تخص العلاقات الاجتماعية بين المسلمين وليس في الأمور السياسية. وقال إن الشيخ نبوي لم يكن يعلم أن فتواه ستنشر على الانترنت وانما جاء إليه مندوب من جريدة "صوت الازهر" وطلب منه حكم الشرع في التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي لينشره في الجريدة "فاذا بالمحرر ينشرها على أحد المواقع الاسلامية على شبكة الانترنت ونقلته صحف اخرى ما أدى الى حدوث المشكلة المثارة حالياً".
وتفاعلت قضية فتوى الأزهر في شأن مجلس الحكم في العراق، وأفتى الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق ان التعامل مع هذا المجلس له شقان الاول: تعامل العراقيين أنفسهم مع تلك الادارة التي نصبها الاحتلال وهذا لا شيء فيه نظراً لاضطرارهم الى ذلك "فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه" والشق الثاني هو تعامل الدول العربية والاسلامية مع تلك الادارة وهذا التعامل لا يجوز شرعاً لأنه إقرار وتثبيت لوضع غير مشروع، فكل ما يؤدي الى تثبيت الاحتلال وأركانه فهو لا يجوز شرعاً ولا قانوناً وبالتالي يجب المقاطعة التامة والشاملة لأية وسيلة تقر أو تعترف بالاحتلال.
أما المفكر الاسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين فقال لـ"الحياة": "إن هذا المجلس العميل الذي عينه الاحتلال ولا يوجد عضو فيه إلا وله علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالاستخبارات الاميركية والموساد الاسرائيلي وجاء ليحاول تحقيق ما فشلت فيه اميركا مع الدول العربية وهو الاعتراف بشرعية الاحتلال بزعم إقامة نظام ديموقراطي وتحرير العراق".
العراقيون يهاجمون الازهر: فتوى تحريم التعامل مع 'المجلس' معيبة ومرفوضة
البوابة-بسام العنتري
هاجمت احزاب عراقية الازهر على خلفية افتائه بتحريم التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي، واصفة هذا الموقف الذي ياتي من اعلى مؤسسة دينية سنية في العالم الاسلامي بانه "معيب ومرفوض"، ومعتبرة ان من الاجدى ان لا "يدس الازهر انفه" في هذه المسالة السياسية التي تخص الشعب العراقي وحده.
وكان الازهر اصدر في 19 اب/اغسطس، فتوى تحرم التعامل مع مجلس الحكم الانتقالي في العراق معتبرا انه "فاقد للشرعية الدينية والدنيوية".
وقالت الفتوى "إن مجلس الحكم في العراق فاقد للشرعية الدينية والدنيوية لأنه قام على نقيض مبدأ الشورى، ولأنه فُرض على العراقيين بقوة الاحتلال ليكون مواليا لأعداء الله"، في اشارة للادارة الاميركية في العراق التي شكلت المجلس المؤلف من ٢٥ عضوا في تموز/يوليو كسلطة مؤقتة بعد اطاحة حكم صدام حسين.
واضافت الفتوى ان "كل دولة أيدت هذا المجلس أو تعاملت معه سواء أكانت عربية أم اسلامية، فلينبهها اخوانها حتى تعود الى شرع الله وحظيرة اجماع المسلمين في هذه الحياة، فإن استجابت حسب ذلك لها، وان لم تستجب فلا يجوز التعاون معها حتى تعود لصوابها".
وانتقدت "حركة الوفاق" العراقية هذه الفتوى، معتبرة ان مسالة قبول او رفض مجلس الحكم هي من صلاحيات الشعب العراقي وحده.
وقال امين سر حركة الوفاق، ابراهيم الجنابي ان "الشعب العراقي هو الوحيد المخول في ان يقبل او لا يقبل موضوع مجلس الحكم، وبالتالي، لا الازهر ولا غير الازهر يحق له التدخل في مسالة عراقية تخص الشعب العراقي وحده".
واكد الجنابي الذي كان يتحدث في اتصال هاتفي مع "البوابة" انه "لا يحق للازهر ان يدس انفه في هذه المسائل، اللهم الا اذا جاءته تاثيرات خارجية من جهات بعينها".
وقال ان "من المؤسف جدا ان تصدر عن اعلى مؤسسة سنية دينية في العالم العربي مثل هذه الفتاوى السياسية التي لا علاقة لها بالدين..لو كانت فتوى في مسالة دينية، لكان امرا واردا وفيه اخذ ورد، اما ان تتدخل في مسالة سياسية تخص الشعب العراقي، فهذا امر معيب ونحن نرفضه رفضا قاطعا".
وتساءل الجنابي عن "الغاية من اصدار مثل هذه الفتوى" والتي جاءت بينما كان وفد مجلس الحكم العراقي يقوم بجولة على عدد من الدول العربية من اجل اقناعها بالتعامل معه.
وقال انه "اذا كانوا (المسؤولون في الازهر) يحرمون من باب ان هناك تدخلا اميركيا او فرضا اميركيا للمجلس، فالاولى بهم ان يلتفتوا الى ما عندهم..على مهلهم معنا، هل الاميركان موجودون في العراق فقط؟، الاميركان ينخرونهم نخرا، ولا احد منهم يقول شيئا".
وتابع "اليست لاسرائيل سفارة في مصر؟، لماذا لا يصدرون تحريما لوجودها هناك، ام ان ما لديهم حلال وما عندنا حرام؟!".
وطالب الجنابي الازهر بالالتفات الى المسائل الدينية البحتة، وترك "السفاسف".
وقال "ليتقوا الله في مثل هذه الامور، وليلتفتوا الى امور الدين الحقيقية وليتركوا هذه السفاسف ويتوجهوا الى موضوع الدين القويم والحقيقي".
ومن جهته، اعرب "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" عن اسفه للفتوى التي اعتبر انها "في غير محلها".
وقال المسؤول في المجلس حامد البياتي في اتصال هاتفي مع "البوابة" ان "فتوى الازهر في غير محلها، ومع الاسف ان هذا المجلس الذي يمثل جميع فئات وطوائف ابناء العراق لا يعترف به في الوقت الذي يتم التعامل فيه مع اسرائيل في عدة دول عربية".
واضاف انه "شئ مؤسف ان يرى الانسان فتوى من الازهر بهذا الشكل".
واستبعد البياتي ان يكون للفتوى أي اثر على جهود المجلس الرامية الى اقناع الدول العربية بالتعامل معه.
وقال ان "الدول لعربية بدات تتعامل مع مجلس الحكم، ويبدو ان الموقف العربي المتبع الان هو التعامل مع مجلس الحكم وعدم الاعتراف الرسمي به، بمعنى تعامل واقعي".
واشار الى ان "استقبال الوفد من قبل دول عربية عديدة دليل على نوع من التعامل مع المجلس ان لم يكن الاعتراف به".
وكان "إبراهيم الجعفري" رئيس مجلس الحكم الانتقالي العراقي اعرب عن ارتياحه لنتائج الجولة التي قام بها وشملت بالاضافة الى جامعة الدول العربية، سبع دول عربية هي على التوالي الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والبحرين والكويت ومصر والمملكة العربية السعودية والاردن. وكان من المفترض ان يزور الوفد اليمن ايضا لكن الزيارة ارجئت.
وكان الجعفري اعتبر في تصريحات له في القاهرة الاثنين أن توجيه عدد من الدول العربية دعوة لوفد المجلس "على مستوى معين وأن استقباله والتعامل معه، يعد بمثابة اعتراف صريح (بالمجلس) أكثر من كونه ضمنيا، بلغة القانون—(البوابة)—(مصادر متعددة)
الازهر يتبرأ من فتوى تحريم مجلس الحكم العراقي ويوقف صاحبها عن العمل بعد ضغوط اميركية
اكد امام الازهر الشيخ محمد سيد طنطاوي انه اوقف عن العمل عضوا في لجنة الفتوى التابعة للازهر كان افتى بعدم شرعية مجلس الحكم في العراق. وجاء قرار الطنطاوي بعد يوم من لقائه السفير الاميركي لدى القاهرة ديفيد ولش الذي نقل اليه استياء بلاده من هذه الفتوى.
وقال الطنطاوي لوكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان "الفتوى التي صدرت من احد اعضاء لجنة الفتوى بالازهر لا تمثل الازهر"، مؤكدا انه "ليس من حق اي عالم مصري ان يتحدث في شأن اي دولة".
واضاف "انني شيخ الازهر لمصر ولا يصح ان ازايد على شيوخ العراق واصدر فتاوى خاصة بهم". وتابع "من الاولى للعلماء العراقيين ان يقولوا رأيهم في هذا الشأن فهم ادرى واعلم بامورهم منا".
وقالت الفتوى التي اصدرها عضو لجنة الافتاء الشيخ نبوي محمد العش، وحملت توقيع وختم رئيس اللجنة الشيخ محمد حسين "إن مجلس الحكم في العراق فاقد للشرعية الدينية والدنيوية لأنه قام على نقيض مبدأ الشورى، ولأنه فُرض على العراقيين بقوة الاحتلال ليكون مواليا لأعداء الله".
وتشير الفتوى بذلك الى الادارة الاميركية في العراق التي شكلت المجلس المؤلف من ٢٥ عضوا في تموز/يوليو كسلطة مؤقتة بعد اطاحة حكم صدام حسين.
واضافت الفتوى ان "كل دولة أيدت هذا المجلس أو تعاملت معه سواء أكانت عربية أم اسلامية، فلينبهها اخوانها حتى تعود الى شرع الله وحظيرة اجماع المسلمين في هذه الحياة، فإن استجابت حسب ذلك لها، وان لم تستجب فلا يجوز التعاون معها حتى تعود لصوابها".
وكانت مصادر اعلامية نقلت عن مصادر في السفارة الاميركية في القاهرة تاكيدها ان السفير ديفيد ولش الذي التقى امام الازهر امس الاربعاء، انتقد بشدة هذه الفتوى واعتبر أنها "تضر بمصلحة العراقيين الذين يحتاجون الى الدعم من الجميع"، كما شدد على ان واشنطن تعتبر مجلس الحكم "جهة شرعية وعلى الجميع ان يدعموه".
وقالت المصادر نفسها ان ولش عبر خلال لقائه مع الطنطاوي عن استغرابه صدور الفتوى في هذا التوقيت.
وقد اثارت هذه الفتوى غضب واستياء الاحزاب العراقية التي وصفتها بانها تعبر عن موقف "معيب ومرفوض"، معتبرة ان من الاجدى ان لا "يدس الازهر انفه" في هذه المسالة السياسية التي تخص الشعب العراقي وحده.—(البوابة)—(مصادر متعددة)