صداميون .. وبعثيون وعصابات سلب ونهب .. على عهد نوري السعيد كان كل من يعارض الدولة وما وراءها من إحتلال بريطاني يسمى شيوعيا .. حتى وإن كان معاديا للشيوعية .. وعلى عهد صدام حسين كان كل من تريد الحكومة تصفيته تتهمه بالإنتماء لحزب الدعوة حتى لو كان سنيا او مسيحيا او صابئيا .. ومثل على ما نقول : أعدم إبن القيادي الشيوعي المعروف حسين سلطان بتهمة الإنتماء لحزب الدعوة .. مع أنه صابئي .. واليوم يصير كل من يقول لهذا المسؤول أو ذاك على عينك حاجب : صدامي وبعثي وعصابة سلب ونهب ..
بالصداميين والبعثيين هؤلاء أصبح المالكي ريئسا للوزراء .. ولولاهم لما وصل الى هذا المنصب حتى في الأحلام وملابسات توليه رئاسة الوزراء معروفة ولا تحتاج الى تذكير .. أما الصداميون والبعثيون الحقيقيون فهم من يسعى المالكي الى المصالحة معهم ومن أجل سواد عيونهم سيمرر القانون الذي أملاه زلماي زاده على الحكومة العراقية وكتبه بلغة إنكليزية لإسقاط قانون إجتثاث البعث .. وهؤلاء الصداميون والبعثيون يملأون دوائر الدولة من رئاسة الجمهورية الى أصغر دائرة في العراق الجديد .. أما عصابات السلب والنهب فمقرها الرئيسي هو المنطقة الخضراء .. وقبل أيام صرح راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة بأن هناك أربعة وزراء متورطون في قضايا فساد مالي كبرى .. والمالكي يمنع ملاحقتهم ..
الثقافة البعثية الطائفية الإستعلائية كانت تحرص دوما على تقديم فقراء الشيعة خاصة في مدينة الصدر على أنهم حرامية وسراق وما الى ذلك من صفات .. هل وصلت العدوى الى المالكي ..
ماذا يريد المالكي من تصريحه هذا الذي لا شك أنه يقطع الجسور مع القاعدة الشعبية التي حملته الى الحكم .. وبدونها مرة أخرى ما كان للمالكي أن يصل الى أدنى من هذا المركز بكثير ..
لقد جرى إبتزازه بشكل منظم وعبر وسائل الإعلام وبالطرق الأمريكية المعروفة .. من أجل أن يتحول الى أداة طيعة لا تقصر في يد المحتلين الامريكان .. هل نجح الإبتزاز .. قانون النفط مؤشر نجاح حاسم .. والهجوم الذي يريد ان يصرف فيه المالكي الأنظار عن عجزه في رفض الرضوح لإرادة المحتلين بما يعنيه من منح شرعية لحملة قوات الإحتلال لإجتثاث التيار الصدري بعد أن أصبح البعثيون حلفاء وشركاء مؤشر آخر ..
لقد كان أمام المالكي وأي مسؤول يتولى السلطة في ظل الإحتلال طريقان .. أن يكون ممثل العراقيين الذي إنتخبوه كي يسترد حقوقهم كلها بما في ذلك حقهم في السيادة والإستقلال وطرد الإحتلال .. وهذا ما كان عنوان العملية السياسية .. الطريق السلمي لإستقلال العراق على ما يتضمنه من أوهام وتضليل .. أو أن يكون إختيار العراقيين ولكن بدرجة كبير الموظفين العراقيين في خدمة الإحتلال لتثبيته وترسيخه .. فأي الطريقين قد إختار المالكي .. وهو يخلق الغطاء الشرعي لعدوان أمريكي مستمر .. ربما لأن الله قد إختار العراقيين كما زعم كي يكونوا ضحايا هوس بوش وقادسيته .. وكان الشعب العراقي لا تكفيه سنوات الدم والظلم والعسف والجور والحرمان .. فيدعي أن الله قد إختار الشعب العراقي لمواجهة الإرهاب .. بكلمة أخرى إن الله سبحانه وتعالى قد إختار العراقيين وقودا لمعركة أبن السكيرة بربارة .. وبقية حثالة الـتأريخ من مجرمي المسيحية الصهيونية ..
مع أن كل هذا لن ينفع لو إستفاد المالكي من دروس التأريخ القريب والبعيد .. وهل هناك من أحد خدم الأمريكان كما فعل صدام .. وهل هناك من بلغ بجبروته وسطوته ما بلغه صدام .. ثم كيف سلط الله الأمريكان أنفسهم لينتقموا من عميلهم بالطريقة المعروفة ..
وإن كان لدى المالكي فائض قوة .. وفائض قدرة على إتخاذ القرارت الصعبة .. وفائض رغبة في المواجهة .. فهؤلاء هم أعداء العراق والعراقيين من البعثيين والصداميين الحقيقيين يقطعون طريق جنوب بغداد ويرتكبون المجازر كل يوم .. ويبسطون سيطرتهم على مثلث الموت .. وهاهم أنفسهم يقيمون مثلثا للموت شمال بغداد .. ويحاصرون بلد والدجيل منذ عشرة أشهر .. ويعجز المالكي وغيره من أيصال قنينة نفط أو جرة غاز الى المدينتين .. وهاهم يسيطرون على الطريق من بغداد الى سامراء فلا يستطيع هو أن يعبر في مناطق سيطرتهم فيطير الى سامراء بطائرة أمريكية.. بل وهاهم يملؤون الكرخ بكل أحيائه على مرمى حجر من جحور الحاكمين والمحكومين في المنطقة الخضراء .. والجنرال ديفيد باتريوس حاكم العراق الحقيقي والفعلي يقول بأنه وقواته وقوات الحكومة لا يسيطرون على ستين بالمائة من بغداد .. فإن كان المالكي يستهدف الصداميين والبعثيين وعصابات السلب والنهب فلماذا لا يطهر أحياء الكرخ منهم .. ولماذا لا يبدي ضجره من حماية الامريكان لهم وتعاونهم جميعا في قتل العراقيين ..
ثم أن هناك أمرا يدركه المالكي بحكم مركزه ومنصبه ويريد أن يغطي فشله في حله بمثل هذه التصريحات .. وهو أن هناك في العراق أزمة وطنية .. فلا يمكن لشعب أن يقبل الإحتلال وما يمليه الإحتلال .. نعم لقد خلط البعثيون وعصابات الإرهاب البعثي الوهابي وقادة الطائفية السنية الإستحواذية الأوراق بحيث صار ما يفعله الإرهاب يغطي كل شئ آخر .. ولكن وقد تبينت الحقائق الآن .. وعلاقة الإحتلال بالإرهاب .. فلن يصلح الارهاب وسيلة للهروب من مواجهة المشاكل الحقيقية في العراق .. وفي العراق أزمة إقتصادية إجتماعية تتمثل في سيطرة الإحتلال على الموارد بها يحاول تركيع العراقيين .. ونشوء طبقة من المنتفعين والمستفدين بدءا من الحكومة وإنتهاء بمجالس المحافظات .. هذه الطبقة تعيش على النهب والفساد .. في وقت يزداد الفقراء فقرا .. كلما إنتفخت جيوب وحسابات المتنفذين .. مصداقا لقول الأمام علي عليه السلام : ما جاع فقير الا بما متع به غني .. هذه الطبقة نفسها التي لا تتورع عن إستخدام السلاح لحسم منازعاتها في النهب والسلب كما رأينا في البصرة مثلا .. هي نفسها التي تحرض الإحتلال على فقراء الشيعة ومعدميهم .. وهي التي تسوغ أفعاله وتسترها .. وقد قال الصحابي الجليل أبو ذر عليه الرحمة والرضوان : إني لأعجب ممن لا يجد قوتا في بيته الا يخرج على الناس شاهرا سيفه .. فماذا فعل المالكي لحل هذه المشاكل .. في العراق من الموصل وحتى البصرة .. هل بلط شارعا .. هل رمم مدرسة .. هل إستبدل سريرا مهترئا في مستشفى بآخر .. منذ خمس سنوات تعطل المصعد في مستشفى الناصرية ومازال معطلا حتى هذه الساعة .. هل رعى يتيما .. هل عالج مريضا .. هل أعاد لعائلة شهيد واحد من ضحايا البعث حقوقه اللهم الا أن يكون من الحزبيين المقربين او من الأقرباء كأننا نستعيد أيام آل المجيد بالصهر وإبن العم وإبن الخال وأصدقاء المسؤول المتنفذ .. ثم إذا كانت القادسية الجديدة هي عذره .. فهل حقق الأمن والأمان .. هل دحر الإرهاب وجعله يفقد سيطرته ولو على شارع .. وأين أصبحت خطته الأمنية وقد عادت التفجيرات والمفخخات تفتك بالشيعة .. وعادت الجثث مجهولة الهوية ومازال التهجير مستمرا .. وغاب قاسم عطا ومؤتمراته الصحفية .. والجنرال عبود قنبر وخوذته العسكرية والمؤتمرات المشتركة للناطق بإسم المالكي والتحدث بإسم القوات الامريكية .. وأضيفت الى الخسائر الكبرى معالم كبرى هذه المرة كمنارتي ضريح العسكريين عليهما السلام وجسر الصرافية .. وغيرهما من الطرق والجسور .. وبدلا من مواجهة الحقائق كما هي .. لم يجد المالكي غير الصدريين يلقي عليهم مسؤولية فشله الذريع فصاروا بعثيين وصداميين وعصابات سلب ونهب .. ونسي المالكي حقائق الواقع المحيط به والقريب منه .. ونسي أيضا أن هؤلاء الذين ينعتهم بالصدامية والبعثية هم الذين حموا الناس في بلد والدجيل ومناطق مختلفة من بغداد .. ونسي أيضا أن خطته الأمنية الفاشلة كانت ستارا لإحتلال أمريكي عدواني لمدينة الصدر .. لأن خطة الامريكان هي التقسيم ولا بد من أزلة العقبة الكأداء من أمامهم : التيار الصدري حتى يصبح الطريق معبدا أمامهم في إنجاز هذا الهدف .. ثم هل من الإنصاف أن يساوي الأمريكان ويتبعهم هو في ذلك بين القاعدة وجيش المهدي .. وتفلت من هذا التوصيف عصابات الارهاب البعثي الوهابي التي لم تترك جريمة لم ترتكبها بحق العراقيين وتصير هذه العصابات شريكا على الأرض لحكومته وللأمريكان بينما تدك طائراتهم بيوت الأمنين على رأس ساكنيها في مدينة الصدر والديوانية .
وليس هناك أكثر من المالكي من يستشعر الآن أن وقته في الحكم بات محدودا .. فهل أراد بمثل هذه التصريحات بعد الإستجابة للإملاءات الامريكية بتمرير القوانين المطلوبة أن يطيل عمر حكومته .. ربما .. ولكن إنحدارا كهذا لن يقدم ولن يؤخر .. كان المالكي سيصبح بطل العراق الذي سيخلده التأريخ لو أنه إلتزم ببرنامج الإئتلاف وإتخذ من وجوده في مركزه بداية لخطة صحيحة تعيد للعراق إستقلاله وسيادته الحقيقية .. وتنصف الضحايا والمظلومين .. وتخلص العراقيين من أثرين .. ما اقترفته يد البعثيين والصداميين الحلفاء الجدد لرئيس الحكومة .. ويد المحتلين .. ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم ..