البيان الذي أذاعه خلف العليان رئيس مجلس الحوار الوطني " وياله من حوار " ينعى فيه اعضاء اللجنة الدستورية الذين تم إغتيالهم قبل يومين والذي أذاعته الشرقية كاملا " حبذا لمن يجد نصه كاملا ان ينقله هنا مشكورا " .. بقدر ما يشي بما تختزنه النفوس من ضغينة فإنه يلقي أعباء مسؤولية ما حدث للشعب العراقي ليس على عاتق صدام وعائلته .. وإنما على قطاع واسع يأبى ان يغادر جلده ولن يستطيع .. العليان بعد ان أسهب في بيان ان الجهة التي إغتالت الثلاثة هي عصابات الغدر والخيانة " نفس الصفة التي اطلقها صدام على إنتفاضة 1991 " .. وصل الى النتيجة المخزية وهي ان الحكومة الحالية ليس مثلها لا فرعون ولا النازية ولا كل الطغاة على امتداد التأريخ .. وبالطبع ليس هناك ذكر في قائمة المقارنة لصدام او جرائمه بحق الشعب العراقي .. بكلمة أخرى ليست جرائم صدام جرائما .. ولا ضحاياه ضحايا .. ولم يفعل شيئا يستحق الذكر والاستنكار والا لكان العليان قد ادرجه في قائمته .. من المؤكد ان لا احد يستطيع الجزم بمن قتل الثلاثة .. ولكن ما هي مصلحة حكومة الجعفري بقتلهم وهي التي تريد تمرير الدستور وعبور هذه المرحلة بالتوافق .. وهي قد حرصت على إقناع هذه الأسماء وغيرها بالمشاركة في الحكومة ولجنة كتابة الدستور .. والعليان نفسه كان رئيس الوفد المفاوض ..
ويمكن لأي متابع ان ينتقد الجعفري وحكومته والكتلة التي ينتمي اليها من ناحية الأداء السياسي او من طرف البرنامج السياسي .. ويمكن ان يقال ان هناك إنتهاكات واسعة ومتزايدة لحقوق الانسان يشهدها العراق اليوم وتأخذ بالاتساع يوما بعد آخر .. ولكن في الجانب السلوكي يمكن أيضا لكل من عرف الجعفري ان يجزم وبشكل قاطع ان هناك ضوابط أخلاقية وقيمية لا يمكن معها إتهام الجعفري بمثل هذه التهم التي ساقها العليان تصريحا وتلميحا .. نعم الجعفري ملام في جانب مهم .. وهو انه لا يلتزم الشفافية التي يدعو اليها دوما .. ويصارح الشعب بحقيقة ان الملف الامني وتفصيلاته ما زال بيد قوات الاحتلال وبالتالي حري به الا يتحمل عنهم مسؤولية ما يحصل من خروقات وتجاوزات لحقوق الانسان وحرمة الدم العراقي ..
من قتل الثلاثة ؟؟ ..
من مصلحة الحكومة كما أسلفنا تمرير هذه المرحلة واستحقاقاتها بسهولة ويسر .. وقتل الثلاثة يعقد مهمتها .. وحتى لو ذهبنا مع العليان الى منتهى مبتغاه .. فلا يمكنه بهذه السرعة ان يستخلص اي دليل على ما يدعيه .. ولا يملك هو الا التخمين القائم على الحكم المسبق .. او الرغبة في التوظيف السياسي الطائفي لهذا الحدث .. ومتابعة الشحن والتحريض لدفع الامور الى النهاية التي يسعى اليها حزب البعث وحلفاؤه من في الوهابية التكفيرية بفرض العزلة على الطائفة السنية كي تبقى حاضنة لهذا التحالف ترعاه وتحميه وتترك له مواصلة اجرامه بحق الشعب العراقي .
لقد أصدر الزرقاوي بيانا علنيا حذر فيه السنة من التعاطي مع الخطوات الجارية في العراق ويهدد ويتوعد من يخالفه منهم .. ومثل ذلك فعل البعث .. فلماذا لا يكونا متهمين بتنفيذ هذه الجريمة .. ولماذا يسارع العليان الى إبعاد التهمة عنهما وهما اصحاب المصلحة الحقيقية فيها .. لماذا لا يكون الاحتلال مثلا .. ولماذا لا يكون اي طرف ثالث يسعى الى مثل إشعال الفتنة الطائفية في العراق ..
ثم لماذا لا يكون العليان نفسه طرفا في عملية القتل ويريد ان يبعد الشبهة عن نفسه بتأجيج مثل هذه الاحقاد التي تملأ النفوس ..
ثم بعد ذلك كيف تكون الحكومة القائمة اسوأ من فرعون والنازية وكل طغاة التأريخ .. وهي كذلك من منظور طائفي أعمى لا يرى حقيقة ما جرى في ظل صدام حسين وجلاوزته .. او أنه شريك في ما ارتكبوه من جرائم لهذا يبرئ نفسه ويبرر لها بأنها لم تكن جرائما بل ربما واجبا وطنيا حتى لو كان من قبيل إبادة العوائل بنسائها وأطفالها وإغتصاب النساء وانتهاك الاعراض وسحق الشعب بكل معنى السحق الذي حول العراقي الى مسخ ..
العليان كشف عن مكنونات نفسه ربما من غير ان يقصد .. وأثبت ان المرء يحتاج الى ان يغيب عقله كي يقول بأن العليان وأضرابه لم يقتلوا الناس ويسبوا البلاد والعباد على الهوية .. ولأن نفوسهم مليئة بالحقد فإنها لا ترى الناس الا بعين ذاتها ..
![]()