- 03-01-2008
العراق - شرق برس : وكالات
أفسحت زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى لندن لإجراء فحوصات طبية، المجال أمام تساؤلات لم تخل من طابع صحي ذي بُعد سياسي. فقد تسربت معلومات عن وجود أسباب سياسية وراء الوعكة الصحية التي ألمّت بنوري المالكي، فعدى عن الإجهاد الشخصي في العمل ووفاة أخته فقد برز الحديث أولاً عن إرسال كتاب من القيادات الكردية بشكل شفوي وتحريري له مضمون التهديد بسحب التأييد في البرلمان من خلال كتلته النيابية، ليطفو بعد ذلك التلويح بالانسحاب من التحالف الرباعي الذي نسج مع القيادات الشيعية الأساسية.
وقالت المعلومات أن المبررات المعلنة من قبل الأكراد تعود إلى اتهام المالكي ـ على حد قولهم ـ بأنه «يُماطل» في تطبيق المادة 140 من الدستور أي الاستفتاء على كركوك، وهنا مارس الأكراد ابتزاز سياسي عبر عقد صفقة مع الحزب الإسلامي العراقي في محاولة لتمرير ما لم يقبل رئيس الوزراء به، وذلك لأسباب وطنية وحفاظاً على المصلحة العامة. والأمر الآخر هو موضوع عقود النفط ومدى شرعية تلك العقود التي تبرمها حكومة الإقليم بمعزل عن الحكومة المركزية في محاولة للاستئثار بعوائد نفط الشمال، وهو ما يؤثر على الدخل القومي الإجمالي، ولم تفلح المفاوضات التي أجراها نيجرفان البرزاني مع المالكي في هذا السياق، إضافة إلى فشله في إقناع السيد السيستاني بطروحات حكومة الإقليم، وقد شكّل هذا سبباً آخر للانعطاف نحو الحزب الإسلامي لتحقيق مطامع ومكاسب خاصة. وتضيف المعلومات أن التحالف الكردي ـ الإسلامي قد شكّل "طعنة " في ظهر التحالف لأطراف مهزومين هدفهم الاستقواء على الآخرين.
أما السبب السياسي «لتوعك» المالكي فيعود إلى الاجتماع الصاخب الذي عقده مع الأميركيين والذي تعرض فيه لضغوط هائلة لم تفلح في زعزعة مواقفه الثابتة والقوية، وخاصة في موضوع الدعم الأميركي المطلق لمجالس الصحوة ورفض المالكي دمج ما يزيد على 20% فقط من أصحاب الصحوات لأنه يخشى من تحوّل أفرادها إلى ميليشيات مسلحة، وخاصة بعدما ظهرت بوادر حلّ « الجماعات المسلحة الشيعية» فتمّ بذلك تسليح السنة وتجريد الشيعة!
الجدير بالذكر أن حملات عنيفة شنّها الأميركيون على ما أسموه « الجماعات الشيعية المسلحة» وملاحقة الأحزاب المرتبطة بها.
وقالت مصادر مطلعة أن ما حكي عن إلقاء «مجالس الصحوة في الأعظمية» القبض على إرهابيين أحدهم يحمل جوازاً إيرانياً فقد أثبتت التحقيقات براءتهم وعدم انتمائهم لأي جهات خارجية.
وتحدثت مصادر ديبلوماسية عن العلاقات التي تربط أقطاب الحركة السياسية الشيعية في العراق لتشير الى أن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السابق الدكتورابراهيم الجعفري للرئيس نوري المالكي في لندن خلال تلقيه العلاج، وهو اللقاء الأول للاثنين منذ عدّة أشهر، إنما تأتي في اطار كسر جليد المواقف وفتح قنوات للحوار بشتى المجالات.
و قالت المصادر أن التوافق كان تاما حول كل القضايا التي يعاني منها العراق لدرجة أن اللقاء قد أسس لقاعدة استراتيجية في العلاقة بين الجانبين قد تظهر ملامحها على الأرض وفي شتى الميادين التكتية والسياسيةعلى المستوى الداخلي والخارجي لا سيما في مواجهة الاحتلال الأميركي. وعدم تفريطه بكركوك والعمل على "التصدي" لكل محاولات إقصائه عن رئاسة الوزراء والتأكيد على تنفيذ ما نص عليه الدستور لناحية تطبيق النظام الفيديرالي بعيدا عن التفسير العرقي والطائفي.
و في سياق آخر، التقى النائب فالح الفياض في مصر أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى والعديد من الشخصيات العربية السياسية الذين أبدوا امتعاضهم واستنكارهم لموقف الحزب الإسلامي وأمينه العام طارق الهاشمي الذي تجاوز الخطوط الحمر أكثر من أي سياسي آخر خلال السنوات الماضية واستذكروا مواقف أياد علاوي المتذبذبة والتي حاول من خلالها محاباة الأكراد والأميركيين على حساب العملية السياسية الوطنية ومن أجل بقائه في منصبه وهو ما يستحضره الهاشمي حالياً ، وما ذكر عن موقف جبهة التوافق «المراوغ» وهي المؤيدة بالخفاء بشكل كامل للهاشمي في محاولة لإرضاء المحيط الإقليمي الرافض لهذا التحالف الجديد.
أما في ما يخص موقف الحلفاء فإن «عتباً» قد سجّل خلال اللقاءات على المجلس الأعلى الإسلامي وموقفه المحايد حيال التوتر القائم بين المالكي والتحالف الكردي ـ الإسلامي وتجاه رسالة التهديد الأميركية التي تلقاها رئيس الوزراء .
و يعتبر المراقبون أن المالكي يحارب على جبهتين، أولاً على الساحة الداخلية العراقية فهو يعوّل على الدعم الشعبي العراقي والطيف السياسي الحليف بدعم حكومته، فيما ساحة المواجهة الأخرى هي مع المحيط الإقليمي الداعم لبعض المخططات المناوئة لحكومته وليس آخرها التحالف الكردي ـ الإسلامي.
ويشير المراقبون الى أن المالكي يتعافى من وعكة صحية اجتازها بسلام ويتساءلون عما اذا كان سيتغلب على «التوعك السياسي» الذي يواجهه؛ معتمدا على قدرته في الصمود والمقاومة وعلى وفاء «الحلفاء الأقربين»!.