حتفال حاشد في الضاحية في ذكرى الموسوي وحرب وأسبوع مغنية
نصر الله: اغتيـال مغنية عملية استباقية لحرب جديـدة تحضّـر لهـا إسرائيـل
سندافع بالطريقة التي نختارها زماناً ومكاناً.. ونقسم بأن دمه لن يذهب هدراً

مقدمة الحضور في مجمع سيد الشهداء (مصطفى جمال الدين)

والدة عماد مغنية خلال المهرجان (ا ب) جهاد عماد مغنية يلقي كلمته



أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إن قرار الحرب والسلم هو في يد إسرائيل منذ عام 1948 وليس في يدنا، وقال «إننا سندافع عن أنفسنا، في الطريقة التي نختارها، وفي الزمان الذي نختاره وفي المكان الذي نختاره». وإذ كشف عن المهام الكبرى التي كان يتولاها مغنية، مؤكداً انه قائد انتصارَي التحرير وتموز قال نصر الله: أقسم بالله أن دمك لن يذهب هدراً.
واعتبر نصر الله أن اغتيال مغنية هو في سياق حرب مفتوحة وعملية استباقية تحضر خلالها إسرائيل لحرب جديدة، مشيراً الى مراهنة البعض على اجتياح بري سريع لجنوب لبنان، وقال إننا مستعدون للمواجهة وتحقيق نصر جديد، وتوجه الى الإسرائيليين قائلاً: سنقاتلكم في البر قتالاً لم تشهدوه طوال تاريخكم. سيُدَمر جيشكم في الجنوب ودباباتكم ايضاً، بقية هيبتكم وبقية ردعكم ستُدَمر هناك، وتبقى إسرائيل بلا جيش وعندما تصبح إسرائيل بلا جيش فلا تبقى...
وأيد نصر الله أي حوار يؤدي الى استراتيجية دفاع وطني حقيقية تتحمل فيها الدولة مسؤولية الدفاع عن لبنان. وشرح ما عناه بالنسبة الى زوال إسرائيل، معتبراً ذلك نتيجة حتمية ومساراً تاريخياَ سيصل الى نهايته خلال سنوات قليلة.
وكان نصر الله يتحدث في الاحتفال الكبير الذي اقيم امس في مجمع سيد الشهداء في الضاحية في ذكرى السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب وأسبوع الشهيد عماد مغنية. وقد غصت القاعة والشوارع المحيطة بالمجمع بالحشود التي استمعت الى الخطاب عبر شاشات كبيرة.
وبعد النشيد الوطني ونشيد حزب الله ألقى راغب حرب نجل الشيخ راغب حرب كلمة قال فيها : «بعد 24 عاماً على ذاك اليوم الذي قام فيه الجبناء بقتلك يا والدي الحبيب ما زلت شامخاً ودحرت سيوفاً ولم يكسر شموخك القتل، ولم تزدك الشهادة إلا خلوداً».
ثم تحدث ياسر نجل الشهيد السيد عباس الموسوي فقال مخاطباً والده: «أيها الأمين الذي حفظتك نوراً مشرقاً، أيها القائد في حركة الأنبياء والأولياء والصالحين، أيها الباعث روح الثبات والجهاد في نفوس أبناء الأمة نأتيك والموعد شباط وأنت الساكن ارواحنا، لنستلهم منك دروس المقاومة والجهاد. شهادتك دافع اساسي لنا لنصنع الانتصارات ونحقق الإنجازات ونسقط مشاريع الاستكبار والهيمنة».
وكانت كلمة لجهاد ابن الشهيد عماد مغنية قال فيها: «للمرة الأولى، اعلن على الملأ بكل فخر واعتزاز انني جهاد عماد مغنية، ابن القائد الجهادي الكبير، منذ ان فتحت عينيَّ على بندقيته وعبرت معه طفلاً وفتى كل الصعاب والتحديات فما رأيت فيه إلا الأب الذي عينه على أبنائه عطوفاً رؤوفاً. لأول مرة اعلن انتمائي لهذه الاسرة التي قدمت عميّ فؤاد وجهاد، واليوم ابي عماد شهيداً، وخاطب والده قائلا: «يا أبي ما زرعته في سنوات جهادك الطويل حصدته في حياتك انتصاراً».
كلمة نصر الله
واستهل السيد نصر الله خطابه بتوجيه الشكر «إلى كل الذين باركوا وقدموا لنا العزاء وعبروا عن مواساتهم باستشهاد القائد الكبير الحاج عماد مغنية في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والإسلامي، وإلى كل الذين أقاموا مجالس التبريك والعزاء في لبنان والعالمين العربي والإسلامي».
وتحدث بعد ذلك عن اصحاب الذكرى الثلاثة وقال: كل شهيد من هؤلاء القادة هو عنوان لمسيرتنا ومقاومتنا وتضحياتنا وكل شهدائنا، ولكنه رمز لمرحلة محددة في مواجهة العدوان الصهيوني الدائم والمستمر، هذا العدوان الذي بدأ على لبنان منذ سقوط فلسطين واحتلال الصهاينة لفلسطين عام .1948 منذ ذلك اليوم، الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وعلى جنوب لبنان بالتحديد وعلى القرى الحدودية لم تتوقف، وإن كان في الواقع الحالي الكثير من اللبنانيين لا يعرفون تلك المرحلة او يغفلون عنها. ولكن من المؤسف أن بعض من يدعون قادة سياسيين كباراً ايضاً يتجاهلون او يجهلون تلك المرحلة. وأنا اذكر عندما كنا نناقش الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار الوطني وتحدثتُ عن الاعتداءات الاسرائيلية من عام 48 ولبداية السبعينيات، أي قبل مجيء الفصائل الفلسطينية الى جنوب لبنان، احتج بعض الحاضرين وقال إن اسرائيل لم تعتدِ ولم تفعل شيئاً خلال كل ذلك الزمان، وأن مشكلة اسرائيل مع لبنان بدأت منذ مجيء الفصائل الفلسطينية الى لبنان وهذا جهل وغفلة، وفي نفس الجلسة احضر الموظفون في مجلس النواب من الأرشيف خلاصة طويلة للاعتداءات الاسرائيلية منذ عام 48 وحتى السبعين.
أضاف: أقول لكل المساكين في لبنان الذين يتحدثون عن قرار الحرب والسلم. أيها المساكين إن قرار الحرب والسلم ليس في أيديكم، ولو كنتم حكومة، قرار الحرب والسلم هو في يد اسرائيل منذ .1948 والقرار الذي نتخذه هو حقنا الشرعي والقانوني والطبيعي والإنساني والأخلاقي في الدفاع عن شعبنا وأهلنا وقرانا ووطننا عندما تتخلى عنه الدولة وعندما يتخلى عنه العالم. قرار الحرب والسلم، اذا كنتم تريدون الحصول عليه وانتزاعه، عليكم ان تكونوا ابطالاً وأسوداً لتنتزعوه من قلب اولمرت وباراك وأسيادهم في واشنطن. هذه الحرب شنها الاسرائيلي، واليوم دخلنا الى مصطلح جديد الحرب المفتوحة.
الحرب المفتوحة هي مفتوحة من عام 1948 وعندما فتحت لم اكن موجوداً ولا الحاج عماد كان موجوداً ولا السيد عباس ولا الشيخ راغب. هم الذين فتحوا هذه الحرب على فلسطين وعلى امتنا العربية والاسلامية وعلى لبنان، انتم تريدون ان تحيّدوا انفسكم، ولكن العدو يرفض ان يحيّد هذا البلد ورفض ان يحيده. منذ عام 48 كان الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين يصرخ ويبرق ويخطب ويحمل الدولة المسؤولية ولا من يصغي. وبعد الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين كان الإمام القائد والمؤسس للمقاومة الإمام السيد موسى الصدر يخطب ويحمل المسؤولية للدولة اللبنانية والدول العربية والقوى السياسية المختلفة ويطالب الدولة اللبنانية بأن ترسل الجيش الى الحدود ليدافع عن الوطن، ولكن الجيش في تلك المرحلة كان جيشاً للنظام وليس جيشاً للوطن، جيشاً لحماية الامتيازات وليس جيشاً لحماية الجنوبيين، فلم يصغِ الى موسى الصدر. حتى وصل الأمر أن الامام موسى الصدر دعا بنفسه الى شراء السلاح وهو كان يشتري السلاح، وإلى حمل السلاح والى تدريب الشباب على السلاح والى تحويل كل بلدة في جنوب لبنان وراشيا والبقاع الغربي الى قلعة حصينة قادرة على ان تدافع عن نفسها في مواجهة أي عدوان اسرائيلي. هذا هو موسى الصدر. اليوم من المضحك المبكي ان بعض قيادات فريق السلطة ـ وأنا من اليوم وصاعداً لا اقول فريق الرابع عشر من شباط تنزيهاً لمناسبة 14 شباط ولذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تنزيهاً للذكرى عن هذه القيادات ولغتها وشتائمها، وإنما اقول فريق السلطة وفريق الموالاة او أي تعبير آخر ـ أن يقف بعض قيادات فريق السلطة ليحتج علينا بالإمام موسى الصدر، بذكر الإمام موسى الصدر وخطه. جيّد، نحن نقبل هذا الاحتجاج وأنا اقول لهم تعالوا، طالما أننا أضعنا الكثير من المرجعيات التي نعود اليها في حسم خلافاتنا، تعالوا لنعود جميعاً كلبنانيين، ما دمتم تعتبرون ان فكر السيد موسى الصدر هو فكر لبناني وليس فكراً إيرانياً تابعاً لولاية الفقيه، تعالوا لنحتكم الى فكر الإمام موسى الصدر في مسألة المقاومة والصراع العربي الإسرائيلي وكذلك في مسألة الوضع اللبناني والداخلي. وأنا أقول باسم كل فرد من حزب الله وحركة امل اننا نقبل بكل حرف قاله الإمام موسى الصدر في أي مسألة من المسائل. إذا كنتم تريدون الاحتجاج فنحن نقبل هذا الاحتجاج ونقبل هذه المرجعية الفكرية والسياسية.
وتحدث بعد ذلك عن مرحلتي الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي في مقاومة العدوان، وخلص الى مرحلة الشهيد عماد مغنية فقال: المرحلة الجديدة كانت تركز على تطوير عمل المقاومة... مرحلة الانتصارات والإنجازات وتوازن الرعب مع العدو، هذه المرحلة كان الحاج عماد مغنية أبرز قادتها إلى جانب إخوانه ونظرائه وأحبائه من القادة المجاهدين ومن المجاهدين الأبطال في المقاومة. الحاج عماد كان القائد لعملية الأسر الأولى بعد التحرير وللعملية المعقدة في أسر العقيد (ألحنان) تننباوم والتي أدّت في نهاية المطاف إلى تحرير عدد كبير من أحبائنا وأعزائنا الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين وغيرهم. الحاج عماد منذ عام 2000 كان القائد للتحضير والجهوزية للدفاع عن لبنان أمام أي حرب محتملة. بعد النصر عام 2000 ابتهج الناس وعاشوا حياتهم الطبيعية حتّى في القرى الأمامية وكانت لهم حياتهم الهنيئة، أمّا الحاج عماد مغنية، ولا اقول الحاج رضوان فهذا الإسم كان للمرحلة السرّية، كان يعمل ويصل الليل بالنهار من أجل اليوم الذي يعلم أنّ إسرائيل ستعتدي على لبنان لأنّه لا حدود لأطماعها، ولأنها ستثأر لذلها وهزيمتها في أيار عام .2000
ثمّ جاءت حرب تموز وكان الانتصار في حرب تموز وكان الحاج عماد من القادة الكبار في حرب تموز، قبل الحرب وفي الحرب كان كذلك. وهذه الحرب إنما انتصرنا فيها لأنّه كان لدينا الرجال والجهوزية والخطة والقادة الكبار وفي مقدمتهم الحاج عماد مغنية، لو أردت أن أطلق عليه وصفاً بلا مجاملة ولأعطيه الحق، أقول إنّ الحاج عماد من خلال موقعه في حزب الله، كان قائد الانتصاريْن بحق، الانتصار في 25 ايار عام 2000م والانتصار في حرب تموز 2006م. نحن أنجزنا تقييم حرب تموز قبل أن ينجزه العدو، نقاط القوة والضعف عندنا، ونقاط القوة والضعف عند العدو، وبدأ الحاج عماد مبكراً في تقوية عناصر القوة ومعالجة عناصر الخلل او الضعف عندنا. نعم لقد رحل الحاج عماد شهيداً وقد أنجز المهمة، لم يبقَ هناك شيء يحتاج إلى عماد مغنية لينجزه.
وأشار نصر الله إلى بعض النقاط المرتبطة بمناسبة استشهاد الحاج عماد:
أولاً: جاء الاغتيال بعد 25 عاماً بالتحديد من الملاحقة والمتابعة والتعاون الاستخباري الأميركي الإسرائيلي في محاولة لخطف الحاج عماد أو قتل الحاج عماد. بعد 25 سنة وصلوا إليه، ولكن ما هو الفارق بين الحاج عماد وغيره من بعض المطلوبين؟ كان يمكن للحاج عماد أنّ يختبئ في مكان ويقيم مجموعة من الإجراءات الأمنية ويبتعد عن الناس وعن العمل. وأنا اؤكد لكم أنّهم ما كانوا لينالوا منه أبداً، وكان حينئذٍ من الطبيعي أنّ يعيش الحاج عماد الحياة الطبيعية المفترضة (المرتبطة بمشيئة الله) في أذهان الناس ويموت على فراشه ميتة طبيعية. هم يعتبرون أنّ إنجازهم أنهم قتلوا الحاج عماد، ونحن نعتبر أنّ إنجاز الحاج عماد أنّه بقي 25 سنة يقاتلهم، لم يختبئ في كهف وكان دائم الحضور وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة، دائم الحضور في كل الساحات.
التحقيق
ثانياً: التحقيق في عملية الاغتيال في دمشق ما زال مستمراً ومتواصلاً، بالتأكيد هو مسؤولية سورية بالكامل لأنّه حصل في دمشق، وكل ما قيل في وسائل الإعلام عن لجنة تحقيق إيرانية سورية مشتركة هو غير صحيح. بالنسبة إلينا بطبيعة الحال نحن نتعاون مع التحقيق السوري بما لدينا من معطيات ونتواصل بشكل دائم، ولكن هم الذين يتحملون مسؤولية التحقيق ويقومون به. وأنا من خلال المتابعة اليومية لهذا الأمر أشهد بالجديّة العالية جداً من قبل الإخوة السوريين في هذا المجال والعمل الكبير الذي يتم إنجازه على هذا الصعيد. وبمعزل عن كل الشائعات التي نشرت في وسائل الإعلام والتي تحاول أن تحرف التحقيق عن مساره الصحيح أؤكد لكم أنّ كل المعطيات التي توفرت حتى الآن من خلال التحقيق زادت قناعتنا بمسؤولية إسرائيل عن هذا الاغتيال.
ثالثاً: نحن نعتبر أنّ إسرائيل هي العدو وأنّ إسرائيل هي الخصم وهي المسؤول عن الاغتيال وكنّا حازمين وواضحين في هذه المسألة، لكن هناك من يريد أيضا أن يحرف مسار المسؤولية باتجاه آخر وهذا ما نرفضه بشكل قطعي وأكيد. هنا من حقنا أن نستغرب ما قامت به بعض الدول الغربية من إغلاق مراكز ثقافية في صيدا أو طرابلس، أو ما قامت به بعض الدول العربية من تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان، وكذلك فعلت بعض الدولة الغربية. إذا كان المقصود هو الحذر منّا فَعَدُوّنَا وَخَصُمَنَا وَثَأْرُنَا عند الإسرائيلي، ونحن لم نوجّه اتهاما لأحد. وإذا كان المقصود هو الخشية أو الحذر مِمَّن قد يدخل على الخط فليعلنوا ذلك وليوضحوا ذلك ولا يتركوا الأمور ملتبسة، يجب علينا جميعاً أن نحذر من دخول أي طرف على الخط لأنّ هناك أطرافا لها مصلحة في توتير الأجواء في لبنان وإيجاد خضّات أمنية في لبنان ومخاطر جدية في لبنان. نحن نطالب هذه الدول بأن تتصرف بشكل مسؤول وطبيعي إلا إذا كان هناك أيضا احتمال آخر لاستغلال هذه المناسبة لدفع الأمور إلى مزيد من التوتر والتشنج مع إسقاط المبادرة العربية للذهاب إلى التدويل وللقول إنّ لبنان على حافة الهاوية وعلى حافّة الحرب الأهلية وعلى حافّة الانهيار الشامل فلنذهب إلى مجلس الأمن وليتحمل مسؤولية الوضع في لبنان، آمل أن لا يكون الوضع كذلك.
رابعاً: استراتيجية المقاومة، للأسف في لبنان يوجد أناس لا يسمعون ماذا تقول ويحاسبونك على ما في أذهانهم، وإذا سمعوا ما تقوله يحرّفون كلامك. استراتيجية المقاومة في لبنان كانت وما زالت هي تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة وأسرى في السجون والدفاع عن لبنان وحماية لبنان في مواجهة الاعتداءات الصهيونية الإسرائيلية والمتكررة والقائمة. نحن ما زلنا بالرغم من ألمنا الكبير بشهادة القائد الحاج عماد ما زلنا ندعم ونؤيد أي حوار وطني يؤدي إلى استراتيجية دفاع وطني حقيقية تتحمل فيها الدولة واللبنانيون جميعاً، يتحملون بالفعل مسؤولية الدفاع عن لبنان، ما زلنا ندعم هذا الخيار والاتجاه ونؤيده ونرى فيه مصلحة للبنان ولنا ولجنوب لبنان ولكل اللبنانيين.
زوال إسرائيل
وتحدث نصر الله عن مسألة زوال إسرائيل من الوجود فقال: إن زوال إسرائيل من الوجود هو نتيجة حتمية قهرية، هو قانون تاريخي، هو سنّة إلهية لا مفر منها، هذا أمر قطعي. نحن نتحدث عن مسار تاريخي في المنطقة، وأنا أعتقد أن هذا المسار التاريخي سيصل إلى نهايته خلال سنوات قليلة. هذا الأمر قهري وحتمي، لماذا؟ لأسباب ذاتية وأسباب موضوعية:
أولاً، لأن إسرائيل وجود طارئ وغريب ولا يمكنها الاستمرار في المنطقة، هذا سبب ذاتي. لأن إسرائيل ليست موجودة بقوتها الذاتية بل موجودة بفعل الإرادة الدولية والواقع الدولي الذي سيتغير خلال سنوات قليلة أيضاً. وثالثاً، بسبب صمود الشعب الفلسطيني 60 عاماً وهو الذي تحمل ما لا يطاق وما زال يتحمل، من القتل اليومي والحصار والتجويع، من قتل القادة والكوادر والشباب والنساء والأطفال ويرفض أن يستسلم، يرفض أن يسلم القدس ويرفض أن يتخلى عن الأرض ويرفض أن يوطن في أي أرض غير أرض فلسطين الطاهرة والمقدسة. هذا ليس أمراً بسيطاً. رابعاً الواقع الديموغرافي في فلسطين 48 والـ,67 حتى من الـ,48 وقد قلت سابقاً إن الإسرائيليين يخافون على وجودهم حتى لو لم يحمل الفلسطينيون السلاح، لو لم يستخدم الفلسطينيون استراتيجية المقاومة المسلحة، وإنما استخدموا استراتيجية الزواج والإنجاب، إسرائيل هذه لا يمكنها أن تبقى. خامساً، الممانعة العربية، بعض الدول العربية التي ما زالت ممانعة وفي مقدمتها سوريا والممانعة الشعبية الشاملة على امتداد العالم العربي وعلى امتداد العالم الإسلامي ومعرفة الصهاينة أنه قد يطبع معهم بعض الحكام، ولكن شعوبنا على امتداد العالمين العربي والإسلامي، لا يمكن أن تمد يد المسامحة على احتلال القدس وفلسطين. إذا كان بعض الحكام حاضرا للمسامحة من أجل أن يحفظ عرشه فإن شعوبنا وأجيالنا لن تسامح أولئك الصهاينة الذين ارتكبوا المجازر لا في دير ياسين ولا في قانا، هذه الشعوب سوف تبقي إسرائيل محاصرة غريبة طارئة لا تملك إمكانية الاستمرار والبقاء. سادساً، فقدان الزعامات السياسية والعسكرية الإسرائيلية. أنا أحمل مسؤولية بضع كلمات قلتها قبل سنوات عدة عندما جاء شارون وبدأوا يخيفوننا منه، فقلت على مسؤوليتي، شارون هو آخر ملوك بني إسرائيل، هذه إسرائيل لن يأتيها ملك مجدداً، كلهم أقزام صغار. عندما جاء تقرير فينوغراد اعتبر بعض الناس بقاء أولمرت إنجازاً، واعتبروا أن هذا إخفاق للمقاومة. على العكس، نحن فرحون أن يبقى أولمرت، بالنسبة لنا إذا خيّرنا بين رئيس حكومة عدو قوي ولديه كاريزما ويستطيع أن يستنهض الواقع الإسرائيلي، وبين رئيس حكومة عاجز وفاشل وأحمق وغبي، الثاني أحسن لنا. أنا رسمياً، أشكر السيد فينوغراد على عدم تحميله المسؤولية الشخصية لإيهود أولمرت. سابعاً، فقدان العقيدة، في المجتمع الصهيوني، الذي تحدث عنه قبل سنوات قليلة نتنياهو عندما قال لقد انتهت العقيدة الصهيونية عند شعب إسرائيل وأصبح المشروع الصهيوني والفكر الصهيوني من مخلفات الماضي. اليوم، الثقافة في إسرائيل، لكن للأسف العرب لا يتابعون.. انظروا نسبة السرقة والجرائم، نسبة المخدرات، نسبة الخلل الأمني، نسبة التفكك الاجتماعي والسياسي والحزبي والتناحر الداخلي، هذا المجتمع الذي يستبدل عقيدة كانت العصابات الأولى تضحي من أجلها بواقع مختلف، بشباب يرفضون الالتحاق بالجيش وبجنود في الجيش يرفضون الذهاب إلى الموت. ثامناً سقوط الجيش الإسرائيلي، سقوط الهيبة، قدرة الردع والثقة، ثقة الجنود بالضباط والضباط بالجنرالات وثقة الشعب بهذا الجيش وبهذه المؤسسة. ولذلك أنا استشهدت بما يقوله مؤسسهم وخبيرهم بن غوريون عندما يقول إن «إسرائيل عندما تخسر أول حرب تؤول إلى السقوط، تسقط وتنتهي» أنا أشرح للأمة هذا الأمر لتكون لها ثقة وأمل وأفق.
عملية استباقية
خامساً: الآن الإسرائيليون يهددون بالحرب وهم كانوا يهددون قبل اغتيال الحاج عماد ويهددون بعد اغتيال الحاج عماد. نحن ننظر إلى اغتيال الحاج عماد أنه عملية استباقية لا مجرد ثأر، لا مجرد إزالة لتهديد يمثله عماد مغنية، وإنما هي عملية استباقية لما تحضره إسرائيل للبنان وللمنطقة، وهم الآن يتحدثون بصراحة أن هناك عدة رؤوس قيادية وجهادية في المقاومة يجب أن تشطب، هم يتحدثون عن استراتيجية قطع الرؤوس بالاستفادة من العبر والخلاصات التي توصلوا إليها بعد فشلهم في حرب تموز. هم يعتقدون أن هناك مجموعة من القادة وعلى رأسهم الحاج عماد شكلوا عنصر القوة الرئيسية لحزب الله في حرب تموز، وعليهم أن يشطبوا هذا الجيل من القادة، حتى إذا ما شنوا حرباً جديدة على لبنان، يفقد حزب الله والمقاومة وأنصارها القدرة على المواجهة وعلى تحقيق النصر.
أيها الإخوة والأخوات، أيها اللبنانيون، لقد قتل الحاج عماد مغنية في سياق حرب مفتوحة وشاملة وفي سياق عملية استباقية تحضر من خلالها إسرائيل لحرب جديدة . أنا لا أريد أن أخيف أحداً، ولكنني أريد أن أنبه، أن أحذر، أن أوقظ، في النهاية قبلنا هذا الواقع أم وضعنا رأسنا في التراب، قرار الحرب والسلم عندهم هم يأخذونه.
رهان الحرب
يؤسفني أن أقول لكم أيضاً انه في بعض الأحزاب في فريق السلطة عادت نغمة تطمين الكوادر والقيادات على أن هناك حرباً قريبة سوف تقضي على حزب الله وعلى المعارضة، ويتحدثون عن نيسان أيار حزيران، وأنا ذكرت هذا الأمر سابقاً، ولذلك نرى أنهم غير مستعجلين وغير مستعدين لأي تسوية سياسية مهما تنازلت المعارضة، وسيدهم الأميركي يعلن رفضه للمبادرة العربية وهم لا يعلقون! لو أن الذي قاله ساترفيلد قاله الوزير وليد المعلم لقامت الدنيا في لبنان ولم تقعد، أو قاله الوزير متكي! لا بأس ساترفيلد عزيزنا، حبيبنا، سيدنا لا يصح (أن نرد عليه). الأميركيون واضحون وليسوا خجلين، هم يرفضون المبادرة العربية، هم يرفضون أي تسوية.
بعد احتفال 14 شباط في ساحة الشهداء، خرج فريق السلطة ليقول: ما بعد 14 شباط غير ما قبل 14 شباط، للتنصل من كل شيء حصل في المفاوضات والاجتماعات الرباعية. لماذا ما بعد 14 شباط غير ما قبل 14 شباط؟ لأن هناك مليونا ونصف مليون نزلوا تحت المطر الى ساحة الشهداء، واعتبروا أن هذا استفتاء شعبي، وهذا دليل أنهم هم الأكثرية. إذا كان هذا هو المقياس، فعندي اقتراحان: الاقتراح الأول، أن نأخذ مهلة نحن وأنتم لمدة أسبوع أو عشرة أيام، وأنتم تدعون لمظاهرة ليس فيها الشهيد رفيق الحريري ونحن ندعو إلى مظاهرة ليس فيها شهيد من عندنا، نتحدث في السياسة ونطرح شعارا سياسيا وقضية سياسية، موالاة ومعارضة، ونقوم بالتعداد ونرى من أكثر مظاهرة الموالاة أم مظاهرة المعارضة، إذا كنتم تقبلون بهذا المقياس للأكثرية فنحن موافقون. وإذا كنتم تخافون، فأنا شخصياً أقبل، ولا أعرف إذا كانت بقية المعارضة تقبل هذا التحدي أم لا. أنتم بقيتم شهراً، إعلام ودعوات وندوات وملايين الدولارات حتى أتيتم بالجمهور الذي استقدمتموه إلى ساحة الشهداء والذين نحن نحترمهم ونجلهم، هؤلاء لبنانيون ونحن نحترم خيارهم السياسي، لكن طبعاً لا نحترم الشتامين الذين وقفوا على المنابر يشتمون. نقبل، هؤلاء أتيتم بهم من كل لبنان، وقبل ذلك اليوم كان يوم عاشوراء، كان لدينا نحن وحركة أمل مظاهرات في مختلف المناطق اللبنانية، مظاهرة الضاحية فقط الضاحية، أنا أقبل أن تأتوا بجهة مستقلة ونجلب الأفلام ونعد واحدا واحدا ونقيس المسافات في شوارع الضاحية وفي ساحة الشهداء، إذا أنتم كنتم في ساحة الشهداء كلكم سويا في لبنان أكثر من الذين كانوا في الضاحية في مسيرة يوم العاشر فأنا أعترف لكم بأنكم الأكثرية.
هذا الكلام على سبيل المحاججة، ولكن لا آذان تصغي ولا من يسمع، أقول هذا على سبيل المحاججة، لأقول لكم إنهم اتخذوا الاحتفال في 14 شباط حجة ليعطلوا كل المفاوضات وليعطلوا كل أشكال الحوار وليقولوا نحن الأكثرية، نحن الشعب اللبناني ونحن نريد أن نمشي في خياراتنا، بالنصف + واحدا أو بإعادة استكمال الحكومة، وما الزيارات واللقاءات التي تحصل في عواصم العالم إلا على هذه القاعدة وانطلاقاً من هذه الرؤية. لو كانوا يريدون تسوية فهم ليسوا بحاجة إلى كل هذه الزيارات المكوكية في العالم، التسوية تحصل في مجلس النواب بين ممثلي الموالاة والمعارضة وبحضور الأمين العام السيد عمر موسى، لكنهم لا يريدون ذلك، إذاً ماذا يريدون؟ هم يحدثون كوادرهم وعناصرهم ويقولون لهم كما قال لهم الأميركي علينا أن نصمد أشهرا قليلة فسيتغير الحال. لماذا؟ لأن هناك حرباً ستقوم في المنطقة أو حرباً على حزب الله في لبنان، سيدمر حزب الله وينتهي حزب الله وتنتهي معه المعارضة ويكون لبنان لهم. هذا الآن يقال، والإسرائيليون يتحدثون عن هذا وعن سيناريوهات إقليمية وداخلية! أقول هذا أولاً للتحذير، وأقول ذلك أيضاً لتحديد الموقف، اسمعوني جيداً أيها الإخوة والأخوات، يا شعب لبنان العظيم والوفي والأبي ويا كل المحبين في العالمين العربي والإسلامي، يا من تنظرون إلينا وإلى ساحتنا على أنها مهددة بحرب من هذا النوع، أقول لكم، وهل كانت حرب تموز إلا حرباً لإزالتنا وإبادتنا والقضاء علينا وإحداث تغيير ديموغرافي كبير في لبنان وفشلت، وأخذوا العبرة؟ هناك إجماع إسرائيلي على أن الخلل الرئيسي في حرب تموز هو عدم مبادرة الجيش الإسرائيلي إلى اجتياح بري سريع وواسع لجنوب لبنان إلى الأولي وليس فقط إلى الليطاني. وإذا كان من حرب جديدة، هم يعلمون أن سلاح الجو لا يستطيع أن يحسم معركة، فقد استخدم أقصى طاقته وجهده وفشل، إذاً رهانهم المتبقي على اجتياح بري سريع وواسع لجنوب لبنان إذا فكروا بالحرب على جنوب لبنان. لكن في المقابل، هنا سأعود إلى الذي قلته في التشييع، في المقابل، بالنسبة لنا، نحن بكل فخر واعتزاز وثقة وإيمان بتضحيات إخواننا وفي مقدمهم الحاج عماد مغنية، نعم، نحن مستعدون للمواجهة ومستعدون للدفاع ومستعدون لصنع نصر جديد إن شاء الله. لن يستطيع أحد لا الصهاينة ولا عملاؤهم أن يحمي الجبهة الداخلية، كل الجبهة الداخلية، من صواريخنا. وأما في الاجتياح البري فأنا أقول لكم ايضا ومن موقع المعرفة والخبرة والمسؤولية ايضا وإخوانكم ورفاق عماد مغنية الذين أصبحت عزيمتهم أمضى وإراداتهم أقوى ودمهم أصفى بشهادته ودمه، هؤلاء المجاهدون الابطال سيقاتلون جيش الصهاينة ان فكر ان يدخل الى جنوب لبنان عند كل واد وطريق وتل. وأقسم لهم، ستحملون دباباتكم وضباطكم وجنودكم وسينهار جيشكم عند أقدام عماد مغنية. أيها الصهاينة أيها القتلة أيها المغتصبون، أقسم لكم اننا في أي حرب جديدة سنقاتلكم في الميدان وفي البر قتالا لم تشهدوه طوال تاريخكم وسيدمر (وهنا أقصد دم عماد مغنية سيزيل اسرائيل من الوجود) سيدمر جيشكم في الجنوب ودباباتكم ايضا، بقية هيبتكم وبقية ردعكم ستدمر هناك وتبقى اسرائيل بلا جيش وعندما تصبح اسرائيل بلا جيش فلا تبقى.
حقنا في الرد
سادسا: عندما أتحدث أن استراتيجية المقاومة هي الدفاع عن لبنان هذا شيء، ولكنّ هناك شيئا آخر، حقنا المشروع في الدفاع عن النفس. عندما نُقتل وخصوصا خارج حدود الوطن لا يمكننا أن نسكت على قتل أحبائنا وأعزتنا، ولا يمكننا أن نسمح للعدو بأن يتمادى بقتل قادتنا وأحبائنا صناع النصر وصناع التحرير وحماة الوطن، هؤلاء المجهولون في الارض هؤلاء الذين لا تعرفون صورهم ولا أسماءهم إلا بعد استشهادهم نحن لن نسمح بذلك.
قيل لنا في الايام الماضية لماذا لا تلجأون الى مجلس الامن والمؤسسات الدولية، ماذا نقول هل نلجأ الى مجلس الامن الذي يرفض أن يصدر بيان إدانة لقتل أطفال قانا الذين قتلوا في وضح النهار ولا يحتاجون إلى تحقيق ولا شيء، ومجلس الامن لم يصدر قرار إدانة للمجزرة، وايضا يقتل عماد مغنية ولا يصدر قرار إدانة. ولكن أي حادثة اغتيال كانت تحصل في لبنان مباشرة يجتمع مجلس الامن ويصدر قرار إدانة لماذا؟ ألأن دمنا غير؟ وأطفالنا غير؟ وقادتنا غير؟ وشعبنا غير؟يقولون لنا ارفعوا أمركم الى المحكمة الدولية. أي محكمة دولية التي يوما يهدد فيها بوش ويوما ساركوزي؟ اسمحوا لي أن أنزل قليلا بمستوى الخطاب. المحكمة الدولية التي المدعي العام لها في معراب الذي يتحدث عن حزيران فيه بكاء واصطكاك الاسنان، لأنه هو المدعي العام ويعرف من هم المتهمون، والأحسن من ذلك القاضي لها في كليمنصو الذي علق المشانق وأصدر الأحكام وشمت بالأمهات والزوجات والبنات. هل هذه المحكمة ستجلب العدل؟! أم إلى من نلجأ الى السلطة السياسية اللبنانية التي تجاهلت صانع وقائد التحرير في العام 2000 وهم يعيشون على فتات موائد عماد مغنية؟ السلطة التي تخجل بانتصارنا، السلطة التي تتواطأ علينا؟! ام الى المجتمع الدولي وبمجمله الذي يعطي الحق لإسرائيل في تموز ان تهاجم لبنان وتدمر لبنان، لماذا؟ لان المقاومة أسرت جنديين عن الحدود لتبادل بهما أسرى، بينما بالنسبة لنا ممنوع ان ندافع عن انفسنا ولو قتلنا غيلة، وعندما ندافع عن أنفسنا سنتّهم بالارهاب.
وخلص نصر الله الى القول: سندافع عن أنفسنا، بالطريقة التي نختارها، وفي الزمان الذي نختاره وفي المكان الذي نختاره، نختاره معاً بقرارنا. نحن بقرارنا الوطني المستقل، بإرادتنا وعزيمتنا وشجاعتنا سندافع عن أنفسنا ودمائنا. في أسبوعك يا عماد المقاومة، وأنت جدير بهذه الصفة، لأنك كنت عمادها في الحياة وستبقى عمادها في الشهادة، وبين يدي سيد الشهداء الامين العام عباس الموسوي وشيخ الشهداء راغب حرب، أقول كلمة واحدة وأختصر الموقف كما قلتها في يوم التشييع ولكن بتعبير آخر ... «يا حاج عماد، أقسم بالله أن دمك لن يذهب هدرا».... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.