لا أعلم من هو طعمة السعدي ولكنني وجدت موضوعه يصب في الحديث عن معاناة اللاجئين في مخيمات أيران.
(2002/11/17): "قطع الماء عن المسلمين العراقيين مبدأ إسلامي في الجمهورية الإسلامية ! - طعمة السعدي"
يحدثنا التأريخ أن الإمام علي عليه السلام سمح لجيش معاوية بالتزود بالماء من نهر الفرات في معركة صفين ، وحين سيطر جماعة معاوية بن أبي سفيان على النهر منعوا جماعة الإمام علي (ع) من التزود من مائه.
نفس الشيء حدث حين سيطر جنود يزيد بن معاوية على مياه الفرات وذلك بقيامهم بمنع الماء عن الحسين بن علي عليه السلام ومن معه من عترة رسول الله الطاهرة صلى الله عليه وآله وسلم وأنصارهم فاستشهد الكثير منهم وهم عطشى في كربلاء .
وكلنا نعلم أن ألكثير من الإيرانيين يضربون ظهورهم بالسلاسل ويفلجون رؤوسهم بالقامات حزنا" على الإمام الحسين عليه السلام وصحبه الأبرار في يوم عاشوراء ويستنكرون أشد الاستنكار تلك الجريمة الشنعاء ويلعنون بني أمية لمنعهم الماء عن سبط الرسول( ص) الحسين الشهيد (ع ) وأفراد عائلته الأطهار وصحبه الأبرار وهذا كله جيد عدا ضرب الرؤوس بالقامات والظهور بالسلاسل لأنها ليست من الإسلام في شيء .
وقد حث القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم على مكارم الأخلاق وتكريم الانسان الذي كرمه الله عز وجل و جعله خليفته في الأرض ، وخصوصا" الانسان المظلوم الذي انقطعت به السبل وترك ديار الآباء والأجداد هربا" من الظلم والاضطهاد ناشدا" الحرية والأمن والأمان وحفظ عرضه وكرامته في بلاد العباد. ولم يكتفي بذلك بل أوصى الرسول (ص) بالرفق بالحيوان حتى أنه قال : دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش ألأرض . (كما تحدث الرسول- خالد محمد خالد ص 156). وهذا هو حال اللاجئين العراقيين في المخيمات الايرانية ومخيم رفحاء ، سجناء لا يحق لهم العمل والتجول في البلاد ومحرومون من الرعاية الصحية والتعليم والسكن اللائق ومصادر الرزق الذي توفرها الدول الغربية المسيحية لكافة اللاجئين أيا كان دينهم أو بلدهم أو قوميتهم بمجرد وصولهم أراضيها وقبل منحهم حق اللجوء السياسي أو الانساني. وفوق كل ذلك يقطع الايرانيون الماء والكهرباء عن بعض مخيمات العراقيين في ايران الاسلامية !
ويقول الإيرانيون أنهم يقتدون بالرسول (ص) وأحفاده من آل البيت (ع) وهم مثلهم الأعلى وهذا قول عظيم لو اقترن بالفعل . ولكننا نرى في الواقع غير ذلك حيث أن معاملتهم للاجئين العراقيين تنافي ما يتوقعه الانسان من جمهورية اسلامية ترفع راية التشيع والاقتداء بأهل البيت والعترة النبوية الطاهرة. ان اللاجئين العراقيين في ايران محرومون من أبسط الحقوق التي تفرضها قوانين وأنظمة اللجوء الدولية ناهيك عمّا يفرضه الدين الاسلامي من وجوب رعاية الذين انقطعت بهم السبل الى الأوطان وهربوا من جحيم ظلم الحاكم الفاسق الجائرصدام حسين وعصابته المجرمة وكلهم أمل بأنهم متوجهين الى دولة اسلامية ستوفر لهم الحد الأدنى مما تفرضه القوانين والانظمة الدولية الوضعية معززة بالواجبات الانسانية التي فرضها الدين الاسلامي العظيم على المسلم تجاه أخيه المسلم المظلوم.
ووردنا في الأخبار التي وصلت من ايران في الأيام القليلة الماضية أن الإيرانيين قطعوا مياه الشرب والكهرباء عن 4500 لاجئ من اخوتنا العراقيين في مخيم شوشتر كهدية لهم بمناسبة شهر رمضان المبارك ! وفعلوا بذلك ما فعله يزيد بن معاوية تماما" علما" أن هؤلاء اللاجئين لم يثوروا ضد الايرانين كما ثار الحسين عليه السلام ضد بني أمية الذين استولوا على الخلافة وحولوها الى مملكة وراثية كما يعلم الجميع أو كانوا في قتال معهم كما كان جيش الامام علي (ع) مع جيش الفئة الباغية . وانما ذهبوا الى ايران مستغيثين بالجمهورية الاسلامية التي لم تحسن وفادتهم ولم تقم بما يمليه عليها الدين السماوي العظيم ولا القوانين الدولية.
حدث هذا في شهر رمضان ، شهر الطاعة والغفران ، والعبادة ونزول القرآن ، هذا الشهر المبارك الذي تتطهر فيه القلوب وتغفر فيه الذنوب ، شهر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر . ولم يتذكر حكام ايران وعلماء الدين فيها من الآيات كيف وقف امام المسلمين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحبيبه وابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام ذلك الموقف من المسكين واليتيم وابن السبيل في شهر رمضان المبارك حين قدم طعام افطاره وافطار عائلته الكريمة التي هي عترة رسول الله الطاهرة التي أذهب عنها الباري عز وجل الرجس وطهرها تطهيرا" لثلاثة أيام متتالية الى هؤلاء المحتاجين الذين انقطعت بهم السبل فكرمه الله سبحانه عز وجل في سورة الدهر حيث قال جل جلاله :
بسم الله الرحمن الرحيم
ويطعمون الطعام على حبه مسكينا" ويتيما" وأسيرا 8* انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا* اناّ نخاف من ربنا يوما" عبوسا" قمطريرا * فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا 12* صدق الله العظيم
واذا كان أتباع الامام علي (ع) وأتباع أولاده الذين هم أحفاد رسول الله (ص) لايتذكرون موقف امامهم العظيم هذا ويأخذون العبرة منه في اكرامهم لضيوف الجمهورية الاسلامية طوال اقامتهم الاجبارية المؤقتة في بلادهم ، فمن حقنا أن نتساءل ونضع علامات استفهام كثيرة حول جدية تبنيهم للشعارات الاسلامية ( وأن دولتهم اسلامية وليست قومية عنصرية) واقتدائهم بأهل البيت ، بل من حقنا أن نقول أنهم يرفعونها حين تقتضي مصالحهم ويلقون بها بعيدا" حين تكلفهم هذه الشعارات ثمنا" ماديا" عليهم نفقته من زكاة وخمس وتبرعات المسلمين وهذا من صلب واجباتهم الدينية وواجب المسلمين عموما" أيا كان مذهبهم لأن هذا الموضوع والواجب لا يقتصر على مذهب دون آخر ولا مكان فيه للاجتهادات.
وبهذه المناسبة من حقنا أن نتساءل أيضا" عن سبب الدعم المستمر لنظام صدام حسين منذ غزوه الاجرامي للكويت لحد الآن ببث الأفكار والدعوات المغلفة التي تدعوا بشكل مبطن الى بقائه في الحكم وعن طريق تشجيع التهريب على جانبي الحدود وتزويد بواخر تهريب النفط العراقي ومشتقاته واليوريا والمواد الغذائية وغيرها من الصادرات المخالفة لقرارات الأمم المتحدة بشهادة منشأ ايراني مقابل عمولات وشراكات بين عدي وبعض أبناء المتنفذين الايرانيين من رجال الدين رغم علم القائمين على ذلك بأن عوائد هذا التهريب تعود الى جيوب العصابة الحاكمة وخصوصا" عدي وقصي وعلي حسن المجيد الذين يفعلون ذلك بعلم رئيس العصابة المختبىء في دهاليز تحت الأرض . أو تحول الى أسلحة كيمياوية وبايولوجية وأسلحة أخرى تستخدم ضد الشعب العراقي المظلوم أولا" أو لتهديد دول الجوار العربية أو الاسلامية حصرا" كما أثبتت ذلك التجربة على أرض الواقع طوال الأربع والثلاثين سنة الماضية ، وكيف كان هذا النظام يسقط ما يقارب 90% من الطائرات الايرانية الامريكية الصنع التي كانت تغير على العراق أثناء الحرب التي شنها ضد الجمهورية الاسلامية التي نساها البعض بسرعة فلكية ، في حين أنه لم يخدش دهان طائرة اسرائيلية واحدة من الطائرات الاسرائيلية الامريكية الصنع أيضا" أثناء نزهتها الى بغداد التي دمرت فيها المفاعل النووي العراقي في التويثة قرب بغداد في السابع من حزيران عام 1981 . ولم تطلق عليها اطلاقة مدفع واحدة أو صاروخ واحد مضاد للطائرات ، لا أثناء عبورها الأجواء العراقية وقيامها بمهمتها براحة تامة واسترخاء يثير الدهشة والاستغراب ، ولا أثناء طيرانها عائدة الى اسرائيل قاطعة أكثر من 700 كيلومتر داخل الحدود العراقية الملآى بقواعد القوة الجوية والدفاع الجوي وصواريخ سام ومختلف أنواع الطائرات القاصفة والمعترضة .
وأخيرا نذكر المسؤولين الايرانيين ومؤيديهم الراكضين وراءهم في لبنان المتنكرين لأخوتهم العراقيين الذين نسوا كل جرائم صدام وأخذوا يبادلونه الود بمسؤوليتهم الدينية والدنيوية تجاه العراقيين المظلومين ونقول لهم متسائلين : أبعد كل هذا تلومون العراقيين اذا التجأوا الى أية قوة جبارة هيأ الله عز وجل أسباب رغبتها في القضاء على العصابة المجرمة الحاكمة في بغداد بعد أن جربوا مواقفكم ومواقف غيركم من العرب الذين لا تهمهم الا الصفقات التجارية التي يوفرها لهم النظام ، أو الذين تحركهم أحقاد غير مبررة على الغالبية العظمى من الشعب العراقي ، فالتقى هؤلاء وهؤلاء وظلم واجرام صدام حسين في ائتلاف غريب عجيب ضحيته الشعب العراقي المظلوم ؟ ونقول لهم جميعا" ان الله يصرع الظالم الجبار بقوة ساحقة ماحقة مدمرة ولا راد لارادة الله مهما استنبطتم من حجج وأعذار واهية ، وان الله يمهل ولا يهمل وسيذهب الطغاة الى جهنم وبئس المصير ويبقى الشعب العراقي المظلوم ويبني العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد ولو كره الحاقدون. وستلتقي العيون بالعيون ولا بد أن الكثير ممن وقفوا الى جانب الطاغية من الحكام والمغفلين والمرتزقة وحاولوا أن يمدوا في عمره أياما" أخر على حساب آهات وأنين وصراخ حرائرنا وشبابنا وأجساد أطفالنا الهزيلة التي تعاني من سكرات الموت وأرواح شهدائنا الأبرار سيطأطئون رؤوسهم خجلا" مناّ ونسألهم كيف سيواجهون رب العباد يوم تضيق الأرض بالظالمين بما رحبت وتذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذي حمل حملها ؟
طعمة السعدي / لندن 17 تشرين ثاني 2002