حتى لاتحترق بغداد مرة اخرى
دعوة لبناء عاصمة سياسية جديدة للعراق
السبت 13 سبتمبر 2003 15:13
حسين ابوسعود







نالت بغداد من الشهرة ما لم تنلها مدينة اخرى في العالم بسبب الاحداث الاخيرة واصبح اسم بغداد على كل لسان ولم يبق مكان في الدنيا بما فيها امريكا وبريطانيا لم يرتفع فيه اصوات تدافع عن بغداد وتطالب بالحفاظ عليها قلعة للثقافة والتراث واستعادة ما نهب من ثرواتها التراثية الثمينة، وبغداد معروفة كونها مدينة الثقافة والحضارة والتنوع وارتبط اسمها بالعظمة والابهة والخلافة والليالي النواسية الدافئة والعلم والادب والشعر وقد حولها الجلاد لسنوات طويلة الى مدينة تعج بالمخابرات وعناصر الامن والحرس الجمهوري وجيش القدس والاسلحة ونقاط التفتيش والمداهمات،وظل يحتكرالشواطئ الجميلة لدجلة الخيرويقيم عليها مجمعاته الرئاسية وقصوره الفخمة ويؤذي النخيل والقمر والمقاهي والاضرحة والكنائس والجوامع وشرد منها العلماء والشعراء والادباء وفرق المقامات وظل يدوس كبرياءها باقدامه ليل نهار وينتهك مع ازلامه عفتها وقدسيتها على مرأى ومسمع من العالم، وكان هذا المارد يخلط حقده الحارق بمياه البساتين ويغتصب الازهار حتى باتت بغداد تئن تحت وطأته كجارية جريحة تتكئ على جذع نخلة وهي تشاهد تساقط القنابل والصواريخ وتساقط المباني والطيور والكرامة والعزة و وقد شاهد العالم جميعا احتراق بغداد، وماكانت لتحترق لولا انها عاصمة الدولة وفيها يتواجد الحكام، وهذه ليست المرة الاولى التي تتعرض بغداد للانتهاك والاحتراق ومن هنا تترتب مسئولية عظيمة على ابناء الشعب العراقي والحكام الجدد الذين سيعتلون عرش بغداد مستقبلا في انقاذها من الاحتراق مرة اخرى وذلك بكف اليد عنها وتحويلها الى عاصمة للثقافة و الفنون والتراث والتاريخ وانشاء عاصمة سياسية جديدة للبلاد تضم الوزارات والدوائر الحكومية والقصر الرئاسي ومقرات البعثات الدبلوماسية وبذلك سيتم تخفيف العبء من على بغداد وتخفيف الزحام والاختناقات المرورية فيها، ويجنب ذلك اهل بغداد اهوال الانقلابات في المستقبل.
وقد حدث في الستينات ان قامت باكستان بنقل العاصمة الاتحادية من مدينة كراتشي الصناعية المزدحمة بالسكان الى مدينة جديدة تم بناءها على احدث طراز في احضان الجبال الشاهقة المكسوة بالغابات واطلق عليها اسم (اسلام اباد) حيث تحوي دوائر الحكم والوزارات والسفارات وبعض الاحياء السكنية لموظفي الدولة والدبلوماسيين وهي لاتخضع لاقليم البنجاب التي تقع ضمن حدودها الجغرافية بل تُدار من قبل الحكومة المركزية مباشرة.
ومن الممكن ان يوكل مهمة البحث عن موقع مناسب للعا صمة الجديدة الى مهندسين معماريين عراقيين واجانب لتشييد المدينة عليها بمواصفات خاصة ومناسبة يحددها المختصون.
وبذلك يمكن تجنيب بغداد المزيد من الويلات وتحويلها الى عاصمة للثقافة تزهو بمتاحفها ومقاهيها ومكتباتها وفتح ابوابها للزوار من جميع انحاء العالم فهي زاخرة بالمزايا التي تؤهلها لتكون منطقة سياحية من الطراز الاول بنهرها وهواءها والاماكن المقدسة الموجودة فيها مثل ضريح الامامين الكاظمين وضريح الشيخ عبد القادر الجيلاني وضريح الامام ابي حنيفة النعمان وجعلها بحق وحقيقة دار السلام بدلا من تزاحم الرجال الغلاظ الشداد من عناصر الامن والاستخبارات وغيرهم بين جنباتها.
الان وبعد ان خرجت بغداد من اسر الطاغية هاجت الذكريات في وجدان ابنائها الذين فارقوها والذين اتعبتهم المنافي الباردة وصاروا يتلهفون لليوم الذي يعود فيه الامن الكامل الى المدينة واقامة حكومة ديمقراطية تمثل جميع فئات الشعب من عرب واكراد وتركمان واشوريين وكلدان وايزيديين وصابئة، لكي يلملموا امتعتهم مع السنوات المتبقية من اعمارهم ليتجهوا صوب الشمس وحكايات الامس على شواطئ دجلة ليمسحوا عن وجهها الوجع ويعودوا مع النوارس التي فارقت الضفاف ومع الطيور التي تلوذ بظلال الاضرحة ليشاركوا النهر افراحه وينثروا المسرات في زوايا البيوت التي كانت تطفح بانين النسوة ويغسلوا بماء النهر بركة الدماء التي تغطي وجه الوطن.
ستعود بغداد كما كانت مدينة للمآذن والقباب والدراويش والتكايا والجمال والشعر والاصالة والانوار والحب.
والغد القادم هو غد الخير والصفاء والحرية، غد البناء والنماء والمؤسسات الدستورية.
غد العراق الجديـد.