 |
-
اسئلة على هامش صولة الفرسان
[align=center]اسئلة على هامش صولة الفرسان [/align]
حسن العاشور
Wednesday, 09 April 2008
قد لا يكون من الممكن عد سنين الاحتلال خاصة عندما ترسب الى قاع الذاكرة وراء اشكال من المعاناة قد ينسي وجعها وجع الاحتلال نفسه، فبعد خمس سنين عجاف من الاحتلال يجد العراقيون انفسهم اسرى محبسي الجوع والخوف وكانهم يذهبون نحو هاوية المصداق الذي اشار اليه قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والثمرات)نسال الله ان نكون من الصابرين الذين بشرهم الله تعالى في ختام الاية الكريمة بقوله تعالى (وبشر الصابرين).
ما الذي يحدث بعد سنين الاحتلال الخمس؟ سؤال مربك لانه يضعنا امام معادلة معقدة، ذلك لان الذي يحدث كان قد انبنى على حدث اخر، ففي عراق اليوم الذي خربته الدكتاتورية، واجهز الارهاب على ما تبقى فيه، لم تعد المسافة بين النتائج والاسباب فسحة وظائفية تقوم على تبادل الادوار، اي تصبح النتيجة المنبثقة عن سبب سببا تنبثق عنه نتيجة اخرى.
قد يكون الحدث حكاية الامن والاقتصاد نفسها، التي اصبحت الهاجس الاكبر لكل العراقيين، ولنقل هي نفسها، ولكن بفارق واحد يشير اليه السؤال الاتي ايهما اقصد الامن والاقتصاد، الصق بالهوية الوطنية؟ واكثر قدرة على التاثير الكبير فيها؟ قد يكون الاقتصاد هو الاقرب الى الهوية لتعلقه بالتنمية، ولكن هل يمكن للتنمية ان تتحقق تسير في اتجاه اهدافها بلا غطاء امني.
اذاً، الامر واضح لا يمكن ان تكون الهوية منجزة في لحظة ما، على اقل تقدير، باعتبار ان الهوية تمثل خط متطورا ذاهبا في اتجاه تحقيق معنى يكّون القاعدة الكبيرة للقاء الجماعة، لا تكون منجزة على وفق هذا التصور من دون احساس بالتحرر من هاجس الخوف الذي يفتك بها.
لقد كتب الكثيرون عن الهوية ودورها في صناعة القواعد المهياة لانجاز الفكرة الضرورية، التي ترسم افق الممارسة الذاهبة في اتجاة تفعيل جدلية الهوية الثقافة فالهوية كالثقافة، بل ان للثقافة دخالة في تحديد ملامح الهوية، لانهما يعبران عن جدلية الذات بما تكتنز عليه من مكتسبات، والموضوع بما يمتلكه من امكانيات احتضان تلك المكتسبات.
من هنا اراني اجد ان الوقوف طويلا امام جدلية الهوية قد ياخذني في اتجاه السؤال الجاد والهازل في الوقت نفسه، وهو ايهما اولا الدجاجة ام البيضة؟ وان كان الحس البراغماتي لا يعدم اجابة عن سؤال كهذا، فالدجاجة اولا اذا كان الوقت وقت غداء، والبيضة اولا اذا كان الوقت وقت فطور، لماذا لا نترك التعقيد اذن ونلجا الى هذه البراغماتية التي تفصل الامور على مقاسات الحاجة علما ان الحاجة ليست سيئة على الاطلاق، السيء حقا هو الامساك عن قضائها مع توفر القدرة على ذلك القضاء، وتحقق الضرورة المتطلبة لذلك.
فالاقتصاد اذن الصق بالهوية عندما يطارذنا شبج الجوع، والامن الصق بها عندما يطاردنا شبح الارهاب، الا ترى ان الامور عندما تتبسط يفقد التحذلقون فرصة الاطناب، اما الايجاز فلا يمتلكون بلاغته، وحينذاك عندما يصبح الاطناب من ورائهم والايجاز امامهم يسقط في ايديهم.
قبيل الذكرى الخامسة للاحتلال المرير، الاحتلال الذي نتجرع مرارته كل يوم ونحن نرى الدبابات الامريكية تجوس ديارنا، وعلى ظهورها اناس ينظرون الينا كنماذج تنبعث من وراء التاريخ، لا اريد ان احرض، ولكنني اقولها والله شاهد على ما اقول، اقول انني اصاب بالغثيان واكاد اتقيا عندما ارى الامريكي يوقفني او يوقف غيري من العراقيين باطلاقة في الهواء، اشعر ان هذه الاطلاقة كنعال يرمى علي.
ولكن هذا الاحتلال الذي رسمت خطواته الاولى مذ تسلم البعث السلطة، ومن ثم عبد الطريق لما اسماهم اعلامه الغبي بالعلوج، واذا ما كانوا علوجا، وهم علوج حقا، فالبعث هو العراب الذي دل العلوج الى بغداد.
قبيل الذكرى الخامسة لهذا الاحتلال المقيت، كان الخوف والجوع تستفحل في العراق، في البصرة وحدها يقتل يوميا سبعون مواطن، جلهم من علية القوم اساتذة واطباء ومهندسون وشيوخ عشائر وعلماء دين، اضافة الى نساء تقام عليهن حدود لا قبل للمسلمين بها، فهل سمع احد ان امراة اقيم عليها حد القتل لانها لم تغطي شعر راسها، لماذا يستفحل الجوع والخوف في مدينة البصرة المتاخمة للتطرف، تطرف يهدف الى ان يضيع على امريكا فرصة التقاط الانفاس لحاجة في نفس المتطرف المعهود، ليس للعراقيين منها شيء، وتطرف يهدف الى ان يضيع على العراقيين فرصة التقاط الانفاس، لحاجة في نفس المتطرف المعهود، وايضا ليس للعراقيين منها شيء، لمن اذن هذه الحاجة التي يتصارع في قضائها العراقيون؟ هل يستطيع هذا الصراع ان يقلل اعداد القتلى، الذين يسقطون في البصرة، او يوفر فرصا للبصريين للعاطلين عن العمل؟ يبدو لي انه حقق العكس تماما، ولكنه حقق حاجة الذين ارادوا ان يضيعوا على امريكا فرصة التقاط الانفاس، وحقق ايضا حاجة الذين ارادوا ان يضيعوا على العراقيين الفرصة نفسها.
لست مدافعا عن الامريكان، فهؤلاء لا يعدمون فرصة لالتقاط انفاسهم، ولو من رئات العراقيين، ولكن المفجوعين حقا هم العراقيون الذين يضيعون انفاسهم بين الخوف والجوع.
اخيرا لماذا الان بالذات، وبعد خمس سنين من المرارة التي سببها هذا الاحتلال المقيت يتقاتل الصدريون؟ اتباع السيد الشهيد محمد باقر الصدر، واتباع السيد الشهيد محمد صادق الصدر، من الذي يقف وراء هذه المكيدة؟ ليصور نوري المالكي تلميذ السيد الشهيد محمد باقر الصدر قاتلا لتلامذة السيد الشهيد محمد صادق الصدر؟ اوليس السيد الشهيد محمد صادق الصدر داعية اعتقل بسبب انتمائه الى حزب الدعوة الاسلامية؟ ثم اليس نوري المالكي نفسه كان من المنحازين بوضوح تام الى التيار الصدري ابان احداث النجف الاشرف التي دارت ايام حكومة اياد علاوي؟ وهو الذي قال مرارا وعلى رؤوس الاشهاد يوم كان عضوا في الوفد الذي يجهد من اجل نزع فتيل الازمة حقنا لدماء الصدريين قال ان هناك مؤامرة تحاك ضد التيار الصدري يقطع فيها المتامرون الطريق علينا كلما اردنا اللقاء بالسيد مقتدى الصدر، عندما يكثفون قصف الطرق المؤدية الى بيته.
اعتقد اننا في الذكرى الخامسة للاحتلال نقف امام مفصل زمني بالغ الدقة يضعنا فاقدي الارادة امام خيارات.وان استدراجنا الى هذه الحال ياتي بهدف حسم الامر بما يتفق ومصالح الاخرين، وان انجع اسلوب لسلبنا الارادة هو اخذنا الى خنادق المواجهة، لاننا عندما نتواجه لا نفقد ارادتنا فحسب بل نساق في طريق تحقيق اردة الاخرين.
لماذا تفاجأ المالكي عندما وصل الى البصرة، تفاجا بهذا الزخم الهائل من الرفض لقدومه، وكانه قدم لقتال التيار الصدري، من الذي صور الحال بهذه الطريقة؟ ثم من الذي اراد ان يضع الصدريين، اتباع السيد محمد صادق الصدر، في خندق واحد مع مهربي النفط وتجار المخدرات؟ ان الذي فعل هذه وتلك واحد يجب ان نعرفه، لان في معرفته عتقنا وبارقة الامل التي تحررنا من الخوف والجوع، واذا لم نصل الى معرفة الذي فعل هذه الافاعيل فسوف يقرا ابناؤنا مقالا يتكلم عن الذكرى الخمسين للاحتلال، وقد يقرا الاحفاد مقالات للمرارات القادمة.
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |