 |
-
....ما احوجنا اليك يا ابا جعفر:الصدر الأول.. حركية مرجع
الصدر الأول.. حركية مرجع
http://iraqshabab.com/index.php?opti...1163&Itemid=39
Wednesday, 09 April 2008
مثلما للمرجع خصوصيات، تحدد موضوع الإطار العام للبنية العلميّة لمرجعيّته، كذلك القائد له خصوصيات، تحدّد إطار المعيّته في القيادة الميدانية الناجحة. والصدر الأوّل (قدس سره)، قد جمع هاتين الصفتين معاً، في شخصيته بشكل ملفت للنظر.
لقد كان مشروع الإمام الصدر الأوّل (قدس سره)، مشروعاً متفهماً لحقيقة الإسلام التكامليّة، فكان انعكاساً واقعياً لشموليّة الإسلام. هذه المرجعيّة أرادت أنْ تستنهض جميع طاقات الأمّة، كلّ الأمّة دون استثناء، لأنّها كانت مؤمنة بأنّ الإنسان وليد بيئته، ومتى ما توفرت البيئة الصالحة، يكون الإنسان الصالح موجوداً بين ثناياها. لقد كانت في زمن الإمام الصدر الأوّل (قدس سره)، كلّ الأمّة الإسلاميّة، مهددة بانهيار عقيدتها وفكرها، إنّ لم يكن كلاً فجزءاً بلا ريب، جرّاء حملة عنيفة، ذات بريق أخّاذ، سحرت طروحاتها المسماة بالتقدميّة عقول الشباب. إنّها طروحات الشيوعيّة الماركسيّة، التي تعلن بأنّها تتبنى الحداثة والعلميّة، كمنهج فلسفي يؤطر الفكر الشيوعيّ العالميّ، و أيديولوجيته الأمميّة. هذه الفلسفة تتبنى فكرة محاربة الدين (أيّ دين) وتعتبره نمطاً من أنماط التخلف والتقوقع والتحجر، وتدعو إلى الانفتاح والانعتاق، من قيود التاريخ، والأعراف والمثاليات والتقاليد. فكل هذه المفردات في نظرها، هي عناوين تحكي التخلف، والانعزال عن روح العصر، و التخلي عن طموح الفوز بمستقبل مزدهر للشعوب. وكان الدّين في نظرها، ما هو إلاّ أفيون للشعوب، الدّين عبارة عن ترياق مخدّر، يستلب من الشعوب حيويتها وطاقاتها الإبداعيّة، فتلجأ بعد ذلك إلى تحكيم الغيّبيّات، في حياتها العمليّة. و رجل الدين حسب النظريّة الماركسيّة، هو المستفيد الأوّل والأخير، من حالة الخمول والتخلف الاجتماعي، لأنّه الشخص القادر على فكّ عناصر الغيّبيّات للآخرين (كما يعتقد أنصارهم)، لامتلاكه موهبة فريدة، يخدع بها البسطاء والسذّج، لذا فإنّه يحظى بتقديسهم، وهم يحظون برعايته ومباركته.
وكان ثمة محوراً آخراً يعمل في الساحة الإسلاميّة، هو المحور الغربي، حيّث استطاع هذا المحور، من خلال الحملات التبشيريّة والمدارس الأجنبيّة، التي فتحتها الدول الغربيّة في فترة الاستعمار، في الكثير من البلدان الإسلاميّة، خلال فترة منتصف القرن التاسع عشر، وما بعدها، فأعطت هذه المؤسسات ثمارها، منذ بداية القرن العشرين، حيث أعدّت هذه المدارس، الكثير من المثقفين المتأثرين بالغرب، ثقافة وعلماً وتقاليداً. فمن هذه المدارس، كانت تنطلق البعثات إلى بلدان الأم، حتى يطّلع الطالب المسلم على واقع الغرب، ويتأثر به، ويقارن بينه وبين واقع المسلمين المتردي. هذا الواقع المتدهور، كان ساحة عمل الإمام الصدر الأوّل(قدس سره)، وكان الإمام الصدر، هو المتحدي لهذا الواقع أيضاً، لذا حمل الإمام في فكره مشروعاً تغييرياً شاملاًً، اشتمل على ثلاثة مستويات.
المستوى الأوّل (تحديث المرجعيّة الدينيّة وتوابعها). كان لابدّ للإمام الصدر الأوّل (قدس سره)، أنْ يكون منهجه التغييري، منصبّاً على تشجيع الحركة العلميّة، في الاختصاصات الدينيّة، وتفجير ثورة تغيريّة، تشمل مناهج التدريس وموادّه، التي كان الكثيرون يتورعون عن تجديدها أو تطويرها، باعتبارها مؤلفات تجسّد أفكار علماء أعلام، لهم منزلتهم العلميّة المتميّزة، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال، التجاسر بالوصول إليها، على مستوى صياغتها أو منهجها أو طروحاتها. أنا شخصياً أدركت هذه الفترة، فكان المكلّف لا ينفك في فهم مطالبه الشرعيّة، من دون اللجوء إلى رجل الدين الأدنى من المرجع، وهو وكيل المرجع في المدينة، المختصّ بتفسير المسائل الفقهية، الواردة في الرسالة العملية للمرجع الأعلى، الذي يقلده رجل الدين والمكلف معاً. فالعبارات الواردة في الرسائل العمليّة، كانت تصاغ بلغة حوزويّة، لا يهتدي إلى تفكيكها الإنسان العادي. لقد أدرك الإمام الصدر الأوّل(قدس سره)، بوعيه الرسالي أنّ المكلف المسلم، ينبغي أنْْ تُيسّر له مسائل الشريعة ببساطة، و لكن بدون فقدان فحواها الفقهي المحدد، الذي يحددها بالمضمون والموضوع سويّة. فأصدر الإمام الصدر الأوّل (قدس سره) رسالته العمليّة (الفتاوى الواضحة)، ليضع بين أيدي الناس مصدراً فتوائياً، يستطيع المكلف البسيط، أنْ يعرف عن طريقه ما يحتاجه من أحكام شرعيّة، تتعلق بحياته العمليّة، بمجرد قراءة الباب الذي يختص بالمسألة المعنيّة التي أشكلت عليه، فيجد الحكم الشرعي موجوداً، بطريقة مبسطة واضحة، بدون تردد في احتمالات الحكم الشرعي بين موضوع أو آخر.
المستوى الثاني (إثراء الحاجة الفكريّة). لقد أدرك الإمام الصدر الأوّل(قدس سره)، أنّ الفجوة التي نفذ منها الشيوعيون، والعلمانيّون الغربيّون، هي تلك الثغرة التي تفصل المرجع عن المجتمع. لقد كانت المرجعيّة تصرّ، بأنْ تبقى بمستوى يحفظ قدسيّتها في أعين الناس، فكانت تتحاشى الإندماج بالمجتمع بشكل مباشر، وإنّما كان حضورها، مسجلاً بشكل يحدّده هامش تفسير الشرع المقدس، والإهتمام بالأعمال الخيريّة، إضافة إلى عملها الرئيسي، هو العمل العلميّ في مجال علوم الشريعة الإسلاميّة.
أمّا المستوى الثالث (الحاجة السياسية). صحيح أنّ المرجعية التقليديّة، قد تصدت للدفاع عن حياض الإسلام في العراق، إبّان الغزو البريطاني عام 1914، وقاتلت ببسالة، فاقت شجاعة قوات العثمانيين، (رعاة الخلافة الإسلاميّة في تلك الفترة)، الذين كانوا يضطهدون المرجعية وأبناء طائفتها، لأسباب تتصل بالعصبيّة المذهبيّة. إنّ هذه الحرب الجهاديّة، كانت بحق مفخرة لجميع المسلمين في العالم، وليس لمسلمي العراق فقط. لكن عدم وجود مشروع سياسيّ وطنيّ، يحدّد الإجابة على السؤال التالي: ماذا يكون بعد انتهاء المواجهة مع الإنكليز، في حالة الإنتصار عليهم، أو الخسارة أمامهم؟. إنّ الإجابة على هذا السؤال ظلت مفقودة، ولم تسعفني المصادر التاريخيّة، التي وثقت أحداث تلك الفترة، باجابة مقنعة عنه. وبالنتيجة اكتسحت الجيوش البريطانية العراق، وسقطت بغداد في 21 آذار 1917. صحيح إنّ موقف المرجعيّة، كان مشرفاً لأنّه جسّد مشروع الدفاع الوطني، والدفاع عن الإسلام، بيّد أنّه لم يتحقق أي نصر سياسي على أرض الواقع، لقد أفضت أحداث إحتلال العراق، وإسدال الستار على نتائج حرب المجاهدين، الذين صمدوا على أرض المواجهة، بالرغم من انسحاب القوات العثمانيّة منها، هذا الموقف المتناقض بين المعسكرين (المجاهدين والعثمانييّن)، أدى إلى انتحار القائد العسكري العثماني (حسب بعض المصادر). وحتى ثورة 30 حزيران 1920، فإنّها سارت على نفس النسق، وحققت نفس النتائج. صحيح أنّ ثورة العشرين، أرهقت بشدّة الميزانيّة البريطانيّة، وكادت أنْ تفلس خرينة بريطانيا العظمى، والثورة وضعت بريطانيا في موقف صعب جداً. و صحيح أيضاً إنّ توجهات هذه الثورة وطنيّة بلا شكّ، لكن الكلام ينصبّ على فترة ما بعد الثورة، أو نتائج الثورة. فثورة العشرين فجرتها وقادتها المرجعيّة، ونفذها الشعب العراقي، لكن استثمرت نتائجها، شخصيات علمانيّة (عراقيّة وعثمانيّة)، وسبب ذلك مرّة أخرى، عدم وجود مشروع سياسيّ إسلاميّ، سواءاً قبل الثورة أو بعدها. لقد آلت بعد ذلك الأمور، إلى استيراد ملك عربي من الحجاز بإرادة بريطانيّة، وتنصيبه ملكاً على العراق في عام 1921. وبقي العراق تحت الإحتلال البريطاني، ثم الإنتداب البريطاني، ثم انتقل إلى مرحلة سيطرة حلف بغداد، والحكومات العميلة للبريطانيين، منذ حقبة الثلاثينات من القرن العشرين، حتى قيام ثورة 1958، التي أنهت جميع الأدوار المشبوهة، للسيطرة البريطانية على العراق.
إنّ هذه المستويات الثلاثة، أدركها الإمام الصدر الأوّل(قدس سره)، بوعي عميق و وضع لكلّ منها الحلول الناجعة، لمعادلة كفة الميزان وترجيحها إلى وضع الربح، بدلاً من الخسارة، لصالح الإسلام. لقد سلك (قدس سره)، مسلكاً حياتيّاً خاصاً قلّ نظيره، فقد صنع من نفسه المثل الأعلى للأمّة، فكانت البساطة سمة كلّ حياته المباركة، فاكتفى بأبسط مستوى معاشي، أسوة بفقراء المجتمع العراقي. و انتهج في حياته العلميّة أرفع مستوى علميّ، في زمن لم يكنْ فيه العلماء والمفكرون يشكّلون الندرة، على العكس، ففي زمن الإمام الصدر الأوّل(قدس سره)، كانت الحركة الثقافيّة والفكريّة، نشطة بشكل ملحوظ، وكانت حركة الترجمة وطباعة الكتب، في حالة رواج كبير، فالواقع يؤشر حالة إقبال الناس على حركة معرفيّة متصاعدة، حتى أنّ تلك الفترة سميّت بعصر الأيديولوجيات.
إنّ الإمام الشهيد الصدر الأوّل(قدس سره)، أسّس مشروعه النهضوي، على أساس قيام المرجعيّة الصالحة، التي تتحرك في الواقع وتعيش معه، على عكس المرجعيّات التقليديّة، المنغمسة في التنظير الفقهي، وتحقيق الإمتيازات الخاصة. فالأمر عند الإمام الشهيد الصدر(قدس سره)، ليس مجرد إعلان مرجعيّة جديدة على الملأ، وإنّما تأسيس قاعدة جماهريّة صلبة، تتقبل فكر التغيير الشموليّ للمرجعيّة الصالحة. ومن هذه النقطة كان خط الشروع لهذه المرحلة، فاندمج الإمام الشهيد الصدر الأوّل (قدس سره)، مع طلبة المدارس والجامعات، وطلبة العلوم الدينيّة، والمثقفين والتجار والكسبة، من خلال إسلوبين هما:- الإسلوب الأوّل ؛ منهج كتابة المؤلفات، التي تحدّد بهدف معيّن، لمعالجة احتياج أو احتياجات معيّنة، ونشرها بين طبقات المجتمع. والإسلوب الثاني ؛ تبني نشر المحاضرات عن طريق (الكاسيت) فكان (قدس سره)، يلقي المحاضرات في مختلف الجوانب، فضلاً عن محاضراته في التخصص الفقهي. محاضرات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، وفي الاخلاق وفي التاريخ، وفي سيرة أهل البيت(ع)، وكانت هذه (الكاسيتات) تستنسخ بالالاف، ويتداولها الشباب(على وجه الخصوص) بسرعة، حتى أنّ السلطة البعثيّة، كانت تبحث وتفتش بدقّة عن هذه التسجيلات، وتعاقب من تضبطها عنده بأشدّ العقوبات. وتمّ تأسيس مجموعة كبيرة من المدارس الأهليّة، للبنين والبنات، في محافظات كثيرة من العراق، وقد اختيرت هيئاتها التعليميّة والتدريسيّة، من أحسن الكفاءآت في هذا المجال، والملتزمة بالخطّ الإسلاميّ العام. وكانت مواكب الطلبة، التي كانت تطرَح في المناسبات الدينيّة، أروع الشعارات النّاضجة، التي تعالج أخطاء المرحلة، وتطرح كذلك تصوّرات المستقبل أيضاً. وكانت هذه المواكب تتكون من طلبة الجامعات، وطلبة المدارس الإعداديّة والمتوسطة، وجدير بالذكر أنّ جميع تلك الشعارات، كانت تعبّر عن النَفَس الوحدويّ الإسلاميّ، وروح توحيد المسلمين، ومن المؤكد أنّ شعارات تلك المسيرات، كانت مسيطراً عليها مركزياً، وإنّ جميع تلك المسيرات، لم تطلق الشعارات الطائفيّة الساذجة، كالتي سمعناها (مؤخراً) من بعض المتخلفين (ما كو ولي إلا علي و نريد قائد جعفري)، وشعار (علي وياك علي)، الذي تصدح به حناجر الجهلة، عندما تستقبل أحد المسؤولين الكبار في الدولة (من أبناء الطائفة الشيعيّة)، وكأنه حصة الشيعة فقط، دون بقية العراقييّن. ولحد الآن لم تنتبه أيّة مرجعيّة، (ولا حتى المسؤولين الذين يسمعون ترديد هذه الشعارات ملئ آذانهم)، لخطر هذين الشعارين السطحيين، والمبادرة بالتثقيف على نبذ هذه الشعارات المريضة، لأنها تستبطن حالة فرقة الأمّة... إنّ الإمام الصدرالأوّل (قدس سره) قتله أعداؤه، لكن ربَّ سائل يسأل من هم أعداؤه.
الجواب: هم المتآمرون التقليديّون في سلطة الحوزة، والمتآمرون عليه في سلطة الدّولة. أمّا الذين يغتالون فكره ومنهجه الآن، فهم كلّ أولئك الذين يسعون إلى السلطة، لتحقيق المنافع المكاسب الذاتيّة، عبر استغلال فكره ورمزيّته (قدس سره)، من أجل استدرار مشاعر وعواطف الآخرين. فسلام على سيدي أبي جعفر والعاقبة للمتقين.
محمّد جواد سنبه
-
بسم الله الرحمن الرحيم
ستراتيجية تنمية الشباب في افكار الشهيد محمد باقر الصدر
" إنهم فتية أمنوا بربهم فزدناهم هدى"
" صدق الله العلي العظيم "
كان الشهيد السيد الصدر المفكر المجدد لكل شيء ومن القلة الذين عرفتهم حلبة الفكر الاسلامي المعاصر الذي أنجبته الحوزة العلمية في النجف الاشرف ودافع عن فكره المتجدد في اجواء الحوزة وتحدى الظلم والعدوان والجور الصدامي .
ولد الامام أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر في مدينة الكاظمية المقدسة سنة 1352هـ وهو ينتمي الى أسرة الصدر الموسوية والده اية الله الشيخ السيد حيدر الصدر ، كان من كبار العلماء والمراجع أنذاك .
دراسته الاولية كانت في مدارس منتدى النشر الابتدائية في مدينة الكاظمية المقدسة وكان موضع إعجاب الاساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر .
إنتقل السيد الصدر من مدينة الكاظمية المقدسة الى النجف الاشرف في الثانية عشر من عمره لإكمال دراسته الدينية وحضر الدروس لكبار اساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف ، ومنهم خاله أية الله الشيخ محمد رضا أل ياسين وأية الله العظمى ابو القاسم الخوئي (قدس سرهما ) .
كتب في السابعة عشر من عمره تعليق على فتاوي خاله الشيخ محمد رضا ال ياسين (قدس سره) المسماة (بلغة الراغبين ) واستطاع إكمال الدراسات الفقهية والاصولية وهو في الخامسة والعشرين من عمره عام 1378هـ، بلغ السيد الصدر درجة الاجتهاد وهو في أواخر العقد الثاني من عمره .
نهل من علمه وفضله العشرات من طلاب العلوم الدينية وتخرج على يديه العديد من أفاضل العلماء وخاصة الشريحة الشابة . عاش لله وحده مكرساً حياته كلها للدفاع عن دينه ووطنه العراق عازفاً عن حطام الدنيا وزخارفها فلم يمتلك داراً ولاعقاراً ولاأخر درهماً ولاديناراً وانما كان ينفق كل مايصل الى يده الشريفة من اموال الحقوق الشرعية في مصارفها ويضعها في مواضعها .
الشهيد محمد باقر الصدر مشروع متكامل ومدرسة شمولية متحركة تتحرك في كل الاجواء والابعاد والزمان والمكان ... كان امة في رجل . كما قال الله تعالى :
" إن إبـــــراهيم كـــــــان امــــــــــــــة .... " صدق الله العلي العظيم
لذا فأننا من الصعب ان نخرج ضمن بحث واحد بكل ابعاد هذه المدرسة الشمولية . فالتجزئة الايجابية ضمن تخصص واحد ، يعطينا حيوية وانطلاقه لفتح أفاق جديدة نحو التكامل البشري فالتنمية الشبابية والحركة التنموية في سيرته وافكاره وتوجهاته كلها مباديء توجيهية ومسارات للعمل ووثيقة تعبر عن رؤية موحدة بإتجاهات تنمية الشباب وهي بمثابة الطريق القويم الذي يوضح بأن قضايا الشباب هي من الاوليات يجب التعامل معها بجدية وسعى الى دمج الناشئين والشباب في عملية التنمية ، كصانعين لها ومستفيدين منها ضمن رؤية تركز على اولوية دمج الشباب في التنمية .
قطرات من بحر علمه وعمله الدؤوب :-
1- كتاب فلسفتنا ، تصدى السيد الصدر للكتابة والحوار الفلسفي والفكري بمذاهبه المختلفة حيث كانت الساحة العراقية العلمية في اوساط الشباب في الخمسينات تعاني من نقص في الطرح الاسلامي لمشاكل العصر في المباديء المختلفة ، والف كتاب فلسفتنا في 29 / ربيع الثاني /1379هـ اي سنة 1959م ، ووصفه السيد الصدر بقوله :
" فلسفتنا هو مجموعة مفاهيمنا الاساسية عن العالم وطريقة التفكير فيه ولهذا كان الكتاب "
إن الحركة الفلسفية والاستقرائية التي اوجدها السيد الشهيد الصدر بين قطاع الشباب وطلاب الكليات منحت لشبابنا الفرص الحقيقية للتعبير عن ارادتهم وافكارهم وفتح الافاق نحو الوجهة الصحيحة بأساليب عمل منهجية وتربوية واجتماعية متطورة . وكان يؤكد سماحته في ثنايا افكاره في فلسفتنا بأن الوعي عند الشباب بالذات والذي كان يعدهم بناة الوطن والدين وقادة المستقبل وهم حلقة الوصل بين العمل الحضاري والتاريخي لهذه الامة .
ـ فهو –رحمة الله عليه – كتب فلسفتنا من اجل ان يقول (الاسلام كلمته قوية عميقة صريحة واضحة كاملة شاملة لتكون الحياة والانسان والمجتمع والدولة والنظام , ليتاح للأمة ان تعلن كلمة الله في المعترك وتنادي بها ، وتدعوا العالم اليها كما فعلت في فجر تاريخها العظيم )(1) .
2- اما كتاب إقتصادنا : ناقش السيد الصدر النظريات الاقتصادية اضافة للاشكالات الفلسفية
نقاشاً علمياً وقارنها مع الاطروحة الاسلامية وهو دراسة موضوعية .
فجاء فيه ( ان الاقتصاد الاسلامي يتفق مع كل المذاهب الاجتماعية في ضرورة الاهتمام بالانتاج وبذل كل الاساليب الممكنة في سبيل تنميته وتحسينه وتمكين الانسان الخليفة في السيطرة على الارض ويقوم بتوزيع الثروة على اساسين احدهما : العمل والأخر الحاجة ويستأصل كل اشكال الانتاج الرأسمالي) (2)
( ان الله سبحانه وتعالى أناب الجماعة البشرية في الحكم وقيادة الكون واعماره اجتماعياً وطبيعياً وعلى هذا الأساس تقوم نظرية حكم الناس لأنفسهم وشرعية ممارسة الجماعة البشرية حكمها نفسها بوصفها خليفة الله تعالى) (3) .
والسيد الصدر(رض) اعتبر الاسلام المدرسة القـــادرة على ادارة السياســة والاقتصــاد والاجتمــاع في آن واحد فمحور تغير هذا الاداري الرتيب وتطويره هو العقل الابداعي للانسان المسلح بالايمان والجذوة الايمانية المتقدة التي يحركها نحو القناعة الكاملة للاستفادة من العقل بدلاً عن النظرية ( الميكافيلية ) فالشهيد الصدر في اقتصادنا وضع الخطط العريضة لبناء الانسان وبناء الاوطان في آن واحد وجعل من الشباب وعقله وابداعه الحتمية التاريخية ليكون الة للبناء . فالشاب عندما يتسلح بسلاح العقل والايمان والقناعة يصمم على اتمام عمله حتى ولو كلفه ذلك ثمن حياته .
فالجذوة التي اوقدها السيد الشهيد عند الشباب في الستينات لازال رأسماله الحركة والنشاط والحيوية ، فالشهيد الصدر وضع النقاط على الحروف عندما بين التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية والاسرية والتربوية والمؤسساتية والتشريعية كلها تحديات نابعة عن الفساد والابتعاد عن الدين وضعف البنى التحتية وسوء الإدارة والتنظيم على ضوء المتغيرات كالبطالة والفقر وتسليط افكار وتوجهات بعيدين عن واقع شبابنا وكان يؤكد سماحته بان الأقتصادالمنظورداعم لتنمية الشباب وتوجههم نحو العصرنة والتطور لفتح افاق جديدة للشباب نحو مستقبل ناجح .
3ـ ومن المشاريع المؤسساتية التي اسسها السيد الشهيد والتي تدعم الحركة الشبابية وستراتيجيتها بشكل كبير والذي اعتمدنا عليها كوزارة في مشروع برلمان الشباب المزمع تاسيسه في هذا العام , بعض هذه المؤسسات :-
أـ ـ ناسيس حزب الدعوة الاسلامية
ب ـ تاسيس جماعة العلماء
ج ـ اطروحة المرجعية الرشيدة
د ـ مشروع اصول الدستور الاسلامي
ح ـ حكم الشورى في الاسلام
و ـ البنك اللاربوي في الاسلام
كانت لهذه المشاريع المؤسساتية معاني كبيرة واسعة في إستقطاب الجماهير نحو العمل المؤسساتي والجماعي في العراق والمنطقة في تطوير الافكار والبلدان والابدان .
لقد خاطب الشهيد (رض) في مشاريعه المؤسساتية بشكل مباشر الشريحة الشابة وخاصة طلاب المدارس والكليات والحوزات العلمية وكانت الاستجابة رائعة فاق التصور واصبح سماحته قبلة هذه الشريحة ومبدعيها الامر الذي يعزز من الاعتقاد بان الشهيد (رض) قد خطط ليكون المشروع والعمل المؤسساتي اداة العمل السياسية – الاجتماعية في حركة الاسلام والمجتمع في الواقع السياسي الداخلي والخارجي . لقد استثمر الشهيد الصدر الظروف السائدة انذاك استثمارا ذكيا ومبدعا لوضع اللبنة الستراتيجية للمشاريع المؤسساتية واشرف بشكل مباشر لتنفيذه وترويجه.
كان الامام الشهيد الصدر يكن حباً ... وتفهماً ... واهتماماً كبيراً بالشباب وكانوا الشباب مقربون للسيد الشهيد ويكنون له كل تقدير واحترام وطاعة بفضل فكره وعلمه وعبقريته.
كان (ره) رأسماله الشباب ،ويعتبر الثروة البشرية ، اعم نفعاً واكثر فائدة في جميع الثروات المادية الاخرى اذا مارتقى اعدادها واحسن استغلالها ... فالدول يعلو إسمها بشبابها ومبدعيها وانطلاقا من مفاهيمه الوضاءة اعلاه تبنت وزارة الشباب والرياضة استراتيجية لتنمية الشباب في العراق وهي الان على طاولة مجلس الوزراء والتي يضمن مستقبل الشباب وفق اسس عصرية متينة منبثقة من الدستور ونظام الحكم لعراق جديد وهي تفسح المجال أن نعمل على الارتقاء بالقطاع الشبابي في العراق وتقرير المشاركة السياسية وضمان الحقوق المدنية والسياسية لهم واحاطتهم بأتفاقيات حقوق الانسان والحقوق المدنية والسياسية والمعنية وترسيخ السلوكيات الايجابية الصحية للشباب الواعي .
تعد وزارة الشباب والرياضة ، هي اعلى جهة حكومية بقطاع الشباب ونعمل من أجل تنظيم الحركة الشبابية وتأهيل وتنمية المواهب الفكرية والصحية والاجتماعية والتربوية والرياضية وتساهم بأعدادهم وتحصينهم وتنمية طاقاتهم نحو المساهمة في بناء العراق والتعبير عن روح المواطنة العراقية الصالحة واحترام القانون ونبذ العنف واشاعة ثقافة احترام الرأي الاخر .
فالشهيد الصدر ذلك المدرسة الشمولية التي اوجدت الانطلاقة الحرة في الضمير العراقي . وعلمنا ان ندرك ان للشباب وضع خاص بهم ، لذا في الدراسة و الستراتيجية المقترحة والمنبثقة من عصارة افكار سيدنا الشهيد اهدافاً كثيرة ومتعددة ... وهي تطالب تظافر الجهود ، جهود الوزارات ككل من أجل الارتقاء بهذه الشريحة الكبيرة التي تشكل اكبر شريحة في المجتمع العراقي اي 63% من مجموع السكان .
ان هذه الاستراتيجية هي وثيقة وطنية تلتزم بها مؤسسات الدولة تتناول اولويات الشباب العراقي واحتياجاتهم وطموحاتهم والموارد المتوفرة والفرص المتاحة والممكنة وتهدف الى ضرورة تأصيل روح المواطنة عند الفتيات والشباب لانهم يشعرون بأهمية هذا الوطن وترابه الطاهر ، وتوفير المناخ العلمي ، والادبي والثقافي ، والفني ، والاعلامي لكل مواطن اينما كان واينما وجد على ارض هذا الوطن ونخص منهم الشباب والفتيات .
وسترفع المعاناة عن هذا الشعب الاصيل طيلة 35 عاماً من الفقر والجوع والحروب والمقابر الجماعية والاعدامات والتهجير والالغاء ... وضرورة منح شبابنا فرصة حقيقية للتعبير عن ارادتهم وافكارهم ، ومنحهم الحق الكامل في التعليم وتسهيل مهمتهم في اكمال دراستهم الاولية والعليا ، والاخذ بيد الشباب الموهوبين والمبدعين ودعمهم مادياً ومعنوياً . وضرورة توفير فرص العمل التي تكفل لهم الحياة الحرة الكريمة في ربوع هذا الوطن العزيز لينعموا بخيراته .
وتدرك الحكومة العراقية ايضاً ان تنمية الشباب هي عملية شاملة تتطلب تعاون كافة اجهزة ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني ومن ثم تنطلق السياسة القومية للشباب من التأكيد على مبدأ المشاركة والتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني في وضع وتنفيذ وتقييم هذه السياسة .
ووزارة الشباب والرياضة ، تدرك ان الشباب ليسوا فئة متجانسة ، وانما تنوع من حيث الفئة العمرية والانتمائات الجغرافية والمهنية ودرجة التعليم كما تتنوع اهتمامات ، واحتياجاتها ومن ثم من المهم وضع سياسة وطنية للشباب تتسم بالشمول والتكامل وتتعامل مع كافة شرائح الشباب وتلبي احتياجاتهم مع تنوعها .
ووزارة الشباب والرياضة تدرك ايضاً ان هناك تحديات ومعوقات كثيرة تواجه سير الحركة الشبابية وتقف حجر عثرة أمام كل تقدم وتنمية وتطور لهذه الفئة التي هي عماد هذا الوطن من أهمها ؛ التحديات السياسية والاقتصادية والثقافية والاسرية وهناك تحديات تربوية ... ومؤسساتية وتشريعية .
لابد من وضع استراتيجية طموحة للشباب ؛ طموحة نحو مشاركة فعالة ومجزية للفتيات والشباب في المؤسسات والنشاطات التي تلبي طموحاتهم وامالهم واحلامهم ورفع كل التحديات والمعوقات التي تقف في وجه مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية للمجتمع العراقي ... ولابد من تفعيل دور الشباب في التأثير على عمل مجلس البرلمان للشباب وضمان دمج منظور وهموم الشباب ومشاركتهم في السياسات والمؤسسات واصلاح المنظومة المجتمعية .
وبكل هذا يكون الشهيد الصدر بذل ماينبغي من الجهود لتأسيس أدوات تنفيذ مشروعه التغييري . الأدوات التي تعمل في الوسط الاجتماعي وتقوم بمهمة الكوادر الاسلامية ثقافياً والادوات التي تنهض بواقع المؤسسة ، وبالتأكيد فأن هذا التأسيس لم يتحرك بصورة كلية وفق خطط الشهيد كما أفترضها . انما جاء هذا التأسيس في حلقاته الاخيرة مرتهناً الى ضغط الاشكالات الداخلية والخارجية التي واجهها ... وهي اشكالات كما سنرى لاحقاً كبيرة وخطيرة .
فالدين الاسلامي ، كما يرى الشهيد هو دين شمولي يؤطر الممارسات ويجعل المسلمين ينطلقون دائماً من موقع العقيدة لا من الفوضى او تمييع العقيدة والعبادات في الاسلام ، رسم الاطار الذي يعيش فيه المسلم عقيدته وعبادته ، هذا الاطار يتناقض مع كل الرؤى الفلسفية الغربية المادية والمثالية معاً والعقيدة والعبادات يجب ان يعيشها المسلم في نظر الاسلام بأبعادها الروحية والاجتماعية .
نم قرير العين ياقبلة العراق الجديد ,ان طلابك ومريدك وانصارك سيملؤون الارض بافكارك ومشاريعك ومساهماتك ... فسلام عليك ياسيدي يوم ولدت ويوم عشت سعيدا ويوم رحلت الى ربك مخضبا بدمك .............
جاسم محمد جعفر
وزير الشباب والرياضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فلسفتنا ، المجمع العلمي للشهيد الصدر ، ط1 ، ص6 .
(2) صورة تفصيلية للإقتصاد ...... ص41-47.
(3) خلافة الانسان وشهادة الانبياء ....ص14 .
-
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |