لمصلحة من شيعوا جنازة المالكي؟؟؟
جواد موسى الأنصاري
Sunday, 13 April 2008
بداية، أؤكد على أني لا أدافع في هذا المقال عن السيد المالكي ولا عن الأخطاء والتجاوزات التي حصلت أثناء العمليات في البصرة وفي مدينة الصدر والتي ينبغي نقدها وتصحيحها
إنما أدافع هنا عن قداسة الذاكرة العراقية ومعاناتها الطويلة من ظلم الدكتاتورية الدموية. حيث قبل أيام انطلقت مظاهرة من مدينة الصدر نظمها التيار الصدري، وقد حمل المتظاهرون نعشاً رمزياً وضعوا عليه صورة المالكي الذي وصفوه بالدكتاتور وتلذذت بعض الفضائيات ببث واعادة بث هذه الصور مقدمة بعض أنصار التيار الصدري وهم يقارنون بين المالكي وصدام. ومن حق المر أن يشك في انتماء هؤلاء الى هذا التيار المجاهد، أولاً لأن هذا الاتهام يحصل في بلد تخلص للتو من دكتاتور دموي قتل الملايين على جبهات الحروب المدمرة وفي أقبية السجون ولا زال أبناؤه يعانون من آثار الأسلحة الكيماوية ويبحثون عن ذويهم في القبور الجماعية. ثانياً، اغتال صدام ونظامه وعذب الآلاف من القيادات الفكرية والدينية والسياسية ومنهم السيد محمد محمد صادق الصدر وقبله السيد محمد باقر الصدر وأخته العلوية الصابرة بنت الهدى. كيف يمكن إذن أن يؤدي رفض الخضوع للقانون لأي سبب كان الى خلط الأوراق واحتقار الذاكرة العراقية بهذه الدرجة المخيفة من قبل أناس يريدون إقناعنا بأنهم من أنصار الشهيد الصدر. لذلك فأنا أدعو قادة التيار الصدري المخلصون الى التحقيق في هذا العمل وإعلان تبرئهم من مثل هذه الممارسات المسيئة إليهم والى كل أبناء العراق.
ولكن الكارثة الحقيقية تكمن، في رأيي، في دفاع بعض المثقفين عن هذه الممارسات ومحاولتهم إلباسها ثوب المشروعية. وأفضل مثل على ذلك مقال قرأته على موقع الوسط أون لاين (10/4/2008) يضفي كاتبه المشروعية على هذه الممارسة الجارحة لكرامة العراقيين عموماً، وألخص المآخذ المهمة كالآتي:
يبرر مقارنة المالكي بصدام بقوله "خصوصاً وأن (صولة الفرسان) نفَّـذها وخطَّـط لها كِـبار الضباط العراقيين، ممَّـن خدموا في الجيش العراقي السابق، وبعضهم ساهَـم في قمع انتفاضة الجنوب العراقي عام 1991.
يقارن الكاتب بين ما حدث في البصرة" وما حصل في الدجيل، قائلاً: "وإذا كان المالكي وقَّـع على تنفيذ إعدام صدّام، الذي أدانته محكمة الجنايات بقتل 148عراقيا وتم بالفعل تنفيذ حُـكم الإعدام بصدام لتلك التهمة فقط، فإن خصومه الجُـدد وحلفاءه السابقين - الصدريين - ومعهم أعداء المالكي التقليديون، يأخذون عليه أنه استخدم القوة المفرطة في أحداث البصرة، ولم يستثن المدنيين، كما حصل في كربلاء والديوانية ومُـدن أخرى" وهكذا يجرؤ الكاتب على اختصار سجن المئات نساء ورجالاً في سجن نقرة السلمان والاعتداء على حرماتهم في أقبية التعذيب وتجريف الأراضي بمقتل 148 عراقياً ليظهر أن هذا العدد قد تجاوزناه في البصرة.
ولا ينبغي أن تنطلي علينا عبارة "فان خصومه... يأخذون عليه" حيث إن العارفين بفن الاعلام يدركون أهمية عنصر الربط الذي قدمه بدون ترك مجال للتشكيك به.
يقرر الكاتب وبشكل متعسف فشل القوات الحكومية "بكل عدّتها وعددها في تحقيق أي هدف من أهداف حملة المالكي العسكرية على البصرة ... قبل أن تتدخل إيران لصالح المالكي وأقنعت السيد مقتدى الصدر ... بسحب التيار الصدري جميع المسلحين التابعين له من الشوارع والمناطق التي كانوا يحكمون قبضتهم عليها طوال أيام صولة الفرسان""
التأكيد على مبالغات باطلة بأن البصريين يرون أن المالكي دمَّـر البصرة دون تحقيق أهدافه وأن مقتدى الصدر قد أنقذه "بموافقته على الهدنة، وعلى لائحة اعتقال بـ 200 مطلوبا، بينهم شخصيات محسوبة على التيار الصدري"
الباس القوات العراقية ثوب القوات المعتدية والمتحالفة مع الشيطان عندما يقول -على سبيل المقال لا الحصر- "شنَّـت القوات العراقية خاصة مدعومة من قِـبل قوات أمريكية -تسمى القوة القذرة -... حملة اعتقالات استهدفت أمين عام حزب"ثأر الله"الإسلامي سيد يوسف الموسوي وأشقائه وبعض أقربائه وحمايته، كما اعتقل عدد من أفراد البيوتات المُـسيطرة على تهريب النفط وسيارات"البطة"، التي يتِـم بها تنفيذ الاغتيالات، ونقلت مصادر أن أسماء نافذة في السلطة المحلية في البصرة، موجودة في لائحة المالكي. ونلاحظ هنا اعتراف الكاتب ببعض الانجازات مما أنكره في النقطتين السابقتين.
يؤكد الكاتب هشاشة الأجهزة الأمنية مضيفاً: "ليس هذا فحسب، فقد سجَّـلت حالات قتال عدة سمَّـاها بعض الجنود المستسلمين لجيش المهدي بأنها سوء إدارة وعدم تكافؤ، جعلا معركة البصرة "محرقة للقوات الحكومية" ثم يبدأ بالتبشير كما يبدو بالنهاية الكارثة أي بترسيخها في البصرة وبغداد ومُـدن أخرى لا سيما أثناء "العملية الموعودة في الموصل"
إن لمن المؤسف أن يقوم أحد ضحايا النظام الصدامي ممن عاش حياة المهجر في ايران لسنين طويلة وهو صاحب خبرة إعلامية مهمة بترديد المبالغات والتبسيطات التي تشوه واقع العراق الجديد، متناسياً أن الكلام عن المالكي بهذا الشكل يساهم في تأخير عملية بناء دولة القانون والمؤسسات في العراق وهذا يتجاوز شخص رئيس الوزراء الحالي الى كل المسؤولين في الحال والمستقبل. من جهة أخرى، يبدو أن مواقف الكاتب المسبقة منعته من رؤية ما أقره حتى حكام الدول الخليجية حسب شهادة وزير الدفاع الأمريكي (العربية 11/4/2008) حيث أبدوا اعجابهم بالمالكي وبشخصيته الوطنية، دون الكلام عن التأييد الكبير الذي تلقاه من قبل جميع القيادات السياسية العراقية تقريباً لما قام به من خطوات جريئة بهدف تثبيت أسس الحياة الدستورية ودولة القانون في هذا البلد.
°ˆ~*¤®§(*§*)§®¤*~ˆ°ليس كل ما يعجبك يرضيك°ˆ~*¤®§(*§*)§®¤*~ˆ°