لماذا سقطت الناصريه
ارتباك القياده في النجف
ثورة اهل النجف على النظام
اعفاء مزبان وعادل الدوري


حرب الصحاف:

أجرى الحوار :جابر عبيد

أعده للنشر: علي سعيد

هل يمكن الحديث عن حرب لم تنته بعد·· من كان يروم أن يؤرخ لها فبالتأكيد لن يستطيع أن يفعل·· أما من كان يريد أن يفهم ما جرى أو يجري بين ركام المعركة فالمحاولة ممكنة بلا شك·· والحرب في العراق هي من صنف الحروب المستعصية الفهم·· بل إنها من بين تلك الحروب النادرة في التاريخ البشري التي لا يمكن حتى لصانعيها أن يجيبوا إجابات واضحة عن اتجاهاتها غير المتوقعة ونهاياتها الغامضة·· لكن الحرب رغم غرابتها ظلت وفية لتاريخها في إبداع نجومها وصنع مآسيها·· وإذا كنا لسنا بصدد توزيع الألقاب على أحد إلا أننا من منطلق إعلامي مهني صرف لن نترك المؤرخين يوماً يتحدثون عن حرب الخليج الثالثة دون أن يتوقفوا عند محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي السابق·· فإذا كان لوزير أن يتحول إلى ظاهرة فإن الصحاف كان كذلك بلا منازع خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة من حكم صدام حسين·· اثار الرجل غبار المعركة على طريقته·· حضور لافت·· ولهجة قوية·· وقاموس مثير ينهل من غريب اللفظ·· لم يختلف المراقبون على حدث خلال أسابيع الحرب قدر اختلافهم على مؤتمرات الصحاف لكنهم جميعاً تابعوها بنهم وشغف بل لم يخف حتى الرئيس الأميركي إعجابه بها·· ولم يكن بوسع أحد أن يتبين وسط غبار المعركة ودخان برك النفط·· من يتقدم على من؟ تصريح الصحاف أم الدبابة الأميركية؟ ثم كان على محبي الصحاف ومنتقديه أن ينتظروا ثلاثة أشهر لكي يطل الرجل عليهم من جديد خارجاً من كهف الحدث·· بدأت ملامح الصحاف وكان الزمن القصير قد فعل فعل السنوات الطوال·· وبدا صاحب الصوت المجلجل ميالاً للصمت·· شحيح القول·· نافراً من الأسئلة لكنه مع ذلك بدا كمن يريد أن يقول الكثير لكنه يؤجل ذلك إلى موعده·· على الشاشة التي أطل منها للمرة الأولى بعد رحلة الاختفاء الغامض·· شاشة قناة أبوظبي·· يعود الصحاف هذه المرة قادماً من بغداد·· يأتينا ابن بلدة الحلة قرب كربلاء حيث ولد قبل 63 عاماً·· الرجل الذي درس الصحافة ودرَّس الإنجليزية وانتمى للبعث وهو في سن العشرين·· وبعد انقلاب عام 68 بدأت مسيرة حياته المفعمة بالمناصب والتقلبات·· تنقل بين إدارة الإذاعة والعمل الدبلوماسي بما في ذلك الأمم المتحدة·· اخذته تداعيات غزو الكويت إلى وزارة الخارجية خلال عشرية الحرب والحظر·· واخذته ارهاصات الحرب الجديدة إلى وزارة الإعلام·· واخذته نهاية الحرب العاصفة خارج العراق·· وبين منطلق الرحلة في بداية الستينات ومغادرة بغداد في يوليو الماضي أربعون عاماً من حصاد سياسي مثير للجدل·· يأتي الصحاف لنرحل معه وبه في خمس حلقات عما قاله وعما لم يقله·· عن الشخوص وظلالهم·· عن القوة التي تبخرت·· عن معارك الشمال الغامضة·· وسقوط الجنوب المر·· والسقوط الحر لبغداد·· سنسأله عن الخطط كيف أعدت·· والمهمات كيف وزعت·· والفتن النائمة كيف استيقظت·· حرب الصحاف عنوان اخترناه بين عناوين كثيرة·· عنوان ارتأيناه مناسباً للقاء ليس في غايته مشاعر جهة أو طرف لأن الحديث مع صناع قرار الحرب أو السلم عمل إعلامي لا يستحق أن يبرر·· كما أن الحلقات لا تهدف الى محاكمة أحد·· إنه لقاء يسعى الى كشف ما أمكن من الزوايا المظلمة لكل من يريد أن يفهم بغض النظر عن المواقف المسبقة·


تكتيك وسرعة الأميركيين حسمت الموقف في حرب الناصرية


ü قصة سقوط طيارين اثنين في نهر دجلة·· ماذا وراءها؟
üü عندما بدأ هذا الأمر قام الصحفيون بالتوجه الى هناك، وانتشرت الكاميرات، وانا سألت الدفاع المدني·· الذي يركض في هذه الحالات الى هناك، قالوا لي نحن نتابع ذلك في التليفزيون ولكننا أرسلنا فريقا الى هناك، قلت لهم اسألوا لنا·· هل هناك طيارون سقطوا فعلاً، وأين؟ وزارة الإعلام قريبة من هذا المكان، ونحن لم نلحظ قيام معركة سقطت فيها طائرات، نحن نبتعد 400 أو 500 متر فقط من مكان الحدث، قال الدفاع المدني لا توجد معلومات عن ذلك، لكن ربما في الطرف الآخر من حي الرصافة، اذا كان هناك طيار سقط، واحتمال ان تكون حاويات فيها منشورات واعتقد الناس انها بشر داخل المظلات، ولما سألني سكرتير رئيس الجمهورية قلت له ما أبلغني اياه الدفاع المدني·
ü لكن ألا ترى ان هناك حلقة مفقودة·· رئيس الجمهورية يسأل عن مصير الطيارين واذا كان قد تم القبض عليهما، وسكرتيره يقول سألت وزير الاعلام وبعد ذلك لم يتابع مع الرئيس الأمر·· كيف؟
üü هذا ليس موضوعا جوهرياً بالنسبة الى رئيس الجمهورية، ثم ان الرئيس يأخذ معلوماته من مصادر أخرى، ثم ان معلومات الحرب يجرى عليها اكثر من تدقيق، ورئيس الجمهورية يتابع من خلال العسكريين، والشريط المعروض يتضمن دردشة بين الرئيس ومن معه·· وهو يسأل عن القبض على الطيارين وهذا أمر طبيعي·
هذه دردشات، وفي الحروب أهم ما يهم هو المعلومات الدقيقة، والا فكيف نتخذ القرارات·· انها تحتاج الى هذه المعلومات، والتي يقوم برصدها شخص امين ومختص، من المهم للغاية موضوع دقة المعلومات هذه·
üفي الشريط المعروض·· قصي يقول لصدام·· انتظر الليلة وسآتيك بأخبار الناصرية في الصباح ولكن الأخبار لم تكن جيدة في الصباح·· ماذا حدث؟
üüنعم·· فالأخبار التي جاءت من الناصرية وعرفتها نتيجة اتصالاتي بها، كانت اقل بكثير مما كان متوقعاً في الناصرية·· في تلك الايام الممتدة، كانت المعارك في جنوب الناصرية وفي الصحراء الواقعة بيننا وبين السعودية قد استغرقت اربعة أيام، كانت معلومات هذه المعارك مشوشة جدا نتيجة سرعة الاميركان في الحركة، قاموا بهجوم سريع على مدخل المدينة، قواتنا ظنت ان هذا هو الهجوم الرئيسي على المدينة، فقاموا برد سريع وكبير، فانسحب العدو بسرعة وبخسائر قليلة لأن هذا ليس هجومه الرئيسي، وطلع الى الصحراء، وقد استمرت وحدات من قوات العدو في حركتها دون توقف عند الناصرية، تحاشت الناصرية وارادت ان تؤثر على الروح المعنوية لنا فأقامت حواجز شمال الناصرية، كل العراقيين الذين مرّوا ووقفوا أمام نقاط التفتيش اعتقدوا ان الناصرية سقطت لأن نقاط التفتيش صارت شمالها، في حين لم تكن المدينة كلها قد سقطت· كان تفكير بغداد حيال ذلك ان تمد الناصرية بالمزيد من القوات، كما يحكي قصي - في الشريط - وكان الهدف منه ايذاء العدو ولكن النتائج كانت سلبية أكثر وأكثر، إذا كانت النتائج فيما قبل 70 في المئة صارت 50 في المئة، فإن الهدف هو تقطيع الأفعى الأميركية وقتل أكبر عدد من الجنود، وهذا لا ينطبق فقط على جبهة الناصرية، فقد بدأ هذا في البصرة قبل الناصرية، في البصرة تم الحاق أذى كبير بوحداتنا، لأنهم استخدموا قوة نارية بشكل جنوني، قتال البصرة هو الذي قلب الموازين عندهم، ولم يحقق لهم النصر السريع· لكن النتائج المحدودة في الناصرية ضعضعت الحال، عند القيادة وعند المقاتلين· وفي أحد اجتماعاتنا كوزراء كان هناك قلق شديد من أداء الناصرية، وكان التقدير لأداء عضو القيادة عادل الدوري بأنه أداء ضعيف واتخذوا قراراً بأن يبدلوه، أن يسحبوه الى مكان آخر، وان يبعثوا آخرين ويعطوا القرار للعسكريين·
ü كيف كان صدام يتعامل في هذه الحالة·· عندما تأتيه أخبار كهذه؟
üü كان يتعامل بهدوء، ان الأداء ليس جيدا، وكنت أتوقع أكثر من ذلك، ويتخذ مع الآخرين قرار التبديل· لقد تكررت مأساة الناصرية بطريقة أكثر أذى في النجف·
ü هل يمكن أن تشرح لنا وجهة نظر القيادة العراقية في تحريك القطع العسكرية العراقية في ظل التفوق الواضح لآلة الرصد الكبيرة لدى قوات التحالف، وكأنك تحكم على هذه القوات بالاعدام·
üü ليس كلها قد تم الحكم عليها بالاعدام كما تقول، لا توجد قوات مسلحة لا تحرك وحداتها أثناء الحرب، هناك ضرورات حاسمة لذلك، هناك قسم تحرك وتقريبا أبيد، وهناك قسم تحرك ونجحت تحركاته، ما جرى هو بين بين·
ü أنت حضرت اجتماع صدام حسين وفيه تقرير سلبي عن الأداء في الناصرية ولكنك خرجت تقول كلاما بعيدا وأن الناصرية لم تسقط، هل تذكر تصريح وزير الدفاع من ان القوات الأميركية قد تكون في بغداد خلال خمسة أو عشرة أيام·· لماذا لم تقترب أنت أبدا في تصريحاتك من ذلك؟
üü ذلك يعود الى اختلاف الوظيفة وطبيعة الدور لكلا الوزيرين، وزير الدفاع يشرح الجانب العسكري الصرف، وهو عندما شرح ما قاله قال ان القوات الاميركية ترفض أن تدخل معنا في معارك في هذه الأماكن ولكنها تتحاشى وتخرج بعيدا لتصل الى بغداد، وبناء على ذلك بنى توقعه على أساس أن تصل القوات الأميركية الى أطراف بغداد، ولكنه لم يقصد طبعا ان سيحدث ما حدث، كان يقصد أنهم سيواجهون مقاومة شديدة ومعارك في بغداد·
ü لكن أنتم أيضا قلتم من البداية ان المعركة معركة بغداد، وان القوات الاميركية ستكون قد انهكت قبل أن تصل بغداد؟
üü كان هذا كلاما للدعاية، لكن المعركة لا يجب أن تكون في بغداد فقط·· بل في كل مكان، كانت الخطة ان يتم قتالهم في كل مكان، ما حدث انهم فعلا قد قوتلوا في كل مكان، لكن الاتصال في معظم الأماكن لم يكن كما كان مخططا له·
ü في معركة النجف·· أنت خرجت الى الناس لتستنهض همم الشيعة في العالم ضد ما يجري؟ معركة النجف كانت في 2 ابريل، وحدث ان كتيبة عسكرية أميركية دخلت النجف وغضب جموع الناس فصوّب الجنود بنادقهم الى الأرض وانسحبوا·· ولكنهم سيطروا بعد ذلك على كل النجف ·
üü لم أحاول إعطاء صبغة دينية للحادث، فهو في مكان ديني - يقصد قصف أماكن مجاورة للعتبات الشيعية المقدسة - ولا غبار على ذلك، وهي محاولة منا لتحريض الشيعة واستنهاض همتهم ضد الغزو·
ü لماذا كنتم تعتقدون ان الشيعة قد يتجاوبون مع هذه المحاولات؟
üü شيء طبيعي لأن هذا اعتداء على الأماكن المقدسة·
ü لكن هذه العتبات المقدسة تم الاعتداء عليها من قبل النظام بسبب دواع مختلفة·· اختبأ فيها رجال مثلا·· اذن هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ألم تخش من أن يؤدي ذلك للمقارنة؟
üü كنا نخشى من ان يقع شيء منظم يشوش الصورة، وقد وقع هذا الشيء·· في النجف، كانت قيادة المنطقة ومسؤولها مزبان، وايضا كنا عند الرئيس صدام وكان الرئيس يقول عن هذا العضو الثاني في القيادة الذي ارتبك أداؤه مما اثر على أداء العسكريين، فالقائد العسكري للمنطقة ضمن الفرات الأوسط كان يوضح لمزبان ان هذا خطأ وهذا ما ينبغي، كان مزبان مرتبكا ولا يسمع كلام المستشار العسكري، فأدى الى تعثر وتأخر اجراءات القتال حوالي يوم كامل، مما ساعد هذا الارتباك في ان تتقدم القوات الاميركية وتقتحم اكثر واكثر دون ان يكون هناك عمل كبير ضدها، فاستبدل بسرعة، وأعطيت الصلاحيات للقادة العسكريين بعد ذلك، وتكررت في منطقة النجف في كربلاء كرّ وفرّ، انسحب الأميركان قليلاً ولكن بعد ان اصبحوا هناك·
لا أقول ان ارتباك مزبان كان السبب وحده، فقد كان هناك عمل من الناس ضد النظام، فهناك قسم منظم من المواطنين تمرد ضد القيادة والحزب والسلطة هناك وبدأوا يحرضون ويعملون ضد النظام، الرئيس علق وقال انا حزين لهذا، والحمد لله كانت صغيرة وبعدها سكتوا وراحوا، وقال الرئيس: يعز عليّ ان يكون من أهل النجف من يفعل هذا، ربما كان الرئيس يتوقع ذلك، ولكنني سمعت منه اسفا وألماً لذلك·
ü ارتباك مزبان هل يعني انه كانت هناك بوادر خيانة او تجاوب مع الأميركان؟
üü لا·· لا، بدليل انه تم سحبه الى غير مكان وتم اعتقاله·· هذا ما جرى·· لقد تم سحبه من النجف الى بغداد، ثم راح الى مزرعة أهله في بعقوبة، بمعنى انه أعفي من مناصبه·
ü حتى ذلك الوقت كانت الاجتماعات تستمر بنفس الوتيرة السابقة؟
üü نعم، كانت الاجتماعات متواصلة يوميا، او كل يومين، كانت لنتائج ما يأتي من معلومات سيئة تلقى بآثارها على القيادات السياسية، الذين كان يظهر عليهم الهم وعدم الرضا·
ü ألم يكن ذلك مصدر نقاشات أو خلافات بين وزير الدفاع وبين الباقين؟
üü أمامي لا·· لم يحدث ذلك، لأن الصورة ليست قاتمة لهذه الدرجة، كان هناك وجه مظلم هذا صحيح لكن كان هناك وجه مضيء·· كان هناك أناس يقاتلون·
ü يعرف الكثيرون حتى خارج العراق ان وزير الدفاع سلطان هاشم رجل كفء·· لكنه لم يحقق ما أراد؟
üü لدي شعور بهذا المعنى، لكن ليست عندي أدلة على ذلك، لدي تصديق لذلك بالقياس لا بالأدلة، لم يكن يشتكي لي شكاوى خاصة، لكنه كان يشتكي علنا، ويعلن تبرماً من آراء ومطالب الحزبيين والسياسيين من اعضاء القيادة فيما يتعلق باجتهادات لهم لم يكن لها اساس، او مطالبهم بتسليح الحزب أو الناس المتطوعين أو المدربين على المقاومة من خلال وحدات صغيرة·
ü كان الاسبوع الثاني للحرب هو أسبوع البصرة·· ماذا حدث؟
üü كانت هجماتهم شديدة، ولكن كان الرد أشد، أعلنوا مقتل عامر قائد الفرقة ولم يكن هذا صحيحا، وخرج الرجل وتحدث، لقد كنت أتابع الموقف على صعيد معارك البصرة مع القوات البريطانية عبر الهاتف على البدالة العسكرية مع القيادة بالبصرة، لم تكن المقابلة لهذا القائد العسكري عامر مع قناة ابوظبي، بل كانت الجزيرة، انا اتصلت بهم وطلبت ذلك، كان عامر قر رفض قبل ذلك ان يعطي مقابلة وأنا رجوته ان يفعل ذلك·
كان الوضع كله كراً وفراً، وأي واحد مكاني كان سيطلب ذلك من عامر لاثبات كذبهم·
ü بعد ذلك التصريح الذي أدلى به هذا اللواء بعدة ايام تم استهدافه بدرجة كبيرة؟
üü نعم وصلتني تلك الأنباء، وانه لحقت به اضرار، وكنت احصل على المعلومات من طرق عديدة، من القوات المسلحة التوجيه السياسي، ومن وكالة الأنباء العراقية، ومن الفريق سلطان الذي كنت التقيه يوميا، ومن مكتب الرئيس وقت الضرورة·
ü كانت آبار النفط في قلب الحرب، وكان هناك تهديد عراقي بحرقها، هل كان العراق يؤمن تلك الآبار اثناء الحرب؟
üü نعم، كان عليها حماية، لكن من الناحية العسكرية - كما سمعت - كان العسكريون العراقيون يقولون من غير المجدي في هذه الصحراء المفتوحة ان تضع وحدات عسكرية كبيرة لحماية آبار النفط، فسوف تباد هذه القوات وستحرق الآبار، ولأن الأميركان يريدون النفط فكانت وجهة النظر هذه هي الأقوى، فلنتركها، لأننا لانستطيع ان نقاتل في صحراء مفتوحة لحماية أنابيب وآبار، فهي لا محالة واقعة في أرض العدو واذا ما أراد أن يُغير عليها، كانت هناك حرائق في بعض الآبار، وتصور الأميركان اننا احرقناها، وقد سألت هل يقصد الأميركان خنادق النفط المحترق ام يقصدون الآبار؟ قالوا: لا·· كان هناك بئر احترق نتيجة صاروخ وقع عليها بالخطأ، ونحن من جانبنا، قواتنا لم تضرب ولم تحرق الآبار، ونحن لم نترك عليها جيشا، ولذا لم تقع معارك هناك، والاغلب انهم يقصدون بحرائق النفط، تلك الحرائق الناجمة عن خنادق النفط الخام المشتعل التي كانت في كل مكان، في بغداد وفي البصرة، فأصدرنا توضيحا بأنها خنادق نفط مشتعلة وليست آبار مشتعلة· وكانت استراتيجية كل طرف تجاه آبار النفط واضحة، لم نقم بتلغيم آبار النفط ولم نقتنع بفكرة الدفاع العسكري عن آبار النفط، وقد وضعنا هناك مجموعات صغيرة للدفاع لا قوات كبيرة، لقد تركنا موضوع الآبار عمومما ولم نتحدث عنه، وهناك تحدثوا عن اننا احرقناها وهذا لم يحدث·
ü تراجعاتكم في البصرة هل اثرت على خطة بغداد؟
üü أثرت كثيرا، كانت هناك حركة مستمرة من المعلومات حول ذلك، حول ان نتيجة بدء الارتباك والخسارة كان لابد من اجراء تعديلات كثيرة، مثل تحريك ألوية من جملة الألوية التي تحمي بغداد باتجاه العزيزية والنعمانية ولأن تركيز قوات الغزو على بغداد هو التركيز الاول، فان عدداً من هذه الواحدات تم ضربه بقسوة بحيث ان ارتالاً من الدبابات وحاملات الجنود تم حرقها كاملة، هذه الحركة - بقدر ما اعرف - ثلاثون أو اربعون دبابة يقضي عليها بشكل كامل، بعض الارتال وجدت طواقمها وقد غادرتها، شردوا منها، فلما دمرت لم يكن فيها جنودها·
ü اذن ضربت هذه الدبابات وهي جاسمة·· اذن الهروب ايضا مشكلة؟
üü مشكلة كبيرة، هناك احتياط جنود يتم التعويض به، لكن في بعض الاماكن لم يكن ممكنا تعويض الجنود من قوات الاحتياط، كان جنود الاحتياط لا يحتفظون بمراكزهم لان الاميركان كانوا يقطعون عليهم الطريق بعد احتلالهم اجزاء متفرقة·
ü هل كانت هناك اعدامات ميدانية لمن يحاول الهروب؟
üü لم اسمع ذلك، ولم تكن هناك اجراءات لذلك· وكنت اقول في بياناتي على قوات الاحتياط ان تذهب الى اقرب مكان، ولكن هذا كله كان مبكرا، كنا نعتقد ان ذلك سيكون بعد اشهر، تبديل وحدات، لأننا كنا قررنا انه من تنتهي مدة خدمته لا يبقى بل يستبدل بالاحتياط، يتم تسريحه ويأتي غيره، اثناء الحرب، ولكن هذا قرار ايجابي منا حتى يستريحوا ويشعروا بالثقة وبأن الحرب ليست على رؤوسهم فقط· الذين التحقوا بعد هذا البيان كانوا يمثلون عددا لا بأس به في بعض الاماكن وكانوا قليلين في اماكن أخرى·
ü ماذا عن دور اسرائيل في تلك المعارك·· عموما؟ موفاز قال اثناء الحرب انها جاءت لحماية اسرائيل؟
üü عسكريا، ليست عندي معلومات عن دور عسكري لاسرائيل، فقط اعلاميا وبعض ركام صواريخ اسرائيلية· كانت القناة الفضائية العراقية قد بدأ التأثير عليها في 2 أو 3 ابريل وبدأت تتوقف صورتها وعليها تشويش كبير، كنا نتصور ان هناك خللاً ما في ارسال ذبذبة الفضائية العراقية من المقر الفني للعرب سات في تونس، طلبت مساعدة الاخوان في تونس، هل السبب فني أم لا، المهندسون المختصون عندنا لاحظوا ان التشويش يأتي من غرب العراق، وكان التقرير الاقرب للواقع بعد ان رصدنا ذلك·· انه يأتي من اسرائيل، ايضا·· نحن استأجرنا (3) وصلات فضائية، حتى لو شوشوا على احداها خرجنا على الثانية أو الثالثة، ولما كنا نتصل بالعرب سات في تونس ونقول لهم سنبث على الذبذبة كذا قالوا لنا لا تقولوا ذلك لان الهاتف مرصود ويدخلون عليها·
ü هل تطرقتم الى موضوع اطلاق صواريخ على اسرائيل في الحرب التي جرت 1991 في اجتماعاتكم؟
üü لا، اطلاقا، عندنا صواريخ، فقط اقل من 150 كم مداها·
ü ناجي صبري قال في نهاية الاسبوع الثاني للحرب ان هناك خمسة آلاف متطوع عربي في العراق·· هل تم التغرير بهم·· وكيف كان تعاملكم معهم·· لاسيما انهم شكوا من اهمالهم من القيادة؟
üü قبل الحرب، استقبلوا، وكانوا يأتون افواجا، تم الترحيب بهم، خصصت لهم معسكرات واماكن سكن، واستمر العراق يستقبل، وكان العدد اكثر من خمسة آلاف، كان التخمين ان يتجاوز 15 ألفا، وقسم منهم دخل البلد أثناء الحرب، ولأن أعداد المتطوعين كبيرة، وكذلك فقد كانت انشغالاتنا أثناء الحرب كبيرة، في أحد المؤتمرات الصحفية نهض شاب وقال لي أنا متطوع عربي ولا أعرف ماذا أفعل ولمن أتوجه، قمت بتوجيهه إلى أين يتصل بمكاتب وزارة الدفاع· وكان رأي الرئيس أنه من الأفضل أن يكون المتطوعون مع قيادة القوات المسلحة، لم يغرر أحد بالمتطوعين العرب حتى يأتوا، إنهم أيضاً جاؤوا مدربين ولا يحتاجون الى تدريب عالي المستوى، كانوا قد تلقوا تدريبات فدائيين لا تدريبات عسكريين نظاميين، مثل حماس والجهاد مثلاً كنموذج للتدريب لا كجماعات أرسلت مقاتليها، وكانوا عموماً من سوريا ولبنان ومختلف الجنسيات· ولا أعرف أين تدربوا لكنهم جاؤوا متدربين، وعلى صعيد المنظمات مثل القاعدة أو غيرها لم يعرض أحد علينا المساعدة أو الدعم، كان المتطوعون الذين جاؤوا إلينا متطوعين عرباً شباباً في ريعان شبابهم لا ينتمون لجماعات جاؤوا للدفاع عن العراق· لم يأت المتطوعون إلينا من خواء، مثلا من لبنان، جاؤوا من الجهة التي تهتم بذلك، ولذا لا يمكن أن يندس أحد بينهم·
ü في فجر الثالث من أبريل قالت واشنطن إنها أنزلت قواتاً في مطار بغداد· وهو ما كذبه الصحاف كما كذب قبله بيوم الأنباء التي توالت عن قرب دخول القوات الأميركية إلى بغداد· سألك شاكر حامد·· فذهبت بهم إلى المطار·· ماذا كان يجري في تلك اللحظة؟
üü لم تكن هناك قوات أميركية، في المطار، لا في مبنى ولا مدارج ولا ساحات المطار، ولا مشارف المطار، قد تكون في عامرية الفلوجة أو أبو غريب·· أي على مسافة من المطار، لذا رأيت أن يرى الصحفيون من المطار لضبط الوضع النفسي والمعنوي، لقد أراد الأميركان أن يستبقوا من أجل هز الوضع النفسي·
ü لكن حتى الوصول إلى أبو غريب أو الفلوجة·· لم يكن ينبغي أن يحدث حسب ما وضعتم من خطط كيف تعامل الصحاف مع ذلك كشخص؟
üü أنا كشخص، كانت قناعاتي وتصديقي لما يقول العسكريون كبيراً، كنت أعرف أنهم سيأتون ويتقدمون ولكن لن يخترقوا المدن، وقيل إن قواتنا لا تزال في الرمادي والفلوجة والحبانّية والكيلو ،160 والقوات حيث مواضعها موجودة وقاتلت القوات الأميركية ثم ابتعدت عنها وتوجهت إلى بغداد، كان العسكريون يقولون لي إن هدفهم بغداد، ولكننا سنرد بهجومات مقابلة، وكنت أصدق هذا الكلام· وأنا قلت إنه سيكون هجوماً غير عادي فيه إبداع في الوسائل ضد القوات الأميركية·

جريدة الاتحاد الاماراتيه