المالكي.. الإنجازات والتشكيك
حازم مبيضين
Saturday, 12 July 2008
يبدو أن بعض القوى القومجية والإسلاموية، وتلك التي تواصل العيش أو الموت - لا فرق - في ظل وهم المنظومة الاشتراكية، وهي تواصل رفع الشعارات التي مضى زمنها، تستكثر على نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي أي إنجاز،
وتسعى للتشكيك في أي موقف سياسي يتخذه مستهدفاً مصلحة الشعب العراقي، المتفهم لمعادلة عدم الثبات عند موقف سياسي جامد، والوقوع أسيراً لذلك الموقف، لمجرد إرضاء أصحاب الاصوات العالية والفعل المنعدم، بغض النظر عن المتغيرات السياسية، أو الواقع الذي لا يقبل السكون، امتثالاً لحركية الكون، وتناغماً معها.
يذهب الرجل إلى إيران المجاورة، ليبحث فيها التدخلات التي تمارسها بعض أذرع الثورة الإيرانية في بلاده، فينبري هؤلاء إلى التذكير بسنوات اللجوء التي قضاها المالكي في إيران، مؤكدين أنها صنعت منه عميلاً، وأنه لا يتحرك خارج إطار توجهات الولي الفقيه، ويغمضون أعينهم متعمدين عن الضربات الأمنية التي وجهتها القوات العراقية، تنفيذاً لأوامره، لمجاميع محسوبة على إيران، لأن تلك التنظيمات خرجت عن الخط الرئيس للدولة العراقية الجديدة، المأمول أن تسودها الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الإنسان، خاصةً وأن حكامها الحاليين، هم أول من ذاق مرارة غياب هذه القيم عن المجتمع العراقي طوال سنوات الحكم الشمولي، الذي أجبرهم على اللجوء خارج وطنهم لعدة عقود.
ويفاوض الرجل الولايات المتحدة الاميركية على عقد معاهدة أمنية بين البلدين (يعرف الجميع حاجة العراق إليها)، فيطلع علينا هؤلاء بأن المالكي هو صنيعة واشنطن، وذلك رغم وضوح الخلافات بينه وبين الإدارة الاميركية على بنود المعاهدة وتمسكه بأن تعقد بين طرفين مالكين للسيادة، وإصراره على وضع جدول يحدد مسبقا مواعيد انسحاب قوات التحالف من أرض الرافدين، ويسعون للتشكيك بما يعلنه الرجل، على اعتبار أنه عميل لواشنطن لا يستطيع الخروج على أوامرها، طبعاً بالإضافة إلى عمالته لطهران، على ما بين العاصمتين من خلافات في وجهات النظر حيال الملف العراقي، وتضارب مصالحهما إزاء ذلك الملف.
نستطيع بالطبع أن نتفهم اعتراض بعض السياسيين العراقيين على سياسات المالكي، بسبب اختلاف الاجندات أو الرؤى أو المصالح، خاصةً الحزبية، لكن العصي على الفهم، والمرفوض تبعاً لذلك هو التدخلات الخارجية، التي ينبري لها نفر من المنظرين قومجياً واسلاموياً، وكأن هؤلاء يعتبرون أنفسهم أوصياء على الشعب العراقي، الذي بنى أعظم الحضارات في منطقتنا، على مدى تاريخه، والذي يتنفس أبناؤه العمل السياسي بقدر ما يتنفسون الهواء، ويتجاهل هؤلاء أن في العراق من الكفاءات؟ لو وزعت - ما يكفي حاجة الوطن العربي برمته، غير أن النظرة الحولاء، هي ما يميزهم عند نظرهم إلى التحولات العميقة الجارية في العراق، والتي يعرفون جيداً أن نتائجها لن تتوقف عند حدوده، وأن الرياح التي تهب من أرض الرافدين راهناً ستصل إليهم محدثةً فعل التغيير المنتظر والمطلوب.
يمارس الرجل ديمقراطيته، فيتهمونه بالضعف، ويمارس سلطته المكفولة بالدستور حفاظاً على أمن مواطنيه ووطنه، فيتهمونه بالتسلط، يسعى لبناء العراق الجديد على أسس الاقتصاد العالمي السائد، فيتهمونه بممالأة شركات النهب الإستعمارية، يتطلع إلى بناء علاقات حسن جوار مع الدول المحيطة ببلده، فيأخذون عليه أنه يضيع هيبة العراق، يحترم مرجعيته المذهبية، فيتهمونه بالطائفية، وينسون طائفية القاعدة التي تحارب طموحات الشعب العراقي في الاستقرار والتفرغ للبناء، والمحصلة أنهم يرونه مخطئاً، حتى لو غسل الكعبة عند كل بزوغ شمس.
وبعد، فان المطلعين على حجم التحولات التي يمر بها العراق، يدركون أن القافلة ستمضي في مسيرتها، وأن أصحاب البيوت الزجاجية الذين يرجمون بلا حجارة لن ينالوا في آخر الامر غير الخذلان.
الرأي