تصحيح السيرة النبوية الشريفة ..

دور ورقة بن نوفل في توجيه النبوة المحمدية

كتابات - غالب حسن الشابندر

هذا فصل من كتاب كامل تناولت فيه سيرة سيّد الخلق محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان الله قد منّ على كاتب هذه السطور بهذا الفضل الكريم طوال عام كامل ، حيث عالجت السيرة العطرة معالجة نقدية صارمة ، تتعدّى المناهج التقليدية ، ولعلّ هذا هو السبب الذي آل بيَّ إلى التشكيك بكثير من الشائع منها على الالسن والمسطور في الكتب والمؤلفات ، بما في ذلك حوادث تكاد تكون من المسلّمات خاصّة فيما يتعلق بلحظة الوحي الاولى ، وقد تعرّضت لها بالتفصيل ، كذلك سفره الى الشام ، وكذلك قصة سراقة وغيرها من القضايا الكبرى التي تناقلناها جيلاً بعد جيل ، ولا أريد هنا بيان منهجي في معالجة مثل هذه القضايا ، فقد أرجأتها إلى مناسبة أخرى ، ولكن قد ينتبه القارئ إلى بعض معالم هذه المنهجية من قرائته لهذا الفصل ، وهو قطعة من فصل واسع تناول لحظة الوحي الاولى . والكتاب أن شاء الله في طريقه الى الطبع .

1

يتميز ورقة بن نوفل بموقع مرجعي مهم في بنية الحدث ـ لحظة الوحي الاولى ـ ويرتبط هذا الموقع بشبكة متداخلة من الإدعاءات والممكنات، فهو لم يكن ذلك الانسان العادي مثل ميسرة أو غيره، بل هو تأريخ وحضور وانتظار، والمرجعية التي يكتسبها ورقة من رواية البخاري وغيره تعود الى هذه الشبكة المتداخلة في عالم المعرفة والنسب والعمر والفكر والرواية. ومن هنا فإن دراسة موضوع (ورقة بن نوفل) ينبغي ان ترد الى هذا الجذر التكويني، فهو منبع دوره في عملية الوحي.

الاخبار التي تخص ورقة تتسم بالقلق والاضطراب، وذلك رغم هذه الأحالات الكبيرة الى شخصه وادواره، بل نقرأ (ولا نعرف من امره شيئاً واضحاً صريحاً يلقي الضوء على حياته وعلى معتقده وآرائه ومواقفه من اليهود والنصرانية غير تلك الروايات المهلهلة الغامضة التي يرويها اهل الاخبار...)1.

لقد كانت مهمة ورقة بن نوفل في لحظة الوحي الفعلي خطيرة للغاية كما رأينا في الروايات السابقة، انها مهمة الكشف عن حقيقة هذه اللحظة، تسليط الاضواء على الجانب السرَي منها، تجلية الظاهرة وفق ناموسها الرباني الحقيقي، وقد كانت ايضاحاته بمثابة ورقة الانقاذ للرسالة بل لمحمد بكل خصوصياته النبوية والرسالية التي هزت الكيان العالمي برمته. فهل من المعقول ان تغيب اخباره بهذا الشكل المأساوي؟! وفي الحقيقة ان اكثر من مؤرخ يقف مترددا امام هذا القس، أو هذا الحنفي، وبالتالي يكون رأياً آخر حول دور صاحبنا المنسوب له في البخاري وغيره.



(2)



يقولون انه (ورقة بن نوفل بن سعد بن عبد عزى بن قصي)2. ولا يغري النسب بالحقيقة في تراثنا العربي، فربما نسب لا وجود له في الواقع، وهذا هو نسب رسول الله صلى الله عليه وآله، يختلفون في وسائطه بين تقديم وتأخير وبين وجود وعدم. فكيف بأنساب اهل الجاهلية وصدر الاسلام؟!

ولكن ما جثمه النسب الى هذا الاضطراب الهائل في شبكة أخباره هنا، وهناك، ان استعراض هذه الأخبار سوف يقودنا الى ضرورة اعادة النظر في أوضاع هذه الشخصية الغريبة الغامضة.

(3)



(حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده، عن أبي صالح أو عكرمة: ان قليمة سفير رسول الله (ص) لما قدمت به من بلادها، اضلَته بأعلى مكة، فوجده ورقة بن نوفل ورجل آخر من قريش، فأتيا عبد المطلب، وقالا: هذا أبنك وجدناه متلدداً بأعلى مكة. فسألناه من هو؟ فقال. انا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب فأتيناك به، فنزل قوله تعالى: "ووجدك ضالاً فهدى")3.

في هذه الرواية نفهم ان العلاقة الرعوية بين ورقة ومحمد لم تكن في لحظة الوحي الفعلي وحسب بل لها تاريخ طويل يعود القهقرى الى ايام الطفولة. وسنرى ان هذه العلاقة سوف تأخذ منحىً تصاعدياً خطيراً. ولابد من أن نتتبع مفاصل هذه العلاقة الغريبة. فورقة هنا يلعب دوراً إنقاذياً تراجيدياً، فمن يدري، وبغض النظر عن الدواعي الغيبية وفلسفة النبوّة ... من يدري ... لو لم يعثر ورقة على محمد الطفل في الجبل لكان قد أكلته الذئاب أو يقضي نحبه من الجوع أو يقتله عابر جبل؟! إن دور ورقة هنا يرتبط بسلسلة ادوار أخرى يلعبها هدف متجانس!! ان سمة "المنقذ" تمارس صياغة جوهرية أساسية، مورثة بطل في حياة محمدر منذ نعومة اظفاره، ويربط دور المنقذ ورقة بأفق الغيب البعيد، حيث يشرق المستقبل بأشارة الى الماضي، فأن لورقة فضلاً كبيراً، وأن انقاذ محمد على يد ورقة في تلك اللحظة لابد ان يسجله الوحي في صميم التأريخ.

في الرواية (هشام بن محمد بن السائب الكلبي ... قال احمد بن حنبل انما كان صاحب سحر ونسب ما ظننت ان أحداً نحدث عنه، فقال الدار قطني وغير متروك ... وقال يحيى بن معين: غير ثفة وليس عن مثله يروى الحديث ...)4. وفي الرواية ايضاً هذا التردد بين راويين (أبي صالح وعكرمة)

هذه الحادثة تعود الى جذر تأسيس سابق عليها، ففي طبقات أبن سعد، تقرأ ان امرأة كانت قد عرضت نفسها على عبد الله (والد النبي) بغرض الزواج منه وذلك لجماله وحسنه. هذه الأمرأة هي (قتيلة بنت نوفل)، أي أخت ورقة، ولكن عبد الله رفض ذلك.5

هكذا تبدأ القصة، انها ذات تأريخ، فليس الامر يتعلق بورقة وحسب، بل بأخته قتيلة، فمن الواضح، اننا بين يدي قصة تكّونت فصولها بالتدريج، ولكن فن أتصال حلقاتها لم يكن بتلك الدرجة من الأحكام.

الرواية مرسلة لأنها تقف عند عروة، وفي سندها ابن أخ الزهري وقد ضُعّف كما في مغني الذهبي6، وفي سند آخر تقف عند سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، فهي هنا رواية مقطوعة مع العلم لم يوثق سعيد هذا غير ابن حيّان وتوثيقه غير معتد به اذا اقتصر عليه7. وجاءت هذه القصة بسند (هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن ابيه عن ابي صالح عن ابي عباس ...)8 وفي السند هاشم المتروك9. ويحدثنا في هذا السياق البلاذري، ان امرأة كانت قد التقت عبد الله، والد النبي الكريم، وبشرته (بأنه ابو النبي الذي أطل وقت مولده)10، وأشعرته في ذلك شعراً دينياً جميلاً يصب في هذا الإتجاه، وكانت قد إستقرأت ملامح وجهه الشريف بعد أن دخل بآمنة بنت وهب، فأدركت هذه النبوءة الأمر الذي دعاها الى تبشيره بإبنه الذي سيكون نبيّاً.

ترى من هذه المرأة المتنبئة؟!

قال الواقدي ( الإمرأة التي قالت لعبد الله ما قالت هي قتيلة بنت نوفل بن اسد بن عبد العزى بن قصي، أخت ورقة بن نوفل، كانت تنظر في الكتب)11. وفي الرواية التي ينقلها البلاذري هشام بن محمد السائب السابق، وطريف الواقدي مجهول والغريب ان صدى كل هذه الروايات غاب تماماً في لقاء خديجة لورقة في خصوص لحظة الوحي الفعلي، كما إنها ضعيفة الارتباط الإشارين التنبيهي في حادثة الجبل المصيرية، كذلك في قضية ورقة في احتفال زواج الرسول من خديجة، هل من المعقول ان يضيع كل هذا التراث في مناسبات تدعو بإلحاح الى الإشارة اليه والإستشهاد به بشكل وآخر؟! سؤال مشروع.

(4)



وتلتقي مرة أخرى بـ(ورقة) على ذات الامتداد، أي بنفس العلاقة السابقة التي تتسم بطابع الرعاية والتبنّي بشكل من الاشكال، فقد قيل ان ورقة كان أحد الحُضّار في حفل خطبة رسول الله من خديجة!! أكثر من هذا، أنه خطب في الحضور!!12 بعد خطبة أبي طالب في الموضوع، وانه قال (الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، إشارة الى كلام ابي طالب، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، فنحن سادة العرب وقادتها، وانتم اهل لذلك مكة، لا ينكر العرب فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم، فإشهدوا عليّ اهل قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله على اربعمائة دينار)13. وهناك شبكة من الاخبار المتداخلة والمتناقلة حول علاقة ورقة بزواج رسول الله من خديجة، فقد قيل ان ابا طالب خطب الى ورقة خديجة لمحمد، وقيل ان خديجة بالأساس مسماة لورقة لورقة بالذات14، ولست ادري متى كانت هذه التسمية15. فخديجة عندما تزوجت كان عمرها اربعين عاماً، وقد إقترنت برجلين قبل ذلك، ويبدو ان (ورقة) كان شيخاً×، نفهم ذلك من مجموع القرائن المدّعات، اما الخطبة المزعومة فلم ترد في مصدر معتبر، نعم جاءت في الطهطاوي والزيني وحلان والحلبي والكافي والبحار، وبعض هذه المصادر عبارة عن حشو وتنضيد15، وليس كل ما في الكافي صحيح، وسنده في خطبة ابي طالب المقارنة لخطبة ورقة ضعيف واهٍ جداً.



(5)



وتبلغ هذه العلاقة ذروتها عندما ينتصب (ورقة) كمعلم مرجعي لكل اشكالية اللحظة الاولى في حياة الوحي الفعلي لرسول الله صلى الله عليه وآله. فهو الذي فسّر السّر وأوضح اللغز وحل الإشكال!! وهو الذي اعاد الإطمئنان الى قلب رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الذي وضع النبي بين يدي مستقبله المرتقب!! بل هو الذي امتحن نبوته الكريمة العزيزة. وقد مرت علينا بعض الروايات من انه علَّم رسول الله الفاتحة الشريفة! وفي روايات أخرى انه سأله عن آياته اثناء سعيهما معاً بين الصفا والمروة، والى ما هنالك من أخبار عجيبة.

ولقد قلنا في حينها، ان اي مرجعية تفسيرية لشؤون تلك اللحظة مرفوضة وان محمداً وحده هو المصدر والمنبع. سواء كانت تلك المرجعية خديجة او ورقة او عدّاس او اي مصدر آخر.

(6)



وتستمر مواقف ورقة بالترقي والتصاعد فينقل لنا المؤرخون عن الزبير بن بكّاء (حدّثنا عثمان عن الضحّاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن ابي الزناد عن عروة بن الزبير، قال: كان بلال لجارية من بني جمح وكانوا يعذبونه برمضاء مكة، يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشرك، فيقول: أحد أحد فيجر به ورقة وهو على تلك الحال، فيقول: أحد أحد يا بلال، والله لئن قتلتموه لأتخذنّه حناناً)16.

الرواية مرسلة، لأن عروة بن الزبير من التابعين ولم يبين هذا مصدره الذي أخذ منه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هنالك اكثر من رواية تشير الى أن ورقة بن نوفل كان قد توفي في مبعث النبي كما سنرى!!

في الرواية: عبد الرحمن بن ابي الزناد

قال بن عرز عن يحيى بن معين: ليس ممن يحتج به اصحاب الحديث، ليس بشيء.

قال معاوية بن صالح وغيره عن ابن معين: ضعيف.

قال الدوري عن أبن معين: لا يحتجّ بحديثه.

قال صالح بن احمد عن ابيه: مضطرب الحديث.

قال محمد بن عثمان بن الحديثي: كان عند اصحابنا ضعيفاً.

وقال الساجي: فيه ضعف.

وقال النائي: لا يحتجّ بحديثه.

وحتى الذين وثّقوه انما بشروط قاسية.17

في الرواية ايضاً: الضحّاك بن عثمان:

قال يعقوب بن شيبة: صدوق، في حديثه ضعف، لينة الفكان.

الزبير بن بكاء رغم توثيقه إلا اننا نقرأ في مغني الذهبي (... صدوق غمزه السبحاني)18. وقال ابن ابي حاتم:...رأيته ولم اكتب عنه!! وقال احمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء له: كان منكر الحديث ... ولعله استنكر إكثاره من الضعفاء19. والذي يمكن ان نستخلصه من كل هذه المقتربات ان هذه الرواية من الصعب اعتمادها {الارسال + ضعف احد الرواة + معرضتها بروايات مقابلة}.



(7)

وفاة ورقة بن نوفل مشكلة تأريخية معقدة وذلك نظراً لتباين الروايات الواضح في هذه المسألة.

الرأي الأولى:-

ان ورقة بن نوفل توفي في فترة الوحي الأولى، أي بعيد "إقرأ"20. كما في رواية عائشة.

الرأي الثاني:-

ان ورقة بن نوفل توفي بعد فترة من ظهور الاسلام، ذلك على ضوء موقفه المنقول من تعذيب بلال الحبشي رضوان الله عليه وطبق صاحب المنتظم بعد المبعث بأربعة سنين.××

الرأي الثالث:-

وفي رواية الكلبي أنه تنصّر حتى أستحكمت نصرانيته، ثم خرج الى الشام، فمات هناك.21

الرأي الرابع:-

عن الواقدي، أنه كان يُدعى القس وعاش حتى بُعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ... خرج الى الشام، فلما بلغه ان رسول الله (ص) قد أمر بالقتال بعد الهجرة، أقبل يريده، حتى اذا كان ببلد نمّم وجذام، قتلوه وأخذوا ما كان معه.22

تباين شديد في الزمان والمكان والاسماء وكل الحوليات التي تخص الموضوع، تباين ليس في الزيادة والنقصان بل في المعلومات والعناصروالحوادث، وعلى وقع يؤدي الى الشك بكل ما جاء في هذا الصدد.

هذا الأختلاف في تأريخ وفات ورقة يتصل بإختلاف على نفس الدرجة وبالذات القوّة في حقيقة دينه وموقعه الأخير من الإسلام ...

لقد قالوا كثيراً في هذا الميدان ...

مراجعة بسيطة لترجمة الرجل في الأصابة وغيرها تكشف عن إضطراب شديد في هذه النقطة من حياته المزعومة أو المبالغ فيها.

· لقد قيل أن له صَحبة؛ فقد (ذكره الطبري والبغوي وأبن نافع وأبن السكن وغيرهم في الصحابة...)23 وأوردوا له حديثاً عن ابن عباس، والحديث ضعيف بسبب (روح بن سافر).24

· قال بن عساكر: (لم يسم أبن عباس من ورقة ولا أعرف أحداً قال أنه أسلم).25

· فال السبط بن الجوزي: (وهو آخر من مات في الفترة ودُفن بالحجون فلم يكن مسلماً).26

· وفي رواية عن أبن عباس انه مات على نصرانيته، ولكن في الرواية ضعف.27

قال في الاصابة (وفي اثبات الصحبة له نظر).28

وفي قبال هذه الاخبار المضطربة نجد محاولة للتوفيق بين المتنافيات، إذ قالوا: انه مات بعد النبوّة وقبل الرسالة 29. وهو تأويل جاء لتبرير التناقضات السابقة ولم يتمتع بالقدرة على هذه المهمة خاصّة مع الأخبار التي تقول أنه مات في السنة الرابعة أو بعد الأمر بالقتال أو ما هو من هذا القبيل.

وفي هذا السياق نقرأ شيئاً عن فضائل ورقة في أحاديثرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نرى من المستحسن استعراضها:

1. (حدّثنا أبو موسى الأنصاري، أخبرنا يونس بن بكير، أخبرنا عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:-
سئل رسول الله (ص): "اُريته في المنام وعليه ثياب بياض، ولو كان من اهل النار لكان عليه لباس غير ذلك")30. هذا ما رواه الترمذي ويعلق: هذا حديث غريب، وعثمان بن عبد الرحمن ليس عند أهل الحديث بقوي 31.

2. (أخبرنا ابو جعفر بن السجين بإسناده عن يونس بن بكير عن هشام عن عروة عن أبيه، قال: سابّ أخ لورقة رجلاً، فتناول الرجل ورقة فسبّه، فبلغ ذلك النبي (ص) فقال لأخيه: هل علمت أني رأيت لورقة جنة او جنتين، فنهى رسول الله عن سبه).32 هذا الحديث مرسل.33
يروي الحديث نفسه الحاكم بالصيغة التالية:-
(... حدثنا ابو سعيد الاشبع ابو معاوية عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها ان النبي (ص) قال: لاتسبّوا ورقة فأني رأيت له جنّة او جنتين)34 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه 35، وصححه الذهبي36. ومن الواضح أن ظروف الحديثين غير متطابقة ولكن ها هنا سؤال...
ترى ماذا يعني هذا التردد في اخبار رسول الله ...؟! جنة أو جنتين!...والذي أراه ان هذه الثغرة لوحدها تكشف عن صناعة هذا الخبر المرتبك.
يروي الخبر المذكور أيضاً صاحب الأغاني بالصيغة التالية:-
(قال الزبير حدّثني عمي قال. حدثنا الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزنّاد عن هشام بن عروة: أن رسول الله (ص) قال لأخي ورقة بن نوفل أو لأبن أخيه: "شعرت أنيّ قد رأيت لورقة جنّةً أو جنّتين.37
الخبر بهذه الصيغة مرسل، كما أن معطياته غير متطابقة مع سابقيه. ولا ننسى أن عبد الرحمن المذكور ليس بالقوي كما قال الترمذي وكما اشرنا الى حاله سابقاً، اضافة الى ان هذا التردد بـ (أو) ينسف معقولية الخبر لأن القائل هنا رسول الله.

3. (أخرج أبن عدي في الكامل عن الطريق اسماعيل بن مجاهد عن ابيه عن الشعبي عن جابر عن النبي (ص) رأيت ورقة في بطنان الجنّة عليه السندس ...).38
قال أبن حجر: قال أبن عدي: تفرد به أسماعيل.39
فأسنده أسماعيل بن مجالد:
وثقه جماعة منهم البخاري، ولكن قال النسائي: ليس بثقة، وقال الجوزجاني: غير محمود، وروى الحاكم عن الدارقطني: ليس فيه شك أنه ضعيف، وقال العجلي: ليس بالقوي، وقال أبن الجواف: يخطيء، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.40
وفي السند ايضاً:
مجالد بن سعيد الهمداني ...
كذّبه وضعّفه جمع كبير من الرجاليين.
قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يضعّفه، وكان ابن مهدي لا يروي عنه، وكان احمد بن حنبل لا يراه شيئاً ... وقال الدوري عن أبن معين: لا يُحتج بحديثه، وعن أبن معين أيضاً: أنه ضعيف.41

4. وروى الحافظان البيهقي وأبو نعيم من حديث يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن أبيه عن عمرو بن شرحبيل خبراً متوسطاً يتحدث عن دور ورقة في تطمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي ذيله (فلما توفي – أي ورقة – قال رسول الله (ص) لقد رأيت القسّ في الجنّة عليه ثياب حرير لأنه آمن بي وصدقني).42
قال أبن كبير: (هذا لقظ البيهقي، وهو مرسل، وفيه غرابة، وهو كوّن الفاتحة أول ما نزل)43. ذلك أن مجرى الخبر يُفيد أن ورقة علّم الرسول الفاتحة!! وإرساله بسبب عمرو بن شرحبيل لأنه تابعي.

5. وقال أحمد: (حدّثنا حسن عن ابن مهيعة، حدّثني ابو الأسود عن عروة عن عائشة، أن خديجة سألت رسول الله (ص) عن ورقة بن نوفل، فقال "قد رأيته، فرأيت عليه ثياب بيض، فأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بيض").44
ولغة هذا الحديث غريبة جداً، لأنها لا تنبّيء عن ورقة بأنه ذلك المصدّق برسول الله مسبّقاً، وهناك شك في مصيره، بل هناك ظن سابق بأنه قد يكون من أهل النار!!45
وهذا الوهن أو هذا التردد في مصير ورقة قبل الرواية المزعومة تتناقض مع روايات عروة من أيمان الرجل وتصديقه النبوة الكريمةالجديدة. فأين هذا من ذلك.

وفي الحقيقة من الميسور جداً أن نضع أيدينا على جملة من المفارقات على هذه الأحاديث في فضل "ورقة".

منها: هذه الأختلاف الشاسع في اللفظ والدلالة، ومنها: هذا الاضطراب في السند ومنها: هذا التردد الغريب في غير محله وموضوعه.

ان فضائل ورقة مزعومة، ومواقفه من الاسلام ، ومصائره، وتأريخه بعد كلمة "إقرأ" مجاهيل متداخلة.

(8)

إن ما سبق بيانه لا يغني عن مهمّة اخرى لابد من تجليتها ولو على نحو الإجمال، تلك هي سيرة حياته...

قالوا: أن هذا الرجل ممّن كره عبادة الاوثان في الجاهلية، فإعتزلها وطلب الدين الصحيح، وكان يقرأ الكتب، وهو من الذين إمتنعوا عن أكل ذبائح الأصنام. وهو في هذا مثل زيد بن عمرو بن نفيل وغيره من الأحناف وطلاب الحقيقة في العصر الجاهلي، أي قبل رسالة محمد بن عبد الله. ويروى أن هذين الرجلين سافرا الى الشام بحثاً عن الدين القويم. وقد عرضت عليه اليهودية فرفضها، ولكن ما لبث أن تنصّر، أما زيد، صاحبه ورفيق دربه فقد كره النصرانية، وتعبّد على فطرة (دين ابراهيم)، ثم توفي، وبقي ورقة بعد سنتين46!! ويستفاد من هذا أن ورقة مات قبل بعثة رسول الله لأن رفيق دربه المدعو زيد بن عمر كان قد توفي قبل بعثة النبي الكريم بثلاث سنوات47. وفي هذا السياق يمكن أن نفهم رواية البلاذري عن الكلبي في قوله (هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي تنصّر حتى إستحكمت نصرانيته ثم خرج الى الشام فمات هناك ...!!)48، المستفاد من لحن الكلام أن ورقة مات في الشام قبل بعثة رسول الله، لهذا علّق أحدهم على هامش الأغاني في صدد خبر يتصل به ويؤرخه بعد البعثة بقوله (إن ورقة توفي عام 12 ق. هـ أي قبل مبعث النبي بنحو عام واحد).49

ومهما يكن، فأن هذا مما يعقّد الامور في تكوين صورة واضحة عن ورقة بن نوفل.

هذا فيما تقول أخبار أخرى أنه عاش الى يوم بُعث رسول الله، وانه مات قبل ظهور الإسلام وانتشاره بين بعض المكيين، أو إنه مات بعد الأمر بالقتال، وهكذا تتناقض الآثار وتتضارب على مستوى بعيد من المديات والمسافات، كما ان هناك تناقضاً في مكان موته!!

ويروى أن ورقة عندما حدّثته خديجة عن ظواهر أو ظاهرة غيبته صاحبت رسول الله أنشد شعراً دينياً معمّقاً، ضمنه رؤىً في الدين والنبوّة الجديدة، رويت في حديث مرسل50. وعلّق ابن كثير على الشعر المذكور (... وعندي في صحتها عن ورقة منظر...)51. ومن معالم الاضطراب في أخباره ما ورد في قدراته الكتابية، فقد جاء في البخاري (وكان، أي ورقة، إمرأ قد تنصّر في الجاهلية، وكان يكتب العبراني، فيكتب من الانجيل ما شاء الله أن يكتب)52. فيما يطلعنا خبر آخر (وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الانجيل بالعربية ما شاء الله)53!!

قالوا مات ولم يعقب54!! وتلك مشكلة أخرى.

من كل هذا نفهمن أن الروايات عن ورقة مهلهلة، مضطربة، وأنها لا تساعد على تكوين رؤية تاريخية رصينة عنه.

القسم الخامس

- الزيديون وقصّة ورقة بن نوفل -

وفي الواقع اذا تتبعنا سيرة العلاقة بين آل نوفل ورسول الله لوجدنا ان محمداً صلى عليه وآله مفردة في فضاء آل نوفل، بشكل وآخر، وذلك سواء على صعيد الوجود أو النبوّة!! ... لننظر بإمعان الى النقاط الجوهريّة التالية:

· كان هناك أمل أو فرصة لزواج عبد الله بن عبد المطلب من قتيلة بنت نوفل، أي أخت ورقة، ولكن القدر عاكس هذه الفرصة.

· إن قتيلة المزعومة هذه تنبأت بولادة محمد من علائم قرأتها على وجه أمه البريء !!

· إن قتيلة نفسها أخبرت آمنة بشأن محمد في المستقبل، أي النبوة العظيمة.

· إن ورقة بن نوفل هو الذي أنقذ محمداً من مخاطر الجبل في "صباه" وهو الذي أعاده سالماً الى جدّه عبد المطلب.

· وكانت خديجة التي تزوجها رسول الله سُمّاة لورقة ...

· وقد ساهم ورقة في تزويج رسول الله من خديجة.

· وكان ورقة هو المرجعية المعرفية لتفسير الوحي.

· ويقال أنه آمن برسول الله وكان يتتبع خطواته، يمتحن ايمانه ونبوّته.

· وقد وقف الى جانب بلال وهو يعذَّب يبشر أعداءه بمصير أسود !



اذن كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم مفردة في فضاء "آل نوفل"، فهم على علاقة غير عادية بالنبي المرسل، توسّموا فيه النبوّة قبل الولادة وفسروا له معضلاتها في لحظة الوحي الفعلي، وكانوا سبب إنقاذه من مخاطر الجبل، ومن سبل زواجه من امرأة ذات شرف، وبذا فإن مفاصل السيرة المحمدية تكون قد تشكلت في فضاء آل نوفل.

ولقد مضى بنا أن الرواية التي تتحدّث عن قتيلة وهي تتطلّع الى الزواج من عبد الله (والد النبي) تنتهي الى عروة بن الزبير كما مضى بنا ايضاً؛ أن الرواية التي تطرح (ورقة) مرجعيّة هادية لمعرفة اسرار الوحي يشكل فيها عروة بن الزبير عنصر الإشاعة والإذاعة والبيان، وحوليات الحدث بكثير من تفاصيل جاء في اسانيده زبيرون منهم: وهب بن بياعة مولى الى الزبير، ومنهم، اسماعيل بن أبي حكيم الذي هو الآخر مولى الى الزبير، يتبين لنا أن آل الزبير كانوا يعقدون المجالس لهذين الرجلين للإدلاء بهذا الحديث55. ومضى بنا أيضاً: أن حكاية ورقة بن نوفل مع قصّة تعذيب بلال ترجع الى عروة نفسه!! ثم؛ كل ما قيل عن فضائل ورقة عن لسان الرسول جاءت عن طريق عروة بالذات!! والذي نلاحظه من هذا السرد السريع أن أخبار (آل نوفل) وهي تخترق حريم النبوّة وتدخل جوهر كينونتها وصلت الينا عن الزبيريين، وفي مقدمتهم هذا الذي إسمه (عروة بن عبد الله بن الزبير)!!!

تقترن هذه الظاهرة بحقيقة نسبية صارخة ...

من هم آل الزبير؟!

إنهم الذين ينتسبون الى (الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي بن كلاب ...).56

من هو ورقة بن نوفل؟!

إنه (ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزّى ...).57

من هنا يمكننا أن نتلمّس بعض خيوط أو اسباب هذا الاصرار الزبيري على "دور" ورقة بن نوفل، بل دور (آل نوفل)، في حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم58. هذا الدور الذي يدخل في صميم الحياة النبوية، يبدأها ويرافقها ويصاحبها حتى يصل الى الذروة التي تجسّد المهمّة التعريفيّة لورقة لأهم وأقدس وأخطر لحضة في بحر هذه الحياة الزاخرة بالمعنى أي لحضة الوحي الفعلي، لحضة "إقرأ" التي أفتتحت عهداً تأريخياً خالداً الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ونعود الى دور "آل نوفل" في حياة النبي العزيز ...

إن النبي – كما قلت – يتحول الى (صدفة) عابرة، لأن حياته جاءت ببركة الانقاذ النوفلي اذا صحّ التعبير، ولم يكن ذلك عبر تخليص النبي الحبيب انما استقرّت ببركة الكشف الروحي لخلفيات "إقرأ" بجهود "آل نوفل"، تلك الجهود التي وضعت بذرتها في خديجة عندما هرعت الى (ابن عمها) أو (عمها) الذي سارع لحل الاشكال العصي على رسول الله، وهو يتلقى حسّاً صوت جبرائيل، وكان قبل ذلك يحدثه الحجز كما انه قبل ذلك أيضاً شق صدره الشريف ثلاث مرات!!

المسلم الذي يقرأ لمحمد، بل الانسان العلمي المنصف الذي يدرس بعض جوانب هذا الشخص المؤمن الطيب، لا يخامره أدنى شك بأن محمداً لم يكن بحاجة الى ورقة هذا، وأقصى ما يمكن قوله، أن خديجة حفّزها حبها لرسول الله أن تهرع لورقة تسأله عن الحالة الجديدة للنبي الكريم، فكان جوابه أيجابياً، مشجّعاً لدرايةٍ كان قد دَرِبها وعرف بعض أسرارها.

إن العقل وحسب قواعد المنطق النبوي لا يستسيغ هذا الدور الأحالي لورقة أبداً، وان الدراية الموضوعيّة لحياة النبي ترفضه كذلك

القسم السادس

- وقضية عدّاس ايضاً-



(1)



قرأنا في رواية موسى بن عقبة عن الزهري عن سعيد بن الحسيب، أن خديجة لم تكتفي باللجوء الى ورقة لحلّ اشكاليّة (إقرأ) وحسب، بل كانت قد إستعانت بنصراني يدعى (عدّاس)، بل وكما في الرواية كان (عدّاس) ملجأها قبل ورقة.

من هو عدّاس؟!

نصراني من أهل نينوى، راهب، وهو غلام عتبة بن ربيعة، وكان في وقته شيخاً طاعناً في السن حتى ثقل سمعه ووقع حاجباه على عينيه من الكبر.59

ولكن عدّاس هذا يظهر مرّة أخرى في الطائف، فنحن نقرأ في سيرة ابن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمّم وجهه صوب الطائف يدعو ثقيفاً الى الاسلام، فإمتنعوا عن اجابته وآذوه حتى لجأ الى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، فلما رآه ابنا ربيعة، عتبة وشيبة وما لقي، تحرّكت له رحمهما، فدعوا غلاماً لهما نصرانياً، يقال له: عدّاس، فقالا له: خذ قطفاً من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به الى هذا الرجل، فقل له يأكل منه، ففعل عدّاس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله (ص)، ثم قال له كل، فلما وضع رسول الله (ص) فيه يده قال: بسم الله ثم أكل، فنظر عدّاس في وجهه، ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله (ص): ومن أهل أي بلاد انت يا عدّاس، وما دينك؟ قال: نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى، فقال رسول الله: من قرية الرجل الصالح يونس بن متي، فقال له عدّاس: وما يدريك ما يونس بن متي؟ فقال رسول الله (ص) ذلك أخي، كان نبياً وأنا نبي، فأكبّ عدّاس على رسول الله (ص)، يقبل رأسه ويديه وقدميه.

قال الراوي وهو ابن اسحق عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرضي، يقول ابن ربيعة احدهما لصاحبه: أما غلامُك فقد أفسده عليك، فلما جاء عدّا، قالا له: ويلك يا عدّاس مالك تقبّل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال يا سيدي ما في الارض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه الاّ نبي، قالا له ويحك يا عدّاس ألا يصرفنّك عن دينك، فإن دينك خير من دينه ...).60

وبغض النظر عما في الرواية - الذي سنأتي عليه عندما نتعرض الى هذه الفترة من حياة رسول الله – فإننا نلتقي بمفاجأة غريبة هنا، ذلك أن عدّاس الذي لجأت اليه خديجة لحل اشكالية (إقرأ)، هو نفسه عدّاس هذه الرواية أي في الطائف. فهناك ذات الاسم (عدّاس)، ونفس الهوية الدينية (نصراني)، وهو هو موطنه الاول (نينوى)، وهو غلام ابني ربيعة في الحالتين!!

إلتقط باحث تأريخي كبير هذه المفارقة وسجّلها 61. ومن الطبيعي ان يلتفت اليها آخرون وقد اعتمدوا الاستدراك في حل هذه المعضلة، فغاية الحل ان عدّاس خديجة غير عدّاس الطائف!! وهذه معالجة باردة جداً، لأن التوافق بين كلا الشخصين غريب من حيث مستوى التطابق والتلاقي، فيبدو أنهما (رجل) واحد، خاصة أن مصدر الحديثين لم يشر الى هذا الاستدراك، وعليه يتملك الانسان استغراب شديد من هذا التهافت واللغط والالتباس، فكأن عدّاس وهو يقدم للرسول العنب ويقرأ في ملامحه سماة النبوّة لم يعرف شيئاً عن محمد الذي تحدّثت اليه في خصوص زوجته خديجة؟! ولا ندري أي عدّاس هو الحقيقة؟



(2)



ومما يلفت الانتباه أيضاً هذا التناغم في الصفات والجواب بين كل من عدّاس من جهة وورقة بن نوفل من جهة أخرى، وفي هذا يعلّق الدكتور جواد علي (... وقد أخطأ الرواة في اقحام اسم عدّاس في هذا الموضوع – لحظة الوحي – ولاسيما أنهم نسبوا اليه ما نسبوه الى ورقة من كلام، وان ما قالوه عن صاحب عدّاس المذكور في هذا الخبر هو نفس ما ذكر عن عدّاس الطائف)!!62

ان مسألة عدّاس لاتقف عند هذا الحدّ من الخلط والاضطراب، ذلك أننا نقرأ في أنساب الاشراف ان النظر بن حارث، وكان أشد قريش معاداة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول (إنما يعينه – أي النبي –على ما يأتي به في كتابه – أي القرآن – هذا جبر، غلام الاسود بن المطلب، وعدّاس، غلام شيبة بن ربيعة، ويقال: غلام عتبة بن ربيعة، وغيرهما، فأنزل الله عزّ وجل "ولقد نعلم أنهم يقولون أنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين").63

ترى هل هو عدّاس ثالث وفق سنة الرواة في التعدّد؟! أم هو ذاك الذي حل إشكالية (إقرأ)، أم هو الذي قدّم للنبي العنب؟! على ان الآية الكريمة توحي بأن المقصود بالرد واحد ...، ذلك هو القس الرومي الذي كان يصنع السيوف، وليس من ريب ان اضافة البلاذريالجديدة في خصوص المولى الحقيقي لعدّاس، أي هذا التردد بين شيبة وعتبة هو الآخر يزيد من مشاكل عدّاس!!

ان علاقة عدّاس بالوحي المحمدي مسألة غير مؤكّدة وخاضعة لأكثر من سؤال.



X X X



لا يمكن ان ندعي أن محمداً (ص) لم يخف وهو يحمّل الرسالة، فهذا الاعتقاد خارج عن دائرة الاحتمال الا انه (ص) لم يخف من الظاهرة بل من المسؤولية!!

إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلا

ـــــ



1- تاريخ العرب في الاسلام – ص 182.

2- الاغاني 2/113.

3- أنساب الاشراف 1/95

4- لسان الميزان 6/196

5- طبقات ابن سعد 1/95

6- المغني ج2 ص 597 رقم (5666)

7- تهذيب التهذيب 4/76 رقم (133)

8- طبقات بن سعد 1/96

9- المغني الذهبي 2/711 رقم (6756)

10- انساب الاشراف 1/80-81

11- ن. مز 1/80-81

12- 13- السيرة الحلبية 1/139

14- المجّر ص 79

15- تاريخ العرب في الاسلام ص 12

x- الاغاني 3/114

16- الاصبة، جزء (6) ص 318

17- تهذيب التهذيب جزء 6 ص 171-173

18- المصدر ج 1 ص 237

19- تهذيب التهذيب 3/313 رقم (580)

20- صحيح البخاري/الرواية

21- انساب الاشراف 1/106

22- ن. م. 1/106-107

xx- منتظم ابن الجوزي 2/373 ومنه أخذ صاحب "الامتاع"

23- 25 الاصابة ج 6 ص 318 رقم (9132)

26- السيرة الحلبية 1/250

27- الاصابة جزء 6 ص 318

28- ن. م. والصفحة

29-

30- سنن الترمذي ج 4 ص 540 رقم (2288)

31- ن. م. والصفحة

32- اسد الغابة 5/89، الهيثمي في مجمع الزوائد 9/416

33- تأريخ الاسلام للذهبي / السيرة / ص 119

34- 36- مستدرك الحاكم 2/619

37- الاغاني 3/115

38- الاصابة جزء 6 ص 318 رقم (9132)

39- ن. م. والصفحة

40- تهذيب التهذيب 1/327 رقم (588)

41- تهذيب التهذيب 10 ص 40 رقم (65)

42- 43- سيرة ابن كثير 1/399

44- نقلا عن سيرة ابن كثير 2/397، الاغاني 3/144

45- وهي الملاحظة ذاتها التي يمكن ان تلاحظ على الحديث (1) في هذا الموضوع

46- دلائل النبوة 2/142

47- البداية والنهاية 2/226

48- انساب الاشراف 1/106

49- هامش الاغاني 3/115

50- سيرة بن هشام 1/203، وكان ذلك في حديث خديجة الى ورقة عمّا رآه ميسرة في سفرته مع رسول الله الى الشام، ابن كثير في سيرته 2/41

51- ابن كثير/السيرة 1/401

52- البخاري ج

53- عمدة القارئ 19/304

54-

55- الحديث المتعلق با الوحي ودور ورقة في الموضوع؟!

56- سير اعلام النبلاء 1/41

57- المعارف لابي قتيبة، تحقيق ثروت عكاشة ص 59

58- اشار الى هذه الملاحظة بشكل سريع عابر صاحب ( الصحيح في سيرة الرسول الاعظم) ج 1 ص 237-238

59-

60- السيرة الشامية 2/62-63

61- تاريخ العرب في الاسلام ص 183

62- تاريخ العرب في الاسلام ص 182

63- انساب الاشراف 1/ 140-143