شنت صحف بغدادية صادرة الاحد هجوما على الحكومة العراقية؛ بسبب "إخفاقها وعدم جديتها" في توفير الخدمات للمواطنيين محملة اياها مسؤولية انتشار الامراض المعدية ومن ضمنها مرض الكوليرا.
ونشرت صحيفة المشرق (يومية مستقلة) مقالا للكاتب حميد عبد الله بعنوان (الكوليرا الوبائية والكوليرا السياسية) "لم يعد المواطن العراقي بحاجة الى حملة تثقيفية عن اعراض مرض الهيضة او الكوليرا الوبائية بقدر حاجته الى نشرات تثقيفية عن اعراض الكوليرا السياسية التي هي بيت الداء والسبب وراء جميع الامراض والاوبئة الفتاكة المستعصية".
وأضاف عبد الله أن "من بين اعراض الكوليرا السياسية غياب حكومي كامل عن كل ماله علاقة بمصير الرعية ومستوى معيشتهم وهمومهم، فالوزراء لايغادرون مكاتبهم بسبب الخوف من المجهول الذي قد يأتي في اية لحظة ومسؤولون حكوميون يقضون جل اوقاتهم موفدين اما لزيارة عائلاتهم التي تركوها في بلاد الغربة متنعمة بما لذ وطاب او لعقد صفقات وعقود يأخذون منها حصصهم التي كافحوا ونافحوا واجتهدوا وجاهدوا من اجلها".
وأوضح "من علامات الكوليرا السياسية ان الوزير المختص لا يملك جوابا شافيا عن اسباب الخراب في وزارته، فوزير الصحة لا يعرف الاسباب التي ادت الى انتشار الكوليرا في الحلة الفيحاء وانتقالها الى كربلاء المقدسة وكل ما يعلمه الوزير ان الماء ملوث.. لكن الاعلام الحكومي يقول ان من بين اسباب انتشار المرض هو سوء استخدام المواطن المفجوع لمنظومة مياه الشر...؟".
وتساءل الكاتب.. لماذا ايها المواطن تسيء استخدام المنظومة التي وفرتها لك الدولة فتكسر الانبوب ولا تنتظر الماء ليصل الى بيتك نقيا صافيا.. وقال الكاتب مخاطبا المواطن "عليك ان تساعد الحكومة وتمتنع عن شرب الماء نهائيا وتصوم صوما سرمديا ابديا ازليا حتى تريح وتستريح فلا تتسلل الى جسدك جرثومة الكوليرا ولا الملاريا ولا الطاعون وعند ذاك تقدم خدمة كبيرة لحكومتك المنتخبة اذ تجنبها الانتقادات التي توجه اليها من قبل المغرضين اذا ما اصيب مواطن باي مرض انتقالي".
وتطرق الكاتب الى ردود فعل المواطن العراقي جراء نقص الخدمات، وقال إن "المواطنيين العراقيين يستعدون للخروج بتظاهرة عارمة ضد وزير البلديات كونه المقصر الاول لكن تلك التظاهرات لن تتوقف لان كل وزير سيلقي بالتبعات على وزير اخر".
وأوضح "فوزير البلديات سيعلق الامر على شماعة الصحة والاخيرة تعلقه على شماعة الكهرباء التي ستقول ان وزارة النفط لا توفر لها الوقود والنفط تلقي بالائمة على وزارتي الدفاع والداخلية لانهما لا توفران الحماية الكافية لانابيب النفط التي تتعرض للتخريب من قبل الارهابيين والتكفيريين والصداميين".
وخلص عبد الله إلى القول "هذه بعض اعراض الكوليرا السياسية وهي اعراض لو تعلمون كثيرة لا يمكن حصرها في نشرة او كراس وتحتاج الى مجلدات وبحوث ومختبرات لمعرفة طبيعة الفايروس المسبب لها وما اذا كان فايروسا محليا ام وافدا".
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة السومرية (يومية مستقلة) في مقالها الافتتاحي لرئيس تحريرها باسم الفاضلي بعنوان ( الكوليرا وهموم الناس) إن "ما عاناه العراقيون من هموم فاق صبر ايوب فقد عانى العراقيون طيلة حياتهم من حكومات دكتاتورية متعسفة عثت في الارض فسادا عن طريق الحروب التي زجو الشعب بها دون ان يكون له فيها ناقة او جمل وحصار جائر مزق اجساد وثياب المساكين من الملايين الذين لاحول لهم ولاقوة".
وأضاف الفاضلي "وبعد سقوط تلك الامبراطوريات التي دمرت العراق والتي كان مثواها الاخير مزبلة التأريخ استبشر العراق خيرا في ظل حكومة وحدة وطنية وعراق جديد، لكن هذه الحكومة عملت على الجانب الامني والعسكري ووزاراتها اهملت الجانب الخدمي والصحي حتى انها لم تنجز خلال الخمس سنوات الماضية أي شيء".

وأوضح "وبسبب هذا الاهمال في الجانب الصحي اصبح العراقيون في مقابر جديدة غير تلك التي صنعها الارهابيون بل في مقبرة الامراض الانتقالية مثل (الكوليرا) وغيرها والتي اصبحت الان مصدر قلق المواطن العراقي كان على الحكومة ان تتنبه الى الجانب الصحي والخدمي مثل اهتمامها بالجانب العسكري وعدم القاء اللوم على المواطن".
وتطرق الكاتب الى الاهمال الحاصل في منظومة الانابيب الناقلة للمياه وقال إن "المواطن لم يكن السبب فيها وانما السبب عدم ادامتها وصيانتها من قبل المسؤولين مع كل تلك المليارات التي صرفت وانقطاع الماء لفترات متقطعة ساهمت ايضا في زيادة انتشار هذا المرض الذي من الممكن ان يكون وباء في حالة عدم السيطرة عليه واتخاذ الاجراءات والتدابير السريعة".
وحمل الكاتب في ختام مقاله الحكومة والمسؤولين مسؤولية المعاناة التي يعانيها المواطن، وقال إن "الاضرار التي تصيب العراقيين هي بسبب سياستهم وتخطيطهم الغير مدروس داعيا السياسيين الى عدم الانتشاء بنشوة النصر الذي حققوه على الارهاب".
وفي سياق ذي صلة، قالت صحيفة بدر (يومية تصدر عن منظمة بدر احدى تشكيلات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي يتزعمه السيد عبد العزيز الحكيم) مقالا كتبه رئيس تحريرها كريم النوري بعنوان (ضريبة النجاح الامني) قال فيه إن "النجاحات الامنية التي تشهدها البلاد بعد العمليات البطولية لقواتنا المسلحة في صولة الفرسان وام الربيعين وبشائر السلام والخير وخطة فرض القانون في بغداد لاتخلو من ضريبة كاستحقاق طبيعي لهذه النجاحات.. وهذه النجاحات الامنية الباهرة نسفت التعكز على التردي الامني لمبررات ضعف وغياب الخدمات والاعمار".
وأضاف النوري "لقد كان شعبنا يعذر حكومته ويتفهم معاذيرها للاخفاق الخدمي والعمراني بسبب تفاقم الارهاب وسيطرة العصابات الخارجة عن القانون على مفاصل بعض المدن.. واليوم وبعد التحسن الامني الملحوظ لم يعد المواطن العراقي ملتمسا الاعذار لحكومته ولن يسكت عن الاخفاقات الخدمية على مستوى الكهرباء وانتشار مرض الكوليرا بسبب تلوث المياه وغياب المراقبة الصحية".
وأوضح الكاتب "لم يعد بمقدورنا اقناع الناس على غياب الخدمات وانتشار الامراض المعدية بمبررات كانت مقنعة ومجدية فيما مضى ولا نجد اذنا صاغية بعد اليوم لتمرير مثل هذه التبريرات فلابد من وضع اليد على الجرح وتشخيص الخلل الحقيقي الذي يقف وراء انعدام الخدمات وانتشار الاوبئة والامراض".
وقال "إذا كانت قواتنا الباسلة استطاعت فرض القانون في مناطق بغداد وغيرها فان غياب الخدمات ومكافحة الامراض وتحسين المياه في العراق ظاهرة خطيرة ينبغي الوقوف ضدها ومحاسبة المتسببين والمقصرين".
وذكر رئيس تحرير الصحيفة "لا يمكن ان نضحي بكل انجازاتنا بسبب اخطاء في الخدمات والكهرباء فالمطلوب من الحكومة الاتحادية السعي الجاد لانقاذ البلاد والعباد من رداءة الخدمات والمياه وانتشار الامراض والاوبئة كالوليرا وغيرها".