النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    30,109

    الشاعر العراقي ريـــــــاض الــــــوادي ومديات السخرية

    بقلــــم : حامد كعيد الجبوري
    رياض الوادي ومديات السخرية

    حينما تعصف بالبلدان الاحقاد، وتمزقها الفتن والاطماع، ويتولى الأذناب مقاليد السلطة مهمشة للرؤوس، وتبحر السفن صوب المجهول، ينبري الوطنيون الحقيقيون- القلة- للدفاع عن البلاد والعباد

    ويسخر المثقفون اقلامهم لفضح الخطط والمؤامرات متخذة من وسائل ابداعها مادة لايصال الحقائق للجمهور المغيب، فتبرز الاغنية السياسية الهادفة، والمسرحيات الجادة والساخرة، والقصص والروايات الموثقة، والقصيدة الناطقة، وحينما يصر الولاة على غلق آذانهم (اذن طين واذن عجين، اسمع وعبر) متسترين خلف طوابير الحماية والمدافع الرشاشة والسيارات المصفحة، يلجأ الشاعر حينها للقصائد الساخرة.

    اصبحت اغنى خازناً ويداً

    انا الغني واموالي المواعيد

    لا تشتري العبد الا والعصا معه

    ان العبيد لانجاس مناكيد

    بهذه الابيات خاطب المتنبي الكبير كافور الاخشيدي بعد ان كتب له القصائد الغر ولما لم يجد من الاستجابة شيئاً توجه له بهذه الابيات من ضمن قصيدة طويلة، ”عيد بأية حال عدت ياعيد “،



    وعودة قليلة لتاريخ العراق الحديث وقراءة لديوان شاعر العرب الاكبر الجواهري العظيم، نجد انه كتب القصائد الوطنية الطوال محاولاً ايقاظ الحاكم النؤوم مؤلباً للجماهير المبتلاة لايقاد شمعة التغيير والحرية ولم يفلح الا بعد - 1958 م-، إذ وجد من الضروري الذهاب الى الادب الساخر والكتابة فيه وحتماً سيصل للحاكم والمحكوم على حد سواء، ويقال ان نوري السعيد كان يرددها على وزرائه كلما عابهم بشيء .

    اي طرطرا تطرطري

    تقدمي تأخري

    تأمر بالمعروف والـ

    منكر فوق المنبر

    اهون من ذبابة

    في مستحم قذر

    فهي تطير حرة

    جناحها لم يعر

    بعد ادراكه الاكيد ”ان شر البلية ما يضحك “، فأخذت ”طرطرا “ حيزها الناطق ليومنا هذا،


    وفي ايامنا هذه برز للساحة الشعرية الشعبية اكثر من شاعر امتطى صهوة القصيدة الشعبية الساخرة موظفاً اياها لحالات سلبية وما اكثرها، ومن المعروف ان الشاعر ”موفق محمد “ شاعر جاد يكتب المعاناة العراقية ابتداء من الكوميديا العراقية مروراً بعبد بثيل والنهر والمقصلة والاربعاء الاخير وغيرها، ولو عدنا لقصيدته الشعبية ”يا مطر زخنة محنه “ وقرأنا معاناته واحلامه المؤجلة فلا يمكن الا ان نعدها قصيدة جادة هادفة، والملاحظ انه اضاف لها شطراً واحداً مرمزاً للفساد الاداري الذي نخر مفاصل الدولة العراقية الحديثة، ”وتسكر الواوية كلها، وكلمن يبوك اعلى رسله “، وفي نص غزلي آخر ”مخدتنه عصافير “ يترك المتلقي مسترخياً ليوقظه بسخرية جميلة ”وسويلك بفالك عزت الدوري “، وللشاعر الراحل رحيم المالكي قصيدة ساخرة اخذت حيزها بين صفوف المتلقين وسجلت على اجهزة الموبايل وقدمها الراحل في احتفالية سجلتها الفضائية العراقية وبثت من خلالها، وهي عبارة عن شكوى صارخة ساخرة لم يقدمها للدولة العراقية بل خص بها الفنانة العراقية ”حسنة ملص “ مخاطباً فيها الحكومة - اياك اعني واسمعي ياجارة-، ”يا هو المنج اشرف حتى اشكيله “، ولربما وصلت عدوى القصائد الساخرة للشاعر المبدع سمير صبيح، ”نفس الفائدة الموجودة بالتفاح، بس هذا بحمار وهذا بالخضرة “، ولا يخلو تاريخنا العراقي الشعبي من رموز شعرية ساخرة طبع نتاجها في اذهان الذاكرة العراقية المتذوقة لمثل هذا الفن الجميل امثال الشاعر ”حسين قسام النجفي “ والشاعر ”المله عبود الكرخي “.

    ومن الجدير ذكره ان القصيدة الساخرة لا تتأتى بسهولة لكاتبها، وهي من طراز السهل الممتنع، ولرب سائل يسأل فيقول، ان القصيدة الساخرة وليدة معاناة اجتماعية او سياسية تنسى بمجرد زوال مسبباتها وهذه حقيقة لا يمكن الهروب عنها، ولكن الا تظهر حالة سياسية او اجتماعية وحتى ثقافية جديدة تستدعي الشاعر الساخر للكتابة بها، ومن منا لا يذكر المنلوجات الساخرة الهادفة التي كان يؤديها الفنان الكبير والشاعر الراحل ”عزيز علي “، ”يجماعة والنبي احنة عدنة بستان، الدكتور، الراديو وغيرها “ الا تجد انها بقيت خالدة ليومنا هذا وكأنها تنطق لواقعنا المعاصر.




    اجد ان الشاعر الشعبي الساخر ”رياض الوادي “ ادرك اللعبة وأمسك بزمام مقاليدها، فمن حالة شعبية رياضية عبأ جمهوراً كاملاً مشخصاً لسلبيات ادارية وسياسية دون اشباعها بالترميز الذي لا يجدي نفعاً مع القصائد الساخرة ”والله خلفله عليك فييرا “، مدركاً للمخططات القذرة التي تحاول شق النسيج العراقي الجميل ”جان شهرونه الجماعة شهيرة “، ويرصد حالات الارهاب مسفهاً لافكارهم بتساؤل منطقي من خلال قصيدة ”الحلاقة “، فاضحاً للافكار الدخيلة القادمة من وراء الحدود بتساؤل منطقي معرفي، .فيفترض ان الانسان لو ترك شعر رأسه وذقنه دون حلاقة فكيف سيكون منظره للرائين!، وبموال طويل- زنجيل- يخاطب الطاغية المهزوم وتفرده بالسلطة ولما آل اليه مصير العراق بسبب حماقته وكذا مصير عائلته.

    صدام هذا الدرب كال الدرب منا

    منا ذبحنه ذبح باك النفط منا

    ومذكراً للطغاة اينما كانوا وحلوا بمصيرهم على ايدي الشعوب الحرة.

    عالمشنقة عالمشنقة يلة كبل عالمشنقة

    وحينما يرى ان التفتيش للاشخاص والمعدات والاماكن اصبح ظاهرة جديدة لا يمكن الا القبول بها لانها واقع مر معاش لكونها تحديا ولو بشيء يسير للانتهاكات الارهابية الساخرة فيرصد بعين ساخرة ويوظفها بنص ساخر جميل،

    يوميه انفجار ابكيه عدنه يصير

    ادري شلون ما نصعد بعد كيه

    ولجلوسه جنب امرأة عجوز تحمل ”صرة “ لها تصور ركاب العجلة ان هذه ”الصرة “ ما هي الا عبوة ناسفة، ويصف تلك لعجوز دون تصريح لسنيها المنصرمة لكنه يوحي لك بأنها طاعنة في السن.

    املحكه اعله الرشيد وشايفه القعقاع

    واظنها حاضره بصلح الحديبيه

    وفي قصيدة الجنازة يشير بأصبع اتهامه نحو الدولة العراقية لعدم تمكنها من الحد من جرائم العصابات الارهابية التكفيرية التي تستهدف المواطن العراقي لهويته مرة وللنسيج الاجتماعي تارة اخرى.

    ما صارت كبل الميت يذبحوه

    حيل استهتروا ذوله الوهابيه

    ياهو الراح يدفن سبكوله هناك

    المسلم ينذبح مليون بالميه

    وبمناشدة شيقة ساخرة لرئيس الوزراء يرجوه التدخل شخصياً لحل ازمة مستعصية للتيار الكهربائي، ولا يوجه نقده اللاذع للوزير المعني - الكهرباء- بعد ان غسل يديه بـ ”سبع قوالب صابون “ كما يقول المثل الشعبي، بل يوجه نداء الاستغاثة لرئيس الوزراء مباشرة، موصفاً بسخرية موجعة لحال عائلته واخوته ووالده الطاعن بالسن للمعاناة المستمرة بسبب التيار الكهربائي وكانه ينطق بلسان كل العراقيين.

    يا رئيس الوزراء رحمة للعباس سوي الكهرباء.

    لم انظر لبدايات الشاعر رياض الوادي واعتقد انه من الجيل التسعيني - منتصف التسعينيات- الذي ورث النتاجين الكبيرين نتاج السبعيني وما قبله، ونتاج الثمانيني جيل الحروب والآفات والجوع والضياع، والملاحظ للقصائد الساخرة لا يمكن ان تكتب - الا النادر- بقصيدة التفعيلة او القصيدة الحرة، ولكنها تكتب بطريقة القصيدة الكلاسيكية او ما يسمى العمودية، وهذا ما تبناه الشاعر رياض الوادي، سلاسة في المفردة واختيار للأوزان الراقصة وعدم الابتعاد عن وحدة الموضوع، خالية من الاسفاف الممل، واختياره للقوافي المتعددة يتيح له التشبث بالصورة الشعرية وابرازها، ويمكن القول ان النصوص التي يكتبها الوادي هي من طراز السهل الممتنع، وعوداً على ذي بدء فهناك من يقول ان القصيدة الساخرة تزول بزوال مسبباتها؟، وهذا طرح مقبول جداً، وتساؤل بسيط نقول، هل ان المجتمعات تخلو من سلبيات ستظهر لاحقاً؟، وما اكثرها، فالشاعر المتربص والمتنور وسريع البديهة ويملك زمام الطرفة يستطيع ان يصورها بسخرية تصل لمبتغاها دون حجاب، ويمكن ايضا ان يجد مدى او افقا جديدا لتناول حالة ايجابية مرسخاً داعياً ومتبنياً لها بأسلوب ساخر جميل.





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    شكرا اخي على المقال الرائع

    وهذه قصيدة رياض الوادي ... وهو يسخر فيها من الفتاوي الغريبة التي صدرها الوهابية لأرض العراق ... وكثيرة هي الفتاوى منها تحريم بيع الخيار في الاسواق ... وتحريم بيع السجائر ... وتحريم ذهاب النساء للمدارس ... ولكن الغريب في الموضوع هو تحريم حلاقة الشعر والذقن ... فتوقف الشاعر عند اصدار التكفيريين بعض الفتاوى للحلاقين في ارض الرافدين ... وتهديدهم بالقتل في حال استخدام الحلاقة بالخيط ... او حلق اللحية بالموس ...

    وإليكم القصيدة:




    خيط ماكو ... زيان ماكو

    الحلاقة انمنعت بهذا البلد

    يعني فد شهرين واحدنا يصير

    تشوفه من ابعيد حسبالك اسد

    هددوا حلاقي قالوا ينكتل

    وانسطرحلاّقي ظل مايفتهم

    المشط قالوا له هذا اكبر حرام

    الخيط ويا الموس ميجوز وإثم

    والمكاين كسروها ويا الغراض

    ومحد يفتــّـــح حلاقة للزلم

    شعر راسك يعني يوصل للركب

    واللحايا تقوم توصل للحِزم

    يعني والله نصير للعالم فلم


    تخيل إنت وشوف واقعنا المرير

    شعب كامل مايزين راسه

    والشعر لوطال يوصل للرجــِــل

    يقوم ماينفرك الا بفاسه

    واللحايا نقوم نحلقها ابقـِـزاز

    والقذل تتمشط بمكناسه


    وآنا حلاقي اشتكالي

    والله ابطـّل لو احصل لي وظيفة

    صح شغلتي فلوس بيها

    امرتبة وكلش نظيفة

    مو حلاقة تقول جبهة

    اصبحت شغلتنا مخيفة

    يمي رمانة وزيِّن (رمانة قنبلة يدوية)

    وبيدي هاون وحاط عامل عالقذيفة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني