أوروبا تتبنى إتفاقية جديدة حول الهجرة إليها و المجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء يعلن تحفظهِ على بعض النقاط
اذاعة هولندا العلمية:مراسلتنا في بروكسل: فانيسا موك بصم الزعماء الأوربيون يوم أمس الخميس دون نقاش مطول على حزمة مثيرة للجدل من القواعد المنظمة للهجرة تهدف إلي القضاء على الهجرة غير الشرعية للبلدان الأوربية مما أثار غضب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان. "لقد تبنينا بالإجماع ميثاق الهجرة، وكما تعلمون كانت هذه القضية على راس أولويات الرئاسة الفرنسية .
يقول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال مؤتمر القمة المنعقد اليوم في بروكسيل. وأضاف ساركوزي "إن أوربا لديها اليوم سياسة حقيقة للهجرة."
هل سيوقف ميثاق الهجرة الجديد تدفق المهاجرين على أوروبا ؟
ويحدد الميثاق الأوربي بشأن الهجرة واللجوء، المبادئ التوجيهية - من خلال قوانين غير ملزمة- للتحكم في الهجرة القانونية ومحاربة الهجرة غير المشروعة.
"يسعى هذا الميثاق الى وضع سياسة عادلة وفعالة ومنسجمة في التعامل مع التحديات التي تفرضها الهجرة والفرص الايجابية التي تصاحبها" حسب ما ورد في بيان مشترك لقمة الزعماء الأوربيين.
وتحتوي هذه حزمة القواعد الواردة في الميثاق على ما سمي ب "البطاقة الزرقاء بلو كارد" على غرار "قرين كارد الامريكي"، وهي وثيقة تمنح للأجانب من ذوي المؤهلات المهنية العالية والذين يقدمون من دول خارج الاتحاد الأوربي لأجل العمل، حيث تمنحهم وعائلاتهم حق الإقامة لفترات محددة في أراضي دول الإتحاد الأوربي.
لكن الميثاق المذكور تضمن نقاطا مثيرة للجدل من بينها تلك التي تنص على أن المهاجرين غير الشرعيين الذين يقاومون الترحيل يمكن احتجازهم لفترة تصل إلى 18 شهرا ومنعهم من الدخول من جديد إلى دول الإتحاد الأوربي المؤلف من 27 دولة لمدة خمس سنوات.
ترحيل المهاجرين غير الشرعيين
"نحن فعلا بحاجة إلى قواعد واضحة بشأن التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين ولكن ليس بأي ثمن" يقول بيارتي فاندفيك، الأمين العام للمجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء.
يحاج السيد فانديفك بأن فترة الاحتجاز المنصوص عليها في الميثاق الأوربي الجديد تتجاوز في العديد من الحالات ما هو معمول به في القوانين الوطنية الحالية، وهو بمثابة معاملة المهاجرين كالمجرمين، "من الطبيعي احتجاز شخص ما لفترة قصيرة في انتظار ترحيله، ولكن عندما يكون هذا الاحتجاز لفترة طويلة يعني أنك تفرض عقوبة على شخص لم يرتكب أي جريمة ". وأعربت كل من منظمة العفو الدولية، والمجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء عن قلقها من أن يتعرض القُصر وعائلات بأكملها لهذا النوع من الاحتجاز.
وتستهدف المبادئ التوجيهية القاضية بإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، الحد من ظاهرة الإقامة الشرعية بعد انتهاء الفترة القانونية الممنوحة وفقا لتأشيرة الدخول إلى بلدان الإتحاد الأوربي، و يقدر عدد هؤلاء بنحو أثنى عشر مليون شخص يعملون بلا تصاريح عمل وبطريقة غير شرعية ويمارسون مهنا من قبيل التنظيف والمطاعم، وأعمال الفلاحة. ويكون هؤلاء في الغالب على درجة من الاندماج في المجتمعات الأوربية التي يعيشون مما يجعل من النادر اكتشاف مخالفتهم للقوانين لكنهم يمثلون الجزء الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين في الإتحاد الأوربي.
وستلزم القواعد الجديدة، التي لا تشمل طالبي اللجوء، الحكومات الاختيار بشكل فعال بين منح بطاقات إقامة لهؤلاء المهاجرين من رعايا الدول الأخرى وإجبارهم على العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وسعى المفوض الأوربي لشؤون العدل، جاك باروت، إلى تبديد المخاوف مؤكدا أن حقوق الإنسان المنصوص عليها في القوانين الأوربية وميثاق الأمم المتحدة ستحترم بدقة، وقال بأنه سيضمن أن تكون ظروف الاعتقال في مراكز الترحيل جيدة في كافة أنحاء الإتحاد الأوربي.
تحسين إجراءات التفتيش على الحدود
ويسعى ميثاق الهجرة الجديد لتشديد المراقبة على الحدود مع انتهاج خطط أفضل في مجال سياسة اللجوء، ومع الميل لإلزام طالبي اللجوء السياسي بتقديم طلباتهم من خارج الاتحاد الأوربي.
ويحث الميثاق أيضا على أن تأخذ الدول في عين الاعتبار مصالح الدول المجاورة في صياغة سياسات الهجرة، الإدماج واللجوء لتجنب منح تصاريح إقامة جماعية للأجانب في دولة ما بطريقة في دول ما بطريقة يؤثر على مصالح جيرانها كما حدث وفي السنوات الأخيرة حيث أثارت كل من أسبانيا وإيطاليا غضب باقي دول الإتحاد عندما أقدمت الحكومتان على منح تصاريح الإقامة إلى نحو 700 ألف مهاجر غير شرعي دفعة واحدة.
موقف المجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء
رحب المجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء بالميثاق الأوربي بشأن الهجرة، لكنه أعلن تحفظه على بعض النقاط التي ودرت فيه خاصة ما يتعلق منها بالمبادئ التوجيهية حول احتجاز المهاجرين المرحلين إلى بلدانهم الأصلية. وقال المجلس أنه يخشى أن يرجح هذا الميثاق كفة المعالجة الأمنية لقضايا الهجرة إلى أوربا التي لم تقدم أية حلول جذرية لها. ويخشى من جهة أخرى أن تكون تقف السياسات الجديدة للهجرة حاجزا دون وصول الناس الذين هم بحاجة إلى حماية الدول الأوربية إليها، حيث لم يشر الميثاق المذكور إلى هذه النقطة الأساسية التي هي تؤكد على أن أوربا هي أرض للجوء وطالبي الحماية.
ويشدد الميثاق الأوربي للهجرة على أن تعزيز المراقبة على الحدود الخارجية، يجب ألا يكون عقبة في سبيل حماية اللاجئين، ولكن ليس من الواضح ما هي التدابير الملموسة التي ستتخذ لضمان أن طالبي اللجوء يكفل الوصول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي و الاستفادة من إجراءات حق اللجوء.
وفي هذا الإطار، فإن المطلوب من الوكالة الأوربية للحدود، ومنظمة فرونتكس أن يقدما مزيدا من التوضيحات حول هذه الإجراءات ومدى ضمانها لعدم المس بحقوق الإنسان.
وتبدو فرونتكس غير قادرة أو غير راغبة في معرفة عدد طالبي اللجوء المحتمل أن يتأثروا بعملياتها، أو ما يمكن أن يحدث لهم في حالة عدم السماح بدخولهم إلى دول الإتحاد وما يمكن أن يلاقوه حالة توجههم إلى دول ثالثة.
ولا يبدو موقف الميثاق الأوربي للهجرة واضحا فيما يخص طموحاته وما يهدف إلى تحقيقه، ومدى التزام تلك الأهداف بالسياق الأوربي و الدولي في مجال حقوق الإنسان أو الميثاق الدولي لحقوق الإنسان.
ومن خلال المناقشات التي دارت حول هذا الميثاق، يتبين ما هو نوع المجتمع الذي يريد الإتحاد الأوربي بناءه والمقاربة التي تحملها الدول الأعضاء حول البلدان النامية والفقيرة."نحن في مفترق للطرق، فعلى أوربا أن تختار بناء مجتمع منفتح ويحافظ على حقوق الإنسان ويدعم التعاون المثمر والإيجابي مع باقي دول العالم، أو بناء مجتمع منغلق على نفسه."
ويرى المجلس الأوربي لشؤون الهجرة واللجوء أن تكون قيم التضامن و الحوار والاندماج في صلب السياسات الأوربية، كما يدعو إلى وضع مسألة حقوق الإنسان في مركز النقاش من أجل بناء أوربا أرضا للسلام .