 |
-
ماهي اهدافنا؟ وما هي ثوابتنا؟
إن الظروف التي نمر بها في المرحلة الراهنة تتطلب منا ادراكا مستنيرا لا عميقا فحسب في التفكير والنظر والتدبير... كما تتطلب سلوكا منظبا بقواعد وثوابت العقل والشرع بعيدا عن الضبابية التي قد يرى البعض فيها شيئا مفيدا عند الحاجة في اطار المناورة والتكتيك، وتتطلب منا ظروف التحدي
المتجدد والمتصاعد بنوعية(الصعوبات) و(المخاطر) ذات البعدين السلوكي والمبدئي ان نغور بالاعماق ولا نكتفي في البقاء على السطوح وبين المظاهر.
إن الحركة الإسلامية الصدرية التي شهدت في فترة السنوات المنصرمة نموا جماهيريا متسعا ودورا سياسيا عمليا رغم اتسامه بضعف الاداء الناتج عن قصور التجربة الذاتية وعدم كفاية متطلبات عديدة حدت من نمو وفاعلية ذلك الدور والقائمين عليه... هذه الحركة تواجه شكلا منفردا الى حد كبير من اشكال التكوين وبناء الشخصية بشرطيها (العقلية والنفسية) وبما قدمته من دماء وتضحيات وماتمسكت به من نهج تلخص في معادات الظلم اياً كان مصدره ومحاربة الاستبداد اياً كان منشأه، ومجاهدة الاستعمار والتبعية اياً كان نوعه وشكله، كما تلخص هذا المنهج في معادات التمزق الوطني والطائفي والمذهبي، ورفض الانزواء والانغلاق على الذات والابتعاد عن هموم الناس، واختلط طريق الكفاح الشجاع في مقابل طريق الخوف والتردد، كما اختار معايشة الجماهير البسيطة لا الاستعلاء عليها والمتاجرة بها.
هذا المنهج الذي اختلطه السيد الشهيد الصدر والقائم اصلا على قاعدة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر... واستجابه لما امر به الرسول الاعظم (ص) حيث قال (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) وقال (ص) (لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر او ليسلطن الله عليكم اشراركم فتدعون ولا يستجاب لكم).
هذا المنهج وهذا الخط عموماً يواجه أخطاراً كبيرة وتحديات جسيمة وليس أمامنا متسع من الوقت للمواجهة على مهل... نحن نحتاج الى أمور عديدة، نحتاج الى حملة واسعة متسعة لبيان ثوابتنا وبيان اهدافنا التي نسعى لتحقيقها، وتثبيت مرتكزاتنا الاخلاقية لتقود سلوكنا كما اراد السيد الشهيد في تثبيت الاعتقاد على طريق الإسلام الخالد.
ليس امامنا سوى ان نعمل وفق برنامج سياسي محدد ونظام داخلي يجيب عن تساؤلات عديدة ويحتاط لسلامة الاداء والمستقبل نحتاج الى ان تتمحور حركتنا حول هدف معين... فما هو هدفنا؟ ثم من هم حلفاؤنا لتحقيق الهدف؟ من هم اعداؤنا؟ كيف نقيم علاقاتنا؟ نحتاج الى جهد
لايصال اجوبتها الى الخاصة والعامة... لابد من ادراك اهمية الوضوح في الهدف وازالة الاتربة عن الجذور الاصيلة، ودفع حمله التضليل والتزيف التي تريد النيل من هذا المنهج والحركة وتحميله وزر الافعال والممارسات الظالة التي يصنعونها في مصانعهم ويصدرونها بأسماء غيرهم... ان هدف هذا الخط الذي يطمح له(هو رضا الله) والله سبحانه امرنا ان نحتكم لنظام الإسلام ومنهج الإسلام في السياسة والاقتصاد والاجتماع والمال والعقوبات وغير ذلك... وهذا يحتاج ابتداء ان نعزز فهمنا للإسلام عقيدة وشريعة وسلوك وانظمة وقيم..
ان فهمنا للإسلام يقودنا الى العمل لرعاية الناس والاهتمام بحفظ مصالحهم بأعتباره واجباً شرعياً، وان هذه الرعاية لشؤون الناس تحتاج الى تنظيم امورهم فلا يجوز ان تترك ادارة شؤونهم الى من لا يؤمن بنظام الإسلام ولذا وجب على المؤمنين دخول العملية السياسية ومحاولة استلام السلطة أو على الأقل المشاركة في صنع القرار او التأثير عليه دفعا للضرر والاذى... اذن السياسة هي الوجه الاخر للدين ولا تنفصل عنه... ولأجل ان يكون العمل السياسي منتجاً لابد من تعزيز الوعي السياسي وانمائه وتطويره، ولابد من ادراك أهمية التحالفات السياسية وفهم قوانينها وقواعدها... ولابد من ادراك القواعد الاساسية في الممارسات السياسية ولابد من رسم اهداف مرحلية ذات صلة وثيقة بالهدف الاسمى الذي رسمنا لابد من رسم استراتيجية محددة يلتزم بها فريق العمل السياسي في المجال الحكومي أو البرلماني أو غيره... ان القول بان السلطة يجب ان تكون احد أهدافنا قولاً يجب ان لا نستنكف منه ولا نتعفف عنه،( ان الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن)، فالسياسة بما انها الرعاية لشؤون الامة وحفظ مصالحها، فان هذه الرعاية لايمكن تحصيلها بشكل فاعل الا من خلال السلطة. وهذا الامر لايتم بالتمني والترجي أو بالعمل العفوي غير المنظم او بالهبات الجماهيرية الشجاعة المحدودة في المكان والزمان....
ان املنا ان يعي الجميع دروس الماضي والحاضر وان نعي بالذات وبالخصوص ان الوضع الراهن والقيود المحيطة الان ستتصاعد سلباً، وانه سيواجه هذا التيار تحديات جديدة اكثر خطورة، ليس هذا التيار فقط وانما كل الحركة الإسلامية ستواجه ضغوطاً من نوع جديد وسوف يضيق ميدان الحركة لكل من هو اسلامي... وسوف تلقى تبعات كل ماحصل ويحصل الآن من فوضى ودمار ونزف في الاموال وانعدام في الخدمات على عاتق الحركة الإسلامية، كمقدمة لتسليم الأمور والسلطة إلى الليبراليين الذين يمارسون اليوم دور الناقد والمعارض.
ان أمام الحركة الاسلامية والشخصيات مهمة غاية في الاهمية والخطورة وهي العمل يدا بيد لوقف التداعيات التي يراد بها ايصال الإسلام من (خلال المسلمين) الى دائرة الانغلاق على الذات والانعزال عن السياسة والحياة وتحميله كل سلبياته ومآسي الحاضر الذي هو من صنع معسكر الاعداء.. يجب ان يكون هدفنا الآن العمل الوطني الجاد الموحد للطاقات جميعا للنهوض في وجه المخاطر التي تعصف بالجميع... ونلخص الاهداف كما يلي:
1 ـ التحرر من الاحتلال والتبعية وتحقيق الاستقلال والسيادة التامة.
2 ـ الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً.
3 ـ وحدة وأمن ورفاه الشعب.
4 ـ رفض الطائفية والارهاب والتكفير.
5 ـ رفض الاستغلال ونهب ثروات الشعب بفرض قوانين جائرة.
6 ـ التزام الحوار اسلوبا لكل المسائل المختلف عليها وتحريم الدم العراقي.
7 ـ اعتبار الاختلاف والتمايز امر طبيعي لاينفي احترام الآخر ودعوته بالحكمة والموعظة الحسنة.
8 ـ فرض العدل والمساواة وحرية الانسان. والدفاع عن حقوقه المشروعة.
وعلى صعيد الذات نحتاج الى ثورة الفكر والعقيدة.. نحتاج الى مزيد من النظام والانتظام، نحتاج الى التوحد والتعاون والتآخي ورفض منطق الاقصاء والتدمير والانتقام، نحتاج الى الالتفاف على محور (الاخلاص الواعي).
وتأكيدا أن ثابتنا الوحيد هو الإسلام بأعتباره نظام حياة كامل شامل متسع. وهو الذي يحدد ثوابتنا الاخرى في مطلب الاستقلال والوحدة الوطنية ومطلب الامن والرفاه للجميع ومحاسبة المعتدين وفقا للقانون. والعمل الجاد للتغير نحو البناء (بناء الذات وبناء المجتمع والأمة).
ومن ثوابتنا الاصرار على العمل لتغيير الواقع. مهما كان صعباً وفقاً لموازين القوى المختله لغير صالحنا في الوقت الحاضر، ونمعن النظر بأن الجماهير قوة قادرة إن تسلحت بالفكر على تغير تلك الموازين.. فالجماهير تحتاج للقائد الذي يعلمها (بالقدوه) ويعيش في وسطها ويعاني آلامها ويتحمل مسؤولية توجيهها بأصراره، كما كان الصدران يوصيا ويعملا حتى سقيا تربة العراق بدمهما الطاهر الذي أنبت هذا الثمر اليانع. وكما ترسم السيد مقتدى الصدر هذا النهج.
الدكتور عبدالجبار وحيد الحجامي
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |