 |
-
حركة مناهضة الحرب العراقية داخل الولايات المتحدة الأمريكية
بقلم : د. محمد السيد سعيد
عندما يتعلق الأمر بأيام قد تفصل بين الحرب واللاحرب( فالسلام لايزال بعيدا جدا عن الأرض) وعندما يكون مصير العالم العربي كله في الميزان تضطر لمتابعة حتي أقل رعشة في حركة البندول الدقيقة للرأي العام الأمريكي وتصبح ملكا لنوبات متتابعة من التفاؤل والتشاؤم مع كل كلمة أو لفتة جديدة. ليست تلك هي حالتي كعربي فقط بل حال بعض الأمريكيين كذلك. تسمع أو تقرأ مقالا أو رأيا يعارض الحرب فتقول لنفسك بدأت المقاومة للحرب تنتصر. يطير بك هذا الانطباع في السماء ويمنحك إحساسا بالفرح. فربما تكون فرصة حزب الحرب قد انكمشت أو راحت.
منذ أيام قليلة كنت أحاضر في إحدى جلسات المؤتمر الوطني لكتاب رأي الصحف في مدينة ناشفيل بولاية تنيسي. وبعد الجلسة تجمع عدد من هؤلاء الكتاب ليسألوا بقلق: هل تعتقد أن الحرب حتمية؟ كتمت ضحكة صغيرة في الحلق. إذ كنت أنوي أن أطرح عليهم هذا السؤال نفسه لأني لا أملك إجابة حاسمة. ولكن السؤال أبهجني مع ذلك لسبب آخر غير أني لا أعرف. فهؤلاء الناس الذين لا يضمر أغلبهم أي شر للعالم يساورهم القلق والدافع نفسهما لرفض الحرب. وأكثرهم عبر فعلا عن تمني أن تنتهي سريعا فرصة حزب الحرب في البيت الأبيض وهي حتي الآن فرصة كبيرة في شن الحرب ضد العراق قبل أن يفيق الناس هنا وهناك لما يراد لهم وللعالم.
قبلها بيوم كنت أشاهد جلسة مجلس الشيوخ حول طلب الرئيس منحه صلاحيات شن الحرب و؟؟؟ السلام في الشرق الأوسط على شاشات التليفزيون.
بدا الأمر مختلفا. كان هناك عدد أكبر من الشيوخ يبدو راضيا عن قرار الحرب. وأكد خبراء الكونجرس أن الرئيس سيحصل على معظم مايريده من المندوبين والشيوخ من الحزبين بأغلبية كبيرة. وكنت أعرف ذلك مقدما. ولكن ما ضايقني كان شيئا آخر أو شيئين. فالمناظرات والأسئلة حول الحرب واللاحرب لا تتناول الأمور الجوهرية التي تجعل الحرب اختيارا جنونيا حتى من وجهة نظر مؤسسة الحكم الأمريكية.
تركزت المناقشات حول لماذا السرعة في شن الحرب قبل بروز دليل قاطع علي وجود تهديد داهم وهي الحجة التي استخدمها الرئيس سواء في خطابه أمام الجمعية العامة أو في الطلب الذي قدمه إلي الكونجرس. وكأن المسألة قد تلخصت في متي تشن الحرب وليس حول الحاجة إليها أصلا.
لم يسأل أحد من الشيوخ المحترمين أكثر الأسئلة بداهة وهو ما إذا كانت هناك طريقة أخري للتعامل مع العراق أو نظامه السياسي, ولماذا قد يشعر العراقيون بأنهم في حاجة إلي تطوير أسلحة دمار شامل إذا توافرت لديهم الوسائل, فمثل هذه الأسئلة العملية جدا كانت تفتح الباب أمام مناقشة فحوي ومضمون السياسة الأمريكية التي أغلقت طاقة الأمل أمام العراقيين.
فهذا ما حدث خلال الأعوام الـ12 الماضية. ومثل تلك الأسئلة قد ترفع قليلا سقف الخيال. ضايقتني أيضا غطرسة السيد رامسفيلد وزير الدفاع الذي استعان بأحداث11 سبتمبر لكي يقنع الشيوخ المترددين. المسألة إذن انتقام من العرب أي عرب مادامت هناك فرصة مواتية بكل أسف فرصة للافتراء علي العراق.
في نادي الصحافة كنا نستمع إلي مناقشة تلفازية حول تكلفة الحرب. وعندما ردد أحد الخبراء تأكيد وزير الخزانة الأمريكية بأن الحرب ضد العراق تتكلف ما يتراوح بين مائة ومائتي بليون دولار صاح أحد الصحفيين الأمريكيين الشباب الذين كانوا يشاهدون البرنامج معنا متسائلا بلهجة استنكارية لفتت نظر الجالسين: هل أنت جاد؟ لم أفهم ما إذا كان يعني أن هناك مبالغة شديدة في التقدير أم أن حربا بهذه التكلفة( خاصة لو كانت دون سبب معقول) هي الجنون بعينه. كنت أتمني أن يعقب أحد لافتا نظر الآخرين إلي أن أمريكا لو أنفقت ربع هذا المبلغ علي تنمية العراق لكانت قد حصلت علي كل ما يمكن أن تريده دون حاجة إلي غزو العراق, هذا بالإضافة إلي الحصول علي تقدير الشعب العراقي والعالم بدلا من سخطه وكراهيته. لم يعقب أحد ولم أتساءل من جانبي عن دلالة السؤال. فقد اكتفيت بأن الاستنكار أعجبني ومنحني ما أبحث عنه: أي استنكار فكرة الحرب وإدراك سخفها.
الرأي العام
ثمة شيء من التمني وأحيانا سوء النية في كل ما ينشر أو يذاع حول الرأي العام وموقفه من الحرب ضد العراق. فلو طالعت استطلاعات الرأي فسوف تصاب بخيبة أمل مؤكدة. ويمكن لمشاهدة طويلة للمناقشات التلفازية حول فكرة غزو العراق أن تصيبك بالكآبة. ولو كنت من أنصار الديمقراطية الدستورية الحديثة مثلي لشعرت بشيء من الإحباط عندما ترى أقدم ديمقراطية في العصر الحديث تناقش مسألة جوهرية للعالم ولأمريكا نفسها بهذه الدرجة من الخفة والخواء. ويؤكد الجميع أن نحو ثلثي الشعب الأمريكي يؤيد فكرة الحرب.
البعض يقول بتحفظ ما يلي: لو تركنا الزمن والمناظرات تتدفق قليلا لكانت النتيجة مختلفة. فتلك الاستطلاعات نفسها تقول إن الرأي العام الأمريكي أكثر رقيا من قادته. فهو لا يريد حربا تشنها أمريكا علي انفراد وإنما من خلال مجلس الأمن. كما يريد من الرئيس أن يحصل علي موافقة الكونجرس أولا. وعلي أي حال فإن نسبة المؤيدين للحرب كانت تنخفض بالمقارنة مع أسابيع أو شهور مضت. ولكن ما حدث هو أن الديمقراطيين والليبراليين قاموا بخيانة آمال الشعب في تجنب الحرب بالادعاء بأن خلافا مع الرئيس حول الحرب قد يضر بفرصهم الانتخابية.
وهنا نأتي إلي مسألة الزعامة.
فالمعارضة لفكرة الحرب بين الديمقراطيين والليبراليين كانت تبدو قوية في المستويات الأقل. وكتب عدد من الديمقراطيين والليبراللين المرشحين في الانتخابات الحالية أنهم يتمنون من حزبهم معارضة طلب الرئيس من الكونجرس منحه صلاحيات شن الحرب ضد العراق. بل ومن الملاحظ أن الإسهامات التي تنشرها الصحف الكبري في صفحات الرأي أخذت تميل إلي المعارضة مقارنة بالموافقة برغم أن الوقت لم يعد لمصلحة معارضي الحرب بحكم أن الكونجرس قد وعد بالتصويت قبل انتهاء الدورة الحالية أي في غضون أسبوعين أو أكثر قليلا من الآن.
وأدهشني أن افتتاحيات واشنطن بوست التي كانت طوال العام الماضي تدعو إلي الحرب ضد العراق بحماس قد أخذت أخيرا تراجع هذا الموقف أو تظهر بدرجة أكبر حجج المعارضين وهو ما يشير إلي شدة القلق داخل النخبة الإعلامية والثقافية الأمريكية حيال الفكرة الجهنمية.
ولأول مرة مثلا أري مقالا منشورا يوم21 بقلم البروفيسور بروس كرمان أستاذ القانون الدولي بجامعة ييل يقول بصراحة ووضوح إن غزو العراق هو خرق مؤكد للقانون الدولي بل ولميثاق الأمم المتحدة الذي لا يسمح بالدفاع عن النفس كحجة لشن الحرب إلا إذا تعرض البلد العضو لهجوم مسلح وهو ما لم يفعله العراق المسكين!
فلم يكن للقانون نصيب في المناقشات التي تمت حتي الآن علي الرغم من أن الجميع يدرك أن لدي الإدارة مشكلة عويصة مع القانون الدولي. وربما يكون السبب هو قلة احترام القانون الدولي عموما هنا برغم أن الدستور يجعل الاتفاقيات الدولية القانون الأعلي للبلاد. ولكن السبب الأهم هو ضعف الزعامات البديلة خاصة في الحزب الديمقراطي.
حركة المقاومة
لكن لو تركنا خيانة الزعماء السياسيين أو بالأحري تواطؤهم مع المشروع العسكري الإمبراطوري للجالسين في البيت الأبيض وحوله لسوف نري العالم وأمريكا في ضوء مختلف تماما. هنا نري صورا غاية في المقاومة. تري الشباب الأمريكيين الذين يحلمون باستعادة أمريكا إلي جادة العدل والإنصاف ويناضلون من أجل كسب أمريكا لمصلحة السلام وعلاقات الآخوة بين الشعوب.
صور المقاومة للمشروع الحربي الامبراطوري عديدة للغاية وقد لا يمكن حصرها في الجامعات أو في اليسار. فلا تقلل أبدا مثلا من دور الخبراء الذين يتمتعون بالنزاهة والشجاعة في أيام كهذه. وقد لفت السيد ريتر أحد الأعضاء الأمريكيين بلجنة التفتيش علي الأسلحة العراقية نظر مئات الأمريكيين بشهادته التي أذاعها بعشرات من الطرق. وتقول تلك الشهادة إنه مطمئن إلي أن اللجنة قد حيدت تماما الأسلحة الكيماوية والبيولوجية العراقية وأنه لا يري أبدا ضرورة للحرب كوسيلة لضمان نزع أسلحة الدمار الشامل.
وتجري الآن معركة بين الخبراء حول الحجة أو الدليل المادي الوحيد الذي قدمه الرئيس بوش حول برامج التسلح العراقية وهي أنابيب الألومنيوم التي استوردها العراق والتي يزعم أنها تستخدم في تصنيع ماكينات التسريع اللازمة لتخصيب اليورانيوم. فمعهد العلوم والأمن القومي في واشنطن شهد بأن تلك الأنابيب تستخدم لعدد من الأغراض التي لا شأن لها بالأسلحة الذرية ولا تصلح دليلا مؤكدا علي النية أو علي إمكان الحصول علي الماكينات المطلوبة لبرنامج تصنيع أسلحة ذرية. وهذه الشهادة بنفسها لها دور كبير في المناظرات حول ضرورة غزو العراق حتي داخل أجهزة الدولة الأمنية.
لاحظ هنا أن تلك الشهادات الفنية لا تنهض علي آراء قاطعة ومثلها في ذلك مثل إحصاءات الرأي العام والتقديرات العسكرية والاستخباراتية بل وتقارير معاهد البحوث ومراكز التفكير. ففيها كثير من المحتوي العلمي ولكن فيها أيضا الكثير من الفكر وتقنيات الصراع السياسي الماكر وغير المباشر.
فإذا كنت من الأصل معارضا للحرب ورافضا للاحتكار الذي تملكه القوي الصهيونية والأصولية علي السياسة الأمريكية في الوقت الحالي ولكنه ؟؟ فرصة التصدي المباشر والصريح لهؤلاء الناس بما في ذلك تسميتهم وتعريتهم أمام الرأي العام الأمريكي بصفتهم الحقيقية( مثل كون بعضهم عملاء فكريين وسياسيين بل واستخبارتيين لإسرائيل) فالطريقة المناسبة قد تكون هي إبداء رأيا فني وليس رأيا سياسيا أو أيديولوجيا وإيجاد القنوات المناسبة لتوصيله إلي من بيدهم الفصل في الموضوع من بين أجهزة الدولة. ولاشك في أن هناك كثيرين داخل هذه الأجهزة ممن يخشون أن تجر بلادهم إلي حرب تكلفها الكثير من المال والدك والكراهية فقط لخدمة إسرائيل أو اليمين الأصولي المتطرف. وهذا مثلا كان المدخل المفضل لعدد من العسكريين والدبلوماسيين والخبراء مع تباين درجة شجاعتهم.
ولكن هذا شكل واحدا لمقاومة فكرة غزو العراق. وقد لا يكون الشكل الأكثر تأثيرا خاصة عندما يكون الرئيس بنفسه علي رأس فريق الحرب والغزو. هنا لابد أن تكون المقاومة صريحة ونافذة للرأي العام. ويلعب عديد من كتاب الرأي الأمريكيين دورا بالغ الشجاعة والنبل. وتختلف مداخل النقد اختلاقا كبيرا. وبعض الكتاب لا يترددون في إخضاع سياسة الحرب إلي نقد مرير يفضح محتواه الثقافي البائس. مثلا صرحت السيدة نورين دود في نيويورك تايمز مثلا بأن ما يقوم به فريق نيكسون في البيت الأبيض هو ببساطة حرب ثقافية تستهدف عادة الشرف المفقود في فيتنام بإبادة العراق.
وهناك العشرات من هذا النوع من مقالات الرأي التي بدأت تنهال علي الصحف الكبري فتنشر منها نسبة ضئيلة وتحيل نسبة أخري إلي النشر في بريد القراء أو تتجاهله كليا من أجل ضمان التوازن! وهذا هو ما يفسر اضطرار مئات من أبرز الأمريكيين إلي اللجوء إلي الإعلانات مدفوعة الأجر في الصحف لإبراز معارضتهم للحرب.
الإعلان الذي نشرته نيويورك تايمز يوم19 كان يحمل عدة عناوين مثل دعنا لا نسمح للعالم الذي يراقبنا بأن يشعر باليأس من صمتنا أو فشلنا في العمل. دع العالم يسمع تعهدنا بمقاومة آلة الحرب والقمع ودعوتنا للجميع بأن يفعلوا كل ما بوسعهم لوقفها. وكان من بين الموقعين شخصية بارزة من الجالية اليهودية.
تقوم مقالات الرأي بدور رئيسي في مقاومة آلة الحرب. فلها وزن سياسي كبير. ولكن لا شيء يعادل أبدا القيمة الأخلاقية للمعارضة النشيطة التي تشغي بها الآن الجامعات الأمريكية. في كل الجامعات الكبري خاصة التي قادت الحركة الشعبية الأمريكية ضد الحرب الفيتنامية بما في ذلك بركلي وستانفورد وهارفارد ستجد إحياء ملحوظا لحركة السلام أو بالأحري حركة معارضة الحرب.
هنا نجد حيوية وخيال وشجاعة الشباب والطلاب بوجه خاص. ولكننا أيضا نجد المقارنة الفاضحة التالية. الأسر الأمريكية حتي من الطبقة الوسطي العليا تجد عنتا شديدا في دفع مصروفات تعليم أبنائها. ومع ذلك يفضل الرئيس الذي أسرف في وعود إصلاح التعليم أن من الأفضل أن ينفق100 ـ200 مليار دولار علي حرب عقيمة بدلا من أن يستثمرها في هذا القطاع الحيوي! هذ التناقض تجده أهم شعارات حركة مناهضة الحرب. تعليم لا حرب أو تعليم لا إبادة شعار تجده مرفوعا بالمئات في كل المظاهرات المناهضة لسياسة الإدارة الراهنة منذ أبريل الماضي.
سمة أخري بالغة الأهمية لحركة مناهضة الحرب والعولمة التي تنتعش الآن في الجامعات وبين المنشآت المدنية والحقوقية الأمريكية هي التوءمة بين مناصرة الشعب الفلسطيني وكل القضايا الأخلاقية والتقدمية والإنسانية الأخري. لقد صارت مناصرة الشعب الفلسطيني هي أهم الشعارات المشتركة بين كل صور الاحتجاج السياسي المباشر خاصة في الجامعات الأمريكية. وينتظر الجميع إما بقلق أو باستبشار المظاهرات الضخمة التي تبدأ من سان فرانسيسكو في أقصي الغرب وتنتهي في واشنطن مع بداية الاجتماع المشترك للبنك والصندوق الدوليين أوائل الشهر المقبل ليري ويقدر قوة الرفض الشعبي للحرب والظلم الدوليين والردة الاجتماعية والسياسة الداخلية.
حركة مناهضة الحرب تنتعش بوضوح ولكنها مازالت محاصرة وسط رأي عام مجروح بشدة بسبب أحداث11 سبتمبر.
سألني أحد الصحفيين الأمريكيين: أين الشعوب العربية.. هل اختفت أم أنها صارت أصولية؟ نحن نحتاج منكم موقفا إيجابيا وشجاعا حتي تنجح حركة مناهضة الحرب هنا.
أجبته في حدود ما أستطيع. ولكني أعلم أن القوي الحية هنا مازالت تنتظر موقفا من الشعوب العربية. وهنا يجب أن نقول إن المجتمع المدني العربي قد يساعد بقوة وبقدر كبير من التأثير لو أنه أسمع الشعب الأمريكي رسالة قوية وإيجابية. سوف نقاوم الحرب ضد العراق وضد الشعب الفلسطيني. وسوف نسهم معكم في حركة مناهضة الحرب. إن ما نكرهه في أمريكا هو سياسة ظالمة ومدمرة للسلام ولحقوق الشعوب. ولكننا نكن كل التقدير للشعب الأمريكي ولقواه الحية والمناضلة من أجل العدالة. الأمريكي العادي يحتاج هذه الرسالة وحركة مناصرة الشعب الفلسطيني تحتاج هذه الرسالة والعالم كله ينتظرها. والمؤكد أنها ستصنع فارقا كبيرا وقد تكون العنصر الفاصل بين احتمالات الحرب وانتصار السلام.
http://web2.ahram.org.eg/arab/ahram/2002/9/28/REPO1.HTM
أليس الله بكاف عبده ؟
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |