الانتخابات ونزاع الدعوة والمجلس الأعلى
وليد سليم
كثر الحديث هذه الأيام عن حدّة النزاعات الكلامية والتصريحات الإعلامية بين حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي حول صلاحيات مجالس المحافظات والحكومة الاتحادية في بغداد وإن أساس النزاع هذا هو ملف إعمار الوسط والجنوب. حيث يلقي المجلس الأعلى باللائمة على رئيس الحكومة السيد المالكي ووزرائه بأنهم هم من أخّر إعمار الوسط والجنوب بسبب قضم الصلاحيات الممنوحة لمجالس المحافظات العراقية باحتكارها جميع السلطات ولا أدري ما هي السلطات التي تريدها الحكومات المحلية إذا كان مسموحا لها بالتعاقد وجلب الاستثمار وإبرام العقود مع الشركات العالمية من أجل استقدامها إلى محافظاتهم ليقوموا ببناء المشاريع الخدمية التي يحتاجها المواطن والمعلوم أن ميزانية المحافظات العراقية كانت من أساسيات عمل الحكومة العراقية ومن النقاط الحيوية التي ركّز عليها رئيس الحكومة السيد المالكي حيث الميزانية كانت تفوق ما يتصوره أبناء تلك المناطق المحرومة والتي تعادل ميزانية بعض دول الجوار أو الدول الإقليمية وقد يكون السادة في المجلس الأعلى قد نسوا أو تناسوا بسبب هرج الحملة الانتخابية يوم جاء عدد من المحافظين لمحافظات الوسط والجنوب إلى رئاسة الوزراء وقد أعادوا قسما من الميزانية الزائدة كما يقولون بسبب عدم استغلالها في المشاريع ويومها قال لهم المالكي نريد منكم أن تبنوا بها مدنكم لا أن تعيدوها إلى خزينة الدولة العراقية فهو حق لأبناء تلك المحافظات المحرومة ، أليس ذلك يدلّل على أن هؤلاء المحافظين غير قادرين وغير كفوئين في إدارة مدنهم ، لماذا لم يحصل ذلك مع محافظات إقليم كردستان واستغلوا كل الميزانية المرسلة إليهم لا بل طالبوا بميزانية تكميلية لأجل إنعاش المشاريع الخدمية في كردستان وهذا يدلل على القدرة والكفاءة العالية والمخلصة لمدنهم لهؤلاء المحافظين والعراق يعتزّ بمثل هؤلاء.
أليس الأوْلى بالسادة في قيادة المجلس الأعلى أن يدققوا في ملفات مرشحيهم للحكومات المحلية السابقة ويبحثوا عن الأخطاء التي ارتكبت خلال فترة ولايتهم السابقة حتى يقوّموا الخطأ وعدم تكراره في الفترة القادمة وهذا منهاج الأحزاب السياسية الفاعلة في أي عمل سياسي يقود المجتمع بشكل مباشر ، ألم يسمعوا بالفساد الإداري لبعض مسئوليهم والذي أثّر بشكل مباشر على أداء الخدمات ؟ ألم يسمعوا صيحات الناس والغوث من المحسوبية الحزبية وتهميش الآخرين وقلة الكفاءة وغير ذلك ؟ لماذا إذن يرمون الكرة في ملعب الحكومة العراقية ووزارتها والمالكي وأخذ الصلاحيات منهم مع إن الرجل كل الذي قام صرّح تصريحا وطالب أن يعدّل الدستور وفق القوانين المتبعة فهو عمل ضمن حدود الدستور العراقي وتدخل في المحافظات الجنوبية عندما نخرها الفساد والعصابات والمحسوبيات والتكتلات الحزبية وسياسة الأنا التي استخدمها العديد من المسئولين في تلك المجالس، فلماذا لا يتحدثوا عن تلك المعوّقات الحقيقية التي أخّرت إعمار الوسط والجنوب .
هذا هو نزاع الليل الأخير الذي يستخدمه المجلس الأعلى في حملته الانتخابية المقبلة في أيامها القادمة لكي يعودوا إلى مجالسهم الحالية وليبقى الشعب العراقي يتلظى تحت الشمس في أمل أن يغيب شعاعها وتهطل الأمطار خيرا لهم من مجهول ينتظروه.