مسعود البارزاني و أعلان أقليم كُردي مستقل
GMT 10:00:00 2009 الأربعاء 14 يناير
مهدي مجيد عبدالله
--------------------------------------------------------------------------------
عقب قرأتي و سماعي لكلام او تصريحات مسعود البارزاني تحتل البسمة مكانا لها فوق شفتي، والسبب ان الكلام او التصريح ما هو الا وهم او خيال وهو اقرب الى الدعابة منه الى الجد و الحقيقة.
في كلام له قبل مدة في احدى الصحف الغربية فتح البارزاني نار تصريحاته على المالكي متهما اياه بأنه يتبع اسلوب النظام الوحدوي في ادارته لدفة الحكم في العراق، وان هاجس الخوف يمتلكه من التعديلات التي سوف تجرى على الدستور العراقي.و اضاف البارزاني ايضا( لم أتوقع يومًا أن يقف (المالكي) ضدّ حقوق الشعب الكردي، وأنه سوف يعارض وجود البيشمركة، أو الأكراد داخل الجيش، وأنه سوف يهمّشهم، ولكن، للأسف، ذلك ما يحدث، وقد خيّب آمالنا )، ولم يستبعدالبارزاني أن يُقدِم إقليم كردستان على إعلان استقلاله عن العراق.
عندما يقرأ اي شخص كلام البارزاني هذا و يكون غير مطلع على ماض و تاريخ مسعود فأنه سيظن بان البارزاني مخلص جدا لشعبه الكردي، و انه ساهرا دائما لرعاية مصالح افراد و جماعات اقليمه و بلاده، لكن مع الاسف العكس هو الصحيح وهذا ما سنوضحه في السطور الاتية.
اتهم البارزاني، نوري المالكي بأنه يحكم بصورة وحدوية و دكتاتورية، في حين ان البارزاني هو الدكتاتور في الأصل و زيارة واحدة لأربيل و دهوك تكفي لتلمس دكتاتورية البارزاني فمثلا ان اي فندق او متجر او محل في هذه المدن مهما كانت طبيعة عمله (حلاق، صيدلي، مطعم...الخ ) يجب ان تعلق فيه صورة البارزاني الاب او الابن، و الا فأن صاحبه سيتهم بالعمالة للاتحاد الوطني الكوردستاني او احدى الاحزاب الاسلامية او العلمانية الاخرى المتواجدة في الساحة الكوردستانية، او لجهة خارجية تريد الكيد بالوطن و بالقائد و الرئيس المفدى مسعود البارزاني،آنذاك تكون المعتقلات و السجون مأوى للمجرم الذي لم يعلق الصورة، كي يذوق فيها صنوف الآلام المتعددة و يرى افظع صور التعذيب و الاهانة على ايدي جلادي البارزاني، و هذا ما حدث فعلا مع احد اصدقائي الذي كابد و رزخ سنوات طويلة في سجن( ئاكري) الفظيع سيء الصيت، لكن شاء القدر ان لا يلقى حتفه فيه( وهذه معجزة الهية) و أن ترى عيونه النور مرة اخرى كي يكون شاهدا و راويا لانتهاكات حقوق الانسان في سجون مسعود البارزاني. و لا ادري لماذا لا تبحث منظمات حقوق الانسان العالمية و العراقية في امر الانتهاكات الحاصلة في سجون و معتقلات البارزاني خاصة و اقليم كردستان عامة.
و الحقيقة المرة التي يجب ان ندركها جميعا ان مصالح مسعود و ازلامه و جلاوزته تعرضت للخطر لذا اطلق تصريحات بنيته اعلان أستقلال اقليم كوردستان عن العراق، و الا فأن مصلحة الشعب و الامة الكوردية لا تهمه و لا يعيرها اي اهتمام و الشاهد على كلامي هذا انه في الحرب الاهلية الواقعة في اقليم كردستان العراق سنة 1996 عندما ضيقت قوات حزب الطالباني الخناق على حزب مسعود لجأ مسعود الى قوات الجيش العراقي مستعينا بها لفك الحصار و الطوق المفروض عليه و للقضاء على قوات الطالباني و هذا ما حدث بالفعل حيث دخلت القوات البعثية المدن الكوردية و ابادة قسم كبير من قوات الطالباني و احتلت اراضي كوردية و كل هذا حدث تحت اشراف الزعيم المفدى مسعود البارزاني الذي يزعم الان بأنه مغتاض من اسلوب المالكي الدكتاتوري في الحكم و انه ضد الوحدوية و هو مستعد لبذل الغالي و النفيس في سبيل اسعاد شعبه الكوردي و توفير حياة هانئة سعيدة له فضلا عن انه يدين تدخلات الدول المجاورة في شؤون العراق و يرفض التعديلات في الدستور العراقي.
يذكر ان الحرب الاهلية الحاصلة في اقليم كردستان العراق سنة 1996 بين الحزبين ( الديمقراطي الكوردستاني، بزعامة مسعود البارزاني. و الاتحاد الوطني الكوردستاني، بزعامة جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق حاليا) كانت للأستيلاء على سلطة الحكم في الاقليم عقب انفصاله عن النظام المركزي في العراق اداريا، وقد ادت هذه الحرب الى مقتل مئات الضحايا من اطفال و نساء و شباب و شيوخ الكورد فضلا عن اصابت مئات الاخرين بعاهات جسدية و الألام نفسية لا يزال اصحابها يعانون منها لوقتنا هذا، و لهذا يجب ان يُقدم كل من مسعود البارزاني و جلال الطالباني الى محكمة دولية كي ينالوا جزاءهم لما ارتكبوه بحق شعبهم من مظالم في هذه الحرب الشعواء، و هم لا يختلفون عن صدام حسين سوى ان صدام كان دكتاتورا علنا اما جلال الطالباني و مسعود البارزاني فأنهم دكتاتورين بقناع ديمقراطي و في السر.
اذا اراد البارزاني حقا ان يكون مخلصا لنفسه اولا و لشعبه ثانية يجب عليه ان يدرك بأن شعبه لا يريد الاستقلال حاليا عن العراق، و السبيل لأرضاء الكورد في العراق و تحقيق امانيهم هو ان يقوم البارزاني بتسليم الكورد المتورطين في حملات الانفال الذائعة الصيت و التي راح من جرائها 183 الف انسان كردي بريء الى المحكمة الجنائية العليا في العراق لا ان يداريهم و يتستر عليهم في كوردستان العراق و خارجه، فضلا عن أفساحه المجال لمحاكمة الاكراد اللذين كانوا يعملون لصالح المخابرات العراقية وهم الان يتولون زمام السلطة في اقليم كردستان العراق ( سأنشر لاحقا اسمائهم مع نبذة عن ما فعلوه من خدمات للنظام البعثي المقبور ضد شعبهم).
و يجب على مسعود البارزاني ان يسعى للقضاء على الفساد المتفشي الخارم لمفاصل الدوائر و المنشئآت الحكومية في كوردستان، و تكون البداية من نفسه و الاشخاص اللذين يحيطون به من الاقارب و الخدم و الحشم، و ان يبني اماكن للاطفال المشرديين والرجال الطاعنين في السن اللذين يفترشون الارصفة و يتلحفون السماء، و تشاركهم القطط و الكلاب قوتهم الذي يجمعونه من صفائح النفايات.
و ان يفعل شيئا لمواساة النساء الثكالى اللواتي تحتبسن في مآقيهم دموع الحزن والالم و الحسرة على مفارقتهم لمعيليهم من ابناء و ازواج، حيث فارقوا الحياة( من شدة ما تعرضوا له من تعذيب) في معتقلات ( ئاكري) و ( الامن العام )في اربيل و غيرها من السجون الشبيهة بمعتقل غوانتانامو و المنتشرة في مناطق كوردستان المتفرقة.
و يجب على مسعود ايضا ان يمنع اعضاء حزبه من الاعتداء على المواطنين الكورد المساكين العزل اللذين لا سامع لآهاتهم سوى الله، ومن ثم يفكر و ينوي في اعلان اقليم كردي مستقل، و فليدرك جيدا بأن الشعب الكوردي في العراق مل و زهق من خطبه و تصريحاته الرنانة العصماء التي تذكرنا بخطب و تصريحات صدام حسين.
و على مسعود البارزاني ان يدرك جيدا بأن الشعب الكردي في العراق لن يقف خلفه مرة اخرى كما كان يفعل في الماضي، وهذا ما سيدركه لاحقا عندما يحمى و طيس الشعب عليه طالبين بحقوقهم و المساواة و العدالة التي يفتقدونها و لا يستطيعون المناداة و المطالبة بها حاليا.
ارجو ان تعتبر من هذا يا مسعود البارزاني خصوصا ان كاتب هذه السطور انسان فقير و مواطن عادي، مخالط لعامة الشعب مستمع لهمومهم مشاركهم في الاحزان و الافراح.
مهدي مجيد عبدالله
كاتب كردي عراقي
Mahdy.majeed@yahoo.com