النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي هل أخطأ المالكي في دعوة البعثيين

    [grade="4b0082 000000 4b0082"]هل أخطأ المالكي في دعوة البعثيين[/grade]


    وليد سليم

    لقد أثيرت حزمة من الاعتراضات والتساؤلات حول قيام المالكي بدعوة البعثيين المضطرين للانخراط في صفوف حزب البعث يوم كان هذا الحزب يسيطر على جميع مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق ،،، لقد كان المواطن العراقي محكوما ببعض القواعد والتصرفات الحزبية الفردية دون أن يكون له رأيا في هذا الأمر أي لا يحق له الاعتراض على أية مسألة تدخل في سياق تعاليم البعث لأن ذلك قد يسوقه إلى المصير المجهول وهو أمر عاشه جميع أبناء الشعب العراقي دون استثناء ومن أراد أن يثبّت موقفه ويدعّمه كموقف يخالف رأي السلطة البعثية الحاكمة عليه أن يفكر بمغادرة العراق لأن لا مكان لمن يريد أن يعترض على نظرية الحزب الحاكم آنذاك وهي قاعدة ونظرية رصينة عند البعثيين ولا يمكن المساس بها في حال من الأحوال ولن ينسى المواطن العراقي مقولة البعث السخيفة التي تقول أن العراق بكل تعداده السكاني يجب أن يكون حلقة بعثية واحدة ومغلقة أي لا يمكن أن يكون عراقيا خارج نطاق هذه الحلقة المغلقة ، وعمليات التعرّض للتغييب والقتل والسجن كانت بانتظار جميع من يعارض الانخراط في هذا الحزب المشئوم حيث كانت هذه النظرية قائمة من اجل تخويف جميع أبناء الشعب العراقي وهو أمر يعلمه الجميع دون استثناء.
    اليوم نرى هذه الضجة الإعلامية التي تتأجج ضد السيد المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي يدعو جميع من لم تتلطخ أياديهم بدماء العراقيين في العودة إلى الصف الوطني وهم من الذين أجبروا على السير في طريق النظام السابق كبعثيين مسجلين في صفوف الحزب وإلا لو كان جميع من يرفض التسجيل عليه أن يغادر العراق أو يختفي لكان ثلثي الشعب العراقي سيغادرون العراق وعند ذلك لم يبقى غير البعثيين الموالين حقيقة لهذا الحزب الشوفيني ،،، ومن هذا المنطلق إن رئيس الوزراء وكونه مسئول عن جميع العراقيين عليه أن يكون وطنيا ويعرف أن هناك عوائل خلف هذا العدد من البعثيين الذين أجبروا على العمل مع البعث ولو كان أي إنسان غير المالكي في منصب رئاسة الوزراء فسوف يتحتم عليه اتخاذ هذا الإجراء وإلا سيكون عرضة لنقمة الكثير من الشرائح الاجتماعية وتعرضه لانتقادهم ،، ثم لماذا لم ينتقد من طالب منذ البداية بإعادة هؤلاء وعلى نطاق واسع لأن يعودا إلى سلطات القرار وهؤلاء الذين طالبوا هم من المتصدين اليوم في الدولة وفي مراكز القرار الأولى بل ينتمون إلى أحزاب سياسية دينية وطالما نجد أن أحزابهم تطالب باجتثاث البعثيين أليس ذلك تناقضا أيها المطبلين بأقلامكم ،، أنا متأكد أن الذين يكتبون حول هذا الموضوع لهم غايات النقمة على ما فاتهم في الانتخابات المحلية الماضية فيطبّلون بأسماء وهمية تارة من آل غلام وتارة باسم المبرقع كي يوهموا الناس أنهم من ذيك العائلة الكريمة التي قدمت العديد من الشهداء ،، يجب أن يعرف هؤلاء أن الألاعيب وسياسة القدح قد أصبحت واضحة لدى عموم الشعب العراقي وهذه الحقائق التي يتحدثون عنها هي قبيل الانتخابات المحلية الأخيرة ونتائج الانتخابات هي مبدأ واضح ورد قوي على هؤلاء المطبلين لجهة سياسية أصبحت خاوية ببرنامجها السياسي المرفوض من قبل الشعب العراقي .
    اللهم احفظ العراق واهله




  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    [grade="A0522D DEB887 A0522D"]المصالحة في جنوب أفريقيا
    مهارات التفاوض وبناء الثقة أعادت صياغة أمة[/grade]

    جنوب افريقيا ـ عدنان شيرخان
    قدمت جنوب افريقيا للعالم تجربة مدهشة وصفت في احيان كثيرة بالمعجزة، حولت بلدا تسود فيه ثقافة العنف والتمييز العنصري الى بلد ديمقراطي، يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية، استخدمت مناهج حل النزاعات وهي التحاور ومهارات التفاوض والاستماع الجيد واعادة بناء الثقة للقضاء على ارث من التمييز العنصري امتد لقرون، وفي احيان كثيرة ينظر الى تجربة جنوب افريقيا على انها التجربة الاولى في العالم التي يتم فيها حل نزاع بهذه الاهمية والخطورة حلا سلميا.
    اتاح برنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) بالتعاون مع لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق (NCCI) الفرصة لاحد عشر ناشطا في المجتمع المدني العراقي للتعرف على هذه التجربة في ارض الواقع، انتظم المشاركون بجولة دراسية في جمهورية جنوب افريقيا، استضافتها منظمة (المركز الافريقي لحل النزاعات ـ (Accord )استمرت اسبوعا، تلقى المشاركون فيها دروسا مكثفة تناولت في البدء موضوعة الصراعات والنزاعات، فهم الاسباب الكامنة وراءها، وتحليل طبيعة النزاعات واتجاهاتها الراهنة والمستقبلية، تم شرح اهم مفاصل تجربة جنوب افريقيا على مستوى (كل شيء عن)، ولقاء شخصيات بارزة ومهمة كانت لها ادوار تأريخية في التجربة، وزار الوفد اماكن تأريخية في مدن بريتوريا وجوهانسبورغ ودربن كالتلة الدستورية حيث مبنى المحكمة الدستورية الذي انشىء وسط بقايا عدة سجون اهمها سجن رقم 4، الذي سجن فيه المهاتما غاندي ومانديلا، ومتحف الفصل العنصري المعروف عالميا، وزود المشاركون بالعديد من الاوراق التي تتناول انتقال جنوب افريقيا السلمي.

    من عمان تبدأ جنوب أفريقيا
    بهذه العبارة ابتدأ سفير جمهورية جنوب افريقيا الاتحادية في عمان الدكتور بوي غيلدنهايز كلامه للمشاركين في الجولة الدراسية، قال : ان الغرض من سفركم الى بلادي هو التعرف والتعلم من تجربة جنوب افريقيا في المصالحة الوطنية، نعلم جميعا ان العراق ليس جنوب افريقيا، وان جنوب افريقيا ليست العراق، ولكن سأوجز التجربة بنقاط محددة، مؤكدا وجود مفاصل رئيسة تجمع البلدين، من الممكن الاتفاق عليها في تجربة المصالحة الوطنية، وتابع : "ستتعرفون بأنفسكم حتما على هذه المفاصل". ووصف ما حدث ببلاده بالمعجزة، قائلا : " ماحدث كان اقرب الى المعجزة، القادة الكبار من الاغلبية والاقلية كانوا على مستوى راق من المسؤولية التاريخية والتفكير الذي قاد الى المصالحة، وساعدت حملات في الصحف ووسائل الاعلام والمجتمع المدني باتجاه التثقيف بالمصالحة، فضلا عن ضغوط من جميع الجهات، دولية وعقوبات اقتصادية، لاحداث تغيير في وضع غير صحيح، لا يمكن ان يدوم ويبقى ، جميع هذه الامور ولدت لدى الاقلية (البيضاء) الحاكمة قناعة بضرورة الاتجاه نحو التغيير السياسي، خطوة فخطوة تدريجيا، وهذا لم يمنع وجود اناس غير مبتسمين للتغيير لاسيما من جانب البيض، واضاف: شهدنا نقاشات على المستوى الشعبي في المدن والقرى والارياف. قبل الجميع بخيار المصالحة لعدم وجود بديل صالح آخر، ولادراكهم ان البديل الاخر سيكون كارثيا وهو استمرار القتال الاهلي.. ولخص السفير ما حدث في جنوب افريقيا، بنقاط خمس:
    1 - اعتماد المصالحة الوطنية، كان الاتفاق العام ان لا حل مسلحاً يمكن ان ينهي النزاع، وان الحل السلمي الدائم هو الحل الاسلم.
    2- المواطنون من الاغلبية (السوداء) والاقلية (البيضاء) كانوا جاهزين لتقديم تضحيات كبيرة، ضمن مبدأ نعطي ولانأخذ ، ولم يحصل اي طرف على مئة بالمئة مما اراده في البداية.
    3- قبول الاقلية البيضاء التي كانت تنفرد بالحكم منذ 40 عاما بنتائج الانتخابات التي اقيمت في العام 1990، الاقلية تحاشت السؤال الذي كان من الممكن طرحه : لماذا نتنازل طوعا عن حكم البلاد؟
    4- لم تتجاهل الاغلبية التي فازت بالانتخابات الاقلية، شاركتها بالحكم وتقاسمت السلطة معها.
    5- سامحت الاغلبية الاقلية التي كانت تنتهك حقوقها ، ولم تشهد جنوب افريقيا محاكمات كالتي جرت في نورنبيرغ بعد سقوط النازية في المانيا . المثال الاروع على التسامح كان نيلسون مانديلا، الذي سجن 27 عاما وسامح وصفح عن الذين وضعوه في السجن .

    بداية الجولة الدراسية
    وصلنا الى مطار مدينة جوهانسبورغ بعد رحلة مضنية، من عمان الى العاصمة القطرية الدوحة، ثم رحلة متواصلة الى جنوب افريقيا دامت ثماني ساعات ونصف، في مطار جوهانسبورغ، اصبحنا في عهدة المغربية جميلة العبدلاوية ممثلة (منظمة اكورد) التي لا تعرف من العربية الا كلمات معدودات، وبباص صغير مقوده الى اليمين ولا يحتاج الى تحوير لان نظام السير في جنوب افريقيا (يميني) كما في بريطانيا، وصلنا الى العاصمة بريتوريا قبيل المغيب، استقبلنا في مكان اقامتنا فندق بورغر بارك بنكتة باردة سمجة وهي انقطاع التيار الكهربائي، نظرنا الى بعضنا البعض، ولسان حالنا يقول : " حتى هنا لاحقنا انقطاع التيار الكهربائي"، وزعت سيدة سوداء بدينة شموعا على الغرف بعد ان حل الظلام سريعا، استمر انقطاع التيار الكهربائي حتى الواحدة والنصف صباحا، قيل لنا في دقائق اشياء كثيرة، التيار الكهربائي لا ينقطع عادة، ولكن انقطاعه محتمل في اي وقت، قالت جميلة المغربية ان المدينة غير آمنة لاسيما في الليل ، ومن يريد ان يكون في الجانب الآمن فعليه البقاء في الفندق وعدم الخروج، واذا كان لابد من الخروج فعليكم الخروج كمجموعة وتوخي الحذر. صباح اليوم التالي، بدأت اعمال الجولة الدراسية التي استمرت ثمانية ايام، جاءنا من مدينة دربن التي تقع على المحيط الهندي، المدير التنفيذي ومؤسس (منظمة اكورد) فاسو كاون، لالقاء محاضرات عن تجربة بلاده المهمة في التخلص من نظام الفصل العنصري بطريقة سلمية، وعلى مدى الايام التالية توالى المحاضرون القاضي انتوني غيلدنهايز الرئيس السابق لسكرتارية السلام وطني ـ لجنة الحقيقة والمصالحة، السيدة ياسمين سوكا وهي شخصية معروفة على نطاق عالمي كانت تشغل منصب مفوض في لجنة الحقيقة والمصالحة، وتعمل حاليا كمدير تنفيذي لمؤسسة حقوق الانسان، موزريه رئيس لجنة الانتخابات في مقاطعة كوزولو ناتال، دومنيك ميتشل المشاركة السابقة في سكرتارية السلام، كلندة كين مديرة منظمة ( IPT) بناء السلام. وفي المحكمة الدستورية العليا في جوهانسبورغ قام القاضي ألبي ساكس، بمرافقة الوفد العراقي مع مجموعة اخرى من المحامين الذين يدرسون القانون الدستوري، وشرح بالتفصيل تاريخ المحكمة وسبب اختيار التلة التي كانت تضم مجموعة من السجون مكانا للمحكمة، القاضي ساكس كان ضحية لاعمال العنف، فقد ذراعه الايمن جراء حادث طرد ملغوم، وفي المحكمة الدستورية العليا قابلنا القاضية ايفون موخورو، التي تحدثت عن نشأة المحكمة وتركيتبها والمواد الدستورية التي تنظم عمل المحكمة.

    وفي مدينة دربن قمنا بزيارة (منظمة المركز الدولي لللاعنف ـ ICON) ) وهي منظمة مجتمع مدني ترأسها السيدة ايلا غاندي حفيدة الزعيم الهندي المهاتما غاندي، وتعنى هذه المنظمة باشاعة فكر غاندي فيما يتعلق بحل النزاعات بالطرق السلمية، فضلا عن المحافظة على تراث غاندي في جنوب افريقيا، الذي استمرت اقامته فيها 21 عاما. كما قام الوفد العراقي بزيارة منظمة مجتمع مدني اسمها (المؤتمر العالمي للدين من اجل السلام) وتعرف اختصارا (WCRP) واستمع الى شرح لاهداف هذه المنظمة، وكرمز قوي لاتحاد الاديان السماوية الرئيسة الثلاثة في السعي لاشاعة السلام، تدار هذه المنظمة من ثلاث سيدات مسلمة ( سيدون موسى سعيد)، ومسيحية قسيسة انكليكانية (سو برتن)، ويهودية (بادي مسكين).
    واستقبل اعضاء الوفد العراقي بحفاوة بالغة في مقر منظمة اكورد بمدينة دربن، واقيم حفل استقبال للوفد، تعرف على نشاط المنظمة المهتمة بفض النزاعات في جنوب افريقيا وانحاء متفرقة في العالم، مثل النزاع بين فتح وحماس في الاراضي الفلسطينية وبروندي. رافقت الدكتورة منن حطاب ـ مساعدة مديرة برنامج المجتمع المدني في برنامج الامم المتحدة الانمائي الوفد في سفرته الى جنوب افريقيا، وبعد يومين التحقت مديرة البرنامج ربيكا رونالدز بالوفد.

    جمهورية جنوب أفريقيا
    تقع جمهورية جنوب افريقيا الفيدرالية في الطرف الجنوبي للقارة السمراء، حيث يلتقي المحيطان الاطلسي والهندي، تبلغ مساحتها مليون و219 الف كم2 ، وعدد السكان نحو 48 مليون نسمة، دخلها القومي السنوي اكثر من 450 مليار دولار اميركي وهو الاعلى في عموم القارة. وهي جمهورية اتحادية من تسعة اقاليم او مقاطعات، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تتوزع السلطات الثلاث بين ثلاث مدن ، العاصمة السياسية هي بريتوريا وفيها مقر الحكومة، مدينة كيب تاون وفيها مقر البرلمان(480 عضوا)، مدينة بلومفونتاين وفيها مقر السلطة القضائية، ولا تقل مدينة جوهانسبرغ شأنا عن المدن الثلاث السابقة فهي عاصمة الذهب والاقتصاد والشركات ورجال الاعمال وفيها مقر المحكمة الدستورية العليا. جنوب افريقيا من اكثر الدول تنوعا في السكان في افريقيا، حيث يشكل السود الافارقة 85 بالمئة من السكان، والبيض المنحدرين من اصول اوروبية ( بريطانية وهولندية وألمانية وفرنسية) 9 بالمئة ، ويطلقون على انفسهم اسم الافريكان، ويتحدثون لغة مشتقة من الهولندية ممزوجة بكلمات ألمانية وإنجليزية أطلقوا عليها اللغة الأفريكانية، ويشكل الملونون والآسيويون نسبة 4 بالمئة من السكان، ثم الهنود 2 بالمئة من نسبة السكان. وبحسب احصائيات أجريت في العام 2001 فأن 80 بالمئة من السكان مسيحيون، 1.5 بالمئة مسلمون، 1.2 بالمئة هندوس، 0.2 بالمئة يهود، 0.3 بالمئة ديانات محلية، بينما يشكل عديمو الدين 15 بالمئة. ويعترف في جنوب افريقيا بـ 11 لغة ، مثل لغات خوسة، سوازية، نديبيلي، جنوب سوتو، شمال سوتو، تسونغة، تسوانة، فيندة، ولكن الانكليزية هي اللغة الرسمية الاولى والاكثر انتشارا.

    قصة التمييز العنصري
    يعود تأريخ الغزو والاستعمارالاوروبي لاراضي جنوب القارة الأفريقية الى العام 1625، كان غالبية المستوطنين الجدد من أصول هولندية، ألمانية وفرنسية، عرفوا باسم البوير ولاحقا الأفريكان. خلال القرن التاسع عشر احتلت بريطانيا (وهي في اوج عصرها الكولوينالي) جنوب القارة، وخاضت حروبا شرسة مع السكان الأصليين السود من جهة والبور من جهة أخرى. حصلت جنوب أفريقيا على استقلالها في العام 1911 وأصبحت إحدى دول الكومنولث. واينما تذهب في جنوب افريقيا تسمع او تقرأ كلمة الأبارتهايد (Apartheid) وترمز الى نظام الفصل العنصري، وأول من استخدم هذه الكلمة كان جان كريستيان سماتس في خطاب القاه في العام 1917، والذي أصبح لاحقا رئيس وزراء جنوب أفريقيا في العام 1919. ونظام الفصل العنصري هو احد تركات الاستعمار البريطاني الذي أدخل نظام إصدار القوانين في مستعمرة الكاب ومستعمرة ناتال في القرن التاسع عشر. واسفر ذلك عن منع حركة السود من المناطق القبلية إلى المناطق التي يحتلها البيض والملونين، والتي كان يحكمها البريطانيون، ولتقييد حركتهم في البلاد، كان يتوجب حصولهم على تصاريح خاصة يسمح لهم بالمرور، ولم يكن يسمح للسود بالتواجد في شوارع المدن في مستعمرة الكاب وناتال بعد حلول الظلام. ولكن نظام الأبرتهايد بدأ كسياسة رسمية ومعلنة في العام 1948 مع وصول "الحزب الوطني" اليميني الأفريكاني الأبيض إلى الحكم، والذي كان من بين أهدافه استمرار حكم العرق الأبيض في جنوب أفريقيا. استندت هذه السياسة على مبادىء الفصل العنصري بين المستوطنين البيض الحاكمين وبين السكان السود أصحاب الأرض الأصليين، وتفضيل الإنسان الأبيض على الإنسان الأسود في جميع المجالات. كان نظام الأبارتهايد يرتكز على مجموعة من الاسس، فهو اولا نشاط استيطاني ضمن مشروع كولونيالي، يسعى الى تَشكل جماعة قومية من خلال هذا الاستيطان تؤكد تميزها العرقي عن السكان الأصليين، اضافة الى سند من نظام حقوقي من الفصل العنصري يبقي "العرق الأدنى" في نطاق الدولة، ولكنه يحرمه من حرية التنقل، ومن حق الاقتراع، فأبناء العرق الأدنى السكان الأصليون هم نظريا مواطنون ولكنهم في الواقع رعايا الدولة وخاضعون لها، والدولة ليست تعبيرا عن تطلعاتهم، ثقافتهم، بل هي أداة لسيطرة "العرق الأرقى" عليهم. وقد سيطرت الاقلية البيضاء على مقدرات البلاد الاقتصادية وثرواتها، بما في ذلك الأرض.. أثمن الثروات إطلاقا، وسط شيوع ثقافة سياسية ودينية ترتكز على نظريات عرقية تتبناها الدولة والكنيسة، وتشكل تبريرا نظريا وأخلاقيا لنظام الفصل العنصري. ولم تطالب غالبية السكان في جنوب أفريقيا بالانفصال عنها كدولة وإقامة دولة أخرى، كما لم تطالب بطرد الأقلية البيضاء التي انفصلت ثقافيا وسياسيا عن دولتها الأم فقد كانت معركة الغالبية في جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري ولا يمكن أن يكون الانفصال علاجا للفصل أو ردا عليه.

    بداية نهاية
    نظام الفصل العنصري

    في شباط العام 1990 اعلن رئيس حكومة نظام الفصل العنصري فردريك دي كليرك امام البرلمان عن التزام حكومته التفاوض من اجل مستقبل ديمقراطي للبلاد، قال دي كليرك : " آن الاوان للخروج من دائرة العنف نحو السلام والمصالحة"، مضيفا "ان الاهداف التي نريد تحقيقها تتضمن دستورا ديمقراطيا جديدا، ومنح حق الانتخاب للجميع، والمساواة امام قضاء مستقل". وفي خطوة ايجابية نحو الامام رفع دي كليرك الحظر عن حزب المؤتمر الوطني الافريقي (ANC)، وحزب المؤتمر القومي الافريقي (PAC)، والحزب الشيوعي لجنوب افريقيا( SACP)، وتم اطلاق سراح جميع السجناء السياسيين ومن ضمنهم نيلسون مانديلا، الذي قضى 27 عاما في السجن.
    وقد فاجأ دي كليرك العالم باعلان نهاية حقبة الفصل والتمييز العنصري، الا ان وقع المفاجأة سرعان ما خف كثيرا، بعد التأكيد على ان ثمة لقاءات سرية تجرى منذ سنين بين الحكومة ومانديلا وهو في السجن ( بين عامي 1985ـ 1990) ، وكانت نتيجة ما خلص من تلك اللقاءات ازمة حادة في صفوف الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، ولكن الامور توضحت بشكل ما باتجاه إدراك استحالة استمرار نظام الفصل العنصري، وان االبلاد ستسير نحو شراكة سلمية مع الأغلبية السوداء. وكانت تلك قناعة مؤلمة للبيض الذين حكموا البلاد طوال ثلاثة قرون، كان رجال الاعمال واصحاب الشركات العملاقة من البيض ينوون الضغط بأتجاه احداث اصلاحات محدودة لرفع العقوبات الاقتصادية والحظر الذي فرض على شركاتهم. واجادت قيادة المؤتمر الوطني استغلال الفرصة، عندما فوضت دي كليرك لاعلان نهاية سياسة الفصل العنصري، ولم تكن قيادة المؤتمر الوطني الافريقي متمثلة بمانديلا ورفاقه بأقل شأنا، عندما اجادوا قراءة العامل الدولي المؤاتي، واستخدموا ذلك لاقناع نخبة الحكم بحتمية التغيير فقدمت عرضها التاريخي بالتفاوض مع دي كليرك في 1990 ، وقبلت في سبيل تهدئة مخاوف الأقلية البيضاء وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة تقديم العديد من الضمانات. مكن هذا الوضوح الستراتيجي مانديلا من الإدارة الناجحة لعملية التفاوض الشائكة مع دي كليرك التي استغرقت بين 1990 و 1994 وضمن استمرارية الزخم الإيجابي للحظة التحول الديموقراطي على الرغم من تردد الأقلية البيضاء والدعوات الراديكالية لأجنحة نافذة داخل "المؤتمر الوطني الأفريقي).
    ويربط فاسو كاون مدير منظمة (اكورد) ما حدث في جنوب افريقيا من تطور دراماتيكي والمناخ العالمي لاسيما سقوط جدار برلين التأريخي، وانهيارالانظمة الاشتراكية في اوروبا الشرقية، ما ضيق المجال امام حكومة جنوب افريقيا، التي وصلت سمعتها الى الحضيض داخليا ودوليا، وانتهز دي كليرك الفرصة وذهب الى ابعد مما كان يريد البعض من البيض، ذهب الى احداث تغيير كامل. ولكن امر التحول الجذري لم يكن سهلا، ظهر من الاقلية البيضاء من يريد التشبث بالنظام القديم، خوفا على حياتهم وممتلكاتهم ونفوذهم وطريقة حياتهم السهلة، حاولوا جاهدين وقف عجلة التقدم في المفاوضات المضنية مع ممثلي الاغلبية السوداء. واتفق على اجراء انتخابات عامة حرة، تشترك فيها جميع الاعراق، على قاعدة صوت واحد لكل فرد، اجريت الانتخابات العام في 1994، فاز حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" بأغلبية ساحقة. انتقل الحكم بطريقة سلمية وهادئة، وأصبح نيلسون مانديلا اول رئيس لجنوب أفريقيا من الاغلبية السوداء.
    العدالة الانتقالية ولجنة الحقيقة والمصالحة نحن بحاجة الى فهم ما جرى في جنوب افريقيا، سيبدو الامر من دون اظهار مرونة في الفهم، وكأن معجزة نزلت من السماء من دون اية علاقة لما بذل من جهود بشرية على الارض، ثمة اتفاق في الاراء بشأن التأكيد على نضج وحكمة القيادات التي ادارت دفة عملية التحول الى الديمقراطية من الجانبين (الاقلية والاغلبية)، خاصة فيما يتعلق بالنيات والعمل المخلص الجاد، وسرعة الاستجابة لازالة العقبات التي ظهرت لاسيما من جانب مانديلا. وقفت قيادة مذهلة وراء عملية السلام في جنوب افريقيا، فضلا عن عمل مضن في القواعد الشعبية، تشرح دومنيك ميتشل المشاركة السابقة في ( سكرتارية السلام)، بعضا من عمل السكرتارية :" احدثنا عملية اتصالات واسعة مع اعداد كبيرة من المواطنين وفي مختلف انحاء البلاد لحثهم على الكلام ثم التباحث والتشاور والتحاور فيما بينهم، كنا نريد الانتقال من مستوى الجمود الى التفاعل مع الوضع الجديد، كان ذلك درسا مهما تهديه جنوب افريقيا للعالم". عبر سنوات النضال الطويل من اجل الحرية والمساواة، استطاع حزب المؤتمر الوطني الافريقي تهيئة كوادر متنوعة لاسيما اولئك الذين اجبرتهم ظروف البلاد القاسية لتركها الى الدول الافريقية، كان الحزب قويا بما يكفي لاظهار الكفاءة في ادارة المفاوضات مع خصم يمتلك افضل جيش في عموم افريقيا، يمتلك الكفاءة والقدرة على سحق اي تمرد عسكري مهما كان حجمه، ويمتلك قاعدة صناعية عسكرية رصينة كصناعة الاسلحة المتقدمة والغواصات والهليكوبترات.

    في الجانب الاخر طور حزب المؤتمر الوطني الافريقي معارضة سلمية مدنية، وكان يتمتع بدعم دولي هائل، وتعاطف من شعوب العالم، بينما لم تكن حكومة بريتوريا تحظى باي تأييد، بل على العكس كانت تقابل بسخط دولي، ونصائح بضرورة وضع نهاية لنظام الفصل العنصري. واقتنع كبار رجال الاعمال اصحاب التأثير المهم على صناع القرار بأن مستقبلهم مع التغيير وليس مع استمرار نظام الفصل العنصري، لان الاضطراب السياسي لم يكن الحالة المثلى لنمو او استمرار اعمالهم، اضافة الى وقع العقوبات الدولية الموجع، كان طبقة رجال الاعمال الطبقة الاكثر واقعية بين الاقلية البيضاء، عندما اعلنوا انهم مع احداث التغيير بسلام. وبهذا الخليط المتنوع بدأت المفاوضات التي استمرت اربع سنوات بين عامي ( 1990 ـ 1994 )، يقول مدير (منظمة اكورد) فاسو كاون : " عدم اليقين بشأن نهاية المفاوضات كان هو السائد بين الاطراف، ولا احد بضمنهم مانديلا كان يعرف او يستطيع ان يخمن الى اين تسير المفاوضات ؟"، وكانت المخاوف تتركز بشأن "ماذا سيحدث اذا فشلت المفاوضات او وصلت الى طريق مسدود ؟"، مانديلا قال مرة كنت اعرف في حالة نجاح المفاوضات فأنها ستفضي الى اجراء انتخابات.
    جرت المفاوضات على خلفية ارتفاع معدلات العنف في البلاد الى مستويات غير مسبوقة، بسبب حسابات احتمال اجراء انتخابات وطنية شاملة بعد المفاوضات، كانت الحكومة وحزب انكاثا هما مصدر العنف الرئيسن، وحدثت اغتيالات سياسية وتصفيات عديدة.

    اما العدالة الانتقالية فتعني الاجراءات او القوانين التي تهيىء الارضية اللازمة لمواجهة فترات الانتقال السياسي من مرحلة الحكم العنصري (في جنوب افريقيا)، او الحكم الشمولي المستبد، ويتم الاهتمام في هذه الفترة بتنمية مجموعة واسعة من الستراتيجيات المتنوعة لمواجهة إرث انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، املا بالوصول عمليا الى مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية، وتهدف العدالة الانتقالية إلى التعامل مع إرث الانتهاكات بطريقة واسعة وشاملة تتضمن العدالة الجنائية، وعدالة إصلاح الاضرار، والعدالة الاجتماعية، والعدالة الاقتصادية. وفي دول عديدة كانت العدالة الانتقالية القاعدة الرصينة للمصالحة الوطنية الشاملة، وكانت سببا لوضع جدار او قطيعة تامة مع ما يسمى عادة بالنظام السابق. في اثناء المفاوضات بين مانديلا ودي كليرك، كان أحد الشروط الأساسية التي أصرّ عليها قادة الحزب الوطني ألا يضطرّوا إلى مواجهة محاكمات جنائية بعد الانتقال الى الحكم الديمقراطي، وطلبوا من مانديلا ان يجنبهم ذلك، وعلل المسؤولون في الحزب الوطني أنهم إن لم يحصلوا على العفو لأعضاء الحزب، فلن تتمكن قوى الأمن التي يسيطر عليها البيض من ضمان إجراء الانتخابات في العام 1994 بطريقة سهلة. واعتماداً على تقاليد إفريقية قويّة في حل النزاعات عبر المفاوضات بدل العنف، وافق مانديلا وزملاؤه في رئاسة المؤتمر الأفريقي الوطني على منحهم العفو. وتمّ الانتقال بطريقة أسهل مما كان يتوقّعها غالبية الأشخاص. لقد تفهم مانديلا وبوعي عال مخاوف الاقلية البيضاء، ابقى القائد السابق للجيش في منصبه لعامين بعد ان اصبح رئيسا، واصدر عفوا عاما عن جميع الجنرالات، الذين اظهروا له احتراما فائقا، وادوا له التحية العسكرية في حفل تنصيبه رئيسا للبلاد.

    ولكن مانديلا لم يكن يدع الامور تمر من دون ان يتم الاعتراف بالجرائم الفضيعة التي ارتكبت خلال عقود، فأمر في العام 1995 بأنشاء لجنة”الحقيقة والمصالحة “ للتحقيق في جرائم ومظالم نظام الفصل والتمييز العنصري، وطلب مانديلا من كبير اساقفة جنوب افريقيا دزموند توتو تولي رئاسة اللجنة، التي نظرت وعلى مدى عامين في آلاف الطلبات التي قدّمها ضحايا ومتضررون من حقبة التمييز العنصري وآخرون ممن انتهكوا حقوق الإنسان. وللحصول على العفو، لم يكن على مقدمي الطلب إلا أن يقولوا الحقيقة كاملة بشأن الانتهاكات التي ارتكبوها بأنفسهم، او تلك التي علموا بأمرها في الماضي. وما أن تقتنع لجنة الحقيقة والمصالحة بأنّهم قالوا الحقيقة كاملة حتى تطلقهم أحراراً، واحتفظت الغالبية منهم بالوظائف الحكومية التي كانت تشغلها. وقد اختارهم مانديلا أساساً ليكونوا شركاء له في التحويل الديمقراطي للبلد. لقد تكفل مانديلا عبر هذه اللجنة بحمل الجلادين على الاعتراف بالحقيقة علناً، أو على الأقل ، بتمكين الضحايا من رواية ما جرى علناً أيضاً، حظيت جلسات اللجنة باهتمام شعبي كبير، وكانت تبث في وسائل الاعلام بشكل حي، ولم يقف اي دافع انتقامي وراء عمل هذه اللجنة، بل على العكس عدت بمثابة اعلان عفو عام مشروط بالاعتراف والندم، واثبات عدم ارتباك الجرائم تحت ذريعة عنصرية وانما لاهداف واوامر سياسية، لقد استطاعت جلسات اللجنة في احيان كثيرة التغلب على الحقد وروح الانتقام والضغينة، كان الهدف ان يتسامح الجميع وينسوا الماضي.

    يصف وزير العدل الاسبق دولا عمر لجنة (الحقيقة والمصالحة) : " أنها تمرين ضروري لتمكين مواطني جنوب افريقيا من التفاهم بشأن ماضيهم على اسس اخلاقية مقبولة، لدفع مسألة المصالحة الى الامام". وتألفت اللجنة التي تشكلت بموجب قانون تشجيع الوحدة الوطنية والمصالحة رقم 34 للعام 1995من ثلاث لجان فرعية هي : (لجنة انتهاك حقوق الانسان)، ومهمتها التحقيق في انتهاكات حقوق الانسان من العام 1960 الى 1994. و(لجنة التعويضات والتأهيل)، وتنظر في تقديم الدعم للضحايا والتأكد من اعادة الكرامة لهم، عن طريق مقترحات او توصيات بشأن اعادة صياغة او تأهيل من بقى منهم على قيد الحياة وعوائلهم. اللجنة الثالثة هي ( لجنة العفو)، وكانت مهمتها النظر في طلبات العفو المقدمة بشأن الجرائم التي ارتكبت لدوافع واسباب سياسية بين الاول من آذار 1960 الى السادس من كانون الاول 1993، واعلان هذه اللجنة العفو عن جريمة او تصرف ما يعني سقوط التهمة والنجاة من اية ملاحقة قانونية

    خاتمة
    تجربة المصالحة في جنوب افريقيا تجربة جديرة بالاحترام، نقلت البلاد من حالة العنف الممزوج بالكراهية العنصرية، وحولت نظام الحكم من الفصل العنصري الى اتاحة الفرصة للوصول الى الحكم عبر صناديق الانتخابات، لابد لدارس الوضع في جنوب افريقيا من تتبع ادق التفاصيل واللحظات التأريخية، ولابد للمنصف ان يقول ان كما هائلا من مشاعر التسامح والصفح والعفو والاعتذار ساد البلاد، وهذا بالذات كفيل بحل اي نزاع ليس في جنوب افريقيا، ولكن في اية بقعة بالعالم، ولكن ليس انكارا او استبعادا لتكنيك واساليب فض النزاعات ومهارات التفاوض والاستماع الجيد وادارة الحوار وبناء الثقة التي استخدمت جميعا باقتدار وكفاءة، لقد خلصت النيات لدى الاطراف في لحظات تاريخية، فانقادت جميع العمليات وراء حسن النوايا، والقراءة الصحيحة للوضع الراهن والمستقبل. ولكن قول الحقيقة يتطلب منا ان نقولها كاملة، ان مشاكل جنوب افريقيا لم تنته، يعود صديقنا فاسو كاون للقول : " تحتاج جنوب افريقيا الى نحو 60 عاما وثلاثة اجيال، لازالة جميع آثار وتبعات سياسة التمييز العنصري"، ويضرب مثلا بحاجة بلاده الى المهندسين ، قائلا : "البلاد تحتاج مثلا الى 12 ألف مهندس، والجامعات لا تخرج سوى ألف مهندس حاليا، فكم سنحتاج من السنين لسد هذا النقص" .
    وبسبب السياسات السابقة فان مستوى التعليم والكفاءات في اوساط السود ضعيفة للغاية، وتعاني جنوب افريقيا من مشاكل عدة، فهي تعاني من اعلى معدلات الاصابة بمرض نقص المناعة (الايدز)، واكثر النسب تفاؤلا 25 بالمئة من مجمل السكان ولاسيما بين اوساط السود، كما تعاني من معدلات مرتفعة بالجريمة، ربما بسبب تفشي البطالة والفقر المدقع، وجنوب افريقيا من اكثر المجتمعات التي تشهد اضطرابا في توزيع الثروات، على الرغم من ان الناتج القومي للبلاد مرتفع للغاية، فان الثروات محصورة عند نسبة قليلة من السكان.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    [grade="000000 00008b"]المصالحة الوطنية في العراق وجنوب أفريقيا[/grade]
    [grade="00008b 000000"] بعض من أوجه المقارنة[/grade]


    شمخي جبر

    المرحلة الانتقالية التي يتم فيها انتقال المجتمع من حكم قمعي الى حكم ديمقراطي او من حالة حرب اهلية الى حالة سلم او من احتلال الى مرحلة الخلاص من الاحتلال ' هذه المرحلة لها متطلباتها ومستلزماتها للتخلص من ارث الماضي والانتقال للحاضر والمستقبل.فالمرحلة الانتقالية في حياة اي مجتمع تعني ان هناك عملية تغيير كبيرة حدثت على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي.

    كثيرا ما يقال ان لكل حالة وضعها الخاص فلايمكن المقارنة بين ما حدث في رواندا او تشيلي والأرجنتين، ولابد ان نأخذ بنظر الاعتبار الفوارق الثقافية التي تترتب انعكاساتها على سلوك الافراد والمجتمعات ومواقفها وردود أفعالها. فمؤثرات الثقافة العربية الإسلامية والموروث الحضاري للمنطقة لا يمكن مقارنتها بالموروث الحضاري والثقافي لقبائل جنوب أفريقيا.

    تقول سوزان كولن ماركس(يمكننا ان نتعلم الكثير من تجارب بعضنا البعض فالمبادئ والمهارات التي عملنا بها في جنوب افريقيا ، يمكنها ان تعمل حسب خبرتي في البلقان او الشرق الاوسط او ايرلندا الشمالية، او ربما سيتغير تطبيقها وفقا لحضارة المنطقة او الظروف الخاصة بالنزاع، ان هذا الدرس عالمي وهذه العالمية فيه هي التي يمكن نقلها) وأن ليس ثمة نماذج عالمية حول كيفية مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية أو حتى ضرورة مواجهتها،فتبقى سعة وشمولية هذه الانتهاكات وصورها تختلف من مكان الى آخر،فلايمكن المقارنة بين ما حدث في رواندا او تشيلي والأرجنتين، مع ما حدث في العراق سواء في فترة حكم النظام السابق والتي استمرت (35) عاما او الفترة التي تلتها التي يمكن ان تسمى مرحلة انتقالية في حياة المجتمع العراقي، فماذا حدث في العراق؟ في العراق لم ينطلق التغيير من الداخل كما لم تكن القوى السياسية والاجتماعية مهيأة له ومستعدة لمخاضاته ومخرجاته، بل جاء عن طريق تدخل خارجي لعبت اجندته السياسية والعسكرية والاقتصادية دورا كبيرا في تأزيم الواقع المجتمعي، وبذر عوامل الفرقة والتشتيت، اذ كانت قوى الاحتلال لا تنظر الى الواقع المجتمعي العراقي ككل موحد بل نظرت اليه على وفق نظرة تقسيمية سعت الى زرع بذور الريبة والشك بين ابناء المجتمع الواحد.

    وفي جنوب افريقيا انطلق التغيير من الداخل المجتمعي الذي كان يهيئ ادوات التغيير وساهمت في هذا الامر الوحدات الاجتماعية وانشطتها فكانت هناك منظمات مجتمع مدني لاقت اسنادا عالميا، فضلا عن وجود رموز لهذا التغيير كنلسون مانديلا، ورئيس حكومة نظام الفصل العنصري فريدريك دي كليرك، الذي اعلن في شباط 1990 سعيه من اجل التفاوض لاقامة نظام ديمقراطي، فاعلن نهاية الفصل العنصري، والقس ديزموند توتو واخرين كانوا يجبرون السلطة للتفاوض معهم وهم في السجن لانهم فرضوا احترامهم عليها، اذ كانوا يعبرون عن معاناة شعبهم واماله والامه، ولكن نظام صدام لم يبق احداً من المعارضين لانه افرغ العراق منهم من اعدام او اغتيال او تشرد. واذا كانت السلطة في العراق قد سقطت او هزمت تحت ضربات الاحتلال وهدمت كل مرافق الدولة، فان الدولة في جنوب افريقيا بقيت جميع مؤسساتها، فالسلطة هي التي تفاوضت مع المعارضة، اذ استمرت المفاوضات اربع سنوات(1990ــ 1994)، فسلمت جنوب افريقيا لها بعد انتخابات (1994) التي فاز فيها حزب المؤتمر الوطني الافريقي باغلبية ساحقة.

    وفي العراق تم حل الجيش والاجهزة الامنية التي تعد اهم اذرع القوة في بنية الدولة التي اصبحت عارية ان وصل الحد في هذا الاتجاه ان اصبحت المليشيات والقوى العسكرية غير النظامية اقوى بكثير من الدولة فاصبحت مراكز قوة وتأثير كبيرة نهبت قوة الدولة وسلطتها بل حددت الحراك السياسي والاجتماعي وافقدت القوى السياسية ومنظمات المجتمع فاعليتها،فضلا عن ان الطبقة السياسية التي افرزها الواقع لم تكن ذات خبرة سياسية او رؤية واضحة للتغيير،فاصبحت محط تجاذب قوى اجتماعية ودينية ومسقط ظل للتدخلات الاقليمية.

    وفي مجال معالجة ارث الماضي ومخلفاته في جنوب افريقيا فقد تم تشكيل (لجنة الحقيقة والمصالحة) التي كلف برئاستها القس ديزموند توتو التي بدأت اعمالها(1995) واستمرت عامين،اذ كانت جلسات مفتوحة لاعترافات مرتكبي الانتهاكات امام ذوي الضحايا وطلب الصفح والعفو منهم، وكانت هذه الاعترافات ادانة وتعرية لما ارتكب من جرائم.

    فضلا عن هذا فقد تم في مجال الشرطة وقوى الامن العمل على تحويلها(من القوة الى الخدمة)اذ كانوا يرون ان المجتمع لكي يستطيع الانتقال من الحكم القمعي الى الحكم الديمقراطي لابد من اعادة تأهيل الشرطة وتحويلها من اداة قوة وقمع بيد الحكومة الى وسيلة لحماية المدنيين، وهذا مالم يحدث في التجربة العراقية اذ بقى الشرطي محط خوف المواطن وريبته وشكه باعتباره وسيلة من وسائل القمع والعنف التي تستخدمها الحكومة.

    ولم يتم محاسبة اتباع النظام السابق على وفق الجرائم التي ارتكبوها، بل جاء عاماً شمل حتى من لم يرتكب جرما سوى انتمائه لحزب السلطة انذاك ،فقد جاء في احد مواد قانون اجتثاث البعث: تنطبق إجراءات اجتثاث البعث أدناه على كبار أعضاء حزب البعث الذين يعملون في دوائر الدولة والقطاع العام بما في ذلك الوزارات والمؤسسات و المنشآت و المصالح الحكومية الاخرى. ان كبار اعضاء حزب البعث هم أولئك الذين يشغلون الدرجات الاربع العليا في التنظيم الحزبي: قيادة قطرية/قيادة فرع/قيادة شعبة/قيادة فرقة. وحتى عمليات المحاسبة لم تتم بشكل قانوني وواضح وشفاف بل مورست الكثير من عمليات الثأر والانتقام التي طالت الكثير من الابرياء او الكفاءات العراقية ، وخسر العراق العشرات من الخبراء والعلماء الذين هاجروا خارج العراق خوفا من العمليات الانتقامية.

    فكانت المطالبة باصدار قانون جديد بديلا عن قانون اجتثاث البعث فصدر قانون المساءلة والعدالة،الذي وقفت الكثير من الهيئات الاجتماعية والسياسية منه موقف المستنكر والرافض، وكانت جل هذه المواقف تطالب بانصاف المظلومين من ضحايا النظام السابق، فمن المظلوم ومن الجدير بالانصاف والتعويض؟، هل هم منتسبو الاجهزة القمعية في عهد النظام السابق ، ام هو الشعب؟ من وقع عليه الحيف؟ لابد ان نكون منصفين!.كثيرا مايقال ان المصالحة الوطنية هي الجهود الرامية إلى إرساء السلام والثقة الوطنية بين الخصوم القدامى في سياق من العدالة والمحاسبة، والمصالحة الحقيقية يجب أن تكون مرتبطة بالمحاسبة والعدالة والاعتراف بالجرائم الماضية. والمقصود بالعدالة هنا، ايجاد اطر قانونية يتم من خلالها محاسبة منتهكي حقوق الانسان، وارجاع الحقوق المنتهكة من الذين تعرضوا للحرمان من الحقوق السياسية والاقتصادية، الواجب الأخلاقي في مواجهة الماضي يحتم على نشطاء حقوق الإنسان الالتفات الى أن هناك واجبا أخلاقيا في التذكر، ولقبول الضحايا والاعتراف بهم كضحايا. كما أن نسيان الضحايا والناجين من الفظائع يعتبر شكلا من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة.فمن المستحيل تجاهل الماضي أو نسيانه - فهو دائما يطفو على السطح - لذلك من الأفضل إظهاره بطريقة بناءة وشافية، ومنع منتهكي حقوق الإنسان السابقين من الوصول إلى مناصب في السلطة من خلال عملية التطهير.ولكن من العجب العجاب ان يجتث الوطن ابناءه،وهم ضحايا مرحلة الظلم، ويحتضن قتلته ومشوهي صورته ومدمريه. كيف يحدث هذا؟ في الوقت الذي تفكر الطبقة السياسية بالوضع الاقتصادي والاجتماعي لعبد حمود ورهطه من اعمدة الظلم والاستبداد فأنها تهمل الضحايا والمهمشين الذين ينتظرون انصافهم، فاذا بمن ينتظر منه الانصاف يفكر بالقتلة قبل ان يفكر بالضحايا. . نحن نعلم ان كل التجارب العالمية التي مرت بها الدول الاخرى ، فكرت بالضحايا قبل ان تفكر بالجلادين او من ارتكب الجرم. فالعدالة الانتقالية لابد ان تبدأ بانصاف المظلومين وضحايا النظام السابق. اذ جاء في المادة الاولى من قانون المساءلة والعدالة (1- يحال الى التقاعد كل من كان بدرجة عضو فرع فما فوق في حزب البعث المنحل.)

    نعم هكذا وبكل بساطة يعوض الجلادون على جرائمهم فيمنحوا تقاعدا باعتبارهم خدموا الدولة العراقية، بينما يبقى العراقيون الشرفاء يقفون على ابواب وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ليحصلوا على صدقات هذه الوزارة لاباعتبارهم عراقيين شرفاء بل تعدهم هذه الوزارة شحاذين يقفون على بابها) بينما الرفاق المناضلون اعضاء الفروع يتسلمون تقاعدهم جزاء خدمتهم لسيدهم الذي سخرهم لممارسة القتل ضد العراقيين. ولم يكتف قانون المساءلة والعدالة بهذا بل هو يكافىء من قتل العراقيين ومن يتم اطفالهم ويسميهم بالاسم، وهذا ماجاء في المادة الثالثة من قانون المساءلة والعدالة (يحال الى التقاعد كل من وصل سن التقاعد وكل من يثبت بحقه ارتكاب الجرائم من المنتسبين الى الاجهزة الامنية من رتبة عقيد فما فوق. وفي المادة الرابعة فان هذا القانون يمنح مكافآته يمينا وشمالا للجلادين، من مديرية الامن العامة والمخابرات والاستخبارات العسكرية، فهم كانوا حراس القائد وعيونه وادواته وهم الان محط اهتمام القيادة القادمة التي تدعي انها تريد ان ترفع الحيف والظلم عن العراقيين وتعوضهم عن مظالم النظام السابق، ولكنها احتضنت القتلة والمجرمين والجلادين اما الشعب فليس له الا الله.

    ففي الوقت الذي مازالت فيه آلاف العوائل تبحث عن رفات مئات الالاف من المدفونين بمقابر جماعية، وآلاف المغيبين المجهولي المصير يكافأ الجلادون. فنتساءل هل تمت اعادة الاعتبار لأغلبية الشعب العراقي الذي سحقته ماكنة الارهاب والاستبداد والقمع؟ هل تمت اعادة حقوق المصادرة املاكهم واموالهم وبيوتهم وعاشوا طويلا محرومين منها؟عن احقاق حقوق المهضومة حقوقهم وتعويض الضحايا وذويهم واعادة تأهيل من وقع عليه الظلم والتهميش؟

    تقول سوزان كوان ماركس في كتابها (مراقبة الريح) يجب دعوة جميع الاطراف ذات العلاقة الى المشاركة في العملية، في جنوب افريقيا كانت هذه الاطراف ذات العلاقة تشمل المنظمات السياسية والمنظمات المدنية والاحزاب والاقليات ورجال الامن ورجال الاعمال والاتحادات النقابية والكنائس والحكومة واي طرف يترك خارجا يصبح من المرجح ان لا يؤيد العملية بل ربما قد يحاول تخريبها) وفي العراق تم تجاهل بعض الاطراف المتضررة من النظام السابق فشكلت عبئا على العملية السياسية وعلى المصالحة الوطنية.
    اللهم احفظ العراق واهله




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    [grade="808080 000000 808080 000000 808080"].. تجربة المصالحة والحكم في جنوب افريقيا والوضع في العراق .. جرحنا في العراق[/grade]
    الباحث عبدالوهاب محمد الجبوري

    سألني احدهم هل يمكن إجراء مقارنة بين تجربة جنوب أفريقيا ، التي خاض شعبها نضالا طويلا قدم خلاله الكثير من التضحيات والمعاناة نتيجة سياسة التفرقة العنصرية التي مارسها البيض ضدهم طيلة 300 عام قبل أن يتمكن هذا الشعب بقيادة المؤتمر الوطني الأفريقي من فرض إرادته وتحقيق مطالبه ونيل حقوقه وتمتعه بالحرية والاستقلال والأمن والسلام وبين الوضع في العراق ، فأجبته من الصعب إجراء مقارنة متوازية كاملة بينهما كون الأوضاع والمعطيات مختلفة في كلا البلدين ، لكن بالإمكان إجراء مقاربة بين الحالين من خلال الإشارة إلى ابرز النقاط التي ساعدت على تحقيق المصالحة والسلام في جنوب أفريقيا مع ما تتسم به الأوضاع في العراق من معطيات و تعقيدات وتضارب في المصالح المحلية والعربية والإقليمية والدولية واستمرار وقوعه تحت الاحتلال وإفرازاته المأساوية ومنها تأسيس نظام حكم طائفي أدى إلى تهميش قوى وطنية وشرائح مهمة من الشعب العراقي ، مقابل تصاعد التدخل الأجنبي في شؤونه الداخلية وإطلاق العنان للميليشيات المسلحة المرتبطة بأكثر من جهة محلية وأجنبية لتعيث بالأرض فسادا وتقتيلا وفوضى لم يشهد لها التاريخ مثيلا ..

    قلت لصاحبي سأحاول في البداية أن أتحدث عن تجربة جنوب أفريقيا مع نظرة تاريخية باختصار شديد كي أشكل مدخلا للمقاربة بين الوضعين :

    تجربة جنوب أفريقيا

    كان مجتمع جنوب أفريقيا ، يتكون وبسبب الظروف التاريخية والجغرافية ، من مجموعات متغايرة في أصولها وألوانها وأديانها تنحدر إلى الأصول الأفريقية والأوربية والهندية إضافة إلى عنصر الملونين الذي جاء نتيجة اختلاط هذه المجموعات العرقية فيما بينها ، فكان من الطبيعي أن يحدث صراع فيما بينها حول مختلف المصالح ، وكانت كل مجموعة عرقية تحاول أن ترتبط بالمجتمع الذي انحدرت منه ، وبالتالي فان مجتمع جنوب أفريقيا قد مثل بيئة صالحة لنو الفكرة العنصرية ولممارستها في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ...
    ومع نمو هذه الفكرة فان التفرقة العنصرية قامت على أسس عقائدية وفكرية ودينية ترسخت جذورها وتطورت عبر مراحل تاريخية مختلفة .

    وبتوالي الأحداث وقيام الحكومات العنصرية المتتالية بإصدار القوانين العنصرية لصالح البيض ومنع النشاط السياسي عن المواطنين السود وقمعهم واستغلالهم مقابل منع حركة الهنود والملونين والأسيويين وتحديد حركتهم وسكناهم ، فقد أدت هذه الممارسات إلى ظهور ردود فعل عنيفة من قبل العمال السود وحدثت الإضرابات الشــــاملة للعمال الأفارقة ، وبعد الحرب العالمية الثانية شهد العالم تحولات عديدة أبرزها إصدار وعود أممية بمنح الحركات الوطنية حق تقرير المصير ، لكن الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا لم تطبق هذه القوانين ، واستمر نضال الأفارقة ضد سياسة التفرقة العنصرية التي شملت مختلف جوانب الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها وتشكلت حركات وأحزاب وطنية ، منها المؤتمر الوطني الأفريقي ، كانت تنتقد سياسة التفرقة العنصرية وتطالب بالحقوق المشروعة لأبناء البلاد ،ثم تحولت في مراحل لاحقة إلى مقاومة مسلحة حينا وغير مسلحة في بعض الأحيان ، ومع تزايد المقاومة الوطنية اضطرت الحكومة إلى إجراء تعديلات بمنح السود حقوقا محدودة لكنها لم تكن كافية لتسوية الحالة المضطربة في البلاد ، وفي عام 1989 اضطرت الحكومة العنصرية إلى إصدار قرارات حاولت فيها تخفيف الضغط المحلي والدولي عنها فأفرجت عن بعض المعتقلين السياســــــيين واضطر رئيسها ( دو كليرك ) إلى إعلان التزامه العمل على حل مشاكل جنوب أفريقيا من خلال مشروع شامل ابرز بنوده هي :

    1 . إجراء حوار شامل مع كافة الحركات السياسية ..
    2 . إطلاق سراح كافة السجناء وعلى رأسهم زعيم المؤتمر نيلسون ما نديلا ..
    3 . رفع الحظر عن الحركات السياسية المحظورة والسماح للسود ومقاومتهم بممارسة النشاط السياسي دون قيود ..
    4 . قيام برلمان جنوب أفريقيا عام 1990 بالإعلان عن إلغاء قوانين التفرقة العنصرية ..
    5 . صدور قرار مهم من قبل الدستور الانتقالي تمثلت ملامحه في اتخاذ الحكم الذاتي الإقليمي الموسع أساسا لإدارة البلاد ..
    6 . إنشاء مجلس نيابي وآخر للشيوخ ...
    7 . في عام 1994 أعلن عن قيام الانتخابات العامة التي أحرز فيها المؤتمر الوطني الإفريقي أغلبية ساحقة لتشكيل الحكومة بقيادة مانديلا .


    الوضع في العراق

    قلت لمحدثي هكذا نرى الصورة في جنوب أفريقيا تقترب حينا وتبتعد أحيانا عما هي عليه الأوضاع في العراق فهناك تفاوت واختلاف وتماثل في جوانب معينة من المعطيات السياسية والاجتماعية والفكرية وتطور الأحداث بين البلدين ، يمكن الإشارة إلى أبرزها على سبيل المقاربة لا المقارنة ، تاركا أغناء الموضوع بالأفكار والتحليل والمعلومات للزملاء والكتاب والباحثين :

    1 . الحوار : حيث كان الحوار عنصرا مهما في خلق أجواء المصالحة وتحقيق السلام في جنوب أفريقيا والذي ساعد بنظري على نجاح الحوار هو الأفكار والأهداف المشتركة لقوى المعارضة وعدم وجود هوامش وخلافات واسعة بينها مما عزز من موقفها التفاوضي وجعلها تدخل المفاوضات بموقف موحد وقوي أجبرت الحكومة العنصرية على الرضوخ للمطالب العادلة لشعب جنوب أفريقيا وكان من أول ثمار هذا الحوار استجابة حكومة جنوب أفريقيا لمطالب المعارضة والثوار بإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين وعلى رأسهم زعيم المؤتمر الوطني الأفريقي نيلسون منديلا ...
    2 . دعوة كافة الحركات والأحزاب السياسية التي كان محظورا عليها ممارسة أي نشاط سياسي ، للمشاركة في المراحل اللاحقة من تطورات العملية السياسية دون قيود أو شروط وهذا أمر مهم عزز من موقف ومكانة المؤتمر الأفريقي ، القوة الرئيسية في البلاد ، وساعد على التفاف الجـــماهير الأفريقية حول شخصية مانديلا ..
    وفي ضوء ما ورد في ا و2 أعلاه ، نجد الوضع في العراق يختلف تماما حيث القوى السياسية متعددة وكل منها لها أجندتها ومصالحها المحلية والأجنبية ولا يكاد يجمعها رابط أو موقف موحد إلا الشــعارات البراقة والمصالح الحزبية الضيقة ، كما أن السجون والمعتقلات الحكومية أو التي تقع تحت مسؤولية القوات المحتلة مازالت ملأى بالمعتقلين والسجناء من دون محاكمات أو تهم ثابتة عليهم باعتراف المسئولين العراقيين الرسميين أنفسهم ، رغم مطالبة جهات رسمية حكومية ومنظمات حقوق الإنسان بإطلاق سراحهم إلا أن هذا لم يتحقق ولا تفسير لهذه الحالة سوى إذلال الشعب وقهره والانتقام من كل من لا يرضى بالاحتلال أو بالظلم الواقع على الشعب ، وأضفت لصاحبي : إذا أردنا تطبيق تجربة جنوب أفريقيا في هذا المجال فهذا يتطلب إطلاق سراح جميع الموقوفين والمسجونين وخاصة الكوادر المهمة والقيادية من جميع الأطياف العراقية والقوى الوطنية التي يمكن أن تلعب دورا مهما على الساحة السياسية العراقية بعد خروج المحتل أو وضع جدول زمني لانسحابه والبدء بحوار على أسس جديدة تشارك فيه هذه القوى جميعا دون قيد أو شرط وحتى تجربة المصالحة الوطنية قد تعثرت في العراق لهذه الأسباب لان البعض من الأطراف الحاكمة لا تقبل الجلوس في مفاوضات مع قوى وطنية وسياسية تتقاطع معها في الرأي والموقف ..

    3 . إلغاء قوانين التفرقة العنصرية التي صدرت طيلة 300 سنة من الحكم العنصري في جنوب أفريقيا مما ساعد على نجاح تجربة المصالحة والسلام في هذا البلد حيث أصبح المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات وانتهاء مرحلة التمييز والتفرقة العنصرية في كل مفاصل الحياة ..
    أما في العراق فقد عمدت قوات الاحتلال الأمريكي إلى تأسيس نظام حكم طائفي بدئ بتطبيقه فور احتلال العراق بتشكيل مجلس الحكم المؤقت وما تلاها من تشكيل حكومات وقتية وانتقالية و دائمية على نفس الأسس وأبرزها أن يكون رئيس الجمهورية كرديا ورئيس الوزراء شيعيا ورئيس البرلمان سنيا وهو وضع يتشابه إلى حد ما مع ما معمول به في لبنان ، بعدها جرت انتخابات لتشكيل مجلس النواب وعلى نفس القاعدة الطائفية بالإضافة إلى حدوث عمليات تلاعب وتزوير في هذه الانتخابات اعترف بها الكثير من المسئولين والخبراء والمتخصصين في الشأن العراقي ، وكان من النتائج المباشرة لهذا النظام الطائفي استبعاد قوى وطنية وشرائح مهمة من أبناء الشعب عن العملية السياسية مع ما رافق ذلك من أحداث دراماتيكية ومأساوية وإنشاء ميليشات مسلحة وانتشار عمليات القتل على الهوية والتهجير والنهب والسلب والفساد والحرق والتدمير إلى غيرها من الممارسات التي تركت بصمات عميقة ومؤلمة في حيـــــاة العراقيين في محاولة ( فاشلة ) أيضا لزرع الفتنة الطائفية وإحداث انشقاقات وتفرقة وخلافات بين طوائف واديان ومذاهب الطيف العراقي الجميل وفسيفسائه الرائعة التي ازدهت بالمحبة والتالف والانصهار الأخوي والمصيري في حضن هذا البلد منذ ألاف السنين والذي يزيد الأمر سوءا هو تدخل بعض دول الجوار في تأجيج نار الطائفية لتزيد الوضع سوءا في بلد أحوج ما يكون فيه خلال هذه المرحلة إلى التالف والانسجام والوحدة الوطنية الحقيقة كي يستعيد جانبا من عافيته ، السؤال بعد ما ذكرناه هل يمكن القول أن هناك وجها للمقارنة أو التشابه بين الحالين في جنوب أفريقيا والعراق ، اقصد بين التخلص من سياسية التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا وإمكانية التخلص من المحاصة الطائفية في العراق ؟
    4 . تطبيق الحكم الذاتي في جنوب أفريقيا ساعد في حل كثير من المشكلات لقوميات وطوائف عديدة لكنها اتفقت على أن الحكم الذاتي هو المخرج لهذه المعضلات وكان أن حصل اتفاق وإجماع بين جميع الحركات والقوميات والطوائف في إطار دولة واحدة وحكومة مركزية قوية ينظم عملها دستور مقر من قبل جميع أفراد الشعب بكل أطيافه وبما يخدم مصالح الجميع دون استثناء .. أما في العراق
    فان الذي تم الاتفاق عليه بين الأحزاب الحاكمة وتضمينه في الدستور هو إنشاء الفيدراليات والأقاليم في بلد هو غير مجزأ أساسا ..
    5 . أما بالنسبة للدستور الجديد في العراق( والذي فيه ثغرات تتعارض مع مصالح الشعب العراقي ) فقد تم تمريره في ظروف انتخابية استثنائية وحدوث تلاعب في نتائج الاستفتاء عليه شهدها العالم في حينه واعترض عليها الكثيرون من القوى الوطنية والأطياف العراقية حتى اضطرت بعض الأحزاب الكبيرة والحاكمة ومنها الحزب الإسلامي، بالقول بأنهم سوف يوافقون على الدستور مقابل وعد بإجراء التغييرات التي لا تخدم مصالح الشعب العراقي كافة ومضت الأيام والأشهر والسنون وانتهت المهلة المخصصة لإجراء التعديلات ولم يتحقق أي شيء من هذا القبيل وبقي الدستور على ما هو عليه وما يتضمنه من بنود مجحفة بحق العراقيين وثرواتهم ونمط حياتهم ومستقبلهم ..

    وختمت حديثي لصاحبي : هذا باختصار شديد ابرز جوانب الوضع في العراق فهل ترى هناك تماثلا أو توافقا في الاتجاهات العامة للعملية السياسية والتطورات في كلا البلدين ؟
    اللهم احفظ العراق واهله




  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    معجزة المصالحة في جنوب أفريقيا بقيادة " مانديلا " وحاجة العراقيين لدروسها ..
    دروس من جنوب إفريقيا ..... ديزموند توتو

    بدأت جنوب إفريقيا الآن تترقب تقاعد ثابو مبيكي رئيسها الثاني منذ نهاية عصر التمييز العنصري. إنها اللحظة المواتية للنظر إلى الماضي، لتقييم ما توصلنا إلى تحقيقه من إنجازات، والانتباه إلى إخفاقاتنا، بل وربما الخروج بالعناصر التي اشتمل عليها انتقالنا إلى الديمقراطية والتي تصلح للتطبيق في أماكن أخرى من العالم.

    الحقيقة أننا في جنوب إفريقيا لم نألف مثل هذه الممارسات، ذلك أننا كشعب نميل إلى عدم تقدير أنفسنا حق قدرها. فنحن ننظر إلى إنجازات هائلة باعتبارها من الأمور المسلم بها، ولا ننسب إلى أنفسنا الفضل في إنجازها كما ينبغي. ونتيجة لهذا فنحن نرى سحابة خفية خلف كل شعاع شمس؛ ونتصور أن إنجازاتنا لا تحمل أي مغزى إلا بالنسبة لنا.

    إن العالم لم يقدر بشكل كامل حتى الآن انتقال جنوب إفريقيا، السلمي تقريباً، من القمع إلى الديمقراطية. ولا بد أن العالم يذكر الآن، كما نذكر نحن، الأيام الأولى من انتقال السلطة إلى الأغلبية السوداء، حين تصور أغلب الناس أننا سوف نغرق في حمام دم عنصري مروع.

    كان وقتاً متسماً باليأس وفقدان الأمل، ومع أنه استمر لمدة وجيزة إلا أنه باق في ذاكرتنا. كان القتل شائعاً في القطارات وسيارات الأجرة، وكانت المذابح معتادة في سيبوكينج، وثوكوذا، وبيشو، وبوباتونج، وحقول القتل في كوازولو ناتال نتيجة للخصومات الدموية بين حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وحزب الحرية العرقي التابع لقبيلة الزولو.

    في العديد من المناسبات بدا الأمر وكأن مصير جنوب إفريقيا بات على حافة الهاوية. إلا أننا نجحنا في النهاية في تجنب الكارثة. بل لقد أدهشنا العالم بذلك المشهد الرائع لأهل جنوب إفريقيا من كل الطوائف والأعراق الذين اصطفوا في طوابير طويلة تتقدم ببطء إلى كبائن الاقتراع في السابع والعشرين من ابريل/نيسان 1994.

    مما لا شك فيه أن نجاح انتقال جنوب إفريقيا يرجع في جزء منه إلى معجزة: إنها المعجزة التي تجسدت في نيلسون مانديلا الذي نجح بهدوئه وحصافته، ومكانته باعتباره رمزاً للتسامح، والتعاطف، والشهامة، والعزيمة، في تحويلنا إلى موضع لحسد كل أمة على وجه الأرض. لقد أنعم الله علينا بأن جعل ذلك الرجل مرشداً وهادياً لدولتنا طيلة فترة ميلادها الجديد. وليس لنا أن ننسى ف. و. دو كليرك آخر حكام النظام العنصري السابق، الذي أبدى شجاعة أخلاقية لا مثيل لها في التعامل مع ثورتنا التحريرية.

    إلا أن مواطني جنوب إفريقيا العاديين يستطيعون أيضاً أن يفخروا بأنفسهم، فبفضل انضباطهم الذاتي، وآدابهم السلوكية البسيطة، وقدرتهم على العفو والمغفرة، بات في الإمكان منع حمام الدم. والحقيقة أنهم ضربوا مثلاً لا بد وأن يحتذى في أماكن أخرى مضطربة من العالم.

    كان شعب جنوب إفريقيا، والبيض منهم بصورة خاصة، رافضين في البداية للجنة الحقيقة والمصالحة، التي سمحت لهؤلاء الذين ارتكبوا جرائم عظيمة في ظل نظام الفصل العنصري بالاعتراف بأفعالهم بصراحة، وبالتالي تجنب إقامة الدعوى القضائية ضدهم. لقد كان اندمال جراح جنوب إفريقيا راجعاً إلى الصدق والحقيقة، وليس العقاب. في كل مكان من العالم تقريباً، يُنْظَر إلى لجنة الحقيقة والمصالحة نظرة تقدير واحترام باعتبارها معلماً على الطريق ومقياساً للحكم على الجهود التي تبذلها كل الشعوب الساعية إلى الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية في العالم.

    أجل، لم تكن لجنة الحقيقة والمصالحة بلا عيوب إلا أن هذه سمة كل عمل يقوم به بنو البشر. إلا أنها كانت مؤسسة غير عادية، فقد تصور العديد من المحللين أن تسلم حكومة سوداء للحكم في جنوب إفريقيا يعني اندلاع موجات وموجات من الانتقام والثأر من البيض نتيجة لكل ما عاناه السود في جنوب إفريقيا منذ عصور الاستعمار وحتى عصر حكم الفصل العنصري.

    ولكن ما حدث كان غير هذا، فقد اندهش العالم إزاء النبالة التي تجلت واضحة في كل يوم قبل تشكيل لجنة الحقيقة والمصالحة، حين بادر ضحايا الفظائع والأعمال الوحشية إلى مسامحة معذبيهم حتى أنهم كانوا يعانقونهم في بعض المناسبات. لقد عانى كل أهل جنوب إفريقيا بسبب سياسة الفصل العنصري. ولقد ساعدت لجنة الحقيقة والمصالحة على فتح وتطهير الجراح المتقيحة وصبت عليها بلسماً ساعد في شفائها واندمالها إلى الأبد.

    قد يكون من السهل أن ننظر إلى عمل لجنة الحقيقة والمصالحة باعتبارها من الأمور المسلم بها، إلا أننا ندرك مدى أهمية هذه اللجنة حين ننظر إلى الشرق الأوسط والفوضى السائدة في العراق، حيث يغذي الانتقام والثأر حلقة مروعة من العنف. وعلى نحو مماثل، كان عمل هذه اللجنة من العوامل التي أدت إلى إبعاد جنوب إفريقيا عن شبح الإبادة العرقية، كما حدث في رواندا، وعن الصراعات التي لا تنتهي، كتلك التي نشهدها في سريلانكا، وبوروندي، والسودان، وساحل العاج، والعديد من البلدان الأخرى. لقد عملت الحقائق القاسية التي وضعتها لجنة الحقيقة والمصالحة أمام شعب جنوب إفريقيا على سحب السم من سياساتنا. وهذا درس لا بد وأن تستفيد منه دول أخرى نال منها الأذى والعنف.

    إن الدرس المستفاد من انتقال جنوب إفريقيا إلى الديمقراطية يتلخص في أن أي دولة منقسمة لن يكتب لها أبداً أن تنعم بمستقبل مستقر إذا ما أصرت على المضي نحو الأمام من دون المبادرة إلى كشف الحقائق والمغفرة. كان انتقال روسيا إلى الديمقراطية قد بدأ في نفس وقت انتقالنا تقريباً. وسقط سور برلين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1989. وأطلق سراح نيلسون مانديلا من سجنه في شهر فبراير/شباط ،1990 إلا أن ما يحدث في روسيا اليوم تفشي الجريمة المنظمة، والصراع في الشيشان، والمذابح، ككارثة رهائن المسرح، وكارثة مدرسة بيسلان يجعل انتقال جنوب إفريقيا إلى الديمقراطية يبدو وكأنه نزهة مدرسية في يوم أحد. إن تجنب الحقائق التي شهدها الماضي السوفييتي جعل الشعب الروسي، من دون وعي، يخزن المشاكل والمتاعب للمستقبل.

    لا أحد يستطيع أن يدفن جريمته، والجرائم السياسية بصورة خاصة لا تتلاشى مع الزمن. فنحن لم ننس ما تحمله المواطنون السود باسم الفصل العنصري. والحقيقة أننا بتأسيس لجنة الحقيقة والمصالحة أصبحنا نعرف المزيد والمزيد عن الفظائع التي ارتكبت في ذلك العصر، مقارنة بما كان قد يحدث لو سعينا إلى محاكمة هؤلاء الأشخاص، أو لو كنا قد حاولنا ببساطة أن ننسى الماضي ونتغاضى عن كل أحداثه. لقد حررتنا الحقيقة فعلياً، حتى أصبح بوسعنا أن نعقد السلام مع أنفسنا. وبفضل التذكر والغفران أصبح بوسعنا أن نسلم كوابيس الماضي إلى صفحات النسيان. وإنني لأتمنى بكل صدق أن يتمكن العراقيون وكل الشعوب الأخرى التي يطاردها ماضيها من إيجاد الوسيلة التي تجعلهم قادرين على الحياة في سلام وراحة بال

    الدار العراقية
    اللهم احفظ العراق واهله




  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    أرض السواد
    المشاركات
    4,349

    افتراضي

    لم يتخطى المالكي الدستور في دعوته حيث اشار الى امكانية التفاوض مع المعارضين وفق الدستور الذي اعتبر حزب البعث حزبا نازيا ومحظور في العراق وبالتالي لايتم التحاور الا مع الذين يتخلون عن فكر البعث اسما ومضمونا مع عدم شمولهم بقانون المساءلة والعدالة
    ومالي الاّ ال احمد شيعة ومالي الاّ مذهب الحق مذهب

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2002
    المشاركات
    1,845

    افتراضي

    [grade="00008B 000000 4B0082"]مفاجاءات الحراك السياسي العراقي الجديدة.....ماورائها؟[/grade]




    ابراهيم العبادي

    ان يستقبل كبار المسؤولين في الدولة العراقية شخصيات سياسيةمعارضة من امثال السياسي عبدالامير الركابي ومحمد رشاد ال راضي (ممثل جناح البعث-قيادة قطر العراق)،ويتحدث رئيس الوزراء عن الدفع بمشروع المصالحة الوطنية الى تخوم جديدة فمعنى ذلك ان العملية السياسية في العراق مقبلة على دفع جديد تجاوز مخاوف ومحذورات كثيرة، وباتت سفينة المصالحة العراقية تقل قوى جديدة كانت بالامس القريب مصنفة في خانة قوى الرفض والمعارضة،وهذا التطور الايجابي بكل المقاييس يؤشر دخول العراق مرحلة من العمل السياسي تتمتع فيه المعارضة باطيافها المختلفة بارادةالعمل تحت سقف المشروع الوطني العراقي المفارق للعنف والتحريض والموافق لمنطق العمل الديمقراطي السلمي والبناء،حتى لو اتخذ من منهج المعارضة والنقد طريقا له.

    ويقينا ان حضور قوى سياسية من الخارج الى بغداد للمشاركة في العمل السياسي من الداخل،يؤكد ان قناعة هذه القوى بدات تقترب من قبول شكل النظام السياسي الذي اسسه ادستور عام 2005رغم اعتراضاتها على مضامينه وربما تحفظاتها على تجلياته ،ويؤكد ان الغالبية العراقية صارت مقتنعةبمسارين:
    الاول: ان تصالح العراقيين مع انفسهم هو مسار حقيقي وليس شكليا،لقناعة هذه الغالبية
    بان الحكومة جادة في شعارها ومسعاها، وانها تؤسس لمفهوم الوطنية العراقية على قاعدة المشاركة الكاملة في الوطن التي تعني ان احدا لن يستثنى بعد اليوم وان الذي يرفض التصالح يستثني نفسه من هذا المساروبالتالي فهو يصنف ذاته خارج المشروع الوطني العراقي.

    الثاني:ان الديمقراطيةصار لها رصيد في الوعي والثقافة العراقيةباعتبارها النظام السياسي الاصلح للعراق كيما يتجاوز محن الاستئثار والاستبداد،وانهاالسبيل لاشعار الجميع بان السقف العراقي سيظللهم، وان اتخاذ المنافي سبيلا للعمل السياسي لن يؤدي الى حل معضلات العراق ،بل المشاركة الفعالة في الحياة السياسيةبكل مظاهرها لتجاوز ظاهرة الشقاق المستمر في الوعي السياسي بين سلطة مستاثرة قاهرة ومعارضة مقهورةتنتظر دعما من الخارج الاقليمي او الدولي.

    وفيما اتسع نطاق الانفتاح السياسي على انصار النظام السابق رغم مرارات العراقيين منهم،حيث تدوراحاديث عن اتصالات لاعادة كبار الضباط ومتوسطيهم وصغارهم وكذلك تصاعد الحوارات مع بعثيين سابقين من غير المسؤولين المباشرين عن الالة الدموية،وذهاب الحكومة الى ابعد مماتصوره المتفائلون في اجتذاب القوى التي حملت السلاح في السنوات الماضية،فان هذه الممارسات تكشف ان هناك اختصارا للزمن المطلوب لمثل هذه المبادرات وربما وجد البعض في ذلك تسرعا غير مضمون العواقب،لكن مايقف ورائها يستدعي القول بان من يمسك بالقرار السياسي صار يشعر بالثقة والاطمئنان اللذان يشعرانه بالقدرة على فتح الابواب مشرعة امام قوى سياسية متنوعة المارب والمشارب والاتجاهات،وانه لم يعد يخشى من الاحتمالات السيئة لعودتها متنعمة بالقدرة والثروة والنفوذ رغم انها لم تنجح في اختبار العمل السياسي السلمي ولم تتخل عن فكر هجين تختلط فيه الطائفية بالقومية بالتربية العسكرية المترفعة.

    وكل ذلك يشعرنا بان الاشهر القريبة القادمة قد تشهد بعض التبدلات في المشهد السياسي تتمثل بدخول قوى جديدة وتبلور مشاريع سياسية وائتلافات جديدة تطيح بالكثير مما تعارف عليه العراقيون في فترة مابعد نيسان 2003 استعدادا للانتخابات القادمة.

    ان وجود استعدادات حكومية لمثل هذه الطواري يصبح اكثر من ضروري لتكون اعادة صياغة المشهد السياسي مبنية على رؤية محسوبة الخطوات،فانسجام عرب العراق قد يكون مدعاة لحذر الكرد من التطورات السياسية بما يدفعهم الى مزيد من التعاطي السلبي مع الاجراءات الحكومية على الصعيدين الامني والسياسي،وهذا بدوره قد يفتح باب المساجلات علىاشده فيما يخص صلاحيات الاقليم والمركز وحدود المناطق المتنازع عليها، فالقوى الجديدة التي اجتذبتها مسيرة المصالحة والديمقراطية مصرة على تقوية المركز ومعارضة كل الخطط والمشاريع التي تقلل من صلاحيات بغداد في مقابل الاقاليم ،ظهر ذلك بوضوح في المؤتمر الصحفي لعبدالامير الركابي في فندق شيراتون،وفي كلمة شيخ عشيرة العبيد انور العاصي بحضور رئيس الوزراء، ان القوى الجديدة التي ستنظم الى العملية السياسية ستجد نفسها في الخندق الذي يطالب بشعار عفى الله عما سلف في وقت لم تمر هي بمرحلة نقد ذاتي لمفاهيمها وثقافتها حتى يامن الخائفون منها والا تعود تمارس هواياتها التي تعودتها من ثقافتها السابقة.ولذلك لابد ان يكون دخولها مصحوبا بتعهدات وتطمينات موثوقة.

    ان رسالة التطمين المنتظرة من القوى المحسوبة على النظام السابق لابد ان تكون الاعتراف
    بحق العراقيين جميعا في تقرير مصير البلاد وشكل نظامها السياسي بلا وصاية ولاا اعتراض على هذا او ذاك، ولااستخدام لمفردات الثقافة السياسيةالسابقةالقائمة على تقسيم العراقيين الى وطنيين موالين وخونة معارضين،فحل الخلافات الداخلية من قومية وسياسية ودستورية لابد ان يكون بالحوار والاستماع وبالاحتكام الى الدستورقبل تعديله وبعد التعديل ، وان يكون خرق اساليب العمل السياسي السلمي وتجاوز سقف الدستور خطا احمر يردعه القانون ويحرم مقترفه من العمل السياسي لفقدانه الاهلية ،
    وقد يستبد القلق بالبعض من نتائج هذه الخطوات السياسية الجريئة وقد تذهب به المخاوف الى التعبير علنا عن سوء ظنها بالوافدين الجدد الى العملية السياسية ،لكن مسيرة الديمقراطية والمصالحة تتطلب التدرب على الخطوات المريرة من اجل مصالح استراتيجية ابعد مدى،فيما اذا كان ذلك مقرونا بحساب دقيق للربح والخسارة. فالعراق يدخل تجربة جديدة

    يتعامل فيها السياسيون بلغة تنطوي على الكثير من الجراة وكثير من التفاؤل المصحوب بقلق مشروع.انها السياسة التي تعنى بخلق الممكننات وركوب المخاطرلمواجهة مخاطر اشد ضرراعلى امل ان يدخل العراق انتخابات تشريعية بعملية سياسية ناضجة.
    اللهم احفظ العراق واهله




  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    119

    افتراضي

    السياسه هي لعبة الاذكياء والذكي من يلعبها بشكلها الصحيح واننا مقبلين على استحقاقات والانتخابات المهمه كل التوفيق من خدم العراق والعراقين بالشكل الصحيح وكل التوفيق الى دولة رئيس الوزراء الاستاذ المالكي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني