محللون سياسيون وكتاب مصريون يحذرون من إغفال الدور العربي
[grade="008000 4b0082"] ويدعون للانفتاح على العراق [/grade]
بغداد - القاهرة - وكالة الصحافة العراقية
قال مراقبون وخبراء وسياسيون مصريون ان حالة هدوء العراقي النسبي بالمقارنة بفترة سابقة في أنحاء العراق وهو ما يعني المزيد من عمليات التنمية وإعادة الإعمار ليعود العراق من جديد صرحاً عظيماً من صروح المدنية والتقدم وهو أمر يرتبط بلا شك بحالة الاستقرار السياسي والأمني ، الدكتور طارق فهمي ـ الأستاذ بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط بالقاهرة ـ يقول إن هناك تفاؤلاً حقيقياً هذه المرة بانفتاح عربي على العراق ؛ فقد بدأت بعض الدول الخليجية باتخاذ إجراءات جادة لإعادة العلاقات مع العراق لسابق عهدها ويرتبط هذا بأمرين ؛ أولهما التطور الداخلي والاستقرار السياسي في العراق ، وثانيهما موقف جامعة الدول العربية وما يتوصل إليه العرب خلال متابعاتهم في القمم المختلفة ؛ فهناك استحقاقات عربية تجاه العراق لازالت خارج نطاق التنفيذ رغم إثارتها خلال ثلاث قمم عربية سابقة مثل إعادة التمثيل الدبلوماسي العربي واستئناف العلاقات الدبلوماسية ، ورغم ما تقوم به الجامعة العربية من اتصالات لكن لاتزال هناك حواجز من عدم الاستقرار تحول دون إعادة العلاقات لطبيعتها بالإضافة إلى أن متغيرا آخر خاص بالعلاقات الأمريكية في إطار العلاقات العربية لازال أمراً قائماً وهو يرتبط بما ستسفر عنه إجراءات سحب القوات الأمريكية ومدى الاستقرار عقب تسليم أجهزة الدولة للعراقيين ولكن لازلنا نتكلم في فضاء خارجي فأمريكا أعلنت موعداً للانسحاب ولكن لا يزال هناك توجساً لدينا كعرب من التعامل مع عراق جديد وهو أمر مرتبط بالعلاقات مع النظام العراقي ومدى قبوله ومحاولة استيعابه بالمنظومة العربية.
ويستطرد الدكتور طارق فهمي قائلاً إنه توجد متغيرات في الشرق الأوسط وهناك حوار مع إيران وسوريا وعلى العالم العربي أن يستوعب هذه المتغيرات وسيكون من المؤسف أن تتخلف الأنظمة العربية عن المجتمع الدولي في التعامل والانفتاح على العراق فالقضية ليست قاصرة على موضوع السفارات في المنطقة الخضراء ؛ فالمطلوب هو حياد عربي وموضوعية تجاه العراق ومحاولة استيعاب العراق والدخول معه في علاقات حقيقية ولابد من دور تنموي واقتصادي عربي خاصة في ظل حجم المتغيرات الكبيرة في العراق بخصوص سوريا وتركيا وإيران وتحركاتهم نحو العراق وهي دول أصبحت مطروحة بقوة في العالم العربي خاصة تركيا وإيران شأنهما شأن إسرائيل ، وإن لم تتحرك المنطقة العربية سيكون العالم العربي قد اختزل دوره ؛ فليس المطلوب عربياً فقط مجرد إعادة العلاقات العربية التقليدية وإنما المطلوب هو دور اقتصادي وتنموي كما قلت وعدم ترك هذا الدور لأمريكا ودول الغرب لإعادة صياغة المستقبل في العراق بالإضافة لضرورة إعادة استيعاب العراق أمنياً لأن خروجه من المنظومة العربية أحدث شرخاً كبيراً بها وأعتقد أن الدور الرئيسي لجامعة الدول ولمصرهوالعمل في هذا الاتجاه ودفع حركة الاستثمارات للعراق وإذا كنا أغلقنا ملف إرسال قوات عسكرية في مرحلة معينة وملف إمكانية تدريب قوات شرطة في العراق ـ كما أعلنت مصر من قبل ـ فالمطلوب الآن إعادة تأهيل العراق لإدخاله النظام العربي لأنه لايمكن إبعاده وهو جزء أساسي من النظام العربي وإبعاده ليس في صالحنا خاصة وأن هناك أطراف دولية أخرى في المنطقة تسعى لتسبق العرب في الانفتاح على العراق .
تركيا .. صفحة جديدة
ويتطرق الدكتور سعيد اللاوندي ـ الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة ـ إلى التأثير الخطير للدور الذي تلعبه تركيا في العراق في غياب الدور العربي مؤكداً أن أمريكا تعتمد عليها في المنطقة سواء في المواجهات أو الصراعات الهامة مثلها مثل إسرائيل ؛ والدليل على خطورة الدور التركي المنافس للدور العربي هو اختيار أوباما لتركيا لتكون أول دولة إسلامية يزورها بعد توليه مقاليد الحكم في أمريكا ، وتركيا تقوم بالتمكين عبر دورها في العراق بالتمهيد لانسحاب القوات الأمريكية سلمياً وقد نجحت في إرساء قاعدة من التواصل مع العراق والحكومة العراقية خاصة وأن تركيا تمثل ورقة مسالمة لأمريكا في العراق لأنها تساعدها وهو أمر ينبع من أن السياسة لا تعرف العواطف وإنما هي تعترف بلغة المصالح التي يجب أن يأخذها العرب في الاعتبار لتقوية علاقاتهم في مزيد من الانفتاح العربي على العراق ؛ فرغم ما كان من قطيعة بين تركيا والعراق في الماضي بسبب الخلافات القديمة حول الأقليات الكردية والانفصاليين إلا أن تركيا تجاوزت هذه المرحلة وطوت صفحة صدام بخلافاتها بعدما تعهد المالكي لتركيا بحل مشكلة الانفصاليين وهو ما كان نقطة هامة في العلاقات الجديدة مع العراق تلك العلاقة القائمة على المصالح المشتركة وعلى درجة كبيرة من التوازن والاحترام المتبادل أيضاً .. فإذا كان الأمر هكذا لتركيا فالعرب بلاشك أولى بالمبادرة للتقارب ولتفعيل العلاقات مع جزء لا يتجزأ منهم اسمه العراق .
ويحذر اللواء محمد مجاهد الزيات ـ نائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط ـ من ابتعاد العرب عن العراق لأن ذلك يتسبب في حدوث ما يسمى بالفراغ السياسي والأمني وهو ما يتيح لأطراف أخرى في المنطقة التدخل على حساب الدور العربي للاستفادة منه بصورة كبيرة سيما بعد أن خلت الساحة من السياج الواقي أمام التغلغل السياسي والعسكري والمخابراتي، ولن يقتصر الأمر على ذلك بل إن هناك تحركاً إيرانياً على المستوى الاقتصادي في صورة مؤسسات خيرية خاصة في وسط وجنوب العراق وهذا كله يتطلب بالضرورة تحركاً عربياً ليس من باب مساعدة العراق فقط وإنما أيضاً من باب أن ما يجري في العراق بعيداً عن الدور العربي يهدد الأمن القومي العربي ويستلزم ضرورة الإسراع بإقامة مشروعات على أرض الواقع وتنمية اقتصادية واقتراب أكثر وانفتاح على الشعب العراقي والمساهمة في إعادة تعمير العراق بشكل فعال يتناسب مع ما يمثله العراق من وزن ثقيل وأهمية استراتيجية في الجسد العربي .
ويبدو ان أمر الانفتاح على العراق لا يشغل فقط خبراء السياسة والاستراتيجيين وإنما هو أحد هموم المفكرين والمثقفين في مصر إيماناً منهم بأهمية احتضان النظام العربي للعراق قولاً وفعلاً بتفعيل قرارات القمم العربية السابقة وبتكثيف التحركات وترجمتها إلى مشروعات عربية استثمارية على أرض الواقع تزيد من قوة العلاقة بين العراق والعرب وتسد الطريق أمام الأطراف الأخرى الإقليمية التي تحاول استغلال ثغرات التباعد العربي عن العراق لتحقيق مزيد من التوغل لصالحها وتغيير موزاين القوى في المنطقة وهو ما يضمن لها مصالحها ولذلك يجب على العرب تدارك الأمر بحسب تأكيدات الدكتور محمد سليم العوا الذي أشار إلى ضرورة الانفتاح العربي على العراق وعدم تركه فريسة وضرورة عدم ترك الفرصة لرسم مستقبل العراق بعيداً عن النظام الإقليمي العربي ومتطلباته الاستراتيجية لضمان أمنه القومي، كذلك يرى الكاتب محفوظ عبد الرحمن ضرورة أن يكون لمصر دور أكبر في هذا الصدد بحكم وزنها وثقلها عبر التاريخ وبحكم مكانتها التي تفرض عليها مسؤولية كبيرة تجاه أشقائها العرب سواء في فلسطين أو العراق ، بل إن مصر يجب أن تحسن علاقتها أيضاً بدول كبرى مثل إيران بحكم باعها الطويل في المنطقة وبحكم دورها الحيوي في العراق ولايجب الابتعاد عنها أبداً خاصة وأن أمريكا لا تستطيع أن تفعل شيئاً في العراق بدون الرجوع لإيران وبالتالي يجب الاقتراب أيضاً من إيران حرصاً على المصالح العربية داخل العراق ، ويضيف عبد الرحمن أنه آن الأوان لترك الهواجس غير المطمئنة والإقدام نحو العراق وتعميره وإعادته إلى الجسد العربي