ليث كبه بعد اجتماعه ضمن معارضين عراقيين الي كونداليزا رايس - الخارجية الامريكية تحبذ الانقلاب في الداخل والبنتاغون يتمسك بهدف احتلال العراق



لندن - نضال الليثي:
طلبت مستشارة الامن القومي كوندليزارايس من اربعة من المعارضين العراقيين خلال اجتماعها بهم في البيت الابيض اجابات تفصيلية حول سبل بناء توافق سياسي في العراق، علي ان يشمل هذا التوافق اكبر عدد من القيادات المعارضة في داخل العراق. وهل توجد امكانية لانطلاق حوار بين العراقيين للتوصل الي هذا التوافق في الوقت الحاضر؟ ومدي النجاح الذي يمكن ان تنجزه ادارة عراقية في تحمل المسؤوليات التنفيذية علي مستوي الوحدات الادارية كالمحافظات والاقضية. وهل تتمكن مثل هذه الادارات في مباشرة اعمالها بعد عملية التغيير مباشرة والاشراف علي تقديم الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير المواد الغذائية؟
كما طلبت مستشارة الامن القومي من خلال اسئلة استيضاحية للمشاركين في الاجتماع معلومات تفصيلية عن منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية مثل نقابة المهندسين والاطباء والمعلمين والدور الذي يمكن ان تلعبه هذه المنظمات كمجموعات للضغط علي الحكومة والمؤسسات الرسمية.
وقال ليث كبه وهو واحد من اربعة مشاركين في الاجتماع هم كنعان مكية ورند الرحيم وحاتم مخلص ان رايس والطاقم معها هم الذين دعوا الي هذا الاجتماع واضاف ان الاجتماع حصل في سياق تحديد خيارات عراقية ما بعد صدام حسين .
واضاف ارادت مستشارة الامن القومي الاستماع مباشرة الي الخيارات من الشخصيات ذاتها الداعية اليها قبل تقديمها النص للرئيس بوش حول العراق.
وقال: ان الادارة الامريكية بمختلف اجهزتها تقترب اكثر من ساعة الصفر وهذا الذي يحصل كلما تحصد خياراتها حيث تلقي البعض وتركز علي البعض الاخر.
وحول الاراء التي طرحت في الاجتماع قال كبه في تصريح لــ (الزمان) امس في لندن (طرحت خلال الاجتماع ثلاثة خيارات الاول يقول ان الجيش الامريكي يدعم مجموعة من المعارضين في الخارج في تولي مسؤولية ادارة العراق).
اماعن الرأي الثاني الذي طرح خلال الاجتماع فقال (يطالب هذا الرأي منح الجيش في عراق ما بعد صدام دوراً اكبر خصوصا خلال مرحلة انتقالية تعقب مرحلة وجود عسكري امريكي.
وحول رأيه هو قال كبه (انا ادعو الي خلق توافق سياسي كطريق وحيد للادارة السياسية في العراق ما بين الاطراف السياسية المختلفة. واضاف (ان هذا التوافق موجود حاليا ويمكن ان يتسع لاكبر عدد من الناس في داخل العراق وخارجه). واكد (حتي لو دخل مليون جندي امريكي فلن يتمكنوا من حكم العراق.
وحول اوجه التشابه بين الآراء الثلاثة التي طرحت في الاجتماع (ان الجميع اتفقوا علي رفض التقسيمات السياسية والادارية علي اساس مذهبي او طائفي وان يكون العراق دولة حديثة علي اساس دستوري وعدم توزيع مناصب الدولة علي اسس مذهبية وتبني اللامركزية.
وقال كما حصل اجتماع علي ان يكون للولايات المتحدة دور ازاء امن العراق في مواجهة تدخلات ايرانية وتركية محتملة. وفي ما يلي نص الحوار مع كبه.
û من الذي دعا الي الاجتماع؟ ومن الذي حضره؟
ــ كونزاليسا رايس مستشارة الامن القومي والطاقم معها هم الذين دعوا الي هذا الاجتماع الذي حضره كنعان مكبه ورند الدحيم وحاتم اضافة الي تصوري ان الادارة الامريكية بمختلف اجهزتها كلما تقترب اكثر من ساعة الصفر (ساعة التغيير) في العراق وهذا الذي يحصل الان كلما تحصر خياراتها اي تلغي البعض وتركز علي البعض الاخر. وانا اعتقد ان هذا الاجتماع يأتي في هذا السياق سياق تحديد خيارات عراق ما بعد صدام حسين، وارادت مستشارة الامن القومي ان تسمع بشكل مباشر عن الخيارات المطروحة امامها وطبعا من شخصيات تدعو الي هذه الخيارات. وكانت هناك ثلاثة خيارات مطروحة في هذا الاجتماع.
الخيار الاول يقول امريكا والجيش الامريكي يدعمان مجموعة من المعارضين الموجودين في الخارج ليتولوا هم مسؤولية ادارة البلاد وكان رأي ثان يقول يجب اعطاء دور اكبر للجيش العراقي في عراق ما بعد صدام حسين خصوصا في مرحلة انتقالية تعقب مرحلة وجود عسكري امريكي ورأي ثالث الذي انا كنت اتحدث فيه وادعو بتفصيل وهو ان العراق لا يمكن ان يدار سياسيا من قبل امريكا حتي ولو جاءت بمليون جندي امريكي علي ارض العراق، وان الطريق الوحيد للادارة السياسية في العراق هو عن طريق خلق توافق ما بين الاصوات السياسية المختلفة والاطراف الممكنة الموجودة وان هذا التوافق ممكن تحقيقه ووضع نواته الان ولكن يتسع ويستوعب عدداً اكبر من الناس حينما نكون في الداخل. وفي هذه الفترة انا ايضا ادعو الي ان ادارة البلاد تكون بيد تكنوقراط واتصور ان الولايات المتحدة تتولي حفظ الامن وضمان نزع اسلحة الدمار الشامل. ان من الشاذ ان تحاول امريكا ان تفرض طرفاً سياسياً يحكم العراق او تحاول هي ادارة الوضع السياسي في العراق والحل يكون بالتمييز ما بين ادارة بيرقراطية يمكن ان تتكون من تكنوقراط عراقيين اغلبهم من داخل العراق وبعضهم من خارج العراق وتحت سيادة عراقية. والاطروحة التي ادعو لها هي ان تمنح لهذه التيارات فرصة ان تتفاوض علي قواعد اللعبة الانتخابية (والتعديلات الدستورية) وهم علي ارض العراق وعلي اتصال بشعبهم. وبعد ان ينهوا تحديدهم لقواعد اللعبة الانتخابية تكون هناك انتخابات ويكون وجودهم شرعياً وطبيعياً في السلطة. هذا باختصار الرأي الذي قدمته وكما ذكرت هو واحد من ثلاثة آراء او الخيارات التي قدمت.
û ما نقاط التشابه بين الاراء التي طرحت؟
ــ يكاد يكون اجماعاً عند كل الآراء التي طرحت انه لا نريد للعراق ان يكون فيه تقسيم سياسي او تقسيم اداري علي اساس اهلي او مذهبي او طائفي وان العراق يجب ان يكون دولة حديثة بمفهوم مواطنة حديث ودستور حديث وبالتالي رفض الجميع تقسيم السلطة والمناصب عن الطريقة اللبنانية او علي اساس قومي، اثني، طائفي وهذا عليه اجماع.
واجمعوا ايضا ان العراق يجب ان تكون فيه درجة من اللامركزية لضمان تلبية طموحات العراقيين في مختلف المناطق شمال وجنوب العراق، هذا ايضا كان عليه اجماع باستثناء هذا هناك اجماع ان امريكا ستلعب دوراً في المحافظة علي الامن ليس المقصود فيه الامن الداخلي وان كان هذا قد يكون جزءاً من الملف ولكن الاهم هو امن العراق ازاء تهديدات تركيا وايران المحتملة وتأمين ان لا يقوم الجيش بانقلاب عسكري علي السلطة المدنية في ما بعد.
هذه اعتقد اموراً امنية ايضا صار بلا اجماع.
û هل هناك خبراء او مستشارون امريكيون شاركوا في هذا الاجتماع؟ وهل طرحوا اراء من الادارة نفسها عن تصوراتهم لحكم العراق؟
ــ لا، كان الهدف من الاجتماع ليس ابلاغنا بافكارهم وانما ارادت مستشارة الامن القومي ان تستمع بقرب الي هذه الاراء، حيث تقع عليها مسؤولية ان تنصح الرئيس الامريكي ما الذي يفعله ما بعد صدام حسين ولهذا السبب ارادت ان تستمع بشكل مباشر ولم ترد ان تخبرنا هي ان افكارها وآراؤها.
û وقلت ان الخيارات تتقلص امام الادارة الامريكية ماذا تقصد بالخيارات الاخري المطروحة؟
ــ كان هناك خيار ان تقوم المعارضة العراقية في الخارج بدور رئيسي في الحكم ما بعد صدام حسين، هذا الخيار اعتقد قد تلاشي وان دور المعارضة العراقية وتشكيلاتها في الخارج اقرب ما يكون الآن الي دور استشاري منه الي دور تنفيذي.
الخيار الآخر الذي كان مطروحاً واعتقد انه بدأ يتلاشي ويتقلص هو ان يقوم الجيش الامريكي باحتلال العراق وادارته لفترة طويلة علي غرار اليابان او المانيا، هذا ايضا نشرته الصحف وتقلص ويكاد يكون قد اختفي.
نحن كما ذكرت امام خيارات ان يكون للجيش الامريكي دور يتقلص مع مرور الزمن ينحصر في الجانب الامني ويكون هناك شركاء مع امريكا في الجانب الامني واعتقد اهمها المؤسسة العسكرية (الجيش) والمؤسسة الامنية ايضا واعتقد السؤال المهم ماذا عن الحكومة المؤقتة الوزارية، من الذي سوف يشكلها وتحت سيادة من، خصوصا الجانب القانوني هل تقوم الامم المتحدة بالاشراف واعطاء الصيغة القانونية لها (الشرعية) في حالة غياب الانتخابات في الايام الاولي ام يقوم الجيش المحتل باعطاء هذه الصيغة القانونية لها؟ هذه مسألة لم تحسم بعد. ومسألة اخري الادارة السياسية الكل يعلم ان هناك تيارات سياسية حقيقية يجب ان يكون صوتها مسموعاً في مستقبل العراق، ولكن الكل يعلم ان هذه التيارات السياسية لم تبلور منهجها ونفسها في هيئة بشكل تستطيع ان تتعامل بشكل مسؤول من الان. فامام هذه الاشكالية ما هو الحل؟ هناك اراء تريد ان تتجاوز كليا المعارضة.
û هل هذه الآراء داخل الادارة الامريكية؟
ــ نعم بدون شك في نهاية الأمر يجب ان يحسم الامر علي مستويات عدة، المستوي الاول يعرف عنه لجنة النواب الذين هم النواب الرئيسيون ثم المستوي الاقرب او لاعلي منه هم الشخصيات الاربعة الذين حول الرئيس ونائب الرئيس ووزير الدفاع ونائب الرئيس ديك تشيني ووزير الخارجية كولن باول ثم بعد ذلك علي الرئيس ان يقرر ويحسم الخيارات.
û يتردد ان هناك صراعات بين وزارتي الخارجية والدفاع الامريكيتين حول الملف العراقي؟ فما صحة ما يتردد وما ابعاده علي القضية العراقية؟
ــ الكل وخصوصا في اجوائنا العراقية وفي الاجواء العربية حينما يفكر في واشنطن وامريكا يفكر فيها وكأنما هي شيء واحد واقع الامر ان واشنطن مفتوحة لجماعات ضغط كبيرة، شركات اسلحة، شركات نفط، اللوبي الصهيوني. الخ كل هذه جماعات الضغط تعمل ولها امتداداتها ونفوذها في مؤسسات عديدة تؤثر علي صناعة القرار الامريكي. نعم في نهاية المطاف هناك اختلافات ما بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وهذه الاختلافات وصلت الي حد طفحت في الاعلام وفي اختلاف الملفات وهناك اختلاف حقيقي في الرؤي. انا اعتقد انه حينما تقترب من ساعة الصفر سيكون هناك حسم لكل هذه الاختلافات وسيكون هناك موقف واحد وهو الموقف الذي سيتبناه الرئيس الامريكي وسيتم تنفيذه طبعا ستستمر جماعة الضغط وهذه الرؤي حتي في مرحلة ما بعد صدام حسين، هناك فريق قوي مؤثر داخل الجهاز المدني لوزارة الدفاع الامريكية (البنتغون) وليس في الجهاز المحترف العسكري، لديه تصورات سياسية اقول انها تخيف اغلب الامريكان قبل ان اقول انها تخيف الدول العربية ودول المنطقة والسبب انها تأتي من تصور يمين متطرف وبعض تصوراتهم يريد ان يكون العراق كقاعدة لبسط ونفوذ وهيمنة في المنطقة، نعم هذا الفريق موجود ويروج لهذه الافكار ولكن هذا الفريق رغم ضجيجه الكبير في الاعلام يمثل اقلية وعليه معارضة شديدة من داخل الادارة نفسها في داخل الجيش الامريكي والبيت الابيض، الخارجية الخ... ولكن هو موجود وسيستمر في طرح ارائه وسنستمر في قراءة تصريحاته في الاعلام.
اما الخارجية الامريكية كما لا يخفي عليك تستمع بشكل كبير الي ما يدور من الدول العربية ومن المنطقة الخارجية حائزة من ملف القضية الفلسطينية وبالتالي هي تمثل الطرف الاكثر محافظة في كيفية التعامل مع الملف العراقي، لا تريد توريط امريكا في ازمة عميقة لها بداية وليس لها نهاية وتفتح عليها جبهات من قبل كل الدول العربية والاسلامية هي متحفظة جداً في المغامرات السياسية والعسكرية في موضوع العراق.
وهناك اجماع في كل المؤسسات الامريكية علي تغيير النظام ولا توجد مؤسسة تتردد من هذا الامر وهناك اجماع عليه علي ان هذا التغيير يجب ان يحصل باسرع وقت،. الخارجية الامريكية اميل الي ان العراقيين هم الذين يجب ان يتحملوا المسؤولية القانونية والاخلاقية والسياسية لبلادهم وان امريكا يجب ان تلعب اقل دور دور ممكن وليس اكبر دور ممكن في عراق ما بعد صدام.
û هل الخارجية الي جانب الانقلاب العسكري؟
ــ نعم الخارجية الامريكية واعتقد اجهزة اخري تتحفظ من دخول من دخول الجيش الامريكي للعراق وتميل وتحفز وتدعم فكرة انقلاب عسكري وهذا اعتقد صرح به اكثر مرة وحتي الرئيس بوش يفضل ان يري انقلاباً عسكرياً في بغداد.
û هل وجهت مستشارة الامن القومي اسئلة استضاحية حول ما طرح وعلام تركزت؟
ـــ بدون شك الحديث كان طرح تصورات كما ذكرتها ثم كانت الاسئلة الاستضاحية التفصيلية، عن كيفية تطبيق هذه التصورات ولو اردنا تطبيقها كيف تطبق؟ الاجتماع الطويل كان سيعقبه اجتماع اخر كما اظن.
û هل يمكن ان تعطينا أمثلة علي الاسئلة الاستضاحيةـ
ــ علي سبيل المثال كيف يمكن بناء توافق سياسي هل يبدأ هذا التوافق السياسي الآن وكيف يمكن ان يشمل هذا التوافق السياسي اكبر قدر ممكن من الاصوات داخل العراق في ما بعد. هل تستطيع ادارة عراقية فعلا ان تقوم بالمهام الادارية علي مستوي الالوية والمحافظة والاقضية في تقديم خدمات كاملة، علي المستوي الصحي والتعليمي ماذا عن منظمات المجتمع المدني المهنية، نقابة المهندسين مثلا والاطباء والمعلمين ما هو الدور الممكن ان تلعبه هذه النقابات؟
û علي مستوي الاسماء هل سألتك عن مجل السيادة المقترح من الاسماء التي يمكن ان تكون في هذا المجلس؟
ــ انا لا احب ان ادخل في تفاصيل بهذه الدرجة لكن اعتقد ان هذا النقاش تم ليس فقط مع الامن القومي وانما حتي مع الخارجية في اجتماعات اخري كانت معهم وهذا الموضوع كما ذكرت كان موضوع بحث جاد.

جريدة (الزمان) العدد 1378 التاريخ 2002 - 11 -30