التخلف ملة واحدة، والحجاب في فرنسا
هل من فرق بين التوصية الأخيرة للجنة الحكماء بحظر ارتداء الحجاب في فرنسا وبين كلام الأمير خالد الفيصل على قناة العربية؟
كان واضحاً أن الأمور في فرنسا (أم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما يسمونها
) تتجه لحظر ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية، خاصة بعدما وصم شيراك ارتداء الحجاب بالعنصرية في زيارته الأخيرة لتونس.
لقد وردت الحجة كثيراً على لسان الرئيس جاك شيراك ورئيس وزرائه المحافظ رافاران ووزراء آخرين بأن الأمر يتناقض مع تعاليدهم العلمانية. ومعلوم أنه عندما يتعلق أمر بالعادات والتقاليد فإنه يتجمد العقل والمنطق ويرتهن الموقف بتخلف المجتمع. فلو دافع شيراك عن رأيه بأن الأمر مرتبط بسلامة نظام المجتمع والدولة من تأثير الدعاية الدينية في المؤسسات العامة، وأيد رأيه بتجربة فرنسا وأروبا القاسية مع سلطة الكنيسة, لأمكن فتح نقاش على مصراعين عظيمين حول الموضوع وما إذا كان الحجاب دعاية ورمزاً دينياً في رأي المسلمين مثل القلنسوة والصليب أم أنه تكليف ملزم على الأقل على رأي الغالبية الساحقة من المسلمين والملتزمين به, فيعد منعه بالقوة اضطهاداً وانتهاكاً خطيراً لحرية التدين وثلماً في تاريخ فرنسا التحرري, ولأمكن إقناعه بأن الإسلام دين حضاري.
لقد لاحظنا أن الطالبتين اللتين فصلتا من المدرسة أبوهما يهودي وأمهما متنصرة أو مسلمة غير ملتزمة ، فكان قرار ارتدائهما الحجاب نابع من إيمانهما العميق به المدعوم من شعورها القوي بالحرية في سلوك يخالف المشهور في المجتمع.
وكلنا يعلم و(سيادة) الرئيس أيضاً أن فرنسا ليست بأحسن حالاً في الديمقراطية وحقوق الإنسان من باقي دول أروبا والغرب ورغم ذلك فالمسلمون نائلون لحقوقهم ومندمجون في دول مثل بريطانيا وألمانيا وهولندا وغيرهما بل حتى أمريكا بأكثر من اندماجهم في فرنسا مع أن نسبتهم في فرنسا هي الأعلى إذ تبلغ 10% تقريباً بينما تبلغ في هولندا 5% تقريباً وأقل من ذلك في سائر الدول الغربية.
أنها التقاليد اللامنطقية نفسها التي أخرت تركيا عقوداً حتى إذا أفلس العسكر فيها تفجرت الإصلاحات مرة واحدة وصار يستبدل بالقوانين العنصرية قوانين أكثر إنسانية.
وهو المنطق ذاته الذي استخدمه خالد الفيصل على قناة العربية، إذ سألته مقدمة برنامج "بالعربي" في الحلقة الماضية عن حقوق المرأة في المملكة السعودية وعن منعها من قيادة السيارة فأجابها بأن هذا ليس خرقاً لحقوق الإنسان لأن المجتمع يريد هذا!! مثلما أن المجتمع الفرنسي يريد حظر الحجاب وتساءل: "ما ذنب طفلة تطرد من مدرستها لأنها تستر شعرها بمنديل أو نحوه؟". فأجابته مقدمة البرنامج "لأن فرنسا دولة علمانية". فأجابها: "بل لأن المجتمع هكذا".
أليس التخلف ملة واحدة إذن؟؟؟
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!؟!؟!