ستة ملاحظات حول "المنطق الميليشياوي" في العراق الجديد

عصام حسن*

Esam126@hotmail.com



اثارت انباء تشكيل قوة من ميليشيات خمسة من الاحزاب الممثلة في مجلس الحكم العراقي مجموعة من ردود الافعال المختلفة على الساحة العراقية.

ويبدو ان العراقييون يختزنون تجربة سيئة عن المنطق الميليشياوي ايام حكم البعث المشؤوم،فقد كانت التجربة تكفي لتذكرهم بالسنين العجاف التي مرت على العراق، وبفدائيي صدام والحزب"الضرورة" وبقية السلسلة الميليشياوية السيئة الصيت.

ولكن هل هذا الاستدلال كاف للشطب على التوافق الاخير الذي تم بين الادارة الاميركية في العراق وخمسة من الاحزاب العراقية الممثلة في مجلس الحكم؟

اعتقد ان الملاحظات التي ترد على هذه الخطوة تتخطى ذلك المحظور السايكولوجي الى نقاط مفصلية لابد ان نقف عندها.

ولابد من مقدمة مفصلية على الهامش قبل تثبيت ملاحظاتنا على شكل نقاط ، فالقصة باختصار ان الادارة الاميركية"اكتشفت" بانها لاتستطيع معالجة الملف الامني بمفردها، وكان حريا بها- وهي الداعية لتطبيق القانون الدولي- ان تذهب بالملف الامني الى مجلس الامن الدولي- الذي شرعن احتلالها- وتقول له بانها عجزت عن تحقيق الامن، الا انها لم تفعل ذلك،بل قامت بخطوة التفافية، لترميم عجزها باشراك اطراف عراقية بمهام خارجة عن نص القانون الدولي وروحه.

وكان بامكان هذه الاحزاب، ان تطلب من الامريكان،الاقرار بالواقع الامني،والتمهيد للتخلص من الاحتلال واثاره،وليس تقديم خشبة انقاذ لهم.

واذا لم يكن بالامكان الوقوف بوجه هذا المشروع بصورة صارخة، فقد كان بالامكان وضع امكانيات هذه الميليشيات، تحت تصرف وزارة الداخلية العراقية، وليس فتح حساب خاص خارج اطار الدولة العراقية، الا اللهم ان كانت هناك حسابات فئوية لها علاقة بالتنافس بين الاحزاب والمجموعات المشتركة في مجلس الحكم –لاسمح الله-.

انها سابقة يجب ان لانمر عليها بعفوية وسذاجة، واعتقد بان احدا سوف لايؤاخذنا ان نظرنا اليها بسوء ظن ايا كانت النوايا الملائكية لاصحاب الاحزاب الخمسة في طرحهم لهذا المشروع الخطير، اما الملاحظات:

اولى هذه الملاحظات ان هذا المنطق يقف في الجهة المضادة لمنطق الدولة الحديثة،فالدول تتكامل بمؤسساتها، وترقيع الوضع الامني بالميليشيا،يعتبر خللا فادحا لابد من تلافيه.

ثانيها ان الادارة الاميركية اختارت خمسة من الاحزاب لخوض هذه التجربة، وتشاء الصدف- ربما- ان تكون هذه الاحزاب هي تلك التي حظيت ب"الحظوة" عندما "دعيت" لزيارة واشنطن والالتقاء بكبارالمسؤولين من الادارة الاميركية، والتي خططت لمؤتمر لندن التمهيدي لغزو العراق، ثم "تحريره".

ثالثها ان قيادة هذه القوة المكونة من 750عنصرا ستكون تحت امرة اميركية، ومن الصعب على العراقي ان يهضم هذه الحالة ، لما فيها من جرح لكرامة بقية اعضاء مجلس الحكم، وابناء العراق الذين يتعاطفون مع بعض هذه الاحزاب، لتاريخها الكفاحي ضد نظام الطاغية.

رابعها ان هذه القوة سيتم تدريبها على يد قوات التحالف، وهذا معناه بان هذه الميليشيا سيتم "تزريقها" بعقيدة عسكرية وامنية اميركية، وستكون لهذه العقيدة تداعيات على وضع الساحة العراقية لما تمثله في هذه الساحة من امتدادات.

خامسها ان هذه الاحزاب ستعرض مصداقيتها ومصداقية عناصرها لضررجسيم، عندما وضعت عناصرها تحت تصرف قوات محتلة لتشترك مع قوات الاحتلال، في اراقة دم العراقيين، ايا تكن الحجةوالمبررات.

سادسها ان الميليشيا-عادة- تهيىء الارضية لحرب اهلية، فالاحتكام الى منطق السلاح، سيتحول الى قاعدة لاتقتصر على الاحزاب الخمسة، بل ستمتد الى بقية الاحزاب، وهذا يفسد الحياة الديموقراطية برمتها، ويفقدها اضعف شروطها واستحقاقاتها، فهل وضعت واشنطن اللبنة الاولى لحرب اهلية في العراق،وباقتراح عراقي؟!!!.

* سياسي – اعلامي عراقي