trt
ذكرى هبوط الإنسان على سطح القمر
اربعون عاما على هبوط أرمسترونج على سطح القمر وبداية نهاية "الحرب الباردة " في سباق الفضاء
نيل أرمسترونج أول إنسان يطأ أرض القمر والذي سجلت بلاده الولايات المتحدة اسمها في تاريخ استكشاف الفضاء بفضل رحلته غير المسبوقة عام ،1969 ويمر عامان على الرحلة الناجحة ليأتي رائدا الفضاء الأمريكيان أيضا ديفيد سكوت وجيمس إيروين ليضعا لوحة تذكارية على سطح القمر تكريما لجهود إخوانهم الأمريكيين ورفاقهم السوفييت الذين لقوا حتفهم في مساعي استشراف ذلك العالم الفسيح المظلم الذي يحيط بكوكبنا.
جاءت تلك اللفتة لتخليد ذكرى أربعة عشر رائد وعالم فضاء مع اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي آنذاك على بذل جهود تعاون مشتركة بعد مرور ما يزيد على عشرة أعوام على ذلك السباق المحموم بين طرفي الحرب الباردة لإثبات تفوق أحدهما على الآخر .
يمثل يوم العشرين من تموز/يوليو المقبل الذكرى الأربعين لهبوط سفينة الفضاء ابوللو 11 على سطح القمر وهبوط أرمسترونج وسيره على سطحه قائلا عبارته الشهيرة "إنها خطوة صغيرة لرجل..وقفزة هائلة للإنسانية".
ثماني سنوات كاملة مرت على إعلان رئيس الولايات المتحدة الراحل جون إف كنيدي هدف هبوط إنسان على سطح القمر بنهاية الستينات من القرن الماضي،والحلم يأسر خيال العامة، وبعد أن تكللت الجهود الأمريكية بالنجاح تمكنت أمريكا من رفع هامتها أمام العالم بكل فخر بعد أعوام من تصدر الاتحاد السوفيتي السباق الفضائي.
لقد تابعت أنظار الأمريكيين بفزع السوفييت وهم يطلقون أول قمر صناعي-سبوتنيك- في مداره عام .1957 ثم جاء إعلان كنيدي بعد أسابيع من نجاح السوفييت في أول رجل للفضاء وكان رائد الفضاء يوري جاجارين.
يقول جون بايك وهو محلل في موقع جلوبال سيكيوريتي "كان الفضاء أحد مجالات إظهار القوة والهيبة الوطنية بأسلوب واضح ومبهر للغاية ولا ينطوي على تهديد في الوقت نفسه".
وأضاف "خلقت الانتصارات المبكرة التي حققها السوفييت في مجال الفضاء انطباعا بأن (الولايات المتحدة)سوف يطويها التاريخ".
غير ان الانتصار الذي حققته الولايات المتحدة على سطح القمر منحها مركزا بارزا في مجال غزو الفضاء، حتى مع تنازع الجانبين على الفائز في السباق فالسوفيت يدعون لنفسهم السبق بمركبتهم سبوتنيك ورائدهم جاجارين، بينما يصر الأمريكيون على أن هبوط رائدها أرمسترونج يمنحها لقب الفائز.
ولم يتبق سوى القليل من الشك في أن الهبوط على سطح القمر أنهى السباق بينما كانت الحرب الباردة في أوجها. وأدرك السوفييت أن الأمر لا يستحق عناء إهدار الوقت والموارد لنيل المركز الثاني في الهبوط على سطح القمر، لذا كرسوا جهودهم للسبق في مضمار آخر.. بناء أول محطة فضائية من صنع البشر.
وركزت الولايات المتحدة على أن تصبح الاولى في مجال تطوير المكوك الفضائي-وهو مركبة يمكنها الهبوط على الارض مرة ثانية مثل الطائرة-ولا يزال البرنامج مستمرا بنجاح برغم كارثتي مكوكي الفضاء تشالنجر وكولومبيا عامي 1986 و2003 .
في الوقت نفسه بدأت الدولتان بحث سبل العمل سويا في مجال الفضاء وأفادت تلك الاتفاقيات في الدفع بعجلة التقدم العلمي ليس هذا فحسب بل إنها أسهمت في تخفيف التوتر الناجم عن الحرب الباردة.
يقول جاك ماتلوك وهو سفير سابق لدى الاتحاد السوفييتي ومؤرخ لحقبة الحرب الباردة، إن التعاون في أبحاث الفضاء كان ضروريا لضمان قصر استخداماته على الأغراض السلمية والحفاظ عليه كمجال آمن لإطلاق أقمار الاتصالات والأقمار الأخرى.
وقال خلال مقابلة "كان خلق نوع من الهدوء في العلاقات والتعاون على الاستخدام السلمي للفضاء أمرا غاية في الأهمية".
ومن الممكن أن يكون هذا التعاون عرضة للاختبار خلال الأعوام المقبلة. وبالرغم من أن العلاقات تحسنت بعد زيارة الرئيس أوباما لموسكو في وقت سابق هذا الشهر، فإنها مازالت عند أدنى أدنى مستوياتها منذ انتهاء الحرب الباردة .
وتتعرض وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) لانتقادات واسعة، إذ أن تخطيطها السيئ جعل الولايات المتحدة عرضة لأهواء الكرملين وذلك بسبب خطة توقف برنامج مكوك الفضاء والمقرر تنفيذها بحلول نهاية عام 2010 علاوة على أن مركبة الفضاء أوريون لن تكون جاهزة للانطلاق قبل عام 2015 ما يجبر الولايات المتحدة على الاعتماد على النظير الروسي إذا ما أرادت إطلاق رواد فضاء. وكان عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون نلسون -رائد فضاء سابق-قال في حزيران/يونيو الماضي:"آمل أن تتحسن علاقاتنا مع الروس...لكن من يدري كيف سيكون شكل السياسة خلال السنوات العشر المقبلة".