جلست على حصير شهر رمضان وحولها ثلاثة اقمار ونجمة مغطاة وجوههم بصفرة البؤس ، فكمية الاحزان المخصصه للمحرومين لا يعلم بها الذين في ( شغل فاكهون )
وبما ان شهر رمضان كاسحة الغام الذنوب الذين على الارائك متكئون لا يتجسسون حتى يعرفوا ما خلف ابواب الجوع وعيونهم لا تنتج الاشعة ما تحت او فوق الحمراء حتى يكتشفوا ما تحت ثياب الفقر هشاشة العظام الملتصق عليها جلد زعفراني اللون .
وبما ان شامخي الانوف والبطون صدورهم اضيق من كف بخيل فهم يتناسون بأن الجوع ذو عينين واسعتين ترصدان من ستكوى جباههم وظهورهم من الذين يكنزون .
وما دام شهر رمضان كريم فإن هذه الام واقمارها مؤمنون بأن السماء لا تغلق ابوابها ولا تضيع حواجز اسمنتيه او حراسة خافره ، وعندما يرتقي ( بلال ) منارة المغرب تقف هذه الام في محراب الخشوع وكلما دخل ( بلال ) عليها المحراب وجد عندها من الصبر وسلوى القناعه فعباد الله المحرومين لا يثقون بالوعود التجاريه والوزارة التموينية .
وبما ان شهر رمضان من اصدق الشهور وعودا فدعاء الافتتاح هو حلقة الوصل بين الارض والسماء واراد اكبر الاقمار نضوجا ان يحرك الساكن فقال لأمه : من ابتلع الضوء من وجوهنا ؟ .. وهل صحيح ان الحيتان تبتلع الاقمار ؟.. وهل اهل الحساب والحسابات يحبون في جدول الضرب الجمع ويكرهون القسمه ؟..
فقالت الام والكلمات تخرج من بين شفتيها كعصارة زهرة الحنظل : يا قمري في نهرنا تمساح يصوم في النهار .. وينام في النهار نوم الدببة .. فأكل يوم سابق قد اتعبه ..حتى غدا كالهضبه .. يا قمري يا قصبة ... وعندما تدق ( بك بن ) ساعة الافطار يقفز كالسنجاب او كالقردة ..تقربا للمائده ..وقبل ان يختصر الاوقات في صلاة واحدة .. تقربا للمائده ..تنفتح الاقداح ..بناتج الليمون والقداح ...وخبزة عجينة التفاح لانه تمساح ..يكرز الليل ويمضغ التبغ ولا يدرك شهر زاده الصباح .. لانه تمساح !
فقال للام القمر ..لا يقدر التمساح ان يغلق ابواب النهر .. ولا بنصل ذيله يفقأ عين الشمس او يخرق قانون المطر .. ولا .. ولا .. فأين يا امي الثمر .. فمن ومن اعطى حبوب منع الحمل للشجر .. ومن غفر لمن بحق السائلين كفر .. ومن بمرسوم وزاري امر ...ان تنزوي القلوب في صناديق الحجر .. ومن .. ومن ....!
وانتهت المحاوره واسدل النعاس ستائرة على شبابيك العيون .. فلماذا السهر وليس لهم حصة من الدول المالحة او من ميزانية الدولة التكميلية وكل ما تحلم به الام مائده تملأ مساحة الافطار وثياب لقمارها بلون العيد ولهذا وضعت راسها على وسادة الدموع الصامته وكأنها تعلم بأن علياً لا يأتي في العشر الاواخر من شهر رمضان .