قبل ايام قليله , مرت الذكرى السنويه 86 على انقراض دولة الخرافه العثمانيه , والتي اطاح بها الزعيم اتاتورك ( رضى الله عنه ) , بعد سنوات من تسلط الحكومة الخرافيه على رقاب الشعوب , وما شهدت تلك الحكومة من تبذير المال العام , والدخول بحروب لم يبقى منها اي انجاز سوى قبور هؤلاء الجنود الذين قتلو في تلك الحروب , تلك الحروب التي كانت تسمى بحروب الفتح , وحقيقتها حروب الابادة ضد البشريه .
وبعد مرور 86 على الاطاحة بالنظام الدكتاتوري في تركيا , ها هي اليوم تركيا نجمة ساطعه ما بين الفضاء الاسيوي والاوربي , ولها ثقلها السياسي والاقتصادي .
فأين نحن من تركيا ؟
.................................................. .....................
عيد الجمهورية السادس و الثمانين
[align=center] احتفالات في جميع انحاء تركيا و الممثليات خارج البلاد في ۲۹ من شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام مثل الاعوام السابقة بالذكرى الـ۸٦ لتاسيس الجمهورية التركية
تقييم البروفسور رمضان جوزن رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جانقايا
[/align]
[align=center]

[/align]
اُحتفلت في جميع انحاء تركيا و الممثليات خارج البلاد في ۲۹ من شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام مثل الاعوام السابقة بالذكرى الـ۸٦ لتاسيس الجمهورية التركية. سارت طوال اليوم مواكب المسؤولين العسكريين والمدنيين والمؤسسات الرسمية والمدارس في ساحات المدن والملاعب،فيما نظمت مراسم رسمية في مساء اليوم وأطلقت الألعاب النارية وأشعلت المشاعل. شاهدت مجاميع غفيرة من الشعب هذه الاحتفالات. اكدت هذه الاحتفالات مرة اخرى على ان الجمهورية هي نظام حكم ذو بعدين يستند إلى نظام الدولة والشعب.
تعتبر الجمهورية ذات الـ۸٦ عاما اكبر نجاح حققه مؤسسوها مصطفى كمال اتاتورك ورفاقه في مسيرة الكفاح والشعب التركي في مرحلة التحضر. بداية القرن العشرين كانت فترة انهارت فيها الإمبراطوريات واسست خلالها الدول القومية الحديثة. كانت الحرب العالمية الاولى التي نشبت في تلك الفترة ونتائجها حافزا لتأسيس الجمهورية التركية. ناهيك عن ان فكرة الجمهورية وتطبيقاتها التي ظهرت في فرنسا وانتشرت في جميع انحاء اوروبا كانت قد دخلت الاراضي العثمانية. كانت الامبراطورية العثمانية بتاريخها الممتد إلى ٦۰۰ عام تعيش مرحلة صعبة آنذاك. فقدت الامبراطورية قواها في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية طوال القرن التاسع عشر. ولم يعد بإمكانها مقاومة قوة اوروبا الصاعدة. ولهذا السبب اختار مصطفى كمال اتاتورك ورفاقه بعد حرب الاستقلال التي استمرت مابين عامي ۱۹۱۹ و ۱۹۲۳ وبسبب ايمانهم بنظام الجمهورية وفقدان الامل في إحياء الامبراطورية من جديد، اختاروا نظام الجمهورية الحديث.
كان هذا الاختيار عقلانيا وصائبا لان الجمهورية تهدف إلى اخذ إدارة الدولة بالنظام الملكي والمتمثل بالسلالة العثمانية واعطائه لإرادة الشعب. الهدف هو تأسيس دولة حديثة تُدار عن طريق ممثلي الشعب. القصد من الدولة الحديثة هو دولة تدار على اسس العلمانية وسيادة القانون والديمقراطية. على رأس هذه الاسس تأتي الديمقراطية التي تعني تحديد إداريي الدولة عن طريق الانتخابات. اما مبدأ "السيادة هي للشعب بدون أي قيد او شرط" فما هو إلا اشارة إلى ان الديمقراطية من الاسس التي لا بد منها في نظام الجمهورية. لانه ليست هناك طريقة اخرى لتحديد ممثلي الشعب. باستطاعتنا ان نقول ان للجمهورية التركية خاصيتين. الأولى هي تفعيل الديمقراطية والثانية تبني القيم الحديثة ومن ضمنها العلمانية ويعتبر التمدن من أقوى ديناميات هذه القيم. والان لنوضح بشكل مختصر اهمية هاتين الخاصيتين بالنسبة للجمهورية التركية وكيفية تطورهما.
القت تركيا لأسباب بعضها وطنية والاخرى دولية اول خطوة لها نحو الديمقراطية بشكل متأخر في عام ۱۹٤٦. إلا ان تطبيق الديمقراطية لم يتم في تلك السنة بل حدث بعد ٤ سنوات في عام ۱۹٥۰. مرت مسيرة الدمقرطة في تركيا منذ ذلك التاريخ ولمدة ٦۰ عاما بمرحلة التكامل وعاشت أحداثا ايجابية وسلبية عديدة. تميزت تركيا بفضل تطورها الديمقراطي وخاصيتها بالمقارنة مع الجمهوريات المجاورة الأخرى. قطعت تركيا شوطا كبيرا وملفتا للنظر وان لم يكن مثاليا مقارنة بالدول الاخرى في مجالات التنظيمات المدنية واقتصاد السوق وحرية الصحافة إلى جانب الانتخابات في تلك المرحلة.
إلا ان الديمقراطية في تركيا لم تصل إلى ماهو منشود بالمقارنة مع ديمقراطيات الدول الغربية. فهي متقدمة جدا على الدول التي في شرقها ومتأخرة بالمقارنة مع الدول الغربية. وهذا يعني انه لم يتم تحقيق هدف مؤسسي هذه الدولة والمتمثل بالتفوق على مستوى الحضارات المعاصرة.
توجد اسباب لعدم تتويج تركيا بتاج الديمقراطية المتكاملة وعلى رأسها الانقلابات والتدخلات العسكرية التي وقعت في الاعوام ۱۹٦۰ و ۱۹۷۱ و ۱۹۸۰ و ۱۹۹۷ وبالتأكيد يجب ان لا نغض النظر عن المشاكل الاجتماعية والمشاكل في الثقافة السياسية. إذ اثرت الانقلابات العسكرية التي اطاحت بالحكومات المنتخبة بشكل سلبي بالديمقراطية بالاضافة إلى ان اصحاب الادوار الاجتماعية والسياسية لم يستطيعوا تفعيل مبادئ ثقافة الديمقراطية الامر الذي اضر بها.
ورغم كل شيء واصلت الجمهورية التركية ديمقراطيتها بالتطور واصبحت اكثر قوة. العامل الذي لعب دورا في هذه الاستمرارية هو خاصية تركيا الثانية أي التمدن. نقصد معنيين بالتمدن. الاول هو ان تركيا لم تتخل عن كونها عضوا في المنظمات الغربية.
اولت تركيا منذ ثلاثينات القرن الماضي اهمية لإحتلال مكانتها في المنظمات التي اسست في الغرب و لكي تتواجد في نفس المستوى مع الدول الغربية. وبدوافع الامن والتنمية والقوة والرفاه انظمت تركيا إلى عصبة الامم في ۱۹۳۲ والامم المتحدة عام ۱۹٤٥ والمجلس الاوروبي عام ۱۹٤۹ وحلف شمال الاطلسي (ناتو) عام ۱۹٥۲ وعضوا مشتركا في المجموعة الاوروبية عام ۱۹٦٤. كانت هذه المشاركات وبدء تركيا لمفاوضات الانضمام التام عضوا في الاتحاد الاوروبي في الثالث من اكتوبر/تشرين الاول عام ۲۰۰۳، كانت خطوات دعمت الجمهورية الديمقراطية لتركيا. التمدن ليس عبارة عن عضوية مؤسساتية فقط بل هو في الوقت نفسه تنفيذ للقيم العالمية الغربية والمتحضرة. أي بمعنى آخر التطبيق الكامل لقيم تعتبر البنية التحتية للديمقراطية مثل الحقوق والحريات الانسانية وسيادة القانون واقتصاد السوق وتنظيمات المجتمع المدني والادارة المدنية. تواصل تركيا اعمالها حاليا للإنضمام التام للاتحاد الدولي إستنادا إلى هذا المبدا. ومن الواجب ان نؤكد مبدا العلمانية الذي يعتبر من اسس الجمهورية سيكون تحت الضمان خلال هذه المسيرة. وفي النهاية فإن قوة الجمهورية التركية التي تمتلكها اليوم والسبب الرئيسي لكونها مركز جذب اقليمي وعالمي يكمن بالجمهورية التي تسعى إلى تتويجها بالديمقراطية. اكبر امنية لنا هي ان نحتفل بذكرى تأسيس جمهورية تطورت قيمها وفاقت نظيراتها في الغرب إلى الابد.
TRT