بقلم: فراس الخفاجي
مقتدى الصدر واستفتاءات الموت المنظم
لم يبتعد كثيرا مقتدى الصدر عن الواقع الذي عاشه ما بعد سقوط النظام السابق رغم مرور هذه الفترة الزمنية على ابتعاده عن العراق والسبب في ذلك كونه يعيش محاطا بجوقة من المنتفعين والدمويين الذين يسطرون له وقائع الأحداث التي تدور في العراق ولأنهم مجموعة من المنبوذين اجتماعيا حتى من قبل أبناء مناطقهم بات من المسلم لديهم بأنهم لن يتمكنوا من الظهور مرة أخرى إلا بهذه الفقاعات الدموية التي ستأتي بهم مفروضين على واقعهم الاجتماعي.
بعد أن قطع العراق شوطا طويلا من العمل السياسي ووصوله الى مرحلة الاستقرار وترسيخ أسس الدولة ومؤسساتها والخروج من القرارات الدولية التي ألزمت العراق وقيدته كثيرا وبدأ العراق يعمل وفق النظم الدستورية والقانونية وتحوّل الكثير من التوجهات المسلحة الى ترك السلاح والتوجه الى العملية السياسية والدخول في المعترك السياسي السلمي ،، بعد كل هذا يخرج علينا مقتدى لصدر مدفوعا من بعض معاونيه ولا أستبعد أيضا أن تكون وراء ذلك الدولة التي تستضيفه ليصدر فتوى ردا على سؤال موجه اليه حول ضرب المحتل!!؟
بداية إن كلمة فتوى كبيرة جدا بالنسبة لمستوى مقتدى الصدر فهي لم تكن ولا زالت لم تكن من اختصاصه لأن الفتوى قادرة على تحريك المجتمع والخوض في كل جنبات وأحوال هذا المجتمع وتحتاج بما لا يقبل الشك الى عقود من الزمن بين الدراسة والتفحص والبحث ليصل الى هذا المستوى وهو ديدن مراجعنا العظام،، فليس من الصحيح أن يطبل الإعلام بعبارة الفتوى وكأنه يتصرف بأحوال المسلمين لأنه لا يمثل سوى من يهرولون خلفه وبعض المشبوهين الذين كانوا ردحا من الزمن يعيشون أهواء أخرى .
الحالة الثانية التي يجب الوقوف عندها هو التناقض الواضح في دخولهم العملية السياسية ومن جانب آخر يتحدثون عن لواء اليوم الموعود وما الى ذلك من تنظيمات مسلحة مليشيوية تحاول البروز مرة أخرى بعد أن تم القضاء عليها وإخمادها في جميع محافظات العراق حيث تريد هذه المجاميع أن تكون لها الحظوة الكبيرة في العملية السياسية القادمة ولذلك نلاحظ مواقف العداء الكبير التي يكنها هؤلاء لرئيس الوزراء السيد المالكي كونه قصم ظهورهم بعد أن كانوا يعبثون بحياة الناس في مدن البصرة والعمارة وغيرها من مدن الجنوب .
الحالة الثالثة هي مقاتلة المحتل التي يصرخون بها ليل وكذلك ما يطلقون عليه بأذناب المحتل أي أن جميع المشاركين في العملية السياسية هم من أذناب المحتل وإذا كان كذلك فلماذا إذن أنتم تشاركون بقوة في الائتلاف الوطني ومعلوم أن جميع المنضوين في هذا الائتلاف هم مشاركون في العملية السياسية منذ البداية وأنتم تشاركون في البرلمان الحالي وستشاركون بقوة في البرلمان القادم وقد أجريتم انتخابات محلية لأنصاركم كما تدعون فلا أعلم هل أنتم من هذه الأذناب أم ماذا أم أن الأذناب التي لا تعجبكم وتقوّض أعمالكم التي تريدون هي التي يجب قطعها عبر الاجابة على أسئلة هذه المجاميع المليشيوية فيقول في معرض رده الذي يحمل التناقض بعينه ((ووجه الصدر نداءه عبر الموقع الكتروني لتياره الصدري الى عناصر لواء اليوم الموعود قائلا لا تعتدوا على إي عراقي ولا تقطعوا أي شجرة ولا تهدروا إي ثروة وتحرموهم من إي رزق ولا تدخلوا الرعب في قلوبهم وابعدوا مدنهم من مشاريعكم الجهادية ولا توجهوا أسلحتكم ضد إي احد منهم على الإطلاق واصبروا على الأذى كما صبر أولي العزم من الأنبياء والرسل والأولياء وحياكم الله جميعا والشكر لكم من الله على صبركم وجهادكم وتضحيتكم التي نستمد منها القوة والإيمان)) أنا لا أعلم ماذا تقرؤون في هذا الجواب هل بيان الانقلاب على كل العهود والمواثيق التي قطعوها للدخول الى العملية السياسية أم أرى المراوغة في الخطاب كيف لهم أن لا يقطعوا شجرة أو يهدروا ثروة أو يقطعوا رزق أحد والحال أن كل العمليات التي جرت جاءت بوبالها على رزق المواطنين ودمرت حياتهم وهدمت بيوتهم لأن المعارك الحربية عادة لا تقوم بأسلحة بلاستيكية ياسيدنا العزيز ولا بجريد النخل أو الرشق بالماء كلها أسلحة فتاكة وحديثة وأنتم تستخدمونها كذلك ولديكم الخبرة فيها بل يمتلكون هؤلاء الأتباع الأسلحة التي لا تمتلكها الدولة نفسها وقد وضعت الحكومة العراقية يدها على قسم منها في البصرة والعمارة وإن كان نسي السيد مقتدى فأذكره بصاروخ صناعة نفس السنة في العام 2007 الذي سيطرت عليه القوات العراقية في عملية صولة الفرسان ولو أطلق هذا الصاروخ كان سيدمر قرية صغيرة بذاتها وبسكانها وهو هدية من الجارة الحبيبة .
أنا أرى أن هذه الاستفتاءات التي يطلقها السيد مقتدى في محاربة المحتل -ونحن مع من يقف بوجه المحتل، ومقاومة المحتل أمر فرضته قوانين الأرض والسماء - ولكن أين هو المحتل في المدن التي يكتظ فيها الفقراء والمساكين فلماذا نحرك الموت ونجعله وسيلة وسط هؤلاء الفقراء بحجة مقاتلة المحتل؟ فلماذا إذن نشارك في العملية السياسية ونقف بوجه أذناب المحتل كما تسمونهم أليس ذلك نفاقا سياسيا إما نؤمن أو لا نؤمن بالعمل السياسي ،، ألم يكن المحتل اليوم هو خارج المدن فأي دفاع مقدس تريدون القيام به في مدن الفقراء سوى أن البعض في تياركم يريد العودة بنا الى نقطة المجهول ، فلماذا لا تقفوا بوجه الهجمة الشرسة لأتباع القاعدة وتنظيماتها المسلحة وكذلك بوجه الأجندات العربية التي تحاول ضرب العراق من الداخل ،، أنا أرى أنها بيانات الموت المتحرك الذي تريدون إحياءه هذه المرة بعد أن شاهدتم أن الأمور فلتت من أيديكم ومال الناس الى الرغبة في دولة يحكمها القانون وتعمل وفق الدستور.
نسخة سهلة الطبع