 |
-
السيد معد فياض: إذا كنت وأصحابك لا تجيدون القراءة والكتابة والحساب فما ذنب المالكي؟
بقلم: محمد ضياء عيسى العقابي
تعقيبا على مقالك المعنون " ... دولة القانون المطاطية"
المنشور في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 7/12/2009، أقول: كلامك غير مقنع بتاتا ، لأن المرء يرى فيه الأبتعاد عن الموضوعية وتشم منه رائحة الحقد والطائفية والطغموية(1) والإنخراط في تنفيذ مخطط "حرق الأعشاش"(2). نويت أساسا أن أكتب لك رسالة خاصة أرد فيها على أهم ما طرحت في المقال. إلا أن تنبهي إلى كونك كاتبا في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية عند قرائتي مقالك الجديد فيها الذي نقلته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 18/12/2009 بعنوان " مشاهدات من «العراق الجديد» : بعد قرابة 7 أعوام على التغيير.. بغداد بلا أمن ولا كهرباء ولا هوية" قررت أن أنشر الرد ليطلع عليه من يريد من القراء للمساهمة المتواضعة في الرد على الحملة المدبرة والمنسقة للنيل من العراق الجديد، تلك الحملة التي إنتهجت محورين للهجوم:
الأول، تشويش الناس وتخويفهم وزعزعة ثقتهم بأنفسهم وبحكومتهم المنتخبة وبالنظام الديمقراطي برمته وتيئيسهم وصرفهم عن المشاركة في الإنتخابات البرلمانية القادمة أملا في إفشال النظام البرلماني في العراق الجديد؛
والثاني: تركيز الهجوم على شخص رئيس الوزراء نوري المالكي وحزبه والأحزاب الديمقراطية عموما لأن الرجل أثبت كونه رجل دولة واعدا، له ولحزبه القدرة على لملمة الوضع العراقي وإستكمال بنائه الديمقراطي ودفعه نحو الأمام. والمجال، على كل حال، متوفر لإستبداله سلميا عبر البرلمان.
بدءا، أسألك: لماذا تثير المآسي التي يتعرض لها العراقيون؟ هل عطفا عليهم ومحاولة مساعدتهم؛ أم للمتاجرة والتأليب عليهم؟
إذا كنت تريد المساعدة فإطلب من السعودية إلغاء ديونها على العراق وهي ديون "غير نظيفة" أصلا بالتعبير العلمي الإقتصادي لكونها موّلت نظاما طغمويا شن الحرب على شعبه وجيرانه وإبتلع دولة عضوا في الأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وهدد السلام العالمي؛ وإطلب من الكويت إسقاط ديونها المماثلة والتي دفع شعب العراق لها (25) مليار دولار لحد الآن ومازال عليه دفع (27) مليارا أخرى يسددها الآن بحسم 5% من موارده النفطية. هل كتبت شيئا عن احوال اللاجئين العراقيين الذين حشروا في مخيم رفحة بالسعودية في ظروف لا تليق بالبشر، وهم من معارضي النظام الطغموي ووقفوا مع الكويت ضد الإحتلال؟ هل طلبت من السلطة السعودية التوقف عن السماح للتكفيريين من أئمة المساجد بإصدار الفتاوى المتلاحقة التي تحث على التوجه إلى العراق وقتل العراقيين "الرافضة"؟ هل أدنت الإرهاب ومصادره ومنطلقاته الفكرية والجغرافية ومموليه ورعاته والمبررين له والمتسترين عليه والمتحالفين معه؟ هل أدنت وطالبت بالتوقف عن إرسال البهائم الإنتحارية؟ هل طالبت بإخراج العراق من طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟ هل طالبت الإعلام العربي أن يبدي قليلا من الإنصاف في عرض الوضع العراقي؟ هل طلبت من سوريا التوقف عن تدريب وتسليح الإرهابيين وإرسالهم إلى الداخل العراقي؟ هل قلت لسوريا كيف حضر الإرهابيون إليها ونحن نعرف جيدا التشديدات على المسافرين القادمين إلى مطار دمشق؟ هل طلبت من سوريا أن تولي جزءا يسيرا من الإهتمام بحدودها مع العراق كالذي تبديه بحدودها مع الجولان المحتل الذي لا تفلت ذبابة منه إلى الجانب الذي تحتله إسرائيل؟ هل طلبت من سوريا عدم إيواء الطغمويين والتكفيريين العراقيين المسئولين عن الأعمال الإرهابية في العراق وهل طلبت تسليم أو إخراج الموجودين منهم على الأراضي السورية؟ وهل وهل وهل....؟
لم تفعل ذلك لأن همك الوحيد، كما لمسته، هو الإثارة والتأليب والتيئيس تماشيا مع مقتضيات مخطط "حرق الأعشاش".
إنك تعوّل على طبيعة الذاكرة البشرية فهي قد تنسى، خاصة إذا إنشغلت بهموم الإرهاب الذي لم تذكر حرفا واحدا عنه إلا بصيغة "الأمن المفقود" وكأن الحكومة تسببت بفقدانه وليس بكونه من منتجات تحالف أتباع العهد البعثي الطغموي والتكفيريين المدعوم سعوديا وإيرانيا وسوريا كما تعرف قبل غيرك وتسكت لسبب "وجيه". مع هذا فإن الجروح التي أحدثها النظام المقبور لا يمكن أن تنساه أية ذاكرة مهما أرهقتها المفخخات والبهائم البشرية المنتحرة الحالمة "بالحور العين" ومهما تضخمت مليارات الدولارات(3) لتحرك الألسن والأقلام للتشويش والبلبلة والفتنة والتيئيس ومهما كثرت المخططات. كيف يمكن أن ينسى الشعب ممارسات الإبادة الجماعية والمقابر الجماعية (التي مازالت تكتشف حتى يومنا هذا) والتطهير العرقي والطائفي وتهجير المواطنين الكرد الفيليين وجريمة الأنفال وإستخدام السلاح الكيمياوي في حلبجة والأهوار بهدف تبديل الهوية وجعل الهوية الجزئية هي الهوية الكلية؟ لذا فإنك أنت الذي تتحسر على النظام البائد وتريد الناس أن يتحسروا عليه ولكنك تدعي أن الناس بدأوا يتحسرون عليه، وهذا غير صحيح ومحدود الأثر وليس ظاهرة محسوسة. يدرك العراقيون أن ولادة النظام الجديد عسيرة وعسيرة جدا لأنها تعني قبر نظام طغموي وسلطة مستأثرة آثر أصحابهما حرق العراق وشعبه بدلا من الإنصياع لمصالح الناس وأصواتهم عبر صناديق الإقتراع وهي الوسيلة الحضارية؛ كما هي، أي الولادة، تعني تأجيج مخاوف نظم محيطة بالعراق لا تعرف من الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان شيئا سوى كونها مهددة لعروشهم المؤسسة على مآسي شعوبهم وظلمها.
يدرك العراقيون أمرين رغم كل التشويش :
أولا: هوية العراق الجديد، التي إدعيت أنها مفقودة، هي هوية شعبه الفسيفسائي بقومياته وأديانه ومذاهبه ومعتقداته الإيدبولوجية والسياسية الملتف حول قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي لا يظهر بريقها بين ليلة وضحاها في محيط كاره لها أتخم مجتمعاته، ومنها العراق، بكم هائل من المتناقضات والتعقيدات والمظالم الطائفية والعنصرية والجهوية والفئوية والفساد (الفكري والمادي) والأوهام الغبية حتى وصفها الطغموي الملكي نوري السعيد بالبالوعة التي يجلس هو فوق فوهتها كي لا تنطلق الروائح الكريهة منها، إذا تنحى عنها. الحل الذي قدمه نوري السعيد تمثل بالجلوس على فوهة البالوعة كما يفعل أقرانه في المحيط اليوم وكما فعل صدام من قبلهم. أما العراقيون وبمساعدة الأمريكيين (كل لهدفه الستراتيجي وبموجب أحكام الحياة المتطورة أبدا) فقد قرروا إزاحة غطاء نوري السعيد وإطلاق الروائح الكريهة والجنون المكبوت والحمم الغبية وذلك بهدف إزالتها من الوجود لا كبتها في البالوعة، وحل التعارضات المستقبلية، وهي سنة الحياة، عبر الإحتكام للدستور والقضاء المستقل والحياة الحزبية والأخذ بمبدأ التداول السلمي للسلطة وعبر آلية صناديق الإقتراع والبرلمان وضمان الحريات الخاصة والعامة، ومنها حرية الصحافة والتنظيم، وحقوق الإنسان. كل هذه القيم التي تشكل أساس الهوية العراقية الجديدة ستتصلب في مجرى النضال والكفاح والصمود ولم يسبق أن تشكلت أية ديمقراطية في العالم بين ليلة وضحاها؛ وهذه الهوية يصعب تشخيصها ورؤيتها، وعصية على الفهم لمن إعتاد قراءة الهوية من خلال "القائد الضرورة حارس البوابة الشرقية" و "العائلة النفطية المنصورة القائمة على رأس الفرقة الوهابية الناجية".
أتوقع أن يزحف العراق، في مستقبل ليس ببعيد، بهويته الديمقراطية الجديدة إلى المحيط العربي ليدعو إلى تشكيل "جامعة الدول العربية الديمقراطية" بدلا من جامعته القائمة "جامعة الدول العربية" الهرمة التي تضم اللص والمتخلف والدكتاتوري وجلاد شعبه والإرهابي والطائفي والعنصري والديماغوجي والمشارك في جريمة بيع فلسطين مقابل الحفاظ على عرشه وعرش طبقته الظالمة.
أتوقع، أيضا، أن تنجح تجربة العراق الجديد القائمة على الديمقراطية فتشجع الأمريكيين على طلب الطلاق من حكام السعودية وغيرهم وتقول لهم: وداعا أيها الأحبة، ما عدنا بحاجة لعملاء شموليين متخلفين بعد أن وجدنا الشركاء الديمقراطيين.
ثانيا: يدرك العراقيون أنه رغم بحارالمشاكل والعراقيل والمحن ومنها ما خرج من بالوعة نوري السعيد (وروائحها الكريهة، والحق يقال، أقل بما لا يقاس من تلك التي أطلقتها بالوعتا النظامين الطغمويين القومي العارفي وبالأخص البعثي البكري – الصدامي) ومنها ما إفتعله الجيران من جميع الإتجاهات، إلا أن المحصلة النهائية لمسيرة العراق هي بالإتجاه الصاعد والمتقدم نحو الأمام.
نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 22/12/2009 تقريرا لوكالة (رويترز) أشارت فيه إلى تقرير قدمه رئيس هيئة الأمم المتحدة في العراق ميلكرت وهو سياسي هولندي سابق. وفي مقابلة معه قال السيد ميلكرت "أود أن أبلغ الجميع ان سبعة أعوام ليست فترة طويلة. انتم ترون تغييرات هائلة في بلد لم ير قط مراكز قوى مختلفة تتنافس معا بشكل سلمي."
لقد لجمك واقع العراق الجديد المتطور من التطرق إلى ما ملئتم به الأرض ضجيجا وصراخا وعويلا، فلم تتطرق إلى الإحتلال لأن القوات الأمريكية ستنسحب في نهاية عام2011 وفق إتفاقية الشراكة، مكتفية بقاعدة العديد في قطر الصغيرة وقاعدة الظهران بجوار مكة المؤتمنة بعهدة "خادم الحرمين".
لقد لجمك الواقع من الكلام عن هيمنة الأمريكيين على نفط العراق بعد أن فازت شركات نفط معظمها لا أمريكية بعقود الخدمة القاسية التي تصب لصالح العراقيين والتي فرضتها حكومتهم المنتخبة عبر تنافس علني شفاف عادل.
تباكيت على الأمن الذي زعمت عدم إحراز تحسن فيه. ألم تكن، قبل سنين قليلة، مدن كاملة ساقطة بيد الإرهاب ؟ ألم تكن أحياء وشوارع في قلب بغداد كشارع حيفا ساقطة بيده؟ نعم مازالت هناك المفخخات وهناك أيام الأربعاء والأحد والثلاثاء الدامية وربما سيأتي المزيد منها، ولكنها كلها ضربات يائسة أصبح فاعلوها يفقدون عطف حتى مؤيديهم لأنهم صاروا من بين الضحايا، فالضربات أصبحت عشوائية بعد أن فقد الإرهاب قدرته على التحكم والإختيار رغم ما تتيحه طبيعة العملية الإرهابية من مرونة وإختيار واسع للإرهابي السافل ومنزوع القيم.
لقد لجمك الواقع العراقي المتطور أيضا من لوك الكلام عن تغلغل إسرائيل والصهيونية في العراق. كل ذي بصيرة يعلم أين يرفرف العلم الإسرائيلي؛ ودور السعودية المخزي أثناء حرب إسرائيل على غزة الجريحة.
تتكلم عن الفساد. هل العراق وحده مصاب به؟ ماذا عن فضائح شركة "لوكهيد" لصناعة الطائرات التي تورط فيها أمراء من أركان النظام السعودي؟ هل تذكر عندما نشرت أمهات الصحف والمجلات الأمريكية عن خسارة المغفور له الملك فهد عندما كان أميرا، خمسة ملايين دولار في ليلة واحدة على مائدة القمار في إحدى نوادي (مونتي كارلو) وفي ليلة القدر بالذات؟ وهل تنسى ما نشرته أمهات الصحف الأمريكية عن الحلي والمجوهرات التي كان يغدقها المرحوم الملك الحسن الثاني ملك المغرب لعشيقته الأمريكية الجنوبية؟ وهل نسيت ما نشرته الصحف الفرنسية عن البذخ (كالويسكي والشمبانيا الفاخرتين والسيكار الرفيع) الذي شهده وفد فرنسي في نادي الصيد العراقي أيام الحصار وجوع الشعب؟ وهل ظاهرة الفساد جديدة؟ ألم ينقذ النظام البعثي الطغموي الدورة الإقتصادية من الإنهيار التام أثناء الحصار الأممي على العراق بواسطة إشاعة الفساد العام عندما فرض على جميع دوائر ومصالح الدولة مبدأ التمويل الذاتي أي فرض الأتاوات على الجمهور ما فتح بابا واسعا للرشى والإبتزاز والفساد فجر البلاء على البلاد والعباد حتى يومنا هذا؟ ألم يسهم الإرهاب في حدة الفساد؟ ألم يسهم الطغمويون في إستشرائه؟ مع هذا فالعمل جار لإجتثاثه وسيجتث بنجاح رغم المصاعب.
لقد لجمك الواقع العراقي الرامي إلى الخروج من طاحونة الماضي الكريه فلم تذكر شيئا عن نظام البطاقة التموينية الخالية من نشارة الخشب وعن شبكة الرعاية الإجتماعية وعن خفض نسبة الفقر إلى حدود رغم كونها مازالت غير مقبولة إلا أن الشعب يطالب بإزالتها والحكومة المنتخبة جادة بالقضاء عليها. قال ميلكرت بهذا الصدد "يجب ألا يعتقد أحد ان هذا الوضع مسألة بضعة أشهر أو بضع سنوات. سنستغرق وقتا طويلا قبل أن نصل الى مستوى ربما يفي بمعايير عامة أكثر."
لدي ملاحظات على كل جملة قلتها. لكنني سأكتفي ببعضها فقط:
تقول عن العراق وبالحرف الواحد " توزعته كيانات آخر ما تفكر به هو حب الوطن والاخلاص للشعب".
هل يعقل هذا الكلام بحق الأحزاب العراقية التي قارعت النظام البعثي الطغموي البائد وما قبله وقدمت التضحيات الكبيرة وإمتحنها الزمن والخطوب؟ هل يعقل أن الأحزاب الكردية التي قارعت النظم الطغموية بالسلاح والتضحيات الجسيمة وعانت ما عانت في حملة الأنفال وحلبجة أن يطالها تقييمك؟ وهل يعقل أن حزبا، كحزب الدعوة الإسلامية مثلا، الذي أصدر نظام صدام الطغموي قانونا (4) خاصا بحقه يقضي بإعدام أي شخص ينتمي إليه مباشرة وبدون محاكمة، وقد أعدم، بالفعل، الكثيرون ومنهم أقارب للمالكي و 40 من آل الحكيم، لذا هرب المالكي إلى الخارج من بلده العراق ولجأ إلى إيران وسوريا ، مثلما هرب الألوف إلى جميع أنحاء العالم لأن إعدامات كثيرة أيضا أنزلها النظام الطغموي بعدد غفير من المعارضين الديمقراطيين ومن بينهم جماهير الحزب الشيوعي العراقي على غير وجه حق، أقول هل يعقل أن يكون هكذا أحزاب "آخر ما تفكر به هو حب الوطن والإخلاص للشعب" حسب قولك ؟ دعنا نقلل من غلوائنا لخاطر الضمير والشرف والوطن وليس لخاطر حزب الدعوة أو المالكي أو الحزب الشيوعي أو الأحزاب الكردية أو المجلس الأعلى الإسلامي أو غيرها من الأحزاب التي أثبتت حبها للشعب والوطن بدلالة إحترامها للديمقراطية. ألم تعبر عن مكنونات نفسك وقيمك المتطابقة مع قيم النظام الطغموي الذي مارس الإقصاء ونزع المواطنة والإبادة؟ إنك تعيّر المالكي لأنه نجا من البطش، ونزعت عنه مواطنته العراقية، وضايقك جدا رجوعه الطبيعي إلى وطنه وأهله وأصحابه وشعبه، وذلك بكلامك السفيه الحانق التالي: "... اقول عندما كان المالكي في بلده الاول ايران ومن ثم في بلده الثاني سوريا، وقبل ان يحل ضيفا بالرغم عنا على العراق ..." أسألك: من تعني ب "عنا"؟؛ إذا كنت تقصد نفسك شخصيا أو الطغمويين والتكفيريين فموقفك مفهوم جدا، أما إذا كنت تقصد الشعب، فهيهات هيهات لأن الشعب قال كلمته عبر صناديق الإقتراع فأصبح المالكي رئيسا للوزراء رغم أنف الطغمويين والتكفيريين ومن يقف ورائهم . هل ستلوم المالكي أو ستنوح من سياسة "تكميم الأفواه"، إذا ما إنبرى لك أحد مساعديه، أو أي مواطن عراقي شريف، وأجابك بما أجاب به الجواهري الكبير الطاغية صدام عندما أسقط عنه الجنسية العراقية ؟ بصراحة، وأنا أقرأ قولك الحاقد والمهين هذا، شكرت، وأنا الماركسي، أمريكا زعيمة الراسمالية والإمبريالية العالمية على سحقها رؤوس الفاشست الطغمويين الذين علموك كيف تحتقر وتقصي وتنفي المواطن العراقي وتطعن بوطنيته. يكفي المالكي شرف أنه رئيس وزراء العراق بالإنتخاب الديمقراطي الذي يحصل لأول مرة في تأريخ العراق والذي شهدت عليه الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي وروسيا والصين واليابان وحتى الجامعة العربية الكارهة للديمقراطية العراقية. أما أنت فقدرك لا يزيد عن كونك مرتزقا في صحيفة سعودية كلفتك بشتم شعبك ووطنك وتحريض الإرهابيين عليهما في إطار مخطط "حرق الأعشاش"، يا للعار ويا للشنار!!
وتقول: " فالعراق،جغرافية وتاريخ وشعب تحول الى قطعة، بل... قطع من المطاط اللين والطيع يمكن اللعب به مثلما يريد حكام البلد، وهذا يحدث للمرة الاولى في تاريخ العراق العظيم منذ ان قام فوق هذه الارض".
هل هنالك ذرة من الموضوعية والعدالة في هذا الكلام ياسيد معد؟ هل أنت جاد أم بهلوان؟ من الذي فرط بأراضي العراق ومنحها بالمجان جنوبا وغربا؟ من الذي ساق العراق لمدة ثماني سنوات مع إيران بحرب عبثية طاحنة مقابل وعد أمريكي فضفاض بضم الكويت إليه (5) ؟ ومن الذي عقد إتفاقية الجزائرعام 1975 مع إيران ثم ألغاها عندما شن حربه عليها ثم عاد وإعترف بها ثانية بعد غزوه الكويت ؟ من الذي شن حربا طاحنة على إيران ثم عاد وإحتمى بها بإخفاء أكثر من مائة طائرة لديها حتى دون تنسيق مسبق؟ ومن الذي إحتل الكويت فواجه العراق تحالفا دوليا ثلاثينيا دمر بنيته التحتية وإقتصاده ، ثم فرضت الأمم المتحدة عليه الحصار الخارجي (وأكمله صدام بحصاره الداخلي!) ليستكمل الدمار وتهبط قيمة الدينار العراقي بمقدار (7000) مرة فجعل العراق أفقر دولة في العالم ؟ ومن الذي صار يوزع كوبونات النفط العراقي المسروق، نفط الشعب الجائع ومعتل الصحة بلا دواء، يوزعها يسرة ويمنة كرشى لإنقاذ كرسيه المستقر على ملايين الجثث البريئة؟ ومن الذي مزق العرب بما لم يشهدوه في تأريخهم الحديث وربما القديم أيضا، فلم يستطيعوا حتى عقد مؤتمر قمة واحد طيلة عشر سنوات عجاف بسببه؟ ومن الذي جعل العراق، وما زال، واقعا تحت طائلة أكثر من مائة قرار دولي ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ ومازال عليه أن يدفع للكويت27 مليار دولار بعد أن دفع 25 مليار دولار لحد الآن علما أن ديون السعودية وإيران مازالت تنتظر؟ تم كل هذا دون بحث قرار إحتلال الكويت مع أي سياسي أو عسكري مؤهل سوى مع شخصين شبه أميين هما إبن عمه علي حسن المجيد ( المسمى شعبيا وعالميا علي كيمياوي) ومع حسين كامل إبن إبن عمه ومراسل زوجته (السيدة ساجدة خير الله طلفاح) ويمتطي دراجة نارية لأداء عمله ومن ثم أصبح زوج إبنته وأصبح قائدا عسكريا برتبة فريق(6) وأصبح ثاني أهم شخصية في البلد يقود التصنيع العسكري ويتحكم بعدة وزارات سيادية في آن واحد. وأكثر من هذا، راح مع إبن عم والده علي الكيميائي يلغون هذه القومية وتلك الطائفة على هوى مخطط التطهير العرقي والطائفي. فعلي الكيمياوي أراد شطب الكرد من الوجود بحملة الأنفال وتبعه حسين كامل ألذي أراد شطب وجود الشيعة فدخل بدباباته مدينة النجف، بعد فشل إنتفاضة الربيع الشعبانية عام 1991، وهي تحمل لافتات كبيرة تقول "لا شيعة بعد اليوم". وأخيرا قتله صدام، بيد علي الكيمياوي، مع أبيه وأخويه ورماهم في صندوق قمامة قريب من دارهم وتمت العملية تحت عنوان متخلف ؟ لماذا تقلّد " الفريق" (الذي كان عريفا) علي حسن المجيد "وسام" الإنسانية والمروءة والعطف والحنو على أطفال حلبجة والأهوار فلقّبه العراقيون والعالم ب "علي كيمياوي"؟ ألم يجعل هذا من العراق قطع مطاط طيّع ليّن (ولكنه حارق خانق) ؟ كم مرة تكرر مثل هذه الأحداث في تأريخ العراق؟ فلماذا أهملت الإشارة إليها ولو من بعيد، وإتهمت، بالمقابل، العراق الجديد بتهم من نسج خيالك؟
ومن الذي بدأ اللعب والإستهتار بنمط جديد فصار يوحي للعالم بتملكه أسلحة دمار شامل (بعد أن تخلص منها واقعا) فإستغلته أمريكا لصالحها وإحتلت العراق وهرب صدام إلى حوض تعفين مجفف (سبتك تانك – على ذمة مجلة التايم الأمريكية) بإنتطار أن يرسل له الأمريكيون رسالة للتفاوض عن طريق السفارة الروسية في بغداد(7) ؛ ومن ثم يعلن إنتصاره ثانية(8) وأي إنتصار؟ إنتصار بقاءه في كرسي الحكم مقابل مساعدة عوّل صدام على تقديمها للقوات الأمريكية في إحتلال مفترض لإيران من نسج خياله وآماله، تلك المساعدة التي رفضها الأمريكيون من نظام مضحوك عليه (أمريكيا وسعوديا) فأصبح ورقة محروقة، وحرق فعلا وحرق معه العراق للأسف. فمن الذي جعل من العراق لا قطعة مطاط بل خرقة بالية؟
تتكلم عن الكهرباء وتغفل الكلام عن دمار نسبة هامة منه في حرب تحرير الكويت، ومضي النظام بتفكيك محطة توليد بعد أخرى لصيانة الأخريات وذلك لنقص قطع الغيار التي رفضت الأمم المتحدة السماح بشرائها بسبب تضمين النظام موادا بعضها محضور وبعضها غير ضروري، كالويسكي والسيكار الفاخر، في طلبيات الشراء المقدمة للأمم المتحدة لإستحصال الموافقة حسب مقتضيات الفصل السابع.
كان النظام يريد العتمة للعراقيين كي لا يتصلوا بالعالم الخارجي ويعرفوا هول المصيبة التي حلت بهم جراء إحتلال الكويت وسياسة النظام الطغموي. فرغم شحة الكهرباء بسبب تدمير نسبة من محطات التوليد إلا أن النظام عمد إلى تصدير بعض ما تبقى من الكهرباء إلى الأردن حسب الوثيقة التي عرضها مدير عام كهرباء الجنوب عبر شاشة التلفزة الكويتية في حينه (وهي رسالة شكر رسمية من الملك حسين إلى صدام) ؛ كما عرض المدير العام وثيقة أخرى يأمره بها صدام تزويد الكهرباء للمواطنين العراقيين لمدة ساعة واحدة فقط وتفريغ الكهرباء المتبقي في النهر.
تغفل كل ذلك وتغفل أيضا الكلام عن الإرهاب الموجه ضد العراق الجديد ودوره في تحطيم ما يقرب من (5000) برج كهربائي وتفجير أنابيب النفط المغذية لمحطات الطاقة وللتصدير، وتغفل دور الإرهاب في قتل الأطقم الأجنبية لصيانة محطات التوليد كما حصل للفريق الروسي الذي كان منهمكا في أعمال صيانة محطة توليد الدورة. وكذلك تغفل دور التخريب الطغموي الداخلي اي من داخل المؤسسة الكهربائية الذي عبر عن نفسه باستهداف الارهاب لأماكن حساسة في مواعيد حساسة لا يمكن ان يعرفها الا المتخصصون في داخل المؤسسة.
كتبت وبالحرف الواحد: " ... مع ان هذه السلطات لم تتمكن وخلال ما يقرب من سبعة سنوات لم تتمكن من القبض على ارهابي واحد".
سؤال رقم1: عرضت الحكومة العراقية العشرات على شاشة التلفزيون ( وهو أجراء قلما تلجأ إليه الحكومة لأنه مخالف لحقوق الإنسان حسب المعايير الدولية وهو أجراء غير ملح على كل حال) وهناك المئات تم إعدامهم وسط إحتجاج منظمات حقوق الإنسان الدولية لا طعنا بصحة إعترافاتهم الإرهابية ولا طعنا بعدالة محاكماتهم بل إحتجاجا على إنتزاع تلك الإعترافات بالتعذيب وهو أمر يستنكره الجميع ويمارسه الجميع ، والعراق أقلهم إشتطاطا وملامة في هذا الصدد لأن مدلل السعودية الشيخ حارث الضاري وشيوخ الوهابية السعوديين أقنعوا الصبيان بأن الله ونبيه سيقدمان لهم مزيدا من الحوريات والولدان المخلدين إذا ما قتلوا المزيد والمزيد من العراقيين الأبرياء. وهكذا تحول أولئك الصبيان إلى بهائم دون حواس وجراثيم قاتلة كمرض الجرب والطاعون والسل والإيدز. فكيف عرفت، بعد هذا، أن السلطات العراقية لم تتمكن من القبض على إرهابي واحد؟
سؤال رقم2: إذا كنت تنكر تهمة الإرهاب عن المعروضين على التلفزة والمعدومين وسط إحتجاج منظمات حقوق الإنسان الدولية ، فمن هم الإرهابيون، إذن؟ أما يثبت هذا أنك على علم بهوياتهم؟ فلماذا لم تخبر عنهم السلطات لدرء شرورهم؟ ألست مواطنا شريفا يلزمك القانون بالإبلاغ عن المجرمين؟ ألست حريصا على شعبك الذي تتباكى عليه وعلى حاله؟
سؤال رقم3: دعنا نفترض براءة المعروضين على التلفزة والمعدومين ، لكن ماذا تقول عن النائبين عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني والوزير أسعد الهاشمي؟ ألم يساقوا إلى العدالة وهربوا إلى سجنهم الخارجي ؟
إذن، ما هو هدفك من وراء هذه الفرية الكبرى التي تدعي فيها أن الحكومة لم تلق القبض على إرهابي واحد خلال السنوات الست الماضية؟ أليس المقصود هو تيئيس الناس العراقيين من إمكانية ضبط الأمن في البلد من قبل الحكومة الديمقراطية، فما يبقى أمامهم من ملاذ سوى التسليم للطغمويين والتكفيريين ووضع رقابهم تحت سيوفهم التي لا تعرف الرحمة؟
آتي إلى حساباتك لنفوس العراق التي فضحت ضعفك في مجال الحساب البسيط بعد أن بان ضعفك في قراءة الأحداث والكتابة الموضوعية ولا ذنب للمالكي في ذلك فعليك أن تلوم نفسك وقدرك. متى قال البرلمان أو الحكومة أو المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بأن نفوس العراق 22 مليونا؟ ينص الدستور العراقي على تمثيل كل مائة ألف مواطن بنائب واحد. وهناك في مجلس النواب الحالي 275 نائبا ما يعني أن نفوس العراق بلغت 27.5 مليون نسمة قبل أربعة سنوات؛ فأين ال (22) مليونا و (25) مليونا؟. ومنذ ذلك الوقت إزدادت النفوس بنسبة (2.8%) سنويا ما جعل عدد النواب 323 نائبا. وكل الذي أضافوه هو نائبان ليصبح المجموع 325 نائبا وذلك لمداراة المحافظات التي أضر بها السيد طارق الهاشمي من حيث أراد نفعها وتخريب العملية الإنتخابية في آن واحد ففشل في كليهما فشلا ذريعا، والفشل مآل مخطط "حرق الأعشاش" وغيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1): الطغمويون هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية والقومية والبعثية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارست النظم الطغموية الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مبرقعة، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2): "مخطط حرق الأعشاش": تشير التقارير إلى أن عددا من دول المنطقة بزعامة السعودية قد وضعوا مخططا بهذا الإسم ورصدوا له أموالا طائلة بهدف تخريب/ أو التأثير على الإنتخابات البرلمانية القادمة في العراق لصالح الطغمويين والتكفيريين مستخدمين جميع الوسائل الممكنة، إرهابية وإعلامية وفساد، والضرب والتهريج والتخريب في كافة الإتجاهات وبكافة الوسائل وفي أي وقت وتحت أي ظرف.
(3): مثال على ما أقول: إستقال النائب السيد علي الصجري من "الحركة الوطنية العراقية" بعيد تشكيلها بقليل لإتهامه الدكتور أياد علاوي بتسلم مبلغ يقارب المائة مليون دولار من أحد الحكام العرب. و"الحركة الوطنية العراقية" إئتلاف شكله السيدان أياد علاوي وصالح المطلك وإنضم إليهما السيد طارق الهاشمي بعد تنحيته من أمانة سر الحزب الإسلامي وإنشقاقه عنه.
(4): كان أي أمر يصدره صدام يصبح قانونا، وذلك حسبما نص عليه "القانون" العجيب في حينه!!
(5): حسب الوثائق التي نشرها السيد داود البصري في "صحيفة صوت العراق" الإلكترونية. أعتقد أنها ذات مصداقية لأن مصدرها، بتقديري، إستخباراتي كويتي .
(6): صفع أعضاء حماية حسين كامل مرة مديرا عاما وطرحوه أرضا ونقل إلى منطقة نائية لأنه نادى حسين كامل ب "أستاذ" ولم يناده ب"سيادة الفريق". نشرت صحيفة السيد أياد علاوي هذا الخبر أيام المعارضة قبل عودته للبعث ثانية!!
(7): وردت هذه المعلومة في كتاب "قبل أن يغادرنا التأريخ" تأليف الفريق الركن رعد مجيد الحمداني، قائد فيلق الحرس الجمهوري الثاني (الفتح المبين).
(8): الإنتصار بالنسبة لصدام، رئيس النظام البعثي الطغموي، أن يبقى في كرسي الحكم حتى ولو كان في بلد محروق تحيط به جثث شعب متناثرة، كما كان الحال بعد مغامرة إحتلال الكويت التي أنقذه من إنتفاضة الشعب العراقي الربيعية الشعبانية العارمة عام 1991 ، أنقذه من إنتصر عليهم إفتراضا وإدعاءا، أي الأمريكيون وحلفاؤهم من أجانب وعرب!!
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة إبن جبل عامل في المنتدى واحة الحوار العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 14-05-2008, 01:40
-
بواسطة الاطرقجي في المنتدى واحة الحوار العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 03-07-2006, 11:55
-
بواسطة منازار في المنتدى واحة التربية والتعليم والاسرة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 20-09-2005, 10:57
-
بواسطة safaa-tkd في المنتدى واحة العلوم والطب
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 18-08-2004, 03:59
-
بواسطة دجلة الخير في المنتدى واحة الحوار العام
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 01-01-2004, 23:44
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
|
 |