بات من المؤكد أن رئيس الإقليم الكردي العراقي مسعود برزاني يدعم بشكل غير مباشر مسألة إلغاء اسم صالح المطلك -وربما أسماء أخرى من السياسيين - من قائمة المرشحين الممنوعين لخوض الانتخابات البرلمانية في السابع من آذار. وبحسب وكالة الانتر برس، فإن تعليقات للبارزاني، أشارت الى ذلك، بعد يومين من تراجع هيئة المساءلة والعدالة وإعلانها أن 59 اسما من القائمة التي كانت قد منعت فيها اكثر من 500 مرشح هم من المسموح لهم بخوض الانتخابات القادمة .
وبالرغم من رفض مدير الهيئة علي اللامي رفع المنع عن تلك الأسماء، فإنّ القرار يعبر عن المرونة من قبل الهيئة وقال بان ذلك قد حصل لانه كانت هناك أخطاء وتشويش حول أسماء مشابهة . وقال برزاني بأنه لم يستشر حول قرار إقصاء المرشحين. وقال برزاني أثناء أمسية أعدت في معهد بروكنز للدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن يوم الأربعاء الماضي : لم اسمع بان صالح المطلك كان ضالعا في قتل الأشخاص. وحتى لو كان بعثيا ولكنه أعلن التزامه بالدستور العراقي اليوم ، وأنا شخصيا ليس لدي مشكلة مع صالح المطلك أو أي شخص آخر مثله لكي يشترك في الانتخابات .
وتشير وكالة الانتر برس الى أن هؤلاء المرشحين أقصوا من الترشيح على أساس صلاتهم السابقة أو الحالية مع حزب البعث المحظور الذي كان صدام حسين رئيسا له ، ولم تعرف هوية هؤلاء الـ 59 مرشحا الذين رفعت هيئة المساءلة والعدالة المنع عنهم ، ولكن صالح المطلك ووزير الدفاع عبد القادر العبيدي يعتبران من ابرز الوجوه السنية التي شملها قرار الهيئة بالمنع من الترشيح في الانتخابات .
وقد سئل مسعود بارزاني إن كان لإيران أي دور في قرار هيئة المساءلة والعدالة بمنع المرشحين من خوض الانتخابات، فأعطى بارزاني جوابا غامضا، ليس فيه لا الاعتراف بذلك الدور ولا استبعاد الضلوع الإيراني فيه. وقال بارزاني : كل الدول الجارة لنا لها اجنداتها الخاصة في العراق ومن بينها إيران التي قد تكون لها الأجندة الأوسع. وبالتأكيد فان كل هذه الدول الجارة تفضل أفرادا معينين للمجيء او الذهاب او الاستبعاد، واصبح هذا أمرا طبيعيا في العراق. وفي وقت مبكر عبر رئيس الجمهورية جلال طالباني وهو كردي أيضا عن اعتراضه على قرار هيئة المساءلة والعدالة وقال بانه ارسل رسالة الى رئاسة المحكمة الفدرالية العراقية يستفهم ان كانت هيئة المساءلة والعدالة كياناً شرعياً وفيما اذا كان قرارها قانونيا .
وبحسب الانتر برس ، فان الموقف العلني لبرزاني من المحتمل ان يزيد الضغوط على هيئة المساءلة والعدالة وعلى بعض الرموز والاحزاب الشيعية التي يعتقد بانها تقف وراء القرار المثير للخلاف وهم من حلفاء الاكراد في الحكومة منذ سنة 2003 . وليس من الواضح لحد الان في ما اذا كان القادة الأكراد يعارضون المنع على كل المرشحين الممنوعين من الانتخابات او فقط البعض منهم ، طالما ان بعض الممنوعين من الافراد في القائمة هم من الأكراد المؤيدين السابقين لنظام صدام والذين يعرف ان لبرزاني وطالباني عداوة طويلة معهم.
ومع اغلبية القادة الاكراد والسنة العرب الذين وقفوا ضد قرار هيئة المساءلة والعدالة ، فان كل العيون الان على الاحزاب الشيعية التي تهيمن على الحكومة - حزب الدعوة الذي يرأسه رئيس الوزراء نوري المالكي والمجلس الاعلى الاسلامي في العراق الذي يرأسه عمار الحكيم - لرؤية ان كانوا سيدعمون رفع المنع ، وبالنتيجة على بعض المرشحين البارزين مثل صالح المطلك والعبيدي .وقد دعم المالكي قرار هيئة المساءلة والعدالة يوم الاحد الماضي بعد اجتماعه مع نائب الرئيس الاميركي جو بيدن . ويقول المحلل في الشؤون العراقية احمد علي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى : اعتقد بان موضوع البعث هو ورقة رابحة للاحزاب الشيعية العراقية ، ولذلك بالنسبة لهم ، فانهم لن يبرزوا الى العلن ويقولوا باننا نريد عودة هؤلاء المرشحين لاي سبب . وهم يحتاجونها كثيرا لتعبئة قاعدتهم وبشكل خاص اعطاء حقيقة بانهم لا يستطيعون اللعب بالورقة المعادية للأكراد الان قبل الانتخابات. وكما افيد فان الحكومة العراقية تأخذ بنظر الاعتبار تعيين شخص جديد لادارة هيئة المساءلة والعدالة بعد النقد الواسع النطاق حول حقيقة شرعية اعضاء الهيئة الحاليين وتشكيلتها الادارية الحالية ، والهيئة التي يديرها علي اللامي وثيقة الصلة مع احمد الجلبي والذي كان المحبب الى واشنطن في وقت من الاوقات وهو الان جزء من الائتلاف الوطني العراقي وهو الائتلاف الشيعي الذي تهيمن عليه الاحزاب الدينية الشيعية . وكان الجلبي قد عهد اليه ادارة لجنة اجتثاث البعث التي احدثت ضجة قوية بسبب ابعادها الكثير من البعثيين من الخدمة العامة بدون تحقيق مناسب او ادلة . وقد منع قانون اجتثاث البعث الذي مرر في ظل سلطة الحاكم الاميركي على العراق بول بريمر المسؤولين من اربع حلقات قيادية من مجموع ست من حزب البعث من الاشتراك في العملية السياسية والخدمة العامة. ومع تزايد الضغوط المتصاعدة من مختلف الجهات ، يبقى لرؤية كيف سترد هيئة المساءلة والعدالة والحكومة والاحزاب الشيعية على الازمة المتفاقمة التي يراها العديدون بانها تهدد مصداقية الانتخابات التشريعية وتعمق الفجوة الطائفية في العراق . ويعتقد المحلل احمد علي بانه اذا قررت الاحزاب الشيعية بالسماح للمزيد من المرشحين الممنوعين بالعودة الى خوض الانتخابات ، فانها ستحاول ان تفعل ذلك بطريقة لن تجعلها تفقد اية مصداقية . وقال علي : في طريقة لا تظهرهم بانهم يتبعون نصيحة او ينحنون للضغط من الولايات المتحدة او الدول العربية ، وهم يريدون ان يفعلونها بشروطهم الخاصة ، وهم يريدون ان يفعلوها بطريقة كما لو انهم يلتزمون بسيادة القانون.