رجل الحضيض الضبابي في بغداد
مايكل روبن - وول ستريت جورنال


قبل الانتخابات العراقية الاولى في كانون الاول من عام 2005 كانت ادارة بوش تفكر فيما اذا كانت ستدعم مرشحا معينا ام لا .وقد رغبت وكالة الاستخبارات المركزية وقتها تمرير مبلغ 20 مليون دولار امريكي لرجلها المفضل منذ وقت طويل، اياد علاوي الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حكومة معينة من قبل الحكومة الامريكية. بيد ان كوندليزا رايس، اكبر مستشاري الرئيس بوش للشؤون الخارجية، ارتات ان تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتمهيد ارضية الساحة ثم يقع كل حجر حيثما يشاء.
انتصرت نظرية رايس وكذلك انتصر في الانتخابات الائتلاف الوطني العراقي , وهو تحالف ضم الاحزاب الشيعية بقيادة ابراهيم الجعفري اولا ثم نوري المالكي بعد انتخابات لاحقة.
فشل علاوي في تحقيق ارقام كبيرة في انتخابات كانون الاول من عام 2005 وكان يشعر بالمرارة ازاء ذلك وقال لولف بلتزر من ال سي ان ان لاحقا عندما اندلعت اعمال العنف " لقد تلقى خصومنا دعما ماليا كبيرا من جهات اخرى اما نحن فلم نتلق شيئ ". لكن علاوي لم يذكر الملايين من الدولارات التي تلقاها من حلفاء صدام في الاردن والدول العربية الاخرى.
في تشرين الثاني من عام 2006 اعادت واشنطن النظر في موقفها الحيادي. و ذكر ستيفن هادلي مستشار الامن القومي حينذاك: "اما ان يكون المالكي جاهلا بما يجري ولايعرف كيف يعبر عن نواياه، او ان قابلياته ليست بالكفاءة التي تمكنه من تحويل نواياه الطيبة الى افعال". وقد اقترح على الحكومة الامريكية تقديم " الدعم المالي الى المجاميع المعتدلة " مثل مجموعة السيد علاوي الا ان الرئيس الامريكي بوش رفض الاقتراح في حينها.
اما الرئيس اوباما فعلى مايبدو انه اقل اهتماما بالحيادية. ومع ظهور نتائج عد الاصوات التي كشفت عن تساوي السيدين علاوي والمالكي فان الادارة الامريكية تسعى جاهدة لدفع اياد علاوي الى المنصب المنشود وقد خرجت الصحف علينا بكلام مقتبس عن موظفي السفارة والادارة وهم يكيلون المدح لعلاوي والشتم لخصومه. لعلهم يعتقدون ان السيد علاوي كما يصف نفسه هو : ليبرالي وعلماني يريد حكومة نظيفة و مصالحة وطنية الا ان العراقيين يتذكرون سجله.
عندما كان اياد علاوي في مجلس الحكم لم يكفه ان يعين نسيبه نوري البدران وزيرا للداخلية بل دافع عنه عندما تبين انه استخدم اموال الوزارة المخصصة لشراء معدات التخلص من القنابل للمضاربة على الدينار العراقي وقد اختفت تلك الاموال التي تقدر ب 10 ملايين دولار امريكي.
كانت فرصة اياد علاوي الثانية عندما استلم الحكم بعد حل سلطة الائتلاف المؤقت حيث قام بول بريمر بعد التشاور مع وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية بتعيين علاوي كرئيس وزراء مؤقت حيث استمر في ادارة شؤون البلد لفترة عام تقريبا.
في تلك الفترة وصلت اوضاع العراق الى الحضيض حيث انتشر التمرد وزادت التوترات الطائفية وعم الفساد ولم تعد الصحف تذكر اختفاء الملايين العشرة من الدولارات. اما وزير دفاع حكومة علاوي حازم الشعلان , وهو مثل علاوي بعثي سابق و كانت تصريحاته المعادية لايران موضع رضا الولايات المتحدة الامريكية، فقد اشرف شخصياً على هدر ما مقداره مليار دولار ( نعم، مليار) على عقود وهمية ولا قيمة لها . حيث كان يمكن ان تلعب تلك الاموال دورا حاسما ومهما في مكافحة الارهابيين حينما انتشرت موجة العنف. ان عدم ثقة علاوي بايران لها مايبررها وهو يستحق الثناء لتصديه لرجل الدين المتطرف مقتدى الصدر في تشرين الثاني من عام 2004 غير انه مهد السبيل امام الارهابيين الاخرين وقام بتعيين بعثيين لم يرجعوا عن انتمائهم الحزبي في مواقع امنية حساسة، الامر الذي زاد من تفاقم التمرد والعنف الطائفي. وقام بالتودد الى سوريا التي اثبتت الوثائق التي عثر عليها في سنجار ( مدينة عراقية بالقرب من الحدود السورية ) انها معبر المقاتلين الاجانب والانتحاريين المسؤولين عن قتل المئات من الاميركيين والالاف من العراقيين. وهكذا يتضح لنا ان السيد علاوي لم يتعلم اي درس. قبل انتخابات هذا الشهر بثلاثة ايام التقى علاوي الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق وصرح الى التلفزيون السوري قائلا " ان العلاقات السورية – العراقية وثيقة ويجب ان تبقى كذلك ."
وبينما كان العراقيون يواجهون القنابل والرصاص لاختيار قادتهم وللمساهمة بالديمقراطية كانت هناك خلطة من مشاعر تحيز ضد الشيعة ودكتاتور صغير تتغلغل في اوساط النخبة المسؤولة عن السياسة الخارجية في واشنطن. قد يكون السيد علاوي جذابا لمن لايعرفه الا انه ليس كذلك بالنسبة لمعظم العراقيين. لقد قاد الرجال الاقوياء – ومنهم صدام – العراق الى الخراب وزرعوا التمايز العرقي والمذهبي.
ان التاثير الايراني في العراق ضار وخبيث الا ان شيعة العراق ليسوا بيادق تحركها ايران. لقد كان الجنود الشيعة وليس البعثيين هم من حموا العراق ودافعوا عنه خلال الحرب مع ايران والتي استمرت لعقد كامل من الزمن خلال الثمانينات. ان معظم العراقيين، بغض النظر عن الدين، لا يحبون ايران غير ان دعم البنتاغون والسفارة الامريكية لعلاوي، والسبب يعود جزئيا الى اذعانه وقبوله باعادة دمج المتمردين البعثيين، سوف يعطي المصداقية لادعاءات ايران وخطابها الذي يفيد بان شيعة العراق يحتاجون طهران لحمايتهم.
يجب ان ناخذ العبرة من التاريخ. في شهر كانون الاول التقيت باحد ايات الله العظمى وممثلين عن اثنين من الايات العظمى في النجف حيث وجه كل واحد منهم النقد والتوبيخ القاسي الى ايران بيد انهم قالوا انهم لن يغفروا و لن ينسوا احداث عام 1991 عندما تخلى بوش الاب عن انتفاضة شيعة العراق وتركهم يواجهون قوات صدام حسين. لا احد من مرشحي العراق يتصف بالكمال الا ان المحير بالامر ان الولايات المتحدة القت بثقلها ودعمها خلف رجل له علاقات مع بعث العراق السابق.

http://www.aei.org/article/101780