مراقبون: إقصاء علاوي عن رئاسة الحكومة انتصار لايران
هل ينجح المالكي في لعب ورقة الصدر للوصول إلى الرئاسة من جديد؟!
اخبار العراق | 30-03-2010
بغداد/ واشنطن/ اور نيوز
يبدو أن ما يمكن وصفه بأول وأهم مداولة من المداولات التي تجري الآن على الساحة السياسية في العراق من أجل تشكيل حكومة جديدة هي تلك التي تمت في مستهل هذا الأسبوع خارج العراق في مدينة قم المقدسة بإيران، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
والتقى رجل الدين الشاب مقتدي الصدر، الذي كان يرتدي عمامة سوداء ويجلس متربعاً على الأرض، مع وفد من أعضاء مكتب رئيس الحكومة نوري المالكي جاء إليه، ليس فقط من أجل إعادة الانفراج بين الجانبين، بل من أجل إيجاد وسيلة، أية وسيلة، تمكن من تأمين تأييد الصدر، الذي يهيمن على أكثر من مليوني شيعي في العراق، لعودة المالكي الى رئاسة الحكومة من جديد.
ويقول مارتن تشولوف "لاشك أن ذلك الاجتماع كان بمثابة لحظة انتصار للصدر، الذي كان قد خرج ملاحقاً من العراق عام 2007 بعد أن طارده الجيش الاميركي وقوات المالكي، وأصبح مهمشاً عقب إضعاف قوته.. وها هم أولئك الذين لاحقوه يحاولون الآن كسب وده وتأييده". فمنذ أن أظهرت نتائج الانتخابات العامة، التي جرت في السابع من اذار، تفوقاً ثابتاً لإياد علاوي يُنذر بانسلال السلطة من قبضة رئيس الحكومة المالكي، بدأ الصدر يتحول من شخصية منبوذة الى صانع ملوك محتمل.
ويتساءل مراسل نيويورك تايمز مارتن تشولوف: لماذا؟ ويجيب قائلاً: لأن نتائج الانتخابات أعطت كتلته السياسية ما لا يقل عن 40 من أصل مقاعد البرلمان البالغ عددها 325 مما يشير الى أن التأييد لقاعدة الصدر لايزال قوياً، وأنها لم تتشرذم وينضم أتباعها الى قوائم أخرى كما كان متوقعا.
ويرى تشولوف أن وفد المالكي اضطر للسفر الى قم بعد سوء التقدير الذي وقع فيه المالكي وكتلته لنتائج الانتخابات واعتقدوا من خلاله أنهم سوف يكسبون ما يكفي من الأصوات بحيث لن يحتاجوا الى مجموعة الصدر عند تشكيل تآلفهم الحاكم بعد الانتخابات.
يقول سامي العسكري، وهو من كبار مساعدي المالكي، في تعقيبه على زيارة وفد المالكي لقم: لقد كان ما حدث تغييراً مهماً جداً ستكون له نتائج طيبة على الأرجح، فقد غير الصدر موقفه ورفع "الفيتو" عن المالكي، وقال الصدريون:
"لم يعد هناك خطوط حمراء أمام تحلف المالكي او أمام المالكي شخصياً".
لكن، وكما يقال في العراق، ثمة قصة طويلة بين "السيد" ورئيس الحكومة.
ففي عام 2007 فر الصدر الى ايران بعد ان صنف نفسه أولاً كزعيم للمقاومة ضد الاحتلال الاميركي ثم كمدافع عن مصالح طائفة الشيعة عندما انزلق العراق الى أتون حرب أهلية مريرة. في ذلك الوقت، ضاق ذرع الاميركيين مع هذا الرجل الذي أصبح برأيهم مسؤولا مثل القاعدة عن حمام الدم الطائفي الذي خرج عن حد السيطرة في العراق.
أما المالكي فقد كان في خلاف مع الصدر لسببين يتعلق الأول بالانتفاضة التي قادها الصدر في كربلاء في أوائل 2007 مما جعل رئيس الحكومة يمتشق مسدسه وينطلق من بغداد مع فريق ضارب لمعالجة الوضع. ويرتبط الثاني بما حدث في فبراير 2008 عندما احتجز مؤيدو الصدر والميلشيات المتحالفة مع جيشه "جيش الصدر" لوقت قصير موفق الربيعي مستشار المالكي في مسجد الإمام الكاظم في احدى ضواحي بغداد.
وكان هذا التحدي، أو على الأصح الإهانة، هو السبب الرئيسي لغارة الجيش العراقي بعد شهر من ذلك على معاقل الصدر في البصرة ومدينة الصدر في منطقة بغداد.
وماتزال أصداء ما أسفر عن تلك الغارة، التي أطلق عليها البعض "صولة الفرسان"، لاتزال تتردد في شوارع مدينة الصدر التي هي على الدوام مقياسا يحدد المزاج العام السائد في بغداد.
ومن الواضح الآن ان مدينة الصدر، التي يعشعش الفقر في أحيائها، وتمتلئ مبانيها المهدمة جزئياً بكل أنواع القنابل والمتفجرات، لاتزال تعتبر المالكي شخصا غير مرغوب فيه.
إلا أن هدوءاً غريباً ساد هذه المدينة قبل ساعات قليلة من اعلان نتائج الانتخابات، فقد وزع الموالون للصدر فيها نسخا عن بيان كتبه مقتدى الصدر بخط اليد وأرسله من قم وحث به كل الصدريين على قبول نتائج الانتخابات لم يكن هناك شعور واضح بالعداء للمالكي ولا تأييد لعلاوي، لكن كان هناك إحساس بالدهشة لدى الكثيرين في المدينة لدى لسماعهم ان الصدر والمالكي اتفقا على العمل معا.
يقول حكيم الزاملي وكيل وزير الصحة السابق، وهو من مؤيدي الصدر البارزين: إذا قال الصدر ذلك سوف نطيعه، لكن للصدر مبادئ ومعتقدات قوية تدفعني للشك بصحة دعوته للتعاون مع المالكي.
أما المتحدث باسم مكتب الصدر في المدينة الشيخ سلمان الفريجي فيقول: سوف نعتبر عودة المالكي لرئاسة الحكومة عملية انطوت على الخداع، ومن المؤكد ان العسكري يكذب فيما أعلنه عن لسان الصدر. اذ أن عودة مقتدى للعمل مع المالكي هي مثل الموافقة على استمرار الاحتلال.
على أي حال، لا تعني هزيمة المالكي في الحصول على غالبية الأصوات أنه لا يستطيع تأهيل نفسه لتولي رئاسة الحكومة من جديد، فأي تكتل سياسي بمصداقية يستطيع تشكيل ائتلاف يمكنه تولي المسؤولية؟ لكن على اي من ينجح في مثل هذا المسعى بالنهاية التعامل مع حقيقة واقعة هي أن مقتدى الصدر عاد من جديد كقوة سياسية على مسرح السياسة العراقية.
وفيما اكدت مصادر سياسية مطلعة أن كلا من الائتلاف الوطني ودولة القانون توصلا الى اتفاق مبدئي حول ضرورة التحالف بينهما، بيد أن عقبة رئاسة الوزراء ما زالت عالقة بين الجانبين.
وبسبب هذه العقبة قد أرجأ عودتهما التي كانت مقررة -أمس الأول- ذلك، لأن وفد دولة القانون في الوقت الذي أعلن تمسكه بمرشحه زعيم القائمة نوري المالكي لتولي رئاسة الحكومة في دورة ثانية، شدد المفاوضون في الائتلاف الوطني على ضرورة انبثاق المرشح من داخل الائتلافين مجتمعين، ووفق سياقات، كان حددها الوطني في نظامه الداخلي.
واثارت اجتماعات قم لتشكيل الحكومة العراقية القلق لدى كثير من المتابعين التي ترى ان تحالف الائتلافين وبتنسيق مع الأكراد سيقود في محصلته النهائية الى اقصاء اياد علاوي، الذي ترى لائحته أنه الأولى بالترشح لرئاسة الحكومة ما دام قد احتل مركز الصدارة من حيث عدد المقاعد.
ولايخفي المتابعون قناعتهم من أن عملية اقصاء علاوي عن الترشح له تداعيات خطرة ما لم يتم التوصل معه الى اتفاق يقنع قائمته، ويقولون أن اقصاء علاوي يمثل في جوهره انتصارا ايرانيا على القوى المتحمسة لتولي علاوي رئاسة الحكومة، الأمر الذي يجعل العراق ساحة للصراع قد يعود بالبلاد الى عواقب واختناقات صعبة.
http://www.uragency.net/index.php?aa=news&id22=6019