د. الراشد: هذا رأيي في الدستور وابن لادن / حوار:عامر الكبيسي

د. الراشد: هذا رأيي في الدستور وابن لادن / حوار:عامر الكبيسي

التاريخ : 21/01/1425 ا

- ليس للقاعدة جذور في العراق بمعنى الانتماء، وإن هناك من ينفذ أوامر قادتها
- تنظيم القاعدة هم من قاموا بالتفجيرات واعترفوا بذلك، وما كانوا يستطيعون فعلها إلا بمعاونة خفية لا يعلمها (ابن لادن) من المخابرات الأمريكية لمنفذي العملية.
- التفجيرات في العراق الظاهر فيها أنها عمليات لإلهاء الجيش الأمريكي وإرباكه حيث يمنعه ذلك من التحرش بإيران إذا أرادت الإدارة الأميركية ذلك.
- غياب الحزب الإسلامي عن مجلس الحكم سيؤدي إلى التهميش الكامل لأهل السنة.
يمر العراق اليوم بمنعطفات شديدة سببها وجود الاحتلال الأمريكي على أرضه، وربما يرى البعض أن التوقيع على الدستور المؤقت هو بداية انتهاء هذه الفوضى، حول وضع العراق الآن ومستقبل العراق..
كان لـ(الإسلام اليوم) هذا الحوار الذي تفرد به مع الدكتور (أحمد بن محمد الراشد) مؤسس مجلس شورى أهل السُّنة والجماعة في العراق..
من مواليد بغداد سنة 1938، تخرج في كلية الحقوق جامعة بغداد عام 1962، عمل محامياً ثم صحافياً ثم تفرغ للكتابة في العمل الدَعَوي، هاجر عام 1971 إلى الكويت ثم الإمارات ثم عاش بعدها في ماليزيا وإندونيسيا والسودان فسويسرا، عاد إلى العراق في غضون السنة الجارية، نشط في حقل الدعوة الإسلامية وله أكثر من عشرة مؤلفات من أشهرها: (المسار) و(العوائق) و(الرقائق)، و(المنطلق) و(صناعة الحياة) و(رسائل العين) و(تهذيب مدارج السالكين) و(دفاع عن أبي هريرة رضي الله عنه) ... جعلت المتتبعين يعتبرونه من أبرز مُنظِّري حركة الإخوان المسلمين في العالم وقد تَوّج نشاطاته السياسية الممتدة على مدى نصف قرن تقريباً في تأسيس مجلس شورى أهل السُّنة والجماعة في العراق، وهو المجلس الذي يرمي إلى توحيد كلمة أهل السُّنة في العراق في مرحلة التحول السياسي، ويتفرغ الآن إلى العمل مع الحزب الإسلامي العراقي والتنظير له

الأستاذ أحمد الراشد نرحب بكم بداية مع موقع (الإسلام اليوم) كما ننقل لكم تحيات المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، وكادر التحرير.
مرحباً بكم أخي، وأنقل سلامي إلى جميع العاملين في الموقع وإلى فضيلة الشيخ الدكتور (سلمان العودة) ومباركٌ له حصوله على درجة الدكتوراه.

قرأنا لكم قبل الحرب على العراق مقالاً طويلاً قلت فيه: إنك تخشى من تقسيم العراق بعد أن تنتصر القوات الأمريكية لأنها تنوي ذلك من زمن؛ فكيف تربطون بين تخوفكم هذا وواقع اليوم؟


نعم نعتقد أن قصة التقسيم قصة لازالت حية ومطروحة بقوة في مسار الأمر العراقي ويظهرها ليس بعض الساسة العراقيين فحسب؛ بل وحتى بعض القادة الأمريكان الذين يتناغمون في أعمالهم مع التيار الإسرائيلي اليهودي في أكثر من مناسبة، وما زال نائب وزير الدفاع (وولف ويدز) يتكلم علانية عن وجوب تقسيم العراق وضرورة مطابقة السياسة الأمريكية للتوجه الإسرائيلي في المنطقة ، وكذلك تبنَّى كيسنجر نشر مقالات طويلة تدعو إلى تقسيم العراق، حتى عدّ الإنجليز أخطأوا في إنشاء دولة العراق ككيان واحد يجمع بين وجود العرب والأكراد والتركمان.
إن أمريكا حين احتلت العراق لم تكن موحدة، ولكن انقسمت الإدارة إلى قسمين: الأول يشمل البيت الأبيض ووزارة الدفاع وهم يعملون لصالح اليهود ويضعون احتمال تقسيم العراق خدمة للقضية اليهودية، وهذا القسم هو الذي فرض الحرب على السياسة الأمريكية ومركز التحرك فيه هو (ديك تشيني) نائب الرئيس الأمريكي أما القسم الثاني فيتمثل في وزارة الخارجية و(السي آي إيه) ولم يكونوا ينصحون بالحرب، وأرادوا تجنبها. أيضاً لا يريدون أن تبلغ الأمور درجة تقسيم العراق وكان الفريق الأول هو المنتصر وفرض الحرب، وكان من آثار تغلغله أن فرض الغلبة للتيارات الشيعية داخل مجلس الحكم وعموم الدولة العراقية، بيد أن بريمر المنتمي للتيار الآخر -الخارجية و(السي آي إيه- فيما يبدو لنا أدرك خطأ هذه السياسة وبدأ ينادي بالموازنة السنية؛ بل وربما ترجيح كفتهم، وخشي من التدخل الإيراني الموسع، وحاول منع المليشيات الحزبية أن تدخل إلى الجيش والشرطة العراقية، ولكن القيادة العسكرية المتمثلة في ركاردو سانشيز زاحمته واستطاعت حتى الآن أن تُبقي على ما كان من ترجيح السلطة للأحزاب الشيعية وتسهل منح فيدرالية متوسعة للأكراد أو أي تيار يريد أن يزيد من نفوذه بأن يطلب بفيدرالية أخرى على غرار الأكراد.

ولكن الدستور المؤقت قد تم التوقيع عليه ويبدو أن فيه قليلاً مما ألمحت؛ فهل تعتقد أن لسلطة الاحتلال يداً في الدستور أو حتى هي التي كتبته ؟


الحقيقة لم تكن هناك يد أمريكية واضحة المعالم في نصوص الفيدرالية التي تضمنها الدستور، ذلك ليس من باب التعفف الأمريكي عن فكرة تقسيم العراق أو تأدية الفيدرالية إلي التقسيم المستقبلي؛ ولكن من باب الخضوع للضغوطات التركية، والسورية التي يحرصون على استرضائها واستدراجها لتوقيع الصلح مع اليهود، وكذلك مراعاة للموقف الإيراني الرافض لذلك بشدة، والاستجابة أيضاً لظاهر السياسة السعودية في ذلك؛ لأن ولي العهد قد صرح قبيل الحج بتصريحات واضحة رافضة للفيدرالية في العراق وثنّى عليه الأمير نايف كذلك، مما جعل بريمر يميل إلى تأجيل القرار في الفيدرالية إلى يوم تكوين البرلمان العراقي ورفض الضغوط الكردية التي أرادت التعجيل بقرار الفيدرالية ومن هناك أري موقفاً أمريكياً واضحاً في شأن الفيدرالية مع أن مغزى التأجيل يميل إلى جانب الرفض أو التحجيم لها الآن.

هل تعتقد أن العراق مُهيأ الآن بعد الدستور الجديد إلى التقسيم؟


أنا أعتقد أن التقسيم حالياً غير ممكن للرفض التركي والإيراني والسعودي -بدرجة أقل-؛ لكن مع الأيام ستتركز المطالبة الكردية وتتجه إلى هذا الباب وتستخدم فرص أخرى للاستقلال. والمشكلة لهم هي الموقف التركي، وأعتقد أن يكون بعد عشر سنوات من الآن إمكانية أكبر لاستقلال كردستان؛ لأن تركيا بدورها تتطلع للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وهذا يزيد من الضغط الأوروبي تجاه تركيا؛ فتعمد تركيا إلى التقليل من الضغوط على عدم الانفصال من العراق، ويعضد ذلك أيضاً المساندة الأمريكية المستقبلية لهذا الانفصال، و مما يقلل -في ظننا- حدوثه الآن هو أن ينص الدستور الدائم على منع أية فيدرالية من أن تتخذ قراراً بالانفصال، ولو أجمع رجال برلمانها على ذلك، ومثل هذا النص موجود -كما بلغني- في الدستور الأمريكي؛ فهو يمنع أية ولاية من إعلان انفصالها عن الدولة الفيدرالية المركزية حتى لو صوت برلمانها بالإجماع على ذلك، وأرى أنه من الممكن وضع هذا النص الذي يُطمئن من يتخوف من احتمالات استغلال الفدرالية.

ما هو انطباعكم كداعية إسلامي حول الدستور الجديد؟
انطباعي يمكن أن ينقسم إلى شطرين:
الأول هو: أن الدستور لم يوفر المعنى الإسلامي الذي نريده -نحن كدعاة- في متنه وشكل الحكم الإسلامي الذي نتمناه -وهو ليس بمستغرب-؛ لأن القضية لازالت دون إقرارها. وإقرارها يلزمه عمل طويل، والمعارضة العلمانية والمحلية هي المسؤولة في كل بلاد العالم الإسلامي، ولا نستطيع تحميل الاحتلال الأمريكي هذه القضية؛ لأن الذي لا يفعله حكام المسلمين أو أحزابهم في دساتيرهم لا يصلح معه أن نتعنت فنزعم أنه كان واجباً على الأمريكان لأن الحكام العرب إنما ينطلقون من رفضهم تبعاً للسياسة العالمية، ومن الطبيعي أن نطالب بدستور إسلامي وأن نطالب بكامل حقوقنا ولكن يجب أن نكون واقعيين وأن ندرك المحيط السياسي اليوم.
أما الرأي في ما حصل تجاه الدستور المؤقت أو قانون الدولة وما أفرزته الأوضاع الحالية؛ فإني أعتقد أن النصوص التي جاءت فيه من ذكر أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام وأن الشريعة مصدر أساسي في التشريع، وأن كل قانون يخالف الثوابت الإسلامية مرفوض؛ فهذا المقدار على العموم يرمز إلى حدٍ أدنى من ضمان تلبية المطالب الإسلامية وهو أمر قد حصل بإصرار من الأحزاب الإسلامية السنية والشيعية داخل مجلس الحكم.
وما حصل من احترام الحريات وحقوق الإنسان جيد، وهو في عمومه مقبول إذا رأينا ما هو ممكن؛ لكن هذه القناعة لا يمكن أن تلغي حماستنا للحقيقة المرة من كون العراق مُحتلاً، والمطالبة بوجوب خروج المحتل الأمريكي عن جميع القطر بالكامل، وليس مجرد خروجه من المدن إذا تشكلت الحكومة الوطنية ويبقى الدستور ناقصاً ما لم يحكم العراقيون أنفسهم وما لم يخرج آخر جندي من جنود الاحتلال.

اعتلت صورة تنظيم القاعدة فوق كل تفجير يقع في العراق هنا أو هناك وخاصة بعد تفجيرات كربلاء والكاظمية الأخيرة، أو حتى عندما يُستهدف أمريكيون او عراقيون مدنيون، هل تعتقدون أن يكون للأمريكان هدف من التركيز على وجود تنظيم القاعدة في العراق؟


ليس للقاعدة جذور في العراق بمعنى الانتماء، وإن هناك من ينفذ أوامر قادتها وأستطيع أن أجزم بذلك؛ والسبب أن نشأة الدعوة الإسلامية في العراق منذ 60 سنة كانت نشأة علمية سلفية في توجهها العام وأكسبت الدعاة فهماً صحيحاً للسياسة الشرعية؛ فشاع وعي جيد يمنع التوجهات الحادة والتكفيرية والعنفية, وما يزال هذا التوجه العلمي الموزون هو السائد، وبذلك لا نرى أن توجهات القاعدة تجد لها قبولاً في أوساط الدعاة أو شباب الصحوة, وحين قلت إن التوجه العراقي سلفيٌّ لا أعني به أن تكون مجاميع الدعوة تمثل التجمعات السلفية الموجودة في بعض البلاد؛ بل كنت أعني الإخوان بخاصة؛ إذ هم أقدم التوجهات الدعوية وأوسعها قد التزموا منهجاً سلفياً صارماً وأشاعوه في العراق بشكل يمنع التأولات والسياسات العنفية.
لكن هذا النفي لا يمنع أن نجد الكثير من الناس يتجاوبون مع أعمال (ابن لادن) تجاه الأمريكان بصورة خاصة بما فيها معارك أو تفجير بعض مقراتهم, في خارج العراق وداخله، وذلك بدافع الكراهية المتأصلة في نفس كل عراقي للسياسات الأمريكية ومع هذا؛ فاني رأيت الكثير من التفسيرات لدعاة عراقيين مفادها أن تفجيرات 11 سبتمبر كانت افتراء على (ابن لا دن).

وأنتم ماذا ترون؟
تنظيم القاعدة بزعامة (ابن لادن) هم فعلوها واعترفوا بذلك، وما كانوا يستطيعون فعلها إلا بمعاونة خفية لا يعلمها ابن لادن من المخابرات الأمريكية لمنفذي العملية, وذلك أن المخابرات الأمريكية علمت أن من شأن تلك التفجيرات أن تضع العالم جميعاً في قبضتها، كما وأن هذه التفجيرات سيعطيها المبرر للتضييق على كل العمل الإسلامي في العالم سواء في العالم العربي أو الغرب، لذلك فإن العمل الإسلامي كان يحقق نجاحات كبيرة ومتسارعة فحاولوا إيقافه أو التضييق عليه عبر هذه العملية وما خلفته من أجواء مشحونة كارهة للعمل الإسلامي.
وفي الخلاصة أرى أن (ابن لادن) استدرج هو والتنظيم وانهم لم يعلموا بهذا الاستدراج.

إذا كنت تعتقد أن القاعدة لا جذور لها في العراق؛ فهل تعتقد أن أبا مصعب الزرقاوي الذي رصد له الاحتلال ما رصد، وشدد على ضرورة الإمساك به هو أيضاً غير موجود؟ وإذا كان كذلك فمن يقف وراء التفجيرات الأخيرة التي حدثت في الكاظمية وكربلاء؟


قناعتي أن شخصية الزرقاوي شخصية وهمية افتعلها من يروج لها، وأن التفجيرات لم تكن من فعل القاعدة، لأنها لا تشاكل سياساتها المعلومة في مكانات أخرى، وليس من مصلحتها ذلك، كما أن التفجيرات ليست من فعل أية جماعة أخرى أو مجموعة سنية، والراجح عندي أنها إما من فعل رجال الموساد اليهود مباشرة لزرع أسباب الحرب الأهلية التي يريدون، أو من فِعْل عناصر يهودية من مستخدمي الجيش الأمريكي انفردت بالعمل دون أوامر من قيادتها, وأنا أستبعد أن تكون المسألة أوامر قيادية أمريكية إذ إن مثل هذه الأعمال تجعل مهمة الجيش الأمريكي بالعراق أكثر صعوبة، ويبقى مع ذلك احتمال وارد أن تكون بعض العناصر الإيرانية فعلت ذلك من باب خلق مشكلة للجيش الأمريكي تؤجل إلى حد ما تنفيذ نواياه تجاه إيران، ويعضد مثل هذا التفسير أن أحداث كربلاء والكاظمية ليست منقطعة عن سلسلة طويلة من التفجيرات الأخرى المماثلة، والتي تبرأ منها المقاومة العراقية ولا نستطيع نسبتها للقاعدة أيضاً وإنما الظاهر فيها أنها عمليات لإلهاء الجيش الأمريكي وإرباكه حيث يمنعه ذلك من التحرش بإيران إذا أرادت الإدارة الأمريكية ذلك.

قبل سقوط النظام ذكرتم أن أول أمر ستقوم به سلطة الاحتلال هو حل الجيش العراقي لبعثرة ما وصفته بخبرة التراكم لدى قادته وقد حصل ذلك بالفعل.. كيف تقيمون الموقف الآن؟


هذا الأمر أحد أكبر مظاهر تفوق الجناح الأمريكي المتعاون مع السياسة اليهودية؛ لأن ما كان يقلق إسرائيل هو وجود الخبرة القتالية لدى ضباط الجيش العراقي؛ فكان قرار حل الجيش يُطمئن إسرائيل. ولمدى بعيد ألا تتخوف من مشاركة عراقية في أية حرب قادمة، خاصة مع وجود تهديدات الآن صرح بها رؤساء من الموساد وجهات استخباراتية في إسرائيل بأن سوريا إذا لم تسارع إلى مفاوضات تنتهي إلى صلح سريع فإن احتمال الحرب قائم ضد سوريا، وهو أمر ما كان لإسرائيل أن تقوله لو كان الجيش العراقي حيًّا، وهذا الأمر قد نشرته الصحافة الإسرائيلية وأعتذر عن عدم توثيقي لما أقول لأنني أفتقد إلى جهاز سكرتارية نشط ولا يمكنني ذلك وإن كنت محتاجًا إلى من يسهل أمري بالاستدلال بالوثائق حين أعرض آرائي، كما نفتقد نحن الدعاة إلى الكثير من الأمور التي تجعل من عملنا أكثر سهولة وأسرع إنجازاً.

بما أنكم أحد قادة الحزب الإسلامي؛ هناك هجوم كبير على قادة الحزب أو الحزب بشكل عام من خارج العراق وداخله واتهامه بأنه من أعوان أمريكا، ودخوله إلى مجلس الحكم يعد خيانة للقضية الإسلامية لأن المجلس إنما شُكل أمريكياً وأنتم بدخولكم ساعدتم المحتل، فما تعليقكم؟
هذا التصور شائع خارج العراق وعند بعض الدعاة في العراق ممن ليست لهم خبرة سياسية كافية، ولم تنضج لديهم المنهجية التنظيمية التي انطلق منها رجال الحزب الإسلامي العراقي؛ ذلك لأننا لو كنا في بلد آخر شعبه شعب واحد من الناحية العرقية لصح القول بوجوب مقاطعة مجلس الحكم. ولكن نعيش الوضع العراقي الغريب من نوعه، والذي ينقسم إلى عرب وأكراد وتركمان وكذلك السنة والشيعة ، ونحن دعوة سنية والحزب الإسلامي العراقي هو التنظيم السياسي لأهل السُّنة والوجه الظاهر لهم، وأي غياب له عن مجلس الحكم سيعني أن الشركاء الآخرين سينفردون بسن القوانين واتخاذ القرارات وتشكيل جهاز الدولة والوزارات بحيث يؤدي إلى التهميش الكامل لأهل السُّنة مما سيترك آثاره السلبية العميقة إلى عدة عقود، وذلك كان واضحًا لدى رجال الحزب الإسلامي من أنه لا مفر من أن يلجأوا إلى الأمر الأفضل ويتعاملوا مع الإدارة الأمريكية عبر مجلس الحكم تخفيفًا للضرر وتقليصًا للسلبيات، وهذا التصرف من أحكام الضرورات التي لجأنا إليها من خلال فتاوى العلماء، ونقر بأنه ليس هو الوضع الأولى وإنما نتيجة موازنات مصلحية يقرها فقه السياسية الشرعية وأنا من جملة من أفتى الحزب الإسلامي بدخول مجلس الحكم؛ ولكن إفتائي لا يعني أن الحزب قد أصاب في تفاصيل ممارساته هذه، أو أن تصريحات قادة الحزب كانت معصومة من بعض الخطأ، وذلك أمر بشري محتمل، والحزب في معظم مواقفه كان مصيبًا، وكذلك رئيسه الدكتور (محسن عبدالحميد)، وقد أقررنا بمواقف اكتشفنا فيها الخطأ فأصلحناها، وأغلب الخطأ كان في الشهرين الأولين بعد نهاية الحرب لطبيعة الغموض الذي كان يسود العراق.

كيف تنظرون إلى مستقبل الجيش الأمريكي في العراق؟
لا يمكن للجيش الأمريكي أن يبقى طويلا في الحياة اليومية، ولكنه سيضطر لأن ينسحب ويبقى مع قواعده خارج المدن مهيمنًا على التوجه العام للدولة، وليس على تفاصيل السياسة، هذا ما نعتقد أنه سيكون؛ إلا إذا خرجت هذه القواعد عبر أعمال للمقاومة العراقية؛ فقد يكون الانسحاب وارداً وهو أمر لا نستطيع التنبؤ به الآن .

في ظل مخاوف كثيرة على مستقبل العراق لا المستقبل السياسي فحسب؛ بل وكذلك الشعب العراقي وهمومه وحياته كيف تنظر أنت كدعاية إلى مستقبل شعبكم في العراق؟
أتوقع مستقبلاً جيداً للعراق إذا استطعنا أن نحافظ على وحدته وذلك لأن سياسة التوتر السائدة اليوم غير مرشحة للدوام. ولرجل الشارع نصيب كبير في تمثيلها واستمرارها مما جعل الناس.. كلَّ الناس والسواد الأعظم من الشيعة مثل السنة يتطلعون إلى حياة الاستقرار والتعاون ورعاية مصالحهم التجارية والمعيشية التي أفسدها عليهم التأزم الأمني والتحدي الحاصل؛ ولهذا فإني أتوقع أن تميل العلاقات العراقية بين أبنائه إلى التفاهم بصورة تدريجية قد تستغرق سنة أو أكثر قليلاً.
ومن طبيعة الإنسان أن ينسى الآلام والثأريات مع مرور الزمن ولذلك نحن نطمح في الحزب الإسلامي العراقي أن نكون بذرة لا لنجمع أبناء السنة فقط وإنما لنجمع شطراً كبيراً من الشباب الشيعي المعتدل والعشائر العربية الأصيلة التي تتخوف من الاندساس الإيراني، ثم نطمح أن نوسع نفوذنا وشعبنا نحو الاستقرار عبر تحالفات مع أحزاب شيعية معتدلة ونبني عراقنا من جديد.

---------
غزل ودلال وتحريك أطراف للأميركان ،وتخويف الأعراب في الخليج من خلال الدق على طبل إيران وإرتباط الشيعة بهم. بمعنى آخر عودة إلى إعلام صدام في إستغلال العامل الإيراني وإستعماله كشماعة لتبرير كل ماهو قادم من جرائم بحق الشيعة، وشرعنة ما حصل من جرائم وتفجيرات أيضاَ.