حدث في 1997
عقد ما سمي بمؤتمر المصالحة الذي عقده الكاكا مسعود برزاني، والذي دعا مما دعا إليه، التعامل بشكل متسامح مع البعثيين والخونة من أيتام صدام حسين. كما وبرزت في هذا المؤتمر شخصيات أخفيت فترة بعيداَ عن الأضواء، نظراَ لتشوهها في ممارسات كانت موجهة ضد الشعب العراقي وخاصة الشيعة، أمثال مشعان موصلي ووفيق سامرائي.
الراعي لهذا المؤتمر المشبوه هو الكاكا مسعود، والذي لا يعرف الكاكا مسعود، هذه الشخصية الخجولة في العلن والتي تتصرف بشكل بعيد عن الأضواء، كانت دوماَ تشعر بعدم الأمان ومن اقرب المقربين إليها. هذا الشعور بعدم الأمان كان يدفع الكاكا مسعود وحزبه "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي لا يعرف الديمقراطية إلا من خلال الكلمة التي تدخل في تسميته. كان يدفعه إلى أن يلتجئ دائماَ إلى قوي يحافظ عليه، وإن كان هذا القوي هو صدام بذاته.
الكاكا مسعود إرتكب عدة أمور جعلت الكثير من المراقبين ينظرون بعين الريبة والشك لتحركاته التي كانت غالباَ ما تتسم بالغدر ونقض العهد والعقد. هذه الأمور مرشحة للتكرار في الظروف الحالية مالم يلتفت المتحمسون للدور الكردي المتمثل بالتحالف البرازاني-الطالباني في الواقع السياسي العراقي. ومن بين هذه الأمور خيانة الكاكا مسعود لقضية شعبه وتواطئه مع نظام صدام في ضرب مواطنيه الأكراد في عدة لحظات تاريخية.
اللحظة المهمة التي تواطأ بها الكاكا مسعود مع قوات نظام صدام، تلك القوات التي التي مارست مجازر الأنفال وحلبجة في ضرب من كان يختلف معهم من الأكراد كانت سنة 1997. وبالتحديد في شهر أغسطس/آب من السنة ذاتها. وبما اننا نحن العراقيون نتميز بضعف الذاكرة، وطيبة القلب، فقد طوينا صفحة الخيانة التي قام بها الكاكا مسعود منذ ما يقارب السبع سنوات، دون أن نرتب على هذه السلوكيات الخيانية أية مواقف، أو وسائل دفاع تضمن ألا يكرر الكاكا مسعود حركته تلك.
قضية 1997 يمكن تلخيصها بما يلي،
وقع قتال عنيف بين الحزب الديمقراطي الكردي، والإتحاد الوطني الكردي على إثرالخلاف على تقاسم الأتاوات التي كانت تفرضها ميليشات الحزبين على السيارات الداخلة إلى العراق عبر الحدود التركية، والتي كانت توفر مورداَ مالياَ مهماَ لميليشيات هذين الحزبين. هذا القتال الكردي-الكردي أودى بحياة المئات من الأكراد، وكان من هؤلاء القتلى الكثير من المدنيين الأبرياء. كما وأدى ذلك القتال الذي كان سجالاَ إلى أن يهجر مايقارب السبعون ألف كردي مناطقهم وقراهم لاجئين إلى إيران حسب تقارير منظمة العفو الدولية.
بعد أن أحس كاكا مسعود بتضعضع جبهته، عقد مباحثات سرية مع نظام صدام حسين، مستجيراَ بالنظام وقواته الدموية، ومعطياَ لها الضوء الأخضر كي تدخل أربيل وتنقذ "بيشمركته" الكردية. وفي خطوة مخالفة لقرار مجلس الأمن الذي منع قوات النظام في ذلك الوقت من تجاوز خط العرض 33، دخلت قوات النظام العراقي البائد اربيل في آب 1997.
دخلت القوات العراقية وفرضت الحماية الكاملة لكاكا مسعود وميليشياته، ومارست بالتعاون مع ميليشيات برازاني الكثير من البطش والقتل والترويع. وقد شكل التعاون الذي حصل بين نظام صدام، الذي كان كاكا مسعود يدّعي معارضته وبين كاكا مسعود ضربة قاضية للكثير من المعارضين للنظام البعثي الذين كانوا يعيشون في تلك المناطق. كما أن في مقابل حماية قوات صدام، برز تعاون مخابراتي وسياسي غير معلن بين نظام صدام والكاكا مسعود.
الذي أردت أن أشير إليه بعد هذا المرور العاجل على هذه المرحلة الدموية والقاسية من تاريخ الكاكا مسعود أننا هل نستطيع أن نثق بيد تغدر وتخون مرة بعد مرة؟، يد خانت أقرب المقربين إليها، وتواطأت مع عدوها اللدود كي تنقض على من إختلفت معهم بسبب حفنة من الدولارات؟
رعى الكاكا مسعود مؤتمر المصالحة، وتعامل مع الوضع بشكل خياني لا يقل عن تعامله سنة 1997، ولا أستبعد أن هذه العقلية مستعدة أن تفعل كل شيئ في سبيل مصالحها. هذه الرعاية تطرح تساولات مرة أخرى كانت قد سئلت مرات ومرات، ماهي طبيعة العلاقة بين الكاكا مسعود والبعث؟، وصدام حسين؟
وماذا يمثل إحتضان الكاكا لنماذج قذرة مثل مشعان؟ هل هو رد الجميل لمساندة صدام له في مراحل سابقة؟
وهل تمثل هذه العلاقة بعداَ آخر غير منظور، يتجاوز رعاية المؤتمر، والعلاقات العامة؟ هل هنالك تنسيق خفي تتفق فيه مصلحة الكاكا مسعود وميليشياته وعصابات البعثيين، في ضرب المنشآت، والإغتيال، وسرقة الأموال العامة، والإجرام في مناطق مثل بغداد وغيرها من مناطق العراق؟
يبقى السؤال الإستراتيجي الذي ستجيبنا الأيام عليه، هل يمكننا أن نثق بالكاكا مسعود والكاكا جلال في التعامل السياسي العراقي الحالي والمستقبلي؟