المندوبون الذين يأتون إلى المؤتمر يعكسون طبيعة التنوع في المجتمع العراقي
خليل عثمان - لندن

بدأ المندوبون المدعوون لحضور المؤتمر الرئيسي الذي تعقده المعارضة العراقية في لندن بالتوافد إلى العاصمة البريطانية اليوم، الجمعة.


الرهيمي: عراق ما بعد صدام سيكون ديمقراطيا وتعددياويوصف هذا المؤتمر، الذي من المقرر أن يعقد على مدى يومي السبت والأحد تحت عنوان "من أجل إنقاذ العراق .. والديمقراطية"، بأنه أكبر وأهم مؤتمر معارض للرئيس العراقي صدام حسين خلال نحو عقد من الزمن.

وسيشارك في المؤتمر أكثر من 300 شخص، يمثلون أكثر من 50 من الفصائل التي يتشكل منها نسيج المعارضة العراقية بالإضافة إلى حشد غفير من الشخصيات المستقلة، والأكاديميين والمفكرين.

آمال عريضة

ويأمل المنظمون في أن يساهم مؤتمر لندن في تغيير صورة المعارضة العراقية كتحالف تعصف به الخلافات والانقسامات، ليقدم صورة بديله عنها كمعارضة متراصة، يجمعها خطاب موحد، وتتمتع بمصداقية.

عبد الحليم الرهيمي، وهو صحافي عراقي يحضر المؤتمر ويصف نفسه بأنه "شخصية ديمقراطية، وطنية عراقية مستقلة"، يقول إن هنالك جدول أعمال سيناقش المرحلة الانتقالية واتخاذ قرارات بشأنها، و"دراسة الخطاب السياسي للمعارضة في المرحلة القادمة"، واتخاذ قرارات وتوصيات في شأن "ما ينبغي أن يكون عليه مستقبل العراق من حيث بناء النظام السياسي الديمقراطي، الليبرالي، التعددي ما بعد إطاحة نظام صدام".


الموسوي: لجان العمل في المؤتمر ستبحث في مواضيع محددةويضيف الرهيمي إن ما سيتمخض عنه المؤتمر من قرارات سيحدد طبيعة عمل المعارضة العراقية في المرحلة المقبلة.

من جهته، كشف نبيل الموسوي، عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر المعارضة العراقية، أن ثلاث لجان عمل ستنكب على دراسة موضوعات محددة في المؤتمر.

وقال إن إحدى اللجان ستبحث الخطاب السياسي للمعارضة العراقية، وأن لجنة ثانية ستبحث المرحلة الانتقالية بعد زوال نظام صدام، ولجنة ثالثة ستنظر في أمر وضع أسس لمستقبل عراق ما بعد صدام فيما يخص الدستور والانتخابات وإعادة بناء البنية التحتية في العراق.

مؤتمر صحافي

وعشية انعقاد المؤتمر عقد مؤتمر صحافي في لندن استُعرضت فيه الورقة التي أعدتها مجموعة العمل حول مبادئ الديمقراطية في العراق، والتي عقدت برعاية من وزارة الخارجية الأمريكية سلسلة من المناقشات في الفترة الممتدة بين أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر المنصرمين.

وانصبت مناقشات مجموعة العمل على صياغة أسس لإقامة عراق ديمقراطي، تعددي، فدرالي في مرحلة ما بعد حكم الرئيس العراقي صدام حسين.

افتتح المؤتمر بكلمة للشريف علي بن الحسين، من الحركة الملكية الدستورية، اتهم فيها حكومة بغداد برفض نزع أسلحة الدمار الشامل التي في حوزتها والعمل على إخفائها.

وأردف الشريف علي يقول إن المعارضة العراقية مكونة من جماعات وتنظيمات متنوعة تعكس أطياف التنوع في موزاييك المجتمع العراقي، مؤكدا على أن المعارضة تعتبر هذا التنوع عنوان فخر لها، وأنها ستدافع عنه.

وأكد الشريف علي على وقوف المعارضة العراقية صفا واحدا وراء هدف إقامة عراق حر وديمقراطي، مشددا على أن المعارضة تعمل مع بعضها البعض في جو يسوده الحوار والتفاهم.

وفيما يتعلق بالمؤتمر، أشار الشريف علي إلى أن هذا المؤتمر يرمي إلى إظهار وحدة هدف المعارضة العراقية على رغم تنوعها كانعكاس لوحدة المجتمع العراقي رغم تنوعه.

وأضاف أن المؤتمر سينظر في الأسس التي سيرتكز عليها نظام الحكم في العراق في مرحلة ما بعد صدام.

الانتقال إلى الديمقراطية

بعد ذلك، استعرضت رند رحيم، من مجموعة العمل حول مبادئ الديمقراطية في العراق، ورقة العمل التي أعدتها مجموعتها، والتي شارك فيها أكثر من 30 مثقفا وناشطا سياسيا عراقيا.


المشاركون يسعون إلى لعب دور في عراق ما بعد صدام حسينوأكدت رحيم أن الورقة التي سيناقشها المؤتمر على مدى اليومين المقبلين ما هي إلا مسودة سيتم التباحث حول بنودها وتفاصيلها من قبل المندوبين قبل التوصل إلى صيغة نهائية يقرها المؤتمر كصيغة مبادئ لعراق ما بعد صدام.

وأردفت تقول إن التقرير يعكس إجماعا لافتا على أربعة مسائل أساسية، هي:


أولا أن تستند الفترة الانتقالية إلى حكم القانون والفصل بين السلطات تحت رعاية حكومة انتقالية تتولى إجراء استفتاء حول الحكم المستقبلي في العراق.

ثانيا، إقامة آلية انتقالية لتطبيق العدالة وحفظ الأمن في البلاد، ترتكز إلى استقلالية القضاء، وحل تشكيلة الأجهزة الأمنية المتعددة التي أسست في ظل نظام حكم الرئيس صدام حسين.

ثالثا، أهمية الحقوق والحريات الفردية وحقوق الأقليات التي ينبغي التأكيد عليها وصيانتها في الدستور المستقبلي في العراق.

ورابعا، تطبيق برنامج إصلاح جذري للمؤسسات العراقية، سواء المدنية أو العسكرية.
ولفتت رند رحيم إلى أن الوثيقة التي تضع تصورا لعراق ديمقراطي في المستقبل، تتضمن تصورا لنظام فدرالي يضمن حقوق الأقليات المتعددة فيه.

وفي سياق متصل، تناول الدكتور أحمد الجلبي، أحد قادة المؤتمر الوطني العراقي المعارض، والذي حضر المؤتمر الصحفي أيضا، موضوع تشكيل حكومة انتقالية في العراق.

وقال الجلبي إن هذه الحكومة لن تُشَكَّل حتى تحقيق تقدم في عملية تحرير العراق، على حد تعبيره.

وفي معرض رده على سؤال، نفى الجلبي، الذي تربطه علاقة وثيقة مع بعض الأطراف في الإدارة الأمريكية، أن يكون للولايات المتحدة أي دور في تنظيم المؤتمر.

أصداء خلافات

وبعيدا عن الخطاب السياسي العلني الذي يؤكد على وحدة المعارضة وتراص صفوفها، ثمة وشوشات وهمسات كثيرة تُسمع على ألسنة بعض المندوبين الذين يتقاطرون إلى لندن لحضور المؤتمر توحي بوجود خلافات كثيرة ما زالت تنتظر التوصل إلى حل في شأنها.

فلقد أسر بعض المندوبين بأحادبث جانبية أدلوا بها إلينا عن استمرار الخلافات حول نسبة التمثيل التي حصل عليها بعض الأطراف، كما تدور أحاديث عن مقاطعة بعض الأطراف الرئيسية في المعارضة أو التي تربطها علاقات جيدة بأطراف إقليمية فاعلة للمؤتمر.

كما ترددت تساؤلات عن عدم تخصيص مقاعد في المؤتمر لبعض حركات الضباط العراقيين المنشقين والاقتصار على توجيه دعوات إلى عدد من هؤلاء الضباط لحضور المؤتمر بصفة شخصية.

أعمال ومداولات المؤتمر الذي من المقرر أن يفتتح في التاسعة والنصف من صباح غد، السبت، ستظهر مدى قدرة المعارضة على ترجمة مضامين خطابها العلني الموحد إلى أطر وصيغ للعمل المشترك في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العراق.

كما أن الأنظار ما زالت شاخصة إلى ما سيتمخض عنه المؤتمر من مقررات، وما إذا كانت المعارضة ستكون قادرة على الخروج من مؤتمر لندن بما يطمئن دول الجوار ويبدد الهواجس التي تقض مضاجعها في شأن انعكاسات التغيير السياسي في العراق على أمنها واستقرارها.